فرحة العيد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله مُعيد الجمع والأعياد، ومبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضَّل على جميع العباد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليماً كثيراً. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله،، الله أكبر ألله أكبر ولله الحمد أيها المسلمون، إن هذا يوم توّج الله به الصيام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام. قال ربنا - سبحانه -: \"وَلِتُكمِلُوا ٱلعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُوا ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ\" [البقرة: 185]، وها أنتم قد أكملتم بفضل الله صيام شهركم، وجئتم إلى مصلاكم تكبرون الله ربكم، على ما هداكم إليه من دين قويم، وصراط مستقيم، وصيام وقيام، وشريعة ونظام، وقد خرجتم إلى صلاة العيد وقلوبكم قد امتلأت به فرحاً وسروراً، وألسنتكم تلهج بالذكر والدعاء، تسألون ربكم أن يتقبل عملكم، وأن يتجاوز عنكم، وأن يعيد عليكم مثل هذا اليوم، وأنتم في خير وإحسان، وأمن وإيمان، واجتماع على الحق وابتعاد عن الباطل. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله،، الله أكبر ألله أكبر ولله الحمد معاشر المسلمين، لقد خاطب الله المكلفين بقوله: \"يٰأَيٌّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ\" [البقرة: 183]. لقد استطعت ـ أخي المسلم ـ أن تُضرب عن المباحات والطيبات، تركت الماء الزلال الحلال، وتركت الطعام الطيب اللذيذ، تركت شهواتك طاعة لأمر ربك، فهل يليق بمن منع نفسه من الحلال طاعة لله، أن يقرب بعد رمضان السٌّحت الحرام، والله - تعالى - يقول \" لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ \" فحُقَّ للمؤمن الذي شرح الله صدره للعمل الصالح أن يكون فرحه بما أنعم الله عليه القبول والطاعة قال تعالى\" قُل بِفَضلِ ٱللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مّمَّا يَجمَعُونَ \" [يونس: 58]. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله،، الله أكبر ألله أكبر ولله الحمد معاشر المسلمين، أن الله - تعالى - لم يأمركم بالعبادة لاحتياجه إليكم، فهو - سبحانه - غني عن العالمين وإنما أمركم بما أمركم به لاحتياجكم إليه، وقيام مصالحكم الدينية والدنيوية عليه، فاعبدوه واشكروه، قال - تعالى -\" يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله \" ويقول - سبحانه - في الحديث القدسي \" إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه \" قال - تعالى -\" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا....) عباد الله، إن شهر رمضان تولى وانسلخ بما فيه شاهداً مصدقاً على المحسن بإحسانه، وعلى المسيئ بإساءته، فعلى من منَّ الله عليه بالتوفيق فيه، وتاب إلى الله وأناب، وصام وقام، أن يحافظ على هذه الدرجة الطيبة ويزداد في الخيرات، فطوبى له هذا العيد السعيد الذي يباهي الله به ملائكته، ويشهدهم أنه غفر لعبده في هذا اليوم الجوائز ، وعلى المسيئ الذي فرّط في موسم خصبٍ, لا يُعوّض، أن يتوب إلى الله، ويبادر فإن الله يقبل توبة عبده ما لم يُغَرغر. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله،، الله أكبر ألله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، إن الله جل وتعالى شرع لنا في هذا اليوم شرائع كثيرة، ومن ذلك، الفرحة بيوم العيد، ولكنه الفرح الشرعي الذي لا يدعو إلى أَشَر، ولا يجر إلى خيلاء وكِبر وبَطَر، فرح لا إسراف فيه ولا تبذير: قال - تعالى -\" وَلاَ تُبَذّر تَبذِيرًا إِنَّ ٱلمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا\" [الإسراء: 26، 27]، فرح لا تَهتٌّك فيه ولا تبرج، ولا تزين ولا تعطر للمرأة أمام الرجال الأجانب: قال - تعالى -\" وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرٌّجَ ٱلجَـٰهِلِيَّةِ ٱلاولَىٰ \"، فرح لا اختلاط فيه، ولا استماع للغناء المشجع على الزنا وعلى الحب والخنا، ولا آلة زمر أو لهو أو طرب يقول الرسول فيما يرويه البخاري في صحيحه: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)) فرح لا غفلة فيه، ولا إضاعة للصلوات، ولا نظر فيه إلى المحرمات قال - تعالى -: \"قُل لّلمُؤمِنِينَ يَغُضٌّوا مِن أَبصَـٰرِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم\" [النور: 30]، فرح لا إقبال فيه على العصيان ونسيان ما كان في رمضان. عباد الله، تذكروا بجمعكم هذا، يوم الجمع الأكبر حين تقومون من قبوركم، حافية أقدامكم عارية أجسامكم شاخصة أبصاركم: \"يَومَ تَرَونَهَا تَذهَلُ كُلٌّ مُرضِعَةٍ, عَمَّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلٌّ ذَاتِ حَملٍ, حَملَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ\" [الحج: 2]، \"يَومَ يَفِرٌّ ٱلمَرء مِن أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وَصَـٰحِبَتِهُ وَبَنِيهِ لِكُلّ ٱمرِىء مّنهُم يَومَئِذٍ, شَأنٌ يُغنِيهِ\" [عبس: 34-37] يوم تفرق الصحف ذات اليمين وذات الشمال: \"فَأَمَّا مَن أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهلِهِ مَسرُوراً وَأَمَّا مَن أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ وَرَاء ظَهرِهِ فَسَوفَ يَدعُو ثُبُوراً وَيَصلَىٰ سَعِيراً\" [الانشقاق: 7-12]. إنّ أعظمَ نعمةٍ, منَّ الله بها على عبادِه هدايتُهم للإسلام، فأعظم نعمةٍ, منَّ الله بها على عباده المؤمنين هدايتُهم للإسلام، فتلك أعظمُ النِّعم والمِنن، \"لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِن أَنفُسِهِم يَتلُوا عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُم الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ, مُبِينٍ, \" [آل عمران: 164]، وقال - تعالى -\" يَمُنٌّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوا قُل لا تَمُنٌّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَل اللَّهُ يَمُنٌّ عَلَيكُم أَن هَدَاكُم لِلإِيمَانِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ \"

أيّها المسلم، فاعرِف قدرَ هذه النعمة، وقدِّرها حقَّ قدرِها، واشكر اللهَ عليها قائما وقاعِدًا ومضطَجعًا، وفي كل لحظاتِ حياتك، اشكر الله على هذه النعمةº أن شرح صدرَك للإسلام، ومنَّ عليك بقَبوله والعمل به، وأنقَذَك ممّا ضلَّ [به] الأكثرون. قال تعالى\" أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ, مِن رَبِّهِ \"  [الزمر: 22]. لقد ضلَّ أقوامٌ عن هذا الحقّ، وعَموا وصَدّوا عنه رغم وضوحِ الرّؤية عندَهم، ولكن حال الله بينَهم وبين ذلك لِما له من الحكمةِ العظيمة، والحجّةُ لله على خلقِه، قال - تعالى -\" ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون \" 23 الأنفال وقال - سبحانه -\" وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِن الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لا يَفقَهُونَ بِهَا لَهُم قُلُوبٌ لا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم آذَانٌ لا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم أَضَلٌّ أُولَئِكَ هُم الغَافِلُونَ \" [الأعراف: 179]. إنّ الحياةَ الطيّبةَ لا تكون طيّبةً إلاّ بشرع اللهِ القويم، فهو الذي يصيِّر الحياةَ حياةً طيّبة، حياةَ هناءٍ, وسعادَة في الدّنيا والآخرَةِ، \" مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ, أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ\" [النحل: 97]. هذا يوم فرح وسرور للمؤمن، فرحُه بموافقته أمر ربه في صومه وفطره، وهو يوم فرحٍ, له يرتقب الثواب من رب العالمين، وفي الحديث في خصائص رمضان: ((ويغفر لهم في آخر ليلة))، قيل: أليلة القدر؟ قال: ((لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله)) [3]. وهذا اليوم يسمَّى يوم الجوائز، يرجع أناسٌ من مصلاهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، يروى أن ملائكة الرحمن تقف عند أفواه الطرق، تنادي: ((يا أمة محمد، اخرجوا إلى رب عظيم، يعطي الجزيل، ويعفو عن الذنب العظيم، فإذا برزوا لمصلاهم قال الله لملائكته: يا ملائكتي، ما جزاء العامل إذا أدى عمله؟ قالوا: وعزتك أن توفّي أجره، قال: أشهدكم أني قد جعلتُ حظهم من صيامهم وقيامهم مغفرتي ورضائي عنهم، انصرفوا مغفورًا لكم)) [4]، وفي الحديث: ((للصائم فرحتان: فرحة يوم فطره، وفرحة يوم لقاء ربه)) [5]، ففرحه بفطره بموافقة أمر الله له، ثم بهذا اليوم الذي يتناول فيه المباح، والذي حرَّم الله علينا صيامه، وفرحةٌ للمسلم يوم لقاء ربه، يوم يجد عمله مدّخرًا له أوفر ما يكون، قال - تعالى -\" يَومَ تَجِدُ كُلٌّ نَفسٍ, مَّا عَمِلَت مِن خَيرٍ, مٌّحضَرًا \" [آل عمران: 30]. إن للمسلم فرحةً عند موته، عندما يرى نتائج أعماله الصالحة، وتزفّ إليه ملائكة الرحمن البشرى بالمغفرة والجنة، فلا يخاف على ما فات ولا يحزن على ما هو آت، وقال - تعالى -\" إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا رَبٌّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱستَقَـٰمُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ ٱلمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِٱلجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ نَحنُ أَولِيَاؤُكُم فِي ٱلحَيَوٰةِ ٱلدٌّنيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ \" [فصلت: 30، 31]. وفرحةٌ في قبره يوم يسأل عن ربه ودينه ونبيه، فيجيب أحسن جواب، فيُفسح له في قبره، ويُفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها وريحها، ويُفسح له في قبره مدَّ بصره. وإن له لفرحة أخرى يوم الفزع الأكبر، حينما يفزع الناس، وهو من الآمنين، \" لاَ يَحزُنُهُمُ ٱلفَزَعُ ٱلأكبَرُ وَتَتَلَقَّـٰهُمُ ٱلمَلَـئِكَةُ هَـٰذَا يَومُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُم تُوعَدُونَ \" [الأنبياء: 103]. وفرحةٌ أخرى يوم الوقوف بين يدي الله، ويوم يُعطى صحيفة عمله، فيجد فيها صيامه. وفرحةٌ أخرى يوم يدعون من باب في الجنة يقال له: باب الريان، يدخل منه الصائمون، فإذا دخلوا أُغلق ذلك الباب\" أيتها المرأة المؤمنة: طاعة الزوج واجبة على زوجته ما لم يأمر بمعصية، و من حقه عليها بذل نفسها و عدم التمنع من بذل ما عليها من استمتاع و خدمة بالمعروف و يلزمها طاعته و أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه و لا تدخله أحداً إلا برضاه و أن تحفظه في نفسها و ولده و ماله. و إذا تبين للمرأة وجوب طاعتها لزوجها، و سألها أمراً لا معصية فيه، أو صرفَها عن غير واجبٍ,، أو نهاها عن مكروهٍ, أو محرّم، فمن الحري بها تحصيل الأجر الجزيل عند الله - تعالى -، و نيل رضاه، لما روي عن أم سلمة - رضي الله عنها -، قالت: قال رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة ماتت و زوجها عنها راضٍ, دخلت الجنة) وعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حفظت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت). فأحذري المعاندة والغرور والتأفف على من أمرك الله بطاعته وجعل طاعتك له سببا في دخولك الجنة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply