تعريف العيد وإطلاقاته


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

العيد: كل يوم فيه جمع، واشتق من (عاد) (يعود) كأنهم عادوا إليه، وجمعه أعياد. وقيل: اشتق من العادة لأنهم اعتادوه.

قال الأزهري: والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن.

وقال ابن الأعرابي: سمي عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد (انظر مادة (عود) في القاموس (386) واللسان (9/461) وتاج العروس (8/438).

ونقل السفاريني: أنه سمي عيداً تفاؤلاً ليعود ثانية (شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد 1/579).

والعيد في الاصطلاح: اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد. عائد: إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر، أو نحو ذلك.

فالعيد يجمع أموراً:

منها: يوم عائد، كيوم الفطر، ويوم الجمعة.

ومنها: اجتماع فيه.

ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات، والعادات. وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً. (انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/241)، مجلة المنار (7/97) 19/12/1416هـ).

وعليه فللعيد إطلاقات عدة، فهو يطلق على:

أ. الزمان أي زمان العيد- كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة: "إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً".

ب. المكان كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا قبري عيداً".

ج. الاجتماع والأعمال كقول ابن عباس رضي الله عنهما-: "شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

د. مجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً، وإن هذا عيدنا".

 

ذكر العيد في القرآن والسنة:

ما ورد في القرآن والسنة من ذكر الأعياد يمكن أن يكون على ثلاثة أقسام:

الأول: بيان اختصاص كل أمة بأعيادها:

أ- قال - تعالى -: "ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله" [الحج: 34]، قال ابن عباس والكلبي والفراء: عيداً.

ب- قال - تعالى -: "لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه" [الحج: 67] قال ابن قتيبة: هو العيد.

الثاني: ذكر أعياد المسلمين:

أ- عيد الفطر، ففي حديث أنس رضي الله عنه- قال: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال: "إن الله - تعالى -قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر".

ب- عيد الأضحى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت بيوم الأضحى عيداً، جعله الله لهذه الأمة".

ويوم الأضحى هو يوم العاشر من ذي الحجة، وقبله يوم عرفة، وهو من ذلك العيد أيضاً، وبعده أيام التشريق الثلاثة وهي أيام عيد أيضاً، فصارت أيام عيد الأضحى خمسة، كما في حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب".

ج- عيد الجمعة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده".

 

الثالث: ذكر أعياد غير المسلمين:

أ- قال - تعالى -: "قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك" [المائدة: 114]. قال السدي: أي نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيداً نعظمه نحن ومن بعدنا، ورجحه الطبري.

ب- قال - تعالى -حكاية عن موسى - عليه السلام -: "قال موعدكم يوم الزينة" [طه: 59]، قال مجاهد: هو عيدهم، وقال قتادة والسدي وابن زيد: هو يوم عيد كان لهم.

ج- قال - تعالى -في وصف عباد الرحمن: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان: 72]. قال ابن عباس: أعياد المشركين، وكذا قال أبو العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع وغيرهم.

 

قدم الأعياد في الأمم:

الأعياد قديمة في الناس، عرفوها منذ عرفوا الاجتماعات والتقاليد والذكريات، ولقد كانت الأعياد في الأمم الجاهلية على مر عصور البشرية تتسم باللهو واللعب والفسق والمجون والشعائر الغريبة، والطقوس الوثنية، وحتى المجتمعات البدائية كان لها أعيادها، ولهم فيها عادات متوارثة، وحرمات مرعية كما كان لأهل الجاهلية، فتتوقف فيها الحروب، ويأمن الناس جرياً على عادات وتقاليد عندهم، من خرج عنها عابوه.

لقد اختار الإنسان منذ القدم أياماً يسترخي فيها من التعب، ويعطل العمل ليجدد نشاطه، ويستعيد حيويته، فنشأت تلك الأعياد الموسومة بأيام من السنة معلومة، تعود الأعياد كلما عادت تلك الأيام، ولكل أمة منها مظاهرها وشعائرها في أعيادها الخاصة، لا يشاركها فيها غيرها، ولا ترضى أمة من الأمم أن تكون دخيلة على غيرها في أعيادها، ولا ينبغي لأمة أو طائفة من الناس مهما نسيت شخصيتها، وأغفلت ذاتيتها أن تنتحل شخصية غيرها من الأمم، وتندمج فيها باتخاذ ما هو من خصائصها ومقوماتها، ولا يفعل ذلك إلا مهزوم في شخصه، مستخف بأمته، محتقر لما عنده، يلبس ثوباً غير ثوبه، ويمشي مشية ليست له، ومهما أظهر من تحضر وتقدم فلا يزال محتقراً صغيراً في أعين من قلدهم قبل أعين من انسلخ منهم ورفضهم.

ولأجل هذا الاختصاص بالأعياد كثرت في الأمم وتنوعت، وبسبب الاختلاط والصراعات تداخلت بعض أعياد الأمم الغالبة في الأمم المغلوبة، نتيجة للتبعية والتقليد والانصهار، ويظهر ذلك من خلال استعراض أعياد جمع من الأمم والطوائف المختلفة.

وصلى الله على نبينا محمد والحمدلله رب العالمين

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply