كيف نحتفل بالعيد ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

شرع الله - تعالى -الأعياد فرحاً وسروراً للمسلمين بعد مواسم الخيرات، وفرائض العبادات، فعيد الفطر يأتي بعد أداء فريضة الصوم، وكذا عيد الأضحى يأتي بعد قضاء الركن الأعظم في فريضة الحج وهو الوقوف بعرفة، وقد جعلها الشرع أيام أكل وشرب وذكر، يرفه فيها المسلم عن نفسه وأهله ويوسع عليهم بما شرع الله وأحل من التوسعة الطيبة المباحة، و لقد رخص الشرع فيها من المباحات ما تخص به كسماع المباح من أناشيد الجواري الصغيرات بالشعر الطيب غير المسف ولا الفاحش، لما ورد من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فلم ينهها - صلى الله عليه وسلم - بل لما أنكر أبو بكر - رضي الله عنه - الأمر أشار له الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعهما وهذا مما استدل به أهل العلم على جواز هذا الأمر في العيد بشروطه، بأن يكون الكلام عفيفاً غير مخل وأن تكون التي تقوم به جواري دون سن البلوغ، وألا يكون مصحوباً بمعازف.

وكذا شرعت التوسعة على الأهل بأنواع الطيبات من المآكل والمشارب في الأعياد، ففي عيد الفطر فرض الله زكاة الفطر ومن عللها أن يجد الفقير ما يوسع به على أهله من المأكل في يوم العيد، وكذا في عيد الأضحى شرع الله - تعالى- الأضحية ومن عللها أن يجد الفقير ما يوسع به على أهله من طيب الطعام وليشارك إخوانه من المسلمين بفرحهم ويتشبه الجميع بالحجيج في نسيكة الذبح، فنجد أن التوسعة في الطعام شرعت في العيدين وإن كانت الصور مختلفة.

ومما سبق يتضح اهتمام الشرع بالتوسعة على المسلم في يوم العيد، ولكن هل فكرنا في بعض الوسائل نستغل بها وقتنا في العيد أفضل استغلال ممكن من الناحية الشرعية، بحيث نجعل منه موسماً حقيقياً من مواسم الخيرات، يعم فيه النور وتتنزل فيه الرحمات.

إليك بعض الوسائل في أطروحة أسأل الله أن ينتفع بها من يقرأها من المسلمين:

1- بر الوالدين وإدخال السرور عليهما، فهما سبب وجودك ولهما عليك غاية الإحسان، وقد وصى الله - تعالى -بهما في غير موضع من القرآن، فقال الملك المنان {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً} وقال - تعالى -{ووصينا الإنسان بوالديه حسناً} وقال - تعالى - { أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}

وقد روى أهل السنن إلا الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: « جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما »

فأحرى بنا أن نضحكهما يوم العيد، يوم فرح المسلمين، ويوم غيظ الكافرين، أسأل الله - تعالى- أن تعود علينا الأعياد وقد عادت للأمة كرامتها وعزها، وقد ذاق أعداؤها الذل على أيدي أبناءها...

2- الإحسان بالزوجة وإدخال السرور عليها، وغمرها بالعطف والمودة الزائدة في هذا اليوم، فكم من بيت يقضي عيده في تعاسة بسبب تفويت الزوج لأسباب بسيطة جداً قد تدخل السرور على أهله، فقد يأتي الرجل بالهدايا الثمينة لأصدقائه أو رؤسائه في العمل ثم يضن على رفيقته وخليلته الغالية ولو ببسيط الثناء أو الهدية، فعلينا أن نعلم أن المرأة مخلوق رقيق يفتقر دائما إلى العطف والحنان، وكم يؤثر فيها القليل من طيب الخصال والتصرفات، وكلنا يعلم وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - بالنساء وأن خيرنا خيرنا لأهله وخير الأمة لأهله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهلا تأسينا به.

ويلحق بالعناية بالزوجة العناية بالأولاد وإدخال السرور عليهم ولو بضحكة ولو بقبلة على جبين ولدك فمن لا يرحم لا يرحم.

3- صلة الأرحام: بالتزاور والتواد والتعاطف وما أجمل أن يزور الثري من الرجال الجانب الفقير من عائلته، لا تدري كم يدخل مثل هذا الصنيع الفرح والسرور على الأقارب وأولي الأرحام من الفقراء، وكم يشعرهم بالعزة والكرامة وعدم الامتهان، وعسى أن يعزك الله في موقف تحب أن تعز فيه كما كنت سبباً في إحساس غيرك بالعزة والكرامة، وكما جاء في الحديث « ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من وصل من قطعه »

4- الإحسان إلى الجار: فقد أوصانا الله - تعالى -بالجار فقال {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً}

وروى البخاري عن أبي شريح - رضي الله عنه - مرفوعاً: « والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه »

وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثناء الجار على جاره أو ذمه له مقياساً للإحسان والإساءة فقد جاء في صحيح الجامع وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: « قال رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت »، وما أجمل زيارة الجار الثري لجاره الفقير بلا تكبر أو استعلاء، وما قد يضفيه مثل هذا التصرف على المجتمع من محبة وإخاء...

فلماذا نضيع فرص الإحسان خاصة في هذه الأيام والليالي الحسان.

5- أناس بلغوا عند الله منزلة يغبطهم عليها النبيون: إنهم رجال من مختلف الأماكن والقبائل، تحابوا في الله وتعارفوا فيه فاجتمعوا عليه وتفرقوا عليه.

فعلينا بالاهتمام بالأخوة في الله، بزيارة إخواننا وموادتهم، بالفرح لفرحهم، ومواساة حزينهم ومساعدة محتاجهم، ووصلهم، فهل تحلو الحياة بدونهم؟

6- مداومة الذكر والقرآن وعدم نسيانهما في غمرة الفرح بالعيد، قال - تعالى -{إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور} فاطر 29

وقال - صلى الله عليه وسلم - « الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران » متفق عليه.

وقال - تعالى- {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} فهذه أيام أكل وشرب وذكر فلا تجعلها فقط للأكل والشرب واجعل للذكر فيها نصيبا، فقلب المؤمن هكذا دائما غضاً نضراً رطباً بذكر الله - تعالى -وليكن لسان حالك كما قال الشاعر:

بقرآني وإيماني وتكبيرات إخوانــــــــي

أهز الكافر الجاني وأحمي منه أوطاني

بقرآنـــــــــــــــي

عواطفنا براكين تثور وما لها حــــــين

ويزكي عزمنا الدين إلى العلياء والشان

بقرآنــــــــــــــــي

هو الإسلام رافعنا وللأمجاد دافعنــــا

غداً تدوي مدافعنا تدك معاقل الجاني

بقرآنــــــــــــــــي

أسأل الله - تعالى -أن يبارك لنا ولكم وللأمة في أعيادنا وأن يأتي علينا عيد قريب تعود فيه قلوبنا إلى مواضعها فيعود الأقصى إلى حضن أمته العزيزة، ويزهر النصر المبين فوق رايات بلاد المسلمين في كل مكان في الشيشان وأفغانستان وفلسطين وكل أرض تعلو فيها راية الدين، وأن يعود كل أسير أو مهاجر إلى أهله مطمئناً منشرح الصدر …. آمين آمين آمين

وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply