كيف نستثمر الإجازة ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله القائل: ((فَحَسِبتُم أَنَّمَا خَلَقنَاكُم عَبَثًا وَأَنَّكُم إِلَينَا لَا تُرجَعُونَ)) (سورة المؤمنون / 115).

وأشهد أن لا إله إلا الله جعل المال والبنين زينة الحياة لدنيا، والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربِّك ثواباً وخيرٌ أملاً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله محمد أوصانا بتقوى الله وذكرنا برعاية الأمانات والمسؤوليات فقال: ((كلكم راعٍ, ومسؤول عن رعيته)) وقال: ((لن تزولا قدم عبد حتى يسأل عن أربع فذكر منها ((وعن عمره فيما أفناه)) اللهم صل وسلم عليه..

 

إخوة الإسلام:

حديث الناس هذه الأيام عن الإجازة، وتساؤلهم كيف نستثمر الإجازة؟

والحديث عن الوسائل التي تستثمر بها الإجازة يفترض أن يُسبق بجملة من الأمور لا بد أن نتذكرها ونعيها جيداً قبل الحديث عن الوسائل النافعة ومن ذلك: هدف الوجود ومفهوم العبادة..فَخَلقُنا لغاية نبيلة ألا وهي تحقيقُ العبودية لله ((وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ)) (سورة الذاريات / 56).

والعبادة مفهوم شامل لكل ما حبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال.. فالنستحضر هذا الهدف دائماً ولنحقق العبودية لله في مناكب الأرض أينما كنا.

 

وأمرٌ آخر ألا وهو استشعارُ قيمة الوقت ومخاطر الفراغ فالوقتُ هو الحياة وهو أغلى ما نملك، وإذا أردت أن تتبينَ أقدارَ الناس وتفاوتهم في الدرجات فانظر إلى قيمةِ الوقت عندهم وكيف يُستثمر

 

وإذا كان الفراغُ مصيبةً على مستوى الأمة والمجتمع فهو كارثةٌ في حق الفتيان والفتيات إذا ما اسُتغل في تدمير الذات أو تدمير الآخرين..

 

إنه طاقةٌ لا بد من صرفها فيما ينفع، وألا تحول إلى مشكلة تتجذر أبعادُها، ويتحمل المجتمع مخاطرها ونتائجها

 

والأمر الثالث سؤال يوجه للأولياء وللشباب، فهل يشعر الأولياء بمسؤليتهم كاملة تجاه أبنائهم... هل يقدرون ظروفهم ويتحسبون لمشاكلهم، هل يفكرون جيداً في استثمار أوقاتهم، هل يُقدرون المشكلة حق قدرها، وهل يكونون على مستوى المسؤولية.

 

إن فئة من الأولياء لا تزال غائبةً عن الرعاية والتوجيه، مشغولةً بذاتها، تاركةً الحبل على الغارب، وهذه النوعيةُ مهما كانت قليلة فلها أثُرها في جنوح الشبابُ وبلوى المجتمع بهم.

أما الشبابُ فيقالُ لهم هل تُكرمون أنفسكم أم تدسونها {وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا} وهل تكونون بُناةُ مجدٍ, لبلادكم وأمتكم أم ترضون أن تكونوا مشكلة يُبحث لها عن حلول، هل ترغبون أن تكونو أرقاماً هامشية لا وزن لها ولا قيمة بل عبئاً على أهليكم ومجتمعكم؟ أين تطلعكم للمستقبل الواعد صلاحاً وهدى، وعلماً، وعملاً، منطقية في التفكير، وتقدير للمسؤلية واستثمار للفرص، واغتنام لزهرة الشباب، إن الآباء والأمهاتِ يتطلعون إلى بركم، والمجتمعُ ينتظر فاعليتكم وإيجابيتكم، وأنتم أهلٌ للثقة.. فقدروا مسؤليتكم وموقعكم.

 

عبادَ الله وإذا استقرت هذه المعاني في نقوسنا جميعاً.. كانت مهيئةً لقبول البرامج النافعةِ سواء كان ذلك في الإجازة أو غيرها، وإنما كان التركيزُ على الإجازة لكثرة الفراغ وتنوع البرامج الرسمية والأهلية والعائلية، وحسبي هنا أن أذكر بشيء من هذه الوسائل ومنها:

الأسرة القدوة وذلك عبر برامج متنوعة تستطيع الأسرة من خلالها أن تضرب النموذج الأمثل للأسرِ من حولها رعايةً للأولاد واستثماراً للأوقات والطاقات.. فإن لم تسطع ذلك فالتختر أُسرة ناجحة لتنظر في مسارها ولتستفيد من تجاربها، والمهم أن نُذكَّر بالقدوة في أُسرنا.

 

الزيارات الهادفة كالزيارة للأقارب والأصدقاء، والزيارات للمرضى لإيناسهِم والدعاءِ لهم، وللمقابر لترقيق القلوب والدعاءِ للموتى، والزيارة للأماكن الفاضلة، وللمنتزهات الجميلة الراقية.

 

بناء الذات واكتساب المهارات.. يحتاج أبناؤنا وبناتنا إلى مهارات تبني ذواتهم وتعينهم في تحمل مسؤولياتهم كفن الطبخ والتنظيف والترتيب وتربية الصغار ورعايتهم ونحو ذلك من أمور تحتاجها الفتيات، كما يحتاج الأبناء إلى تدريبهم على فن التعامل مع الآخرين وحسن استقبالهم، وأصول القيادة، وطرائق البيع والشراء ونحو ذلك مما يحتاجه الفتيان.

 

اللقاءات الأسرية: تتطلع الأُسر إلى لقاءات مع أسرٍ, مماثلة، لتأنس بها وتستمع منها وتسمعها، ومن الجميل أن تكون هذه اللقاءات هادفة وأن تكون مصحوبةٌ ببرامج ولو كانت خفيفة فالأسر ينشط بعضها بعضاً وللمنافشة دورٌ في صقل المواهب، وكم هو جميل أن تلتقي عددُ من الأسر في استراحات يتوفر فيها مكانٌ للرياضة والترفيه وتتوفر فيها أجواء للاستفادة والبرامج النافعة.

 

القراءة.. ومن الجميل أن ندرب أبناءنا وبناتنا على القراءة ونحبب إليهم الثقافة ونوجه إلى النافع من العلم والمعرفة، فعالمُ اليوم معرفي ولا مكان للأمية، ومشكلةٌ أن يسبقنا الآخرون بالعلوم والمعارف ونحن الذين بداء تاريخنا بـ ((اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)).

 

وانفتقت حضارتنا عن علوم ومعارف وإبداعات، أنارت للآخرين عصورَ الظلام، لنحبب القراءة النافعة لناشئتنا، فمرة نصطحبهم للمكتبات المنزلية وأخرى لمكتبات الأصدقاء، وثالثة للمكتبات العامة للمطالعة، ورابعة للمكتبات التجارية.. وهكذا ينشأون محبين للكتاب والمكتبة متطلعين للعلم والمعرفة.

والمسموعات والمرئيات أساليبُ للتربية وطرائق للتسلية وقضاء الوقت بما ينفع، خاصة إذا أحسنا الاختيار لما يسمعون وما يشاهدون، وبحمد الله تملاء المكتبات الصوتية الإسلامية المدن والقرى، والرواج الأكبر للشريط الإسلامي أشرطة الكاسيت والفيديو وأقراص الحاسوب، وفيما حمل الترخيص وفُسح غنيةً عما سواه.

مكاتب الدعوة ودعاةُ المستقبل، ومكاتب الدعوة في بلادنا مناراتٌ للدعوة ومستودع لكثير من الخبرات والتجارب الدعوية، وزيارة هذه المكاتب بصحبة الأبناء والبنات لأقسام النساء، يُكسب أولادنا خبرة، ويدفعهم للدعوة يعرفهم بالوسائل الدعوية وكلَّ ذلك يصنع منهم دعاة للمستقبل مستفيدين من تجارب من سبقهم هذا فضلاً عن دعم هذه المكاتب الدعوية وتشجيع القائمين عليها، وتسجيل الشكر للجهات المشرفة عليها.

 

وللسفر فوائد ومخاطر، وعلى المسافرين أن يحتاطوا لوسائل السلامة في السفر، فدعاء السفرِ خيرُ ما بدأت به الرحلة، وصيانة المركوب، والالتزام بأنظمة المرور ضرورة عقلية ومطلب شرعي، وأذكار الصباح والمساء تخفف من كوارث ووعثاء السفر، والحذرُ من السفر إلى بلاد يُبتزٌّ فيها المسافرون أو يتعرضون فيها لسرقة أموالهم وأخلاقهم حصافةُ في الرأي ومتانةٌ في الدين، وتذكرَّ أيها المسافرُ أنك لا تدري بأي أرض تموت، ولا يغب عن بالك عزيزي المسافر أن السفرَ اختبارٌ للأخلاق، وامتحانٌ للإرادة والمراقبة.. أنه ميدان للدعوة ومظنة لقبول الدعاء، فرصة للتفكير، وباعث على الذكر والشكر، هو قطعة من العذاب ولكن فيه سلوه، فيه علم وآداب ولكنه مظنة للعطب حين تكون الرفقة سيئة.. فاختر رفيقك في السفر كما تختار صاحبك في الحضر.

المراكز والدورات والدُور النسائية ثمة فرص متاحة وثمة جهات تُعنى بفتح المراكز والدورات، وهذه الجهود حريةٌ بالورود لتنهل من علم العلماء، وتستفيد من تجارب الخبراء، وتكسب من تربية أهل التربية، وإذا كانت هذه المراكز الصيفية والدورات العلمية والدور النسائية محطات يتزود منها الفتيان والفتيات، بل وكبارُ الرجال والنساء، فالأمل أن يزيد عددها لتستوعب الأعداد الغفيرة وثمة تساؤل مُلح يقول، وهل يصح منع الجامعيين من المراكز الصيفية ولماذا وأين يذهبون؟

وتتساءل النساء وأين البرامج الدعوية والثقافية من الجهات الرسمية المعنية بالدعوة، والمكافئة لكثرتهن وفراغهن، أليست ثمة مطالبات لخروج المرأة وقيادتها.. أليس ثمة دعوات متتالية للعناية بالمرأة وتحقيق تطلعاتها؟ فهذه المجالات ونحوها من أنفع ما تخرج له المرأة إن كنا ناصحين لها -

الحكايات والقصص المنزلية... ذلك أسلوب لغرس المفاهيم الطيبة، لا سيما للأطفال الذين يتلذذون بسماع الحكايات وينصتون لرواية القصص، فهل يعمد الآباء والأمهاتُ إلى هذا الأسلوب التربوي، بدلاً من كثرة التوجيه المباشر؟

إن الأب أو الأم مهما كانت ثقافتهم قادرون على صياغة حكاية أو قصة، حقيقية كانت أو خيالية تسير في اتجاه غرس القيم الفاضلة وتحذر من الرذيلة، بأسلوب مبسط يفهمهم الصغار والكبار فإن عجز الأبوان أو شُغل الإخوان والأخواتُ عن ذلك ففي المكتبات تتوفر قصصٌ مفيدةٌ للأطفال مكتوبةً، أو مسجلةٌ ويمكن شراؤها وتوفيرها لهم. وفيها ما يُعلم القرآن والسنة والآداب، وفيها ما يكسب الخبرة ويفتق الأذهان ومع ما فيها من الفوائد ففيها تسلية وتخفيف لمشاجرة الأطفال والصبيان.

وثمة أفكار جميلة للأطفال كفكرة (الطفل البار) وفكرة (الطفل المنظم) ونحوها من أفكار تقوم على تعويد الطفل على مساعدة أهلية في أعمل المنزل ولو كان يسيراً مع التشجيع والهدية، وتدريبهم على النظام والنظافة مع وضع مكافأة تشجيعية في البداية.. وهكذا فكرة (الصغير المتصدق)، (والأمين)... ونحو ذلك من قيم عالية يدرب عليها الصغار.

المسابقات المتنوعة، فثمة مسابقاتٌ ثقافية وأخرى رياضية، مسابقاتٌ في الحفظ ورابعة في الألغاز ومسابقات للتعريف بالأماكن ومسابقات ثقافية وأخرى للبحوث الصغيرة، ومسابقات في تنمية المهارات والقدرات بشكل عام.. كل ذلك محفز على الخير، داع للاستثمار الوقت بما ينفع.. ويزين هذه المسابقات ويشجع عليها دعمها بجوائز ومحفزات مادية ومعنوية، ومناسبة المسابقة لعقول وقدرات وميول المتسابقين.

 

إننا بحاجة لشحذ همم أبنائنا وبناتنا وتنويع البرامج وشدّ الانتباه حتى إذا تمكن الإيمان في قلوبهم، وأينعت ثمارُ المعرفة في عقولهم هناك نطمئن لمجاوزتهم القنطرة، ونفرح بكونهم عناصر بناء في مجتمعهم ونتخفف من مسؤليتنا تجاههم، ويكونون قرة عين وزينة الحياة.

((رَبَّنَا هَب لَنَا مِن أَزوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعيُنٍ, وَاجعَلنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا)) (سورة الفرقان: 74).

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور نحمده ونعمه علينا ظاهرة، ونشكره وقد وعد بالزيادة لمن شكر ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته..

عباد الله:

وهنا لفتة لا بد أن نستصحبها في طريق التربية الطويل، وعنها قال العالِمون: المطلبُ الأعلى موقوفٌ حصوله على همّة عالية ونيةٍ, صحيحة، فمن فقدها تعذر عليه الوصول إليه، فالنية تُفرد له الطريق، والهمة تفرد له المطلوب... (الفوائد لابن القيم / 151).

ومعها لفتة أخرى تحذر من غرور الأماني، والتردي في مزالق الردى، فإبليس لُعن واهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمر بها، وأخرج آدام من الجنة بلقمة تناولها، وحجب القاتل عنها بملء كفٍ, من دم.. فلا تغتر بالأماني، ولا تستهن بالمعاصي..

 

إخوة الإسلام:

كونوا قدوة لأسركم في المسارعة للخيرات واجتناب المحرمات واحملوهم على الطاعة وابدأوهم بالواجبات ثم حببوا إليهم السنن، وكم هو جميلٌ أيها الولي أن تصلي النوافل في بيتك وتتلو القرآن بين أهلك وأولادك ونحو ذلك من سنن وفضائل وآداب لتكون إماماً في الخير ودليلاً للرشد.

أيها الآباء وأيها الدعاة والمربون والمخيمات الدعوية مما تستثمر به الأوقات ويُساهم في الدعوة من خلالها، وحين تعمد بعضُ الأسرِ لإقامة مخيمات عائلية خاصةٍ, بها فذلك فرصة للصلة والمرح والدعوة واستصلاح شباب الأسرة.

والرحلة للقرى والهجر النائية فيه وقوفٌ على المعالم وتعرف على الناس وسياحة في الأرض وتقديم المساعدة للمحتاجين وتعليم من يحتاج للتعليم، وهي فرصةٌ من فرص الدعوة للدعاة والمحتسبين.

أيها الأولياء عودوا أولادكم على جلسة الأسرة ولو مرة في الأسبوع فيها كلمةٌ طيبة، وتوجيه نافع، وقراءة في كتاب، وتعويدٌ على المشورة وبناءُ الثقة، وفيها تجسيد لتلاحم الأسرة.

وربوهم على صلة ذوي القربى، والعطف على المساكين، وتقدير ذوي المكانة واحترام الأكابر، وعلموهم كيف يتعاملون مع الأقران وكيف يختارون الأصحاب، وحذروهم من خفافيش الليل وسُراق القيم والأخلاق.!

صلوهم بالمجتمع والأمة واجعلوهم قريبين من حركة التاريخ.. علموهم أسباب العزة والتمكين في تاريخ المسلمين وعوامل الانحطاط والهزيمة، وطريق الرقي والكرامة.

أيها الحافظون لكتاب الله هنيئاً لكم واشكروا الله على ما حباكم وفي الإجازة فرصة لمراجعة وتثبيت حفظكم، أيها الراغبون في حفظه أعانكم الله وسدد خطاكم وفي الإجازة فرصة كبرى لتحقيق طموحكم، والوعد حق ((وَلَقَد يَسَّرنَا القُرآنَ لِلذِّكرِ فَهَل مِن مٌّدَّكِرٍ,)).

أيها المقصرون في تلاوة كتاب ربكم هل تكون الإجازة معيناً لكم على تدارك التقصير واللحوق بركب أهل القرآن؟

يا إماء وحين الله تفتح الدور النسائية أبوابها لتعليم وتحفيظ كتاب الله فهل تبادرين بالالتحاق أم تُعاقين بعوائق وهمية حتى يفوت الركب ويفوز بالغنيمة والأجر نساءٌ أخريات؟

أخوة الإيمان:

هذه خطوات وطرائق وأساليب ومقترحات لاستثمار إجازة الصيف وقد يرى أو يمارس البعض غيرها وأجمل منها والمهم أن نستفيد من الزمن ونستثمر الأوقات فكلنا واردٌ على ربَّه لا ينفعنه مالٌ ولا بنون إلا ما قدم من صالحات، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً تذكروا يوم يصدر الناس أشتاتاً أي يرجعون عن موقف الحساب أنواعاً وأصنافاً ما بين شقيٍ, وسعيد، ومأمورٍ, به إلى الجنة، ومأمور به إلى النار

فاحذروا المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن..

قال - عليه الصلاة والسلام - لعائشة رضي الله: ((عنها إياكِ ومحقراتِ الذنوب فإن لها من الله طالباً)) رواه النسائي وابن ماجة.

واشكروه على النعم، واستغفروه من الذنوب، وسبحوه بكرة وأصيلاً واذكروه كثيراً واعلموا أنكم ستسألون عما أنتم فيه من نعيم، ولقد قال الصحابة رضوان الله عليهم حين نزلت هذه الآية {ثُمَّ لَتُسأَلُنَّ يَومَئِذٍ, عَنِ النَّعِيمِ} يا رسول الله وأيُ نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصافِ بطوننا خبزَ الشعير فأوحى الله إلى نبيه قلُ لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد؟ فهذا من النعيم (تفسير ابن كثير عند الآية 4 / 913)

 

آهٍ, كم لله علينا من نعمة وفضل.. وقليلٌ منا الشكور، نصبح ونمسي في نعم من الله، والله يعلم ويشهد أننا نمارس المعاصي صباح مساءً..

أهكذا يكون الشكر؟ ألا نخشى العقوبة ألا نبصر من حولنا النُذر؟ هل صُمت آذاننا أو وُضعت الأقفال على قلوبنا؟ إن السعيد من وعظ بغيره، والشقي من صار موعظةً لغيره. كم تحيط بنا الفتن.. وكم نسمع كل يوم بل في كل ساعة عند أعدادٍ, من القتلى والجرحى... وآخرين مشردين، غرق وفقر طوفان وزلازل يذهب ضحيتها الأولوف فتن تموج وظلم وظلمات تملاء الوجود.. ولا مخرج إلا بالإيمان وعمل الصالحات ((وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِينَ)) (سورة الأنبياء: 88).

((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبٌّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا فَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ)) (سورة الأحقاف: 13).

ولن يبالي الله بقومٍ, عصوا أمره وضيعوا حدوده ونحو شريعته.. لن يُبالِ الله بأي واد هلكوا وإذا عصى الله من يعرف سلط الله عليه من لا يعرفه.

وصدق الله: ((أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لاَ يَشعُرُونَ * أَو يَأخُذَهُم فِي تَقَلٌّبِهِم فَمَا هُم بِمُعجِزِينَ * أَو يَأخُذَهُم عَلَى تَخَوٌّفٍ, فَإِنَّ رَبَّكُم لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (سورة النحل: 45 - 47).

اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا، واجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply