حياتنا بين الإجازة والدراسة


 

بسم الله الرحمن الرحيم  

قبل أسابيع قلنا بدأت الإجازة وقبلها بأيام كنا نردد متى تأتي الإجازة والآن انتهت الإجازة وبدأت الدراسة فماذا قلنا يا ترى؟!

الإجابة معروفة عند الكثيرين وهي متى تأتي الإجازة!!

ترى أهذه هي الحياة التي نريد؟!

ترى أهذه النظرة بعيدة المدى أم هي نظرة دونية؟!

أكلنا يعي ذلك أم أننا نمشي مع الأيام بلا هدف؟!

أسئلة كثيرة وكثيرة جدا...ربما إننا نجد لبعضها إجابة، ولكن الكثير منها لا نجد الإجابة الصائبة لها!!

أهذه فلسفة جديدة؟ أبدا بل هي حالنا منذ زمن!

يا للعجب أترانا نسير بلا هدف؟ أم بلا تخطيط؟ أم بلا وعي وإدراك لما سيأتي من قادم الأيام؟ أم أننا نترك الرياح تعصف بنا يمنة ويسرة بلا غاية؟!

حقيقة نراه بأم أعيننا ولكن كيف نتعامل معها؟ أنبحث عن أسبابها، ونحاول علاجها، ونبدأ بمراحل العمل للوصول إلى النتائج التي نريد؟

يبدأ الفرد منا في دراسته في المراحل الأولية وينتقل بعدها سنة بعد سنة متخطيا سنوات المرحلة الابتدائية وينتقل إلى المتوسطة ويصل إلى الثانوي بل وينهي دراسته في المرحلة الثانوية وهو لم يحدد له هدف يطمح الوصول إليه!! بل ويدخل الدراسة الجامعية وهو لم يحدد هدفه الذي يصبو إليه وقد ينهي دراسته الجامعية وهو لا يزال في ذلك السبات الذي نعيشه.

هذه المشكلة تحتاج إلى دراسة ميدانية تبحث عن الأسباب وعن الدواعي التي جعلتنا نعيش هذه الحقيقة المرة. مع من يعيشها الآن ولا يزال، ومع من عاش وأنهى التجربة بكل تفاصيلها.

 

لكن هذا لا يمنعنا أن نخوض بعض غمارها ونبحث بعض تفاصيلها علنا نجد لنا فيها بعض الفائدة، فأقول مستعينا بالله:

يعيش الطالب اليوم خاصة والشباب بشكل عام حياة غريبة سبق التمهيد لها فيما سبق من كليمات، فلا يستطيع العمل والاعتماد على نفسه ولا يقبل بأي فرصة عمل وإنما يريد أعمالا معيَّنة تنطوي إلى الراحة أغلب أحوالها، ولعلنا نبحث عن أسباب تلك الحالة لنضع وفقها العلاج:

السبب الأول: الاتكالية، وهو سبب من الأسباب التي أودت بنا إلى قلة الاعتماد على النفس في قضاء أعمالنا الشخصية وقديما قيل في المثل العامي: "من تكفى انكفى"، والاتكالية لم تأتي هكذا وإنما جاءت إثر عوامل نعيشها وسنذكر بعضها فيما يأتي من الأسباب.

 

السبب الثاني: ضعف الشخصية العملية، وهذا سبب ظاهر أكيد وهو لا صلة له بقوة الشخصية النفسية وقد نجد من لديه ضعف شخصية نفسية ومع ذلك لديه شخصية عملية والمشكلة هنا هي ضعف الشخصية العملية فلا يعمل الشخص العمل المناسب له وقد يعمل ولكن بلا إنتاج أو محدود الإنتاج وهذا السبب له ارتباط وثيق بالعجز والكسل والذي كان من دعاء النبي -صلى الله عليه- وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل... "

 

السبب الثالث: البحث عن الراحة، فنحن في الغالب نبحث عن العمل المريح وخاصة الوظيفي المكتبي وهذا بحد ذاته لا يعتبر سببا من أسباب تلك الحياة فحسب بل يعتبر هو المحك الحقيقي الذي نعيشه، فنريد كل شيء يأتي إلينا بكل راحة وسهولة وهذا لن يحصل على كل حال وقد جاء في قصة الرجل الذي وجده عمر بن الخطاب في المسجد وكثير العبادة لم يرَّ له عمل قال له: " قم فاعمل فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ".

 

السبب الرابع: غياب الهدف، وهو مربط الفرس فتجد من يدرس ويدخل المرحلة الجامعية وهو بلا هدف وإنما لكثر السالكين ولكون هذا التخصص أكثر من غيرة في فرص العمل وقس على هذا الكثير، فأين الهدف الذي رسم؟ وأين الغاية التي سيصل إليها في دراسته؟

 

السبب الخامس: ضعف التخطيط، وهذا ناتج عن قلة الاهتمام والسير على ما تمليه الأيام فأينما سارت به الريح وجرفه الموج مال أين اتجه وتناول ما في طريقة دون أن ينظر إلى ما في جانب الطريق أو الطرق الأخرى من فوائد وثمار.

 

السبب السادس: التقليد، وهذا مرض عضال ولد في هذه الحياة الغريبة التي تسير وحبلها على الغارب بلا توجيه أو نبراس فإذا ما سألت أحدهم لماذا ذهبت إلى التخصص هذا؟ أجاب لأن فلان صديقي أو زميلي ذهب إليه!!! أهدفك هو نفس الهدف؟! أرسمت هذا الأمر قبل ذلك الوقت؟! إنه التقليد الشللي لا غير!

 

حقيقة هناك أسباب أخرى غير ما ذكرت آنفا ولكن أتوقف حتى لا أطيل وليكون لنا نصيب مع العلاج والذي هو من نصيب الشخص المعني، من الأسرة وولي الأمر، من المجتمع، من المدرسة والجهات المعنية بالتربية والتعليم وهنا يتبين لنا شمولية العلاج من الأطراف كلها حتى نصل إلى ما نريد.

 

فالفرد له دور في العلاج بالبحث عن المناسب ومحاولة معرفة الميول والاتجاهات المناسبة له ورسم الخطط للوصول إلى هدف معين وهنا لكل شخص أن يحدد هدف له في هذه الحياة ثم ليجمع الخطط التي سأخذ بها طريقا للوصول لذلك الهدف المراد، مع ترك الركون للدعة والبعد عن الراحة والكسل وأخذ الأمر مأخذ الجد والتشمير عن ساعد الاجتهاد.

ودور الأسرة وولي الأمر مهم في تكوين ذلك من حيث اكتشاف ميول الأبناء وتوجيه كل شخص للوجه الصحيحة ومساعدته في ذلك مع التعاون المستمر مع الجهات التعليمية للنهوض بكل ما من شأنه نجاحه بتفوق والوصول إلى هدفه بكل قدرة واقتدار.

ودور المجتمع بجميع جهاته وفئاته مهم في التوعية والتوجيه فللإعلام دوره التوعوي المهم وللمسجد والجامع دوره كذلك في التوجيه والإرشاد وللجمعيات دورها الرائد في ذلك... فمتى أدى كل دوره فسيكون هناك أفراد ينهضون بالمجتمع إلى المعالي ويسمون به في كل المجالات.

ودور المدرسة وجهات التربية والتعليم مهم في الكثير الغالب فهي المعنية في بناء الجيل وسد احتياجات المجتمع في سواعد مدربة متقنة وهذا يحتاج لدفع كل شخص لما يناسبه من أعمال وتفتيح العقول لهذا الأمر حتى ولو جعل لهذا الأمر مادة دراسة ليقف كل شخص على المجالات أمامه ويرسم طريقة المناسب بيده ويقف على احتياجاته ومتطلبات المجتمع الذي ينتظره وهنا يسير بخطاه واثقا ويرتفع إلى العلياء بتخطيط مدروس فيكون كل وضع في موضعه واتخذ كل فرد ما يناسبه فهنا فهل سيكون لنا مع كل بداية دراسة متى ستأتي الإجازة ومع كل إجازة متى ستأتي الدراسة؟!!

أرجو أن تكون الإجابة هنا سليمة صحيحة ورؤية صائبة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply