بين الحقيقة والأمل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 يا أمة في خضم الذل تعتذر***بأنه الواقع المحتوم والقدر

 

قد كنت في الأمس سيلاً جارفاً***عرماً ماض بمجراه لا تعتاقه الجدر

 

ففرقتك المجاري الضيقات إلى***جداول تتلاشى حين تنحدر

 

حتى تبخرت في قيعانها وبقى***منك الغثاء فلا نفع ولا ضرر

 

وللعروبة حبل قد وهى وهوى***فكلما أمسكت العرب ينبتر

 

ومنزل دون دين الله قام له***على شفى هوة بنيانه النخر

 

وعروة أصبحت جوفاء فارغة***لاتجمع الشمل لا ينأى بها الخطر

 

إذ لم تعد عروة الإسلام تعضدها***تكاد تقضي عليها النار والسعر

 

من نحن لولا أتى الإسلام يخرجنا***من جاهليتنا من أنت يا عمر

 

أعراب كنا رعاء الشاة نسأل ما***تلقي يد الفرسان والرومان أو تذر

 

حتى أتانا رسول الله يرشدنا***إلى قياد به انقادت به البشر

 

وكم تعالت بدين الله قلتنا حتى***تركناه فاكتضت بنا الحفر

 

ها نحن مليار صفر باستكانتنا***بل نحن سالب مليار بما نزر

 

نحيا على الأرض لا وزن ولا***صفة مثل الهلام ولا ظل ولا أثر

 

ومالنا قيمة إذا ما بقت قيم***أبخص بأهل المعاصي كلما كثروا

 

ولا غرابة في أن يستبد بنا جنس***اليهود وهم من عشرنا العشر

 

ما استأسد القط كي يحني النمور***له لكنه ساد لما استفأر النمر

 

وما طغى فوقنا الأعداء عن كبر***لكننا نحن من هانوا ومن صغروا

 

ليسو ا الأعزة لولا أن عزتنا***باتت وراء قناع الذل تستتر

 

مال الأسود الضواري غير مخلبها***ونابها وزئير ما به خور

 

فإن هي احتقرت أسباب قوتها في***الغاب صارت من الأثعال تحتقر

 

  * * * *

 

يا ليل قد طلت وازدادت هزائمنا***لكن أنفسنا هيهات تنكسر

 

فحسبنا أن في أعماقنا قبساً ترى***القلوب به ما لا يرى البصر

 

وحسبنا في انتكاسات الدجى ثقة***بالله تخبرنا أنا سننتصر

 

والقدس إن خذلتها الناس قاطبة***فحسبها أن يظل الطفل والحجر

 

وأن فيها سلاحاً ليس يملكه***أعدائنا رغم ما شادوا وما عمروا

 

في فتية وهبوا للناس أنفسهم***فالعيش عندهم والموت محتقر

 

رمى بهم في خضم الموت علمهم***أن الشهادة درب النصر تختصر

 

وبين راحاتهم أرواحهم لهفت***توقاً متى بجوار الله تفتخر

 

أما أتاكم حديث عن بطولتهم***من ناقم مل أ الدنيا به الخبر

 

مضى وحزمة ألغام تحيط به ***ليلاً وتحرسه الآيات والسور

 

وظل يدنو من الأعداء في ثقة***كأنه شبح أو أنهم سحروا

 

حتى إذا دق ناقوس الشهادة في ***فؤاده ودعته الحور والسور

 

أجاب، فانفجرت اشلائه ودوت***الله أكبر في الآفاق تنتصر

 

ورفرفت روحه فكهاء ضاحكة*** في الأفق ساخرة منهم كما سخروا

 

وخلطت دمه الغالي دمائهم ***كما تخالط مسك العنبر البعر

 

كذلك النصر إقدام وتضحية***كذا وإلا فلا نصر ولا طفر

 

فلا موائد مدريد ستنصرنا***ولن يعيد الينا الحق مؤتمر

 

بل اشتعال انتفاضات مؤججة***وثورة ليس فيها للخنا بؤر

 

بجحفل عربي مسلم شرس***غضبان يقدح من خطواته الشرر

 

القدس أيتها الدنيا قضيتنا***مادام يجثم فيها الغاصب القذر

 

ولن نساوم في شبر ولو وضعت***يوماً على راحتينا الشمس والقمر

 

يا كل أكناف بيت المقدس انتظري***فإننا بعزاء الصبر ننتظر

 

ونكتم الغيظ في أحلام أفئدة يوماً***ستوقد من أحقادنا سقر

 

ونضمر الغضب القدسي قنبلة ***موقوتة ذات ميعاد ستنفجر

 

ونحمل الأمل المنشود في دمنا***ذخراً ليوم به نقوى ونقتدر

 

فأبلغن علوج العجل أن لهم***لموعداً و عبيدالله ينتظر

 

و أنذرنهم من شر يومئذ***يا يوم خيبر إن أغنتهم النذر

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply