كيف أبرأ من التعصب لكرة القدم؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أحب كرة القدم حبا شديدا. ولكن أود أن أسأل حضرتك عن التعصب الذي نجده بين مشجعي الأندية، فهناك مشاحنات كثيرة تحدث بسبب كرة القدم. فكيف يكون المسلم منتميا لشيء ويحبه ولا يفرط في التحيز له وإثارة الضغائن بسببه؟

 السؤال

مجموعة مستشارين المستشار

 الرد

 يقول الدكتور أحمد ربيع:

أخي المحب لنفع الروح والجسد:

إن كل تعصب لوطن ما أو قضية ما أو عائلة ما أو كل شيء مما يتفاخر به الناس، ذلك من أمر الجاهليةº الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت قدمه في حجة الوداع.

والرياضة شيء مهم يحث عليها الإسلامº فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والقوة والضعف في كل مجال من المجالاتº والذي يؤسف له في كرة القدم على وجه الخصوص أن الممارسين للعبة بضعة وعشرون فردا. هؤلاء هم الذين يمارسون الرياضة يصولون ويجولون في الملعب وآلاف مؤلفة تنظر إليهم في "الإستاد" وملايين قابعة أمام التليفزيون تشاهدº فأي ممارسة رياضية للملايين وللآلاف.

حقا من حق كل إنسان أن يعجب بشيء ما بشرط ألا يزيد عن حدهº فكل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. وأكثر المتعصبين مغالينº ليس في الدين فحسبº ولكن أيضا في المعارف الثقافية.

ونقول لمحب كرة القدم: مارس اللعبة بنفسك هذا أهم وأفضل من مشاهدتها، وإذا شاهدتها وأنت معجب بها فإياك أن تضيع عليك وقت الصلاة، ولا تكن متعصبا فالتعصب للفكرة وللرأي وللناس أمر غير محمود.

ويضيف الأستاذ مسعود صبري:

الأخ الفاضل:

أشكرك على هذه الروح الرياضية، كما يقول أهل الرياضة. وحين نوصف الواقع في المشجعين لكرة القدم خاصةº نجد ظاهرة التطرف واضحة. وهذه ظاهرة سلوكية اجتماعية لها امتداد كبير في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

فالتطرف قد يكون في العاطفة، وقد يكون في السلوكِ، ونحن بحاجة إلى ثقافة الوسطية التي جاء بها الإسلام، ودعا إليها، قال - تعالى -: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}. وفي الأثر: (أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما). والإسلام دين الاعتدال أيضا، وهو يدعونا إلى الاعتدال في كل شيء، في الطعام والشراب، وافي السلوك، والعاطفة.

وفي تشجيع الرياضة نجد أصولا شرعية. فهذه السيدة عائشة، أم المؤمنين، تطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تشاهد الأحباش وهم يلعبونº والنبي يسمح لها بل ويرفعها فوق كتفه لتتمكن من المشاهدة بيسر، ويضل هكذا يتحملها حتى تستمتع وتحصل على كفايتها.

بل كان الناس يشاهدون بعض المسابقات الرياضية المشروعة كالخيل والرمي بالسهام وغيرهما. غير أن ضابط الأخلاق الذي ربى الإسلام الناس عليهº جعل سلوكهم معتدلا في كل شيء. ولهذا فإن منظومة الأخلاق في الإسلام قائمة على الاعتدال، ونلحظ هذا في القرآن الكريم: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}، وغير ذلك من الآيات والأحاديث.

ولكي يصل الإنسان إلى الاعتدال في التشجيع والمشاهدة، فإن عليه أن يراعي عددا من الأمور منها:

أن يدرك أن الهدف من المشاهدةº هو مجرد التسلية والترويح عن النفس، وأن التعصب في التشجيع يسوق إلى الحرامº من السب والشتم وغير ذلكº مما هو منهي عنه.

أن التعصب لمشاهدة مثل هذه الألعاب يشغل المسلم عن أداء أشياء أكثر إفادة على المستوى الفردي والجماعي، كما أنه يعود بالضرر على نفسية الإنسان، مما يولد تعصبا ليس في التشجيع فحسب. ولكن في كثير من الممارسة اليومية في الحياة.

أن يعود نفسه على ألا يكون أسيرا لشهوة، فيمكنه أن يتخلى عن المشاهدة في بعض الأحيانº وأن يعلم أن فوز فرق ما لا يترتب عليه كسب للإنسانº إنما هي حالة النشوة اللحظية، فلا نجعلها سببا في تقطيع الأوصال والروابط مع الناس.

أن يعيد الإنسان ترتيب أولوياته، وأن يمارس بعض المشاهدات المباحة الأخرىº حتى لا يكون التشجيع الرياضي وحده هو الشغل الشاغل. وأن يسعى للممارسة العملية للرياضةº فذلك أفضل لجسمه من التركيز على المشاهدة فقط، وأن يسأل الله أن يعينه حتى يكون أسيرا لنفسه وهواه.

 وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وهدى المسلمين لما فيه نفع لهم..آمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply