غداً .. عيد الحزن !!


بسم الله الرحمن الرحيم

 

ربما أكون من أكثر المتحمسين لنقل مظاهر التقدم الحضاري في الشرق والغرب كرافد مهم لتقدم مجتمعنا الإسلامي المحافظ، ولكنني في الوقت نفسه أكتب عبر هذه الزاوية مطالباً بنبذ كل سلوك لا يتفق مع عقيدتنا الإسلامية النقية. فمن شرق الأرض أتمنى أن يقلد شبابنا ذلك الياباني الذي يعمل ست عشرة ساعة في اليوم وإذا أراد أن يضرب عن العمل واصل عمله بنفس الجد والولاء مكتفياً بتعليق لوحة كتب عليها "مضرب عن العمل"..ولكنني شكوت مراراً وتكراراً من آفة العصر " بوكيمون" التي اخترعها الياباني "ساتوشي تاجيري" وبدأت في تدمير عقول صغارنا بزرع مبادئ القمار في سلوكياتهم واقناعهم بفكرة "داروين" للتطور وتعويدهم على حمل النجمة السداسية وشعارات الماسونية عبر بطاقات "بوكيمون".ومن الغرب دأبت هذه الزاوية على حث الرياضيين على نقل التطور الأوروبي والأمريكي في عالم الرياضة والاستثمار.. ولكنني كتبت مندداً بالتقليد الأعمى لسلبيات المجتمع الغربي. وفي كثير من الأحيان يكون في الإعادة إفادة!!!

في مثل هذا الوقت من العام الماضي كتبت مقالاً بعنوان "شبابنا.. بين عيد الحب وجحر الضب"، نبهت من خلاله عن ظاهرة خطيرة بدأت تغزو مجتمعنا في الأعوام الأخيرة وهي ما يسمى "عيد العشاق/ فلانتاين"، حيث كتبت ما نصه: "اليوم أحدثكم عن يوم من أيام التقليد السلبي وهو "Velentine's Day" ونترجمه "عيد الحب" دون أن يعرف الغالبية منا قصة هذا اليوم الذي يحتفل فيه عشاق الغرب ويقلدهم شباب الجزيرة العربية مهبط الوحي وقلب الإسلام النابض. في ذلك اليوم ستزدحم محلات المناسبات وبيع الهدايا والورود كما تزدحم المكتبات في أيام العودة للمدارس.. وسيصل سعر الورد الأحمر (ROSE) إلى ثلاثين ريالاً للوردة الواحدة!!! وربما تضحكون وشر البلية ما يضحك على شباب يشتري الواحد منهم أكثر من باقة ورد لأكثر من حبيبة مزعومة. وربما تبكون حزنا إذا علمتم بأن "فلنتاين" هو اسم قسيس كان يقوم بتزويج العشاق سراً مخالفاً أوامر الكنيسة الرومانية التي منعت الزواج في عهد الإمبراطور "كلوديوس الثاني" في القرن الثالث الميلادي.. وحين اكتشف أمر القسيس "فلنتاين" ثم إعدامه في 270/2/14م فأصبح العشاق يزورون قبره في ذلك اليوم كل عام محملين بالورد والشموع. ومع توالي الأعوام بدأت الطقوس تمارس في أجزاء أخرى من أوروبا وبطرق مختلفة.. حتى قفزت شركات الورود والشكولاته والبطاقات على هذه الفرصة الذهبية وحولت هذا اليوم إلى عيد للعشاق تتزايد حماه كل عام حتى وصل إلى شبابنا كما وصلت حفلات أعياد الميلاد إلى أطفالنا والخوف كل الخوف أن نحتفل قريباً بالكرسمس والعياذ بالله. فقد حذرنا المصطفى - عليه السلام - بقوله: "لتتبعن سنن من قبلكم الشبر بالشبر والذراع بالذراع والباع بالباع حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتموه.. قالوا يا رسول الله من اليهود والنصارى؟؟؟.. قال من إذاً".. صدق الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم". هذا مجمل ما كتبته العام الماضي، فماذا حدث بعد كتابة المقال؟؟

وفي الرياض استنفرت هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محاولة يائسة للسيطرة على الزحام عند محلات بيع الورود التي حققت أرباحاً في ذلك اليوم زادت على مبيعات العام كله.. وقد توقعت أن يصل سعر الوردة الواحدة إلى ثلاثين ريالاً ولكن صديقي "أبو العنود" أخبرني بأنه اشترى باقة ورد بسعر ستين ريالاً للوردة الواحدة. ولتقليب المواجع أخبركم بأن المشاغل النسائية التي تمارس أعمال "الكوافير" ازدحمت في ذلك اليوم من العام الماضي بشكل يفوق أيام الأعياد والمناسبات وأترك لكم حرية تخيل الأسباب. واليوم أدعوكم للتعاون على الحد من هذه الظاهرة.. فما أنتم فاعلون وماذا تقترحون؟

لعلنا نتفق بأن البداية تكون من المنزل حيث يجب أن يحرص الأهل على تثقيف أبنائهم وبناتهم لحمايتهم من التقليد الأعمى، فمن المستحيل أن يقبل المسلم العاقل أن يعبر عن حبه بالاحتفال في يوم يرمز لإعدام قسيس؟! ومن الصعب بعد اشتهار أمر هذا العيد الغريب على ديننا ومجتمعنا أن تقف الأسر موقف المتفرج على المراهقين والمراهقات الذين سيخرجون غداً دون التحقق من مكان وجودهم وكيفية قضاء هذا اليوم الحزين.. نعم إنه "عيد الحزن" من وجهة نظري الخاصة.. ففيه صورة حزينة بتمثيله لأبشع صور التقليد الأعمى، وهو محزن لسلبية كل القادرين على التحرك لمقاومته، وسنعيش قمة الحزن غداً لأن احتفالية شبابنا من الجنسين ستفوق بمراحل ما حدث في العام الماضي رغم ما كتب وما قيل.. وعلى دروب الخير نلتقي.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply