لو تم تعريف الإرهاب ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإرهاب ليس ذلك المصطلح المعقد الذي تعجز اللغات عن استيعابه وتحديد معناه، ومفهومه، وأوجه دلالاته..!

لماذا إذاً هذه المماطلة في الاتفاق على تحديد مفهوم هذا المصطلح رغم وجود الضرورة الملحة لذلك.. ووجود الأطراف العديدة التي تطالب بذلك، حتى لا يؤخذ الصالح بالطالح، والمحق بالمبطل، والمشروع بالمحظور؟!

إصدار قوانين محاربة الإرهاب، وتجفيف مصادر دعم الإرهاب، لم يستغرق سوى سويعات قلائل كما حصل اليوم في مجلس الأمن، بينما تحديد معنى ومفهوم الإرهاب الذي ينبغي أن يُحارب، وأن تُجفف مصادر دعمه، قد مضى على المطالبة بتحديده أكثر من عشر سنوات، وإلى الساعة لم يُحدد.. لماذا؟!

الذي نراه أن الأسباب التي حملت القوم على هذه المماطلة المتعمدة.. يمكن إيجازها في النقاط التالية:

 

1- خشية أن يستفيد المسلمون من تحديد مفهوم الإرهاب.. بحيث يصبح كل ما هو خارج إطار معنى الإرهاب المتفق عليه.. هو مباح فعله.. وفاعله لا يمكن أن يُدرج أو يُلاحق على أنه من الإرهابيين، وهذا مالا يريدونه، ويحذرون منه أشد الحذر!

 

2- خشية أن يستفيد من هذا التحديد لمفهوم الإرهاب حركات التحرر في العالم  وما أكثرها  في جهادهم ونضالهم للتحرر من هيمنة وطغيان واستعباد المستعمر المحتل، وهذا مالا يريدونه!

 

3- تحديد مفهوم الإرهاب، والاتفاق عليه دولياً، يمنع كثيراً من الدول الطاغية أن تمارس الإرهاب بكل ضروبه وأبعاده بحق الشعوب المستضعفة، وبخاصة منها أمريكا وربيبتها دولة الصهاينة اليهود.. وهذا مالا يريدونه! فتغييب تحديد معنى الإرهاب الذي ينبغي أن يُحارب.. يُسهل لقوى الاستكبار الطاغية في الأرض  على نطاق واسع  في أن تتدخل في شؤون البلاد والعباد.. وأن تمارس الإرهاب على أوسع نطاق.. باسم محاربة الإرهاب!

 

4- تحديد مفهوم الإرهاب، والاتفاق عليه دولياً، يلزم بالضرورة إدانة عدد لا بأس به من الدول، والطواغيت الحاكمين الذين يمارسون الإرهاب بكل أبعاده، وعلى رأس هذه الدول أمريكا وربيبتها دولة الصهاينة اليهود..!

فهم لو فعلوا، وحددوا طبيعة الإرهاب الذي ينبغي أن يُدان ويُحارب، لأدانوا أنفسهم، وحاربوا أنفسهم بأنفسهم.. لو صدقوا!

فنحن نتحداهم أن يُخرجوا لنا تعريفاً للإرهاب، يتفقون عليه، من دون أن يكونوا هم أول المتلبسين به قبل غيرهم، ومن دون أن يكونوا قد اقترفوه ومارسوه  في أقبح صوره وأشكاله  قبل غيرهم..!

 

5- تحديد مفهوم الإرهاب، قد يُظهر جهاد ومقاومة الشعب الفلسطيني ضد الصهاينة اليهود على أنه جهاد مشروع لا يندرج تحت مفهوم الإرهاب.. وهذا يكون اعترافاً ضمنياً منهم بأن دولة بني صهيون دولة غازية محتلة.. وهي غير قانونية ولا شرعية.. تستحق الجهاد والمقاومة.. وهذا مالا يريدون أن يقعوا فيه..!

 

لأجل ذلك هم لا يريدون تحديد مفهوم الإرهاب الذي ينبغي أن يُحارب.. ليبقى ما هو محرم على غيرهم مباحاً لهم، وليبقى شعار محاربة الإرهاب، شعاراً مطاطاً يمكِّن القوم من التدخل في شؤون الآخرين كلما لاح لهم أهمية ذلك بالنسبة لأمنهم ومصالحهم الذاتية.. وكل ذلك يتم باسم محاربة الإرهاب والإرهابيين كما زعموا!!

قد هالني تعليق القوم على حدث مفاده أن رجلاً اقتحم مجلس النواب السويسري وقتل منه أربعة عشر نائباً. وجرح العديد منهم، فقالوا: إن هذا ليس عملاً إرهابياً، ولا يرتبط بالإرهاب، ومر الحدث وكأنه لم يكن.. لماذا..؟!

الجواب: لأن الفاعل سويسري، ولم يكن مسلماً، ولا شك أنه لو كان مسلماً لحمِّل هو وجميع المسلمين في الأرض وزر الإرهاب.. والعمل بالإرهاب.. فتأمل؟ كل ذلك يجعلنا نضع عشرات إشارات الاستفهام على طبيعة ونوعية ذلك الإرهاب الذي يجيشون الجيوش، ويعبئون الشعوب لمحاربته واستئصاله، وتجفيف مصادر دعمه؟!

ويجعلنا نجزم  كذلك  أن هذا التنادي إلى مصادرة وتجفيف مصادر دعم الإرهاب.. ما هو في حقيقته إلا دعوة إلى تجفيف مصادر دعم الفقراء والمساكين المشردين في الخيام.. ضحايا الإرهاب الدولي الذي تتزعمه أمريكا وربيبتها دولة عصابات بني صهيون..!

ولو صدقوا في إيقاف دعم الإرهاب، لأوقفوا أمريكا عن دعم عصابات بني صهيون الإرهابية المحتلة لأرض فلسطين، التي تقدم لها في كل عام دعماً بمليارات الدولارات تُجبى كضرائب من الشعب الأمريكي المغفل.. هذا غير المعونات العسكرية المتطورة التي تقدمها لتلك العصابات الصهيونية الموجودة على أرض فلسطين، لتقتل بها الأطفال والنساء، وغيرهم من الشعب الأعزل!.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply