العلمانيون والتطاول الفج على الإسلام والذات الإلهية


بسم الله الرحمن الرحيم

 

* الأزهر يقاضي نوال السعداوي بسبب أفكارها وكتاباتها المسيئة للذات الإلهية والقرآن والأديان السماوية.

* مجمع البحوث الإسلامية رفض تداول روايتها "سقوط الإمام" لما تضمّنته من سخرية وتهكم من كل مفردات التعاليم الإسلامية عقيدة وشريعة.

* أعلنت رفضها لنظام الزواج في الإسلام، وتعده كارثة ومؤسسة عبودية، وتزعم أن التزام المرأة بالقيم الإسلامية ردة حضارية.

* الجمعيات النسائية المشبوهة تعادي النظم الإسلامية وتدعو للخروج على سنن الفطرة، وتتبنى دعوات هدم المرأة والأسرة المسلمة.

* السعداوي تزعم أنه لا علاقة للحجاب بالإسلام، وأنه عادة عبودية، وتعارض نظام المواريث في الإسلام وتطالب بتعديله.

* * *

سئم المجتمع الإسلامي من تلك الأبواق الفارغة من العلمانيين والماركسيين الذين يملؤون الدنيا صراخاً وعويلاً بين الحين والآخر حول صروح الإسلام وثوابته الراسخة، تحت دعوى حرية الفكر والرأي والتعبير، وهم في الحقيقة: يطعنون في الدين، ويتطاولون على الذات الإلهية، ويبيحون لأنفسهم حرية الكفر والإلحاد، ويهدمون الثوابت التي يقوم عليها المجتمع المسلم.

واليوم تطل برأسها فتنةٌ أخرى -ليست جديدة- في نفس مسلسل الطعن في الدين ومعارضة أحكامه وثوابته، وصاحبة هذه الزوبعة دكتورة وكاتبة ماركسية مشهورة بعدائها الصريح للإسلام ودعوتها للخروج على تعاليمه، وترويجها للإباحية الأخلاقية بكل صورها، وهي الدكتورة/ نوال السعداوي رئيسة جمعية تضامن المرأة العربية التي قامت الحكومة بحلِّها منذ سنوات لنشاطها المشبوه.

ففي تطور جديد للحرب المعلنة من السعداوي على الإسلام وثوابته وأخلاقيّاته، وافق شيخ الأزهر الدكتور/ محمد سيد طنطاوي على مقاضاتها بتهمة "الإساءة للذّات الإلهية والقرآن"، وقرّر - عقب اجتماع طارئ مع أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في نهاية فبراير الماضي - التقدم ببلاغ للمستشار عبد المجيد محمود - النائب العام - ضد نوال السعداوي بسبب أفكارها المسيئة للذات الإلهية والقرآن والأديان السماوية.

وناقش أعضاء المجمع برئاسة طنطاوي، مسرحية السعداوي الأخيرة المثيرة للجدل "الإله يقدم استقالته"، وأعدّوا تقريراً عن المسرحية التي طبعتها إحدى دور النشر ووزعت منها أعداداً محدودة، وأكد التقرير إساءتها للذات الإلهية والقرآن الكريم والملائكة وجميع الأديان السماوية.

واتفق العلماء - في اجتماعهم المطول - على التقدم ببلاغ للنائب العامº للمطالبة بالتحقيق الفوري مع نوال السعداوي - الموجودة حالياً في بلجيكا - لتعمٌّدها الإساءة للذات الإلهية، وتكرار هذه الإساءات في أعمالها الأخيرة.

وكانت السعداوي قد كتبت هذه المسرحية قبل عدة سنوات، ولكنها دفعت بها إلى دار النشر قبل أسابيع قليلة، وتوقعت أن تتسبب لها في أزمة مع الرقابة والأزهر والمحامين الذين يستخدمون دعاوى الحسبة لمواجهة الأفكار الجريئة أو المتحررة، لكن الناشر سحب الكتاب من تلقاء نفسه بعد ملاحظات أبداها له صحفيون وأدباء، بأن السعداوي تجسد الذات الإلهية والملائكة والأنبياء وإبليس في هيئة شخصيات تؤدي أدوارها على المسرح، وغاب الكتاب عن معرض القاهرة الدولي للكتاب، لكنَّ نسخاً معدودة منه وصلت إلى بعض الصحف.

 

الطعن وسيلة للشهرة:

ويبدو أن هذه الدكتورة التي بلغت من الكبر عِتِيّاً -77 عاماً- أرادت أن تُحَقِّق لنفسها شهرة واسعة، فلم تجد لذلك وسيلة إلا الطعن في الدين، وهو نفس الطريق الذي سلكه من قبلها سلمان رشدي، وتسليمه نسرين، وفرج فودة، ونصر أبو زيد، وعلاء حامد، فكلهم دخَلوا خندقاً واحداًº بعد أن أصبح الطعن في الدين الوسيلة الأسرع للشهرة في هذا العصر الذي كثر فيه المرتدون والعلمانيون، الذين يحملون أسماء إسلامية ويعيشون بيننا ويحاربون ديننا وعقيدتنا. فالدكتورة نوال السعداوي لجأت إلى إثارة الزوابع حول أفكارها الشاذةº لتصبح حديث وسائل الإعلام بعد أن أَفَل نجمها.

 

السيرة الذاتية تَفُكٌّ الألغاز:

ولعل معرفة السيرة الشخصية للسعداوي يحل الكثير من الألغاز المحيطة بآرائها الغريبة عن مجتمعنا الإسلامي: فهي واحدة من رموز حركة تحرير المرأة التي تموَّل من قبل مؤسسة "فورد كونديشن" التي افتُضح أمرها على يد أعضاء هذه الحركة أنفسهن داخل أروقة المؤتمر الذي عُقد سنة 1986م، حيث تساءلن عن تمويل المؤتمر، فاعترفت نوال السعداوي بأنَّ مؤسسة "فورد كونديشن" الأمريكية، وكذا هيئة المعونة الأمريكية بالقاهرة، وجمعية نوفيل الهولندية، ومكتب اكستوان بالقاهرة، هي التي مَوَّلت المؤتمر.

وُلدت نوال السعداوي بقرية "كفر طلحة" إحدى قرى صعيد مصر، عام 1930م، ودرست الطبّ في جامعة القاهرة، ثمَّ حصلت على الماجستير من جامعة "كولومبيا" في الولايات المتحدة، وبعد عودتها عملت في مستشفى القصر العيني، إلى أن عُيِّنت مديرة للصحة العامة في مصر.

وفي سنة 1972م، نَشرت نوال السعداوي كتابها "المرأة والجنس" وهو كتاب يعِجٌّ بالشذوذ، والخروج على طبيعة العلاقة الشرعية المنضبطة بين الرجل والمرأة خروجاً وقحاً، ويهزَأ بالشرف وعذرية الفتيات، وقد طُرِدت على إثره من وظيفتها في وزارة الصحة، وتركت عملها محرِّرة في مجلة "الصحة"، ومساعدة السكرتير العام لنقابة الأطباء.

وفي عام 1973م، بدأت مرحلة جديدة في حياة السعداوي أكثر تخطيطاً والتصاقاً بالمنظمات المشبوهة، وعملت في أثنائها باحثة في كلية الطبّ بجامعة عين شمس حتى عام 1976م، قامت خلالها بعمل دراسة عن المشاكل النفسية التي تعانيها المرأة، لم يختلف فيها الطرح كثيراً عمّا قالته في "المرأة والجنس".

ولمع نجمها وارتفعت أسهمها حينما أعلنت تمرٌّدها ورفضها للشريعة الإسلاميةº إذ نادت بأعلى صوتها: " أنا ضِدٌّ المهر، أنا ضِدٌّ تعدٌّد الزوجات، أنا مع المرأة المتحرّرة، الزواج بغاء مقنَّع، إذا كان الله قال منذ 14 قرناً مضتº فالأوضاع قد تغيّرت، الحجاب مفهوم عبودي أرفضه"، وهذه الصيحات المعادية للإسلام وللفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، وغيرها الكثير جعلها جديرة بالعمل مستشارة للأمم المتحدة في أفريقيا والشرق الأوسط، من عام 1979م، حتى 1980م.

وفي عام 1980م، اعتُقلت نوال السعداوي مدة قصيرة، استثمرتها فيما بعد - كدأب الشيوعيين والعلمانيين - في الترويج لنفسها والتسويق على أنّها من حملة ألوية الحقوق والحريات والدفاع عن المرأة، فأسَّست منظمة أسمتها: منظمة المرأة العربية الجديدة.

وفي عام 1999م، شاركت في مؤتمر ومظاهرة نسوية - نظَّمها المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة - سبقت إخراج مشروع قانون الأحوال الشخصية، في ذكرى الاحتفال بمرور مئة سنة على صدور كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" الذي صدر عام 1899م.

وفي هذا المؤتمر طالبت السعداوي مع غيرها بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وبحقِّ المرأة المُطلقة في الحرية بجسدها، وبحقِّها في كسر أيّ قيود للرجل عليها، والتخلص ممَّا أسموه: القيود الدينية التي تعيق المرأة عن التقدٌّم!

 

سموم ضد الإسلام:

وقد بدأت الضجة بشأن أفكارها التي تمثّل خروجاً صريحاً على مقتضى الدين وطعناً في ثوابته، منذ سنوات، عندما أدلت بحديث لجريدة "الميدان المصرية" نفثت فيه سمومها ضد الإسلام وأحكامه وشرائعه، فزَعَمت أنه لا علاقة للحجاب بالإسلام وهو عادة عبودية انعكست عن اليهودية، وعارضت نظام المواريث في الإسلام وطالبت بتعديله، حتى تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة، وهو النظام الذي وضعه ربٌّ العزة وحدد أنصبته بنفسه. وقالت: "إن الحج وتقبيل الحجر وثنية". وأعلنت رفضها لنظام الزواج وقالت: "الزواج كارثة، وهو مؤسسة عبودية، والرجل يحترم خطيبته ويحبها وعندما يتزوجها ينتهي الحب".

وبعد نشر هذا الحوار قام المحامي المصري "نبيه الوحش" بتقديم بلاغ للنائب العام ضد السعداويº لأنها أهانت الإسلام والمسلمين والشعب المصري بصفة عامة...وقال الوحش: "أنا لست ضد حرية الإبداع الفكري، ومع فتح باب الاجتهاد في الدين الإسلامي، ولكن إذا وصل الأمر للتطاول على أركان الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية فهنا يجب أن يكون لأي مواطن غيور على دينه موقف حاسم، ولقد قرأت حديث الدكتورة نوال للصحف، واستفزني ما قرأته وشعرت بالخوف على ديني، واستشعرت مدى الهدم لقيم وشرائع وتعاليم الله في القرآن الكريم، وتقدمت فوراً ببلاغ إلى النائب العام ضد الدكتورة/ نوال السعداوي، استندت فيه إلى أنها دأبت على الخروج على قواعد الأخلاق والآداب والتقاليد التي يمتاز بها مجتمعنا الشرقي، والتي نبعت من أدياننا السماوية.

 

دعوى الحِسبَة:

وقد استند المحامي في بلاغه إلى أن المشرع المصري قد نظم قضايا الحسبة، ولم يلغها كما يعتقد البعضº حيث لا يستطيع أي فرد أو أي مؤسسة في الدولة إلغاءهاº لأنها جزء من النظام الإسلامي، وإنما قصرها على أخذ الإذن من ولي الأمرº "لذا قمت برفع دعوى الحسبة المتمثلة في دعوى تفريق بين المشكو في حقها وزوجها باعتبارها خارجة عن دائرة الإسلام، خاصة أنها لم تراجع نفسها، ولم تستتب حتى الآن منذ أن دأبت على بث هذه الأفكار الهدامة التي تؤدي في النهاية إلى إفساد المجتمع بأسره".

ولاشك أن قيام الوحش برفع دعوى الحسبة هذه قد رفع الحرج عن سائر المجتمعº حيث إن الحسبة من الفروض الكفائية التي إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، وإذا لم يقم بها أحد أثم الجميع.

 

هدم الثوابت الدينية:

وإذا وقفنا مع الأفكار التي أثارتها السعداوي في كتبها ورواياتها وفي حوارها الصحفي، والتي استند إليها المحامي في إقامة دعوى الردة والتفريق بينها وبين زوجها، نجدها تهدم الثوابت الدينية التي استقر عليها المجتمع المسلمº ففي معارضتها للحجاب تقول: "حسب ما فهمت من الدين الإسلامي عن أبي، وقراءتي للقرآن أربعين مرة... لا علاقة للحجاب بالإسلام، وهو عادة عبودية انعكست عن اليهودية التي تقول: شعر المرأة العاري مثل جسدها العاري، وفي المسيحية الفاتيكان وفي الكنائس النساء يرتدين الحجاب وترتدي الراهبات الحجابº فلماذا يلصقون الإسلام بالحجاب؟ ".

 

تقبيل الحجر الأسود وثنية:

وعندما سئلت السعداوي عن كون العبادات لا تُقبل بغير حجاب للهº قالت: يرحم الله رابعة العدوية... لم تكن تحج ولا تصلي ولا تصوم، وكانت ضد الشعائر مع ابن عربي، والصوفية كلهم ضد العبادات، وكانت تقول: الله هو الحب، إنما الله مش أروح الكعبةº أبوس الحجر الأسود وألبس حجاب وأطوف، هذه وثنية الحج، هو بقايا الوثنية "!!

وقالت السعداوي: "أنا عارفة إني بافتح النار... لازم الناس تعرف أن الحج وتقبيل الحجر وثنية، والصوفية رفضوا يقبلوا الحجر الأسود... إيه ده؟ مين قال كده؟ أنا عقلي لا يسمح!! وأبويا عقله لا يسمح بهذا، وعاوزه أقول: إن الأخلاق لا علاقة لها بالملابس... وفيه نساء أوروبيات على رأسهم برانيط وأخلاقهم كويسة".

 

معارضة نظام المواريث:

وتعارض السعداوي نظام المواريث في الإسلام وتطالب بتعديله قائلة: "إن آية: {لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ} ينبغي إيقافها مثلما أُوقِفت آيات الرق، فأكثر من 25% من الأسر المصرية تعولها المرأة، و25% يعولها الرجال والنساء، أي أن المرأة تسهم في رعاية الأسرة بنسبة 50%، وعندنا 5% من النساء ينفقن على أزواجهن، فالمرأة الآن تَعُول، وحكمة الإسلام في إعطائه للذكر مثل المرأة مرتينº لأن الرجل كان هو الذي ينفق، لكن عندما أصبحت المرأة مسؤولة عن الإنفاق أصبح من حقّها أن تَرِث... وهكذا فالدين هو العقل... وهناك بُلدان إسلاميّة سبقتنا في ذلك مثل تونس والمغرب".

 

نقل الأعضاء التناسلية:

وتحدثت نوال السعداوي بشأن نقل الأعضاء التناسلية وردود الأفعال على ذلك فقالت: "في رأيي أن بعض المشايخ عندهم لوثة بخصوص التناسل والجنس، ما الفرق بين عضو تناسلي وعضو آخر، أنا بوصفي طبيبة اقترحت نقل الأعضاء التناسلية والمخ والقلب من إنسان لآخرº فلا فرق عندي بين القلب والجهاز التناسليº فكلها أعضاء تمرض، وتحتاج لقطع غيار، فلماذا يفرقون بين عضو في النصف الأسفل من الجسم وعضو في النصف الأعلى؟ وهؤلاء الذين يحرمون نقل الأعضاء التناسلية شوهوا الإسلام، أنا والدي تخرج في الأزهر ودار العلوم والقضاء الشرعي... ثلاث مدارس كبرى في الدين، وعلمني الدين الإسلامي الصحيح الذي يعتمد على العقل".

 

الزواج كارثة!!

وفي تعليقها على الزواج قالت السعداوي: "الزواج كارثة وهو مؤسسة عبودية، والرجل يحترم خطيبته ويحبها، وعندما يتزوجها ينتهي الحبº لأن الرجل يتصور أنه وصي على المرأة فلا تسافر إلا بإذنه، ويطلقها كيف يشاء، ويتزوج عليها كيف يشاء أربعة، أما هي فلا تستطيع... من يقبل هذا، ولا يمكن قبولهº ولذلك أنا كنت ساذجة عندما تزوجت، والحمد لله أني قدرت أخلع اثنين، لكن في الزواج الثالث كنت حريصة جدّاً مع "شريف"، وشعرت أن ورقة الزواج لا قيمة لها وعملناها علشان أولادنا يبقوا شرعيين أمام القانون ورميناها".

وطالبت السعداوي بنسبة الولد لأمه وأبيه وقالت: "ثلاثة أرباع العالم يفعلون ذلك، وإن دعوة القرآن لدعوة الأبناء لآبائهم حالة معينة، فلا ينبغي أن نَأخُذ نصف الآية ونترك نصفها".

 

رواية "سقوط الإمام"

وإذا ما وقفنا عند روايتها "سقوط الإمام" التي رفض مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تداولها منذ مدة، نجد أنها تتضمن اقتباسات عديدة يجمعها عنوان واحد هو "السخرية والتهكم" من كل مفردات التعاليم الإسلامية عقيدة وشريعة.

فقد أكد المجمع أنه لا يحسن أن تكون الرواية في متناول القراءº حفاظاً على الروح الدينية من الضعف والابتذال، وقال في تقريره: "إن الرواية قائمة على عدة أحداث خياليّة، البطل فيها شخصية محورية أشير إليه بكلمة "الإمام"، ومن خلال الأحداث تقوم هذه الشخصية بأفعال لا تتفق مع القيم والأخلاق، ومن هنا جاءت كلمة "سقوط" التي أضيفت إلى كلمة "الإمام" في عنوان الرواية، والمؤلفة أوردت كثيراً من الأفكار التي تنحو نحو الإساءة إلى الإسلام وإلى تعاليمه وثوابته، ويبدو ذلك من خلال الاقتباسات العديدة التي تضمنتها الرواية.

وأوضح المجمع أن عنوان الرواية "سقوط الإمام" فيه دلالة على فكرة تريد الكاتبة أن ترسلها للقارئ الذي تعلم أن لديه خلفية من الإجلال لكلمة "الإمام" حيثما أطلقت... وهذه الفكرة هي عدم الثقة في أولئك الذين تطلَق عليهم هذه الكلمة في المصطلحات الإسلامية، وأن يكون الشك في سلوكهم هو الأساسº ومن ثَمَّ يكون الانصراف وعدم التلقي عنهم.

وأورد تقرير المجمع عن الرواية نماذج من النصوص التي تحمل سخرية وتهكٌّماً بالثوابت والتعاليم الإسلامية، ففي صفحة (18) تقول المؤلفة: "الموت البطيء هو الرعب الحقيقي، يربطونني بالحبال داخل حفرة في الأرض، يقذفونني بالحجارة حجراً وراء حجر، يوماً وراء يوم... إن مات جسمي فلن تستسلم روحي، يرهقهم الرجم بالأحجار قبل أن أموت... يتحول جسدي إلى صخرة يرتد عنها الحجر... " وهي هنا تريد أن تشير إلى "حد الرجم" في الإسلام.

وقد وردت نفس الإشارة من المؤلفة في صفحة (27) حيث تقول: "تبدأ حصة الدين.. يسأل: ما عقاب السرقة؟.. يهتف الأطفال في نفس واحد: قطع الذراع.. وما عقاب الزنا؟ ويرن صوتنا في الفناء: الرجم بالحجارة حتى الموت.. ويدب الصمت حتى يسمع كل منا أنفاس الآخر".

وفي صفحة (96) تقول: "لكل مشكلة حل، والحل الوحيد هو العودة إلى حظيرة الدين والإيمان بالله والرسول، قالوا: والإشعاع النووي ما علاجه؟ قلت: الصلاة وصوم رمضان.. قالوا: ومشكلة الغلاء والجوع؟ قلت: قطع يد السارق وتحجيب النساء".. والتهكم واضح بالفرائض والحدود وتستٌّر النساء.

وفي صفحة (123) جاء في الرواية: " قال: لا يجتمع رجل وامرأة في خلوة غير شرعية إلا والشيطان ثالثهما، قالت: إنه أخي، قال: أنت أخته في الرضاع وحبكما حرام، قالت: لم يكن لنا أم ولا مرضعة وشربنا لبن الجاموسة معاً في بيت الأطفال، قال: جاموسة أو امرأة سيان فهي ترضع، ولها أثداء، وهو أخوك في الرضاع بأمر الإمام، وعقابك الرجم حتى الموت.. " فهل بعد ذلك من تهكم واستهزاء؟

وهكذا تصر السعداوي على إثارة الزوابع حول أفكارها الشاذةº لتصبح حديث وسائل الإعلام بعد أن أَفَل نجمُها، وعندما ينساها المجتمع ويتغافل أفكارَها ويغيب ذكرها عن ساحة الفكر في البلدان العربية والإسلامية سرعان ما تخرج من جديد لتثير الزوابع حول الثوابت الإسلامية وتهاجم الحجاب وتعدد الزوجات ونظم المواريث، كما حدث منذ مدة في حوارها مع موقع "إيلاف" على الشابكة (الإنترنت) الذي هذت فيه هذياناً كبيراً، وتجرأت على العلماء والأدباء وكبار المفكرين. فقالت بالنص: "أنا أهم من العقاد وطه حسين، وأعلم في القرآن من الشيخ الشعراوي، وكتبي تجاوزت قاسم أمين"، "الحجاب مفروض للجواري، ولا أدري لم لا أتزوج أربعة"، "الدين ليس نصّاً... والله ليس كتاباً يخرج من المطبعة"، "(ربنا) لا دخل له بالسياسةº لأنني لا أستطيع أن أعارضه"، "يجب ألا نمشي خلف الرسول في الخطأ"، "(الحج) و(الصلاة) بالطريقة الحالية (غلط)... وتقبيل الحجر الأسود (وثنية) …" إلى آخر الأباطيل التي هَذت بها في الحوار الطويل.

فهل ما تقوله هذه السعداوي يدخل في باب حرية الفكر والرأي؟ أو أنه خروج صريح على تعاليم الإسلام وطعن في ثوابته؟

إن الفرق كبير بين حرية الفكر والإبداع، وبين حرية الإسفاف والدعارة الفكرية، فمن قال: إن تحقير الأديان والمقدسات الدينية بما في ذلك ذات الله - سبحانه وتعالى -، والرسول - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن الكريم، واليوم الآخر، والقيم الدينية... إبداعٌ، فإنه كفر وزندقة، وليس هذا كلامنا - حتى لا نتهم بتكفير أحد - بل كلام علماء الأمة وإجماع فقهائها منذ العهد النبوي وإلى الآن، وما ورد في أفكار السعداوي من استخفاف بالقرآن الكريم، وتطاول على ربِّ العزة، والدعوة إلى الإباحية الجنسية، ومعاداة نظام الزواج ليس إبداعًا، لكنه إسفاف وزندقة، ونوع من الدعارة الفكرية من أسوأ ما يتخيله إنسان منحطّ.

 

الإسلام وحرية الفكر:

إن ما تروِّج له الدكتورة نوال من أفكار -كما قال الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق- يعد خروجاً عمّا هو معلوم من الدين بالضرورة، وينتهك المقدسات الدينية، والشرائع السماوية، والآداب العامة، والقيم القومية، ويثير الفتن ويزعزع تماسك وحدة الأمة التي هي الركيزة الأساسية لبناء الدولة. فمَن مِن البشر يُقِرّ ازدراء الأديان والتطاول على الذات الإلهية تحت مسمى الإبداع الأدبي؟!

وقال د. واصل: "هذه السيدة تحتاج أن أناقشها فيما نُسِب إليها وما قالتهº لأُبَيِّن لها الحلال والحرام فيما قالت به، ولأرشدها إلى ضرورة التخلي عن هذا الكلام الفارغ الذي لا يقول به عاقل أو أميُّ لا يقرأ ولا يكتب... وهي إن أصرت معتقدة ما تقول فقد كفرت بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -º ذلك أنها أنكرت حقائق الإسلام المستقرة، وأما لو كان الخلاف حول قضايا تتعلق بالمعاملات أو قضايا فرعية لقبلناه منها... ثم لماذا تدخلت الدكتورة فيما لا يعنيها؟ ولماذا حشرت نفسها في زمرة العلماء المجتهدين في الدين؟ أنا لا أسمح لنفسي أن أجتهد في الطب بدلاً عن الطبيب، ولا تطاوعني نفسي أن أجتهد في الزراعة عوضاً عن الفلاحº فالأشغال والأعمال تخصص وخبرة ومعرفة وعلم، وأولى للدكتورة أن تفتح كتب الطب لتنظر في أمر داء يفتك بالبشرية لعلها تكتشف علاجاً له، أما أن تلبس قميص الاجتهاد تحت زعم حرية الفكر وحرية الاعتقاد فهذا محض تخريف وهُراء".

فهناك فرق بين الطعن في الدين وبين حرية الفكر، ونحن نؤمن بحرية الفكر ونُقَدّر الحوار والمناقشاتº فلا قيد على حرية التفكير، ولا حجر على اختيار الآراء والأفكار إلا إذا كانت خارجة على الشرعية الدينية أو القانونية، وهذه هي ديمقراطية الإسلام {وَقُلِ الحَقٌّ مِن رَّبِّكُم فَمَن شَاء فَليُؤمِن وَمَن شَاء فَليَكفُر}.

أما الطعن في الدين فهو واضح بَيِّن... والطاعن يَرُدّ على الله أمره ويتهم الله بالجهل، وما قالت به الدكتورة نوال فهو خروج على الآداب العامة وينبئ عن سوء الخلق وقِصَر النظر وضحالة الفكر والبعد عن الموضوعية وعدم فهم مقاصد الدين الحنيف.

وفي النهاية نؤكد أن الشعوب المسلمة والشعب المصري بجميع طوائفه في خندق الرافضين لازدِراء الأديان في الكتابات الصحفية والأعمال الروائية والثقافيةº فهو شعب يَغَار على دينه وعقيدته.

ونحن لا نريد للزوبعة التي أقامتها السعداوي حول أفكارها البالية أن تَتَّسِع عن الحد المطلوب لهاº حتى لا تصبح جنازة حارّة لميت مجهول يلفظ المجتمع أفكاره، فالشعب يفرق بين الرأي الحر النزيه وبين الإسفاف والدعارة الفكرية التي تخترِق كل الخطوط الحمراء، وتتطاول على الذات الإلهية، وتَسُبّ الأديان، وتعتبر الإسلام تخلٌّفاً ورجعية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply