التنصير في بلد الأزهر .. ومخطط الإساءة للإسلام وازدرائه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما زلنا نواصلُ حديثَنا مع القارئ حول التنصير وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي، ونقفُ في هذا المقال مع التنصير في معقل من معاقل الإسلام، وهي مصر بلد الأزهر، التي تمتد الجهود التنصيرية فيها لعشرات بل مئات السنين.

فقضية (محمد حجازي البورسعيدي) الذي تنصّر هو وزوجته على أيدي جماعات التنصير في مصر، بعد أن أغروهما بالمال والثروة والسكن والوظيفة المرموقة والسفر للخارج، تعد مثالا صارخا للحرب المعلنة على الإسلام في الداخل والخارج، والنية المبيتة من منظمات التنصير في مصر للإساءة إلى الإسلام وازدرائه.

 

وبداية لا بد أن نؤكد أن هذا الشاب المرتد عن الإسلام، والذي أغراه المنصرون بمتاع الدنيا الزائل، لا يساوي عند الله جناح بعوضة، بعد أن ضل وأضل، ومَثَلُه عند الله - سبحانه -كما وصفه القرآن- كمثل الكلبº قال تعالي: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 175-176].

وهذا الشاب الضال المرتد التارك لدينه المفارق لجماعة المسلمين، لو أن ردته عن الإسلام كانت بينه وبين نفسه، لانتهى الأمرُ، فعددُ المسلمين في العالم يزيد عن مليار و200 مليون مسلم، ولا يضير الإسلامَ أن يفارقَه مليون ضال أغوتهم شياطين الجن والإنس.

 

ولكن القضية أن هذا القزم البورسعيدي المرتد قد جاهر بردته، وأعلنها على الملأ، لتصبح قضية رأي عام، وتتبارى الصحف والمجلات في نشر تفاصيلها، ويستغلها ضعافُ النفوس من مردة الإنس -أولئك النفر من العلمانيين والماركسيين والشيوعيين والمنصّرين- في الهمز واللمز والإساءة للإسلام، فقد خرج علينا قس مصري يزعم أن الملايين من الشباب في مصر يريدون أن يرتدوا عن الإسلام ويعتنقوا المسيحية، ويسلكوا مسلك محمد حجازي، ولكنهم يخافون من حد الردة المسلط على رقابهم!!

 

وواصل هذا القس ويدعى "الأب يوتا" افتراءاته على الإسلام بقوله: "لقد شن المسلمون حملة مسعورة لتشويه صورة محمد المسيحي، والحقيقة.. فالمسلمون معذورون في ذلكº لأنهم شعروا بالرعب من أن يجاهر مسلم بأنه اعتنق المسيحية، ويرفع دعوى أمام المحاكم، في حين إن الإسلام كان دائمًا مرعبًا لأي شخص يفكر في ترك الإسلام وفي كل مكان وزمان، فالقتل هو الرد على ترك المسلم للإسلام (والشرع يأمر بقتل المرتد عن الإسلام)، وما حدث أيام خليفة نبي الإسلام أبي بكر من قتل ما يزيد على 20 ألفا في يوم واحد من الذين ارتدوا، أوقف انهيارَ الإسلام، وجعل الرعبَ داخل كل مسلم، وبقي الإسلام مبنيًا على الخوف من القتل، لا على الاقتناع به، وهذا سبب بقاء الإسلام إلى اليوم. ومن ثم (فإن مجاهرة محمد المسيحي باعتناقة المسيحية، ورفع قضية، وبهذه الجرأة، قد يشجِّعُ ويقوّي قلوبَ كثير من المسلمين الخائفين لترك الإسلام، ومن ثم ينهار الإسلام)، وهذه النقطة بالذات تذكر المسلمين بانهيار الشيوعية برغم الحكم بالحديد والنار، وأعتقد أنه في يوم من الأيام سينهار الإسلامُ بطريقة قريبة الشبه من انهيار الشيوعية، بعد زوال الخوف من قلوب المسلمين، وهذا هو السبب الرئيس لانزعاج المسلمين من قضية محمد المسيحي وتدخل جميع المسئولين المسلمين في البلد، وعلى أعلى المستويات، وخاصة الأجهزة الأمنية لإنهاء هذه القضية، بعد التحقق من أن الأكاذيب التي رددها الإعلام لتشويه صورة محمد أتت بنتيجة عكسية"!!

وهكذا استغل المسيحيون في مصر قضية محمد حجازي وأخذوا يهرفون بما لا يعرفون عن الإسلام دين الله الحق.

 

• مَن محمد حجازي؟

فمَن (محمد حجازي) إذن ذاك الذي أقاموا له جنازة حارة، وجعلوا رِدته قضية رأي عام، لكي يشعلوا بها نار الفتنة الطائفية في مصر، وهو كما ذكرت نكرة، ولا يساوي عند الله جناح بعوضة؟

من محمد حجازي الذي تسعى بعض المنظمات المسيحية في مصر إلى (تدويل) قضيته، لكي يجعلوا منه بطلا، وهو أهون عند الله من الكلب اللاهثº لأنه انسلخ من الحق ونور الهداية والإسلام بعد إذ جاءه؟

هو شاب ضائع من بين ملايين الشباب الضائعين في مصر الذين يلهثون وراء المال والثراء والشهرة والظهور في وسائل الإعلام، حتى لو كان ثمن ذلك أن يترك دينة ويتنصر أو يصبح شيوعيا أو ماركسيا أو ملحدا لا دين له؟

أليس هذا هو طريق الشهرة الذي سلكه (سلمان رشدي) و(نصر أبو زيد) و(صبحي منصور) و(نوال السعداوي) ومن على شاكلتهم من عملاء الغرب والصهيونية؟

فمحمد حجازي هذا من مواليد محافظة بورسعيد، حصل على بكالوريوس معهد الخدمة الاجتماعية، وانضم لتيارات اشتراكية، ودخل المعتقل باتهامات سياسية.

وتقول بعض المصادر إنه تنصر وهو في العام الدراسي الثاني بالمعهد. وسبق القبض عليه عام 2002 بسبب تأليفه كتابًا ينتقد فيه الدولة والأديان وبعض الرموز الخاصة بها. وهو عضو حركة (كفاية) ببورسعيد. وقد ترك بورسعيد بعد اكتشاف أمر تحوله إلى المسيحية خوفاً من تهديدات عائلته وعائلة زوجته ونظرات المحيطين به.

أما السبب الحقيقي في تحوله إلى المسيحية، فهو سبب لا علاقة له بالأديان على الإطلاق، ولكنه أراد تغيير دينه فقط ودخول المسيحية، حتى يتعرض للاضطهاد في مصر ثم يسافر إلى الولايات المتحدة بمساعدة أقباط المهجر كلاجئ سياسي، وتفتح له أبواب الشهرة والمال والثراء، شأنه شأن معظم من يهاجرون إلى أمريكا ودول الغرب، ممن يعادون الإسلام ويحاربونه، والأمثلة أمامنا كثير لهؤلاء، بداية من (رشاد خليفة) و(صبحي منصور) و(نصر أبو زيد) و(نوال السعداوي).

وهذا ما تؤكده شهادة (محمد فوزي) أحد زملاء محمد حجازي في الدراسة، إذ أكد أنه كان يحلم بالشهرة والتشبه بسلمان رشدي، وكان يتحرش بالشرطة حتي يتم القبض عليه ثم يدعي الاضطهاد، وقال: إن حجازي اشترك في 4 أحزاب معارضة في وقت واحد بهدف تحقيق الشهرة التي يريدها.

 

• تورط منظمات مسيحية:

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل قضية حجازي هذا الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري المصرية، يختصم فيها مع وزير الداخلية المصري بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأحوال المدنيةº لأنه رفض إلغاء كلمة "مسلم" من خانة الديانة في بطاقة الهوية الخاصة به واستبدالها بكلمة "مسيحي".

فإن الذي يهمنا هنا هو تورط بعض المنظمات المسيحية في مصر في تنصير هذا الشاب وغيره من الشباب، فقد قررت نيابة أمن الدولة العليا في 10 من أغسطس حبس (عادل فوزي) ممثل "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" و(بيتر عزت) مصور موقع "الأقباط المتحدون" على شبكة الإنترنت، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وتضمنت لائحة الاتهامات الموجهة إلى كل منهما: ازدراء الدين الإسلامي، وإثارة الفتنة الطائفية، والعمل على تنصير المسلمين، ونشر مواد على شبكة الإنترنت من شأنها إلحاق الضرر بالأمن، ونشر نسخة محرفة من القرآن الكريم.

وجاء في التحقيقات أن المتهم الأول نشر على موقع "منظمة مسيحيي الشرق الأوسط" مواد تشكك في صحة العقيدة الإسلامية وتسخر منها، وتدعو إلى إلغاء خطبة الجمعة بزعم أنها سبب الفتن الطائفية التي تشهدها مصر، كما نشر مواد أخرى مشابهة على مواقع الدردشة التي تناقش العقيدتين الإسلامية والمسيحية، ويعمل المتهمان على ترويج أفكارهما بين المسلمين عن طريق النشر.

وتقدم محمد فوزي النجار، أحد أصدقاء حجازي، ببلاغ إلى مكتب النائب العام عن وجود شبكة تنصيرية تعمل بين القاهرة وبورسعيد واليونان، تغري الشباب بالمال والجنسية اليونانية.

وكشف عن أنه ذهب مع محمد حجازي للغداء في منزل شخص يدعى "بيتر" بحي المطرية بالقاهرة، وأن بيتر وجه انتقادات حادة للإسلام، مستشهداً بفتوى إرضاع الكبير، وأن مضيفهما اصطحبهما إلى مكان قريب يدعى "بيت آيل"، حيث التقيا كاهناً أبلغهما أن الشيطان يتلبس جسديهما، وأنه يستطيع إخراجه، وبعد ذلك قال لهما الكاهن: إذا كنتما خائفين من توابع تحولكما للمسيحية فسوف نحميكما ونرسلكما إلى اليونان لتحصلا على الجنسية اليونانية.

وكشف أسامة الهيتمي (أمين شباب حزب العمل) أن حجازي كان وثيق الصلة بجورج إسحاق المنسق العام السابق لـ((كفاية)) ودفع له إسحاق أجرة المأذون حينما ترك منزله، وجاء إلى القاهرة للزواج من زميلته.

وقال: إن حجازي قضى ليلة واحدة عنده في المنزل، وبعدها لم يره إلا في نقابة الصحفيين، بعد حوالي 5 أشهر، وكانت هيئته قد تغيرت هو وزوجته، وبدا عليهما مظاهرُ النعيم والثراء إلى حد ما، وفسر الهيتمي ذلك بالأخبار التي قرأها بعد ذلك في الصحف عن دخول حجازي المسيحية وتركه الإسلام.

ومن ناحية أخرى اتهمت أسرة محمد حجازي المتنصر، المحامي ممدوح نخلة (مدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان) باستغلال ضعف أحوال ابنهم المادية وإغرائه بالأموال، مقابل اعتناقه الدين المسيحي.

وقامت الأسرة بتحريك دعاوى قضائية ضد المحامي القبطي، واتهمته باستغلال الظروف المعيشية الصعبة للأسرة، وإغراء شاب فقير معروف عنه التدين وحب الإسلام بغرض تنصيره، وأن المحامي القبطي حاول التغرير بالشاب لاعتناق المسيحية، ووعده بالحصول على "جرين كارد" والإقامة في أمريكا كلاجئ سياسي، كما قررت الأسرة في الوقت نفسه تحريك دعوى قضائية ضد ابنها للحجر عليه بتهمة السفه وعدم القدرة على تحمل المسؤولية مع عرضه على طبيب نفسي لعلاجه، وهي دعوى لاقت تعاطفا كبيرا من أهل مدينة بورسعيد شمال القاهرة محل ميلاد الشاب المرتد.

 

• التنصير في مصر:

وهكذا يعمل المنصّرون في مصر، ويستغلون ظروف الشباب المسلم، وما يعانونه من فقر وبطالة، ويقدّمون لهم الإغراءات المادية، ويُمَنٌّونهم بالشهرة والمال والثراء، في مقابل ترك الإسلام واعتناق المسيحية.

وجهودُ التنصير في مصر ليست وليدةَ اليوم، بل تعود لأكثر من مئة سنة، يوم اختارت منظمات التنصير العالمية القس زويمر زعيمًا للمنصرين في الشرق الأوسط، والذي كان يعمل في إرساليات الخليج العربي الأمريكية، ثم أصبح رئيسَ الإرسالية التنصيرية في البحرين.

فمع بداية القرن التاسع عشر، انطلقت إرساليات التنصير الأجنبية في قرى ونجوع مصر تحت مظلة (الامتيازات الأجنبية)، وأدّى حكامُ القرن التاسع عشر في مصر دورًا غريبًا في تمكين الأجانب والمحتلين والمنصّرين من البلاد، وتركوا لهم حرية العمل على إفساد العقائد والتغلغل بين أفراد الشعب.

وهذه الإرساليات التنصيرية تعد امتدادًا لحلقات الحروب الصليبية، ولكن بطرق سلمية، فبعد أن أخفقت الحملات الصليبية في مهمتها، أخذت القوى المسيحية الغربية، تعمل على تحويل العالم الإسلامي إلى المسيحية، أو القضاء على الإسلام فيه باعتباره قوة أساسية، وذلك عن طريق إرساليات التنصير، التي تقوم بمحاولات صليبية لإخراج المسلمين عن الإسلام، وإخضاع العالم الإسلامي كله للغرب وللثقافة الغربية والنفوذ المسيحي.

وبدأت حركة التنصير تظهر أعمالها في مصر، عقب الحملة الفرنسية مباشرة، عندما امتد نطاق نشاطها من جزيرة مالطة عام 1815م إلى الحبشة وفلسطين وولايات دولة الخلافة الإسلامية، التي كانت تضم في ذلك الحين 35 مليون مسلم.

وفي عهد محمد على بدأ إنشاء المؤسسات التعليمية التنصيرية الأجنبية في مصر، وذلك عام 1840م، واتسع نشاط هذه الإرساليات التنصيرية في عهد الخديوي إسماعيل، الذي شجع هذه الإرساليات إرضاءً للدول الأوربية، التي كانت تمده بالقروض التي طلبها، وركزت الإرساليات في هذا الوقت على التعليم، وذلك بإنشاء المدارس والمعاهد المسيحية، التي انتشرت بكثرة في الأقاليم المصرية، ثم على الخدمات الطبية عن طريق إنشاء كتائب طبية للتنصير.

وهكذا وطّدت الإرساليات وجودَها في مصر، وأخذت الحركة التنصيرية تمارس نشاطها من خلال بعض المراكز العلمية الأجنبية، وتحت سمع وبصر الحكومة، وفي حماية الاحتلال البريطاني، الذي سيطرت قواتُه على مقاليد الأمور في مصر منذ عام 1882م وحتى عام 1952م.

ومع بداية الاحتلال عادت الإرسالية الإنجليزية لممارسة نشاطها في مصر، التي أغلقت أبوابها رسميا عام 1862م، وعادت الإرسالية الأمريكية، وجاءت إرسالية مصر البريطانية العمومية عام 1898م، فأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر" عام 1899م، وبدأ كرومر في معاونة الإرساليات التنصيرية الأجنبية، وظهرت الصحافة التنصيرية.

 

• مؤتمر القاهرة التنصيري 1906م:

ولأن المجال كان متسعا لنشاط المنصرين في مصر وللإرساليات التنصيرية الأمريكية وغيرها، التي تمتعت بنظام الامتيازات الأجنبية، انعقد في القاهرة مؤتمرٌ تنصيري، في 4 من إبريل عام 1906م بمنزل زعيم الثورة العرابية "أحمد عرابي"، وفكرة هذا المؤتمر تعود للمنصّر الأمريكي زويمر، الذي ابتكر فكرة عقد مؤتمر عام بالقاهرة، لجمعية إرساليات التنصير العالمية، للتفكير في بحث (مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين).

وقد بلغ عدد مندوبي إرساليات التنصير التي حضرت المؤتمر 62 مندوبا، وكانت جلسات المؤتمر سرية، وتناول هذا المؤتمرُ -الذي استمر خمسة أيام ورأسَه القس زويمر- وسائلَ تنصير المسلمين، وتم وضعها في كتاب خاص، بعنوان "وسائل العمل التبشيري بين المسلمين"، وكتب على غلافه الخارجي "نشرة خاصة"º ليكون مقصورًا على فئة من المنصرين، لما يحويه من مؤامرة خطيرة ضد الإسلام والمسلمين، لا في مصر وحدها، ولكن في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وهذا الكتاب من إعداد المنصّر الأمريكي القس فليمنح.

وتعرض المؤتمر للأزهر، ونعى أن باب التعليم فيه مفتوح للجميع، خصوصا وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجانا، وطالب سكرتير المؤتمر في مواجهة ذلك بإنشاء معهد مسيحي في القاهرة يكون في مواجهة الأزهر. وقد قيل: إن أساس إنشاء الجامعة الأمريكية في مصر كان تنفيذا لتلك التوصية.

ثم عرض المؤتمر لخريطة تنصير العالم الإسلامي في هذا العصر، وقدم القس زويمر رئيس المؤتمر، بمعاونة بعض زملائه كتابًا بعنوان: "العالم الإسلامي اليوم"، أشار فيه إلى صلابة عقيدة المسلمين وقال: "لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد، أعظم من عقيدة الدين الإسلامي، الذي اقتحم قارتي آسيا وأفريقيا، وبث في مئتي مليون من البشر عقائدَه وشرائعَه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية".

وقدم زويمر بعض النصائح للحاضرين في هذا المؤتمر من بينها:

أ- وجوب إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداءهم.

ب- يجب تنصير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهمº لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحدُ أعضائها.

وأخيرا بشَّر المنصرين ألا يقنطوا، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وإلى تحرير النساء.

وها هي ذي نتيجة مؤتمر القاهرة التنصيري، وما تقوم به إرساليات التنصير، فمصر اليوم -وهي أكبر دولة إسلامية في الشرق الأوسط من حيث عدد سكانها- توجد بها الجامعة الأمريكية وجامعة سنجور الفرنسية التي افتتحت منذ سنوات بالإسكندرية، كما يوجد بها مئات المدارس المسيحية التي تؤدي دورًا تنصيريًا خفيًا.

وقد تم الحصول على وثيقة منذ سنوات تكشف لأول مرة عن جمعية تسمى "جمعية الصعيد المسيحية" تدير عدة مدارس ومؤسسات مختلفة في مصر بتشجيع من السفارة الأمريكية، وظهرت إلى عالم الوجود مؤسساتٌ ثقافية ومكتبات تعرض الكتب التنصيرية بأبخس الأثمان، كما بدأت الكنائس البروتستانتية تمارس دورًا خطيرا في الحركة التنصيرية وفي مقدمتها كنيسة قصر الدوبارة القريبة جدًا من مبني السفارة الأمريكية في جاردن سيتي بالقاهرة.

وقد تضمن كتاب "العالم الإسلامي اليوم"، الذي وضعه زويمر في أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، فصلا عن ملخّص أعمال المنصّرين البروتستانت في مصر والوسائل التي يتذرعون بها والنتيجة التي توصلوا إليها. ففي مدارس المنصرين في القطر المصري كما ذكر الكتاب 3000 طالب مسلم، وخمس هؤلاء من البنات المسلمات. وكانت نتيجة هذه المجهودات، أن تنصر مئة وخمسون مسلما مصريا، وأهم ما وقع من ذلك كان عام 1903 و1904م، فقد تنصر في الأولي 14 شخصا وفي الثانية 12 شخصا.

 

• معاهد تنصيرية:

وأهم معاهد التنصير في مصر، هو المعهد الذي أسسته جمعيةُ اتحاد مبشري أمريكا الشمالية سنة 1854م، وفي سنة 1882م تأسس في مصر معهدٌ علمي للتنصير تابعٌ لجمعية تنصير الكنيسة، وله أربعة أفرع: الأول قسم طبي، والثاني مدرسة للصبيان، والثالث للبنات، والرابع لنشر الإنجيل، وينشر مبشِّرو هذا المعهد مجلة أسبوعية، ولهم مكتبة خاصة بهم.

وبعد المعهدين السابق ذكرهما، تأتي "جمعية تبشير شمال إفريقيا"، وهذه الجمعية أسست معهدًا في مصر سنة 1892م، وأهم وظائفها تنصير المسلمين، ولها ثلاثة وكلاء في الإسكندرية واثنان في شبين الكوم، وأعمال هذا المعهد مقصورة على فتح المدارس لتعليم الإنجيل بوجه خاص، وأن يزور المبشراتُ منازل المسلمين ويجتمعن بنسائهم، وأن يوزعن المؤلفات والكتب التنصيرية على المسلمين، وأن يلقين محاضرات دينية لدرس الإنجيل في أيام الأسبوع.

وفي سنة 1898م تأسست "الجمعية العامة لتبشير مصر"، وغايتها تنصير المسلمين أيضا، ولها معاهد في الدلتا والسويس، وتدير مدارس للصبيان والبنات، وتبث فيهم مبادئ النصرانية، ولها خزائن كتب تحوي كتبا عربية ذات علاقة بالإسلام، ولها أيضا مجلة شهرية منتشرة جدا وخاصة بين المسلمين.

وأقل إرساليات التنصير أهمية في القطر المصري الإرسالية الهولندية التي توطنت في قليوب، وفي مدارسها المتعددة تلاميذُ من كل المذاهب، وهي تنشر الإنجيل في القرى بواسطة بائعي الكتب، ومن أعمالها: أنها أنشأت ملجأ للأيتام، وجهودُها موزعة بين الأولاد المسلمين والنصارى على السواء.

 

• وثيقة سرية:

وأمامنا وثيقة سرية عن نشاط المسيحيين في مصر، وهي عبارة عن تقرير لاجتماع سري عقده البابا شنودة مع القساوسة والأثرياء بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية في 5 مارس 1973م، وسجلته الأجهزة الخاصة.

وقد بدأ البابا شنودة كلمته أمام الاجتماع بأن بشر الحاضرين بأن كل شيء يسير على ما يرام حسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد.

وتحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يلي:

1- عدد شعب الكنيسة:

صرح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة (يلاحظ أن ذلك عام 1973م).

والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات، وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة، والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذا العدد هي بين 12-15 سنة من الآن.

ولذلك فإن الكنيسة تحرّم تحديد النسل أو تنظيمه، وتعد كل من يفعل ذلك خارجا عن تعليمات الكنيسة، ومطرودا من رحمة الرب، وقاتلا لشعب الكنيسة ومضيعا لمجدة، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة من الخطوات لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يلي:

أ- تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.

ب- تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصة وأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض الخدمات الصحية تتبع شعب الكنيسة.

ج- تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة، بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.

د- التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا المسيحي على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين.

هـ- تشجيع الزواج بالسن المبكر بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية.

و- تحرم الكنيسة تحريما باتا على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، ويعد من يفعل ذلك من الآن مطرودا من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الإمكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي، وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين، والغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي.

2- اقتصاد شعب الكنيسة:

وعن اقتصاد المسيحيين في مصر قال البابا شنودة: إن المال يأتينا مما نطلب، وأكثر مما نطلب، من ثلاثة مصادر هي: أمريكا والحبشة والفاتيكان، ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي.

كذلك يجب الاهتمام بشراء الأراضي وإعطاء القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 60% من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها في المستقبل يركز على إفقار المسلمين، ونزع الثروة من أيديهم بالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا. لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة والتنبيه عليهم مشددا من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصاديا والنهي عن التعامل معهم تماما إلا في حالات الضرورة، وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة، وكذلك مقاطعة العيادات والمستشفيات التي يملكونها والمحلات التجارية والجمعيات الاستهلاكية ما أمكن، وما دام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم، وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم والتعامل مع الصناع والحرفيين المسيحيين، ولو كلف ذلك الفرد الجهد والمشقة.

3- الجانب التعليمي:

وأما التعليم فقال البابا شنودة: يجب الاهتمام بالسياسة التعليمية حاليا في الكنائس مع مضاعفة الجهد، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية كالتي تقوم بها كنائسُنا، وذلك سيجعل مضاعفة الجهود المبذولة أمرًا حتميا حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات وخاصة الكليات العملية. ولقد وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من 60% من الشعب المسيحي.

4- التبشير:

وعن التبشير الذي تقوم به الكنائس في مصر قال شنودة: يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، والخطة التنصيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز على التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، وألا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين وتشكيك الجموع الفقيرة في كتابهم وفي صدق نبيهم. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة "لبقة ذكية" حتى لا يكون ذلك سببا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهمº لأن هذه اليقظة من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء.

لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم. كما تم التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية وتهنئتهم بأعيادهم وإظهار المودة والمحبة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك بإظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين.

ثم قال البابا شنودة: "إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه "يقصد المسلمين" من نكسة ومحنةº لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم أو الحرب".

وقد أصر البابا على أن يتقدم رسميا إلى الحكومة المصرية بالمطالب التي عددها في الآتي:

1- أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.

2- أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة.

3- أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.

4- أن يحدد لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء مجالس المدن.

5- أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.

6- أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص.

7- أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم. وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيطَ هذه الجامعة، وهي تضم معاهدَ للاهوت والكليات العملية والنظرية.

وهكذا يفكر المسيحيون في مصر، ويخططون منذ ما يقرب من 35 عاما، ولعل مطالبهم هذه قد تحقق منها الكثيرُ، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وها هي ذي جهودهم التنصيرية واضحة، ويبذلون في سبيلها الغالي والرخيص، لكي يحاربوا الإسلام من خلال أبنائه الذين يغرونهم بالمال والشهرة والثراء.

 

------------------------------------------

• المراجـع:

1- الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر الدكتور خالد محمد نعيم دار المختار الإسلامي القاهرة 1988م.

2- أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي الدكتور علي جريشة ومحمد شريف الزيبق دار الاعتصام الطبعة الأولى القاهرة.

3- ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن التبشير والنصرانية محمد السليمان الجبهان الرياض 1976م.

4- الزحف إلى مكة الدكتور عبد الودود شلبي دار الزهراء للإعلام العربي الطبعة الأولى القاهرة 1989م.

5- الغارة على العالم الإسلامي أ. ل شاتليه.

6- حبس عادل وبيتر المتهمين بتنصير ((حجازي)) 15 يوماً - جريدة المصري اليوم - 11/8/2007م.

7- موقع منظمة أقباط الولايات المتحدة - 6/8/2007م.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply