منصات الهجوم على الفكر الإسلامي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن تتبع الأفكار المنحرفة ونقدها أمر شاق إن لم يكن متعذرا في زمان تمُدنا فيه المطابع والفضائيات وشبكات الإنترنت بأمواج من هذه الأفكار التي يجب أن نحصِّن منها أمتنا.

 

ولكن الأمر الذي يستطيع المهتمون من العلماء والمفكرين أن يفعلوه هو أن يملّكوا الأمة معالم كلية وضوابط جامعة تستهدي بها في اكتشاف مواضع الخلل والزيغ وفضح المدنسين والمدلسين.

 

وقد كان علماؤنا قديما يفعلون هذا ويذكرون علامات أهل البدع والأهواء، وقد ألّف الإمام ابن القيم كتاباً (المنار المنيف) ذكر فيه قواعد كلية تملّك القارئ الحصيف مهارة في معرفة الحديث الموضوع والضعيف دون نظر في سنده.

 

وفي هذه المساحة الصغيرة في (المحرر) نحاول أن نلقي الضوء على بعض المعالم التي يلتقي عليها المنحرفون من أبناء زماننا، أولئك الذين يريدون أن ينطلقوا من داخل الفكر الإسلامي ليقوضوا بنيانه من القواعد.

 

أول معلم بارز من هذه المعالم هو التواطؤ على تحقير تراث الأمة وازدراء رجالها.

 

فالمنحرفون من أهل زماننا لا يشغل بالهم شئ سوى الحرص على أن يحُولوا بين الأمة وبين الارتباط بتراث سلفها الصالحº لأنهم يعلمون أن الحاجز المنيع الذي يقف أمام شيوع أفكارهم المنحرفة هو تقدير الأمة لفقهائها الكبار الذين ارتضتهم أئمة هدى ومشاعل نور. ومن الزيف الكبير الذي يمارسه هؤلاء المنحرفون أنهم يصورون للناس أن معركتهم مع تراث الأمة معركة بين القديم والحديث، وهذا من الزور الذي لا يمكن أن يصدقه أحد لأننا نراهم في كل المحافل أكثر الناس حماسا للدعوات الداعية لربط الأمة بتاريخها القديم الذي يرجع بها إلى عصور الوثنية الأولى، فمنهم- مثلا- من دعا صراحة إلى أن يكون الفن الفرعوني أحد عناصر الغذاء الروحي والعقلي لشباب مصر.

 

إن تواطؤ المنحرفين على تسفيه تراث الأمة سلوك لا يصدر إلا عن عقدة نفسية سببها الخسة والوضاعة كما يقول شكيب أرسلان، وقد صدق - رحمه الله - في ذلك لأننا رأينا أن المسفهين لتراث الأمة الداعين للتطاول على رجالها هم أكثر الناس تبجيلا للغرب ومفكريه، فالذي قال لنا إن نهضتنا العربية لن تبدأ إلا إذا تجاوزنا تراث السلف هو الذي قال: (لولا الغرب ورجاله ومفكروه لتعرت حياتنا الفكرية على حقيقتها فإذا هي حياة لا تختلف كثيرا عن حياة الإنسان البدائي في بعض مراحلها الأولى)..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply