إنفاق للصد عن سبيل الله أسماء وأرقام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"...ولن نجيبهم بأكثر من حقيقة واحدة لن يستطيعوا إنكارها تتمثل في: أن جميع القوى العالمية تدرك الدور الكبير للمال وتدرك قدرته الهائلة على تنفيذ أجندته الخاصة في البلاد التي يُنفق فيها... "

طفت على السطح مؤخراً (فقاقيع) المستغربين، واعتلت المنابر الإعلامية مرتزقة تحمل أقلامها المسعورة للطعن في الثوابت ما استطاعت، تم اختيارها بعناية فائقة، ثم تم الزج بها إلى مسارح الإعلام لتؤدي دورها المعد سلفاً، فأصبحت أداوتاً محلية تُدار وفق أجندة دولية، حيث سعت سعياً حثيثاً لتقليص هيمنة الإسلام والسعي في تغيير ثوابته من خلال نشر مخطط تغريبي مشبوه.

 

ولاشك أن تعرية هذا الفكر، والجهات التابعة له، و متابعة عمالته للأجندات التي تخالف دين الأمة وهويتها وثقافتها أمر غاية في الأهمية، وبقدر المقدرة على بيان خفايا هذا المسلك الفاسد وتوضيحه لعامة الناس يتحدد موقف الكثير من المسلمين تجاهه من نبذ ومجافاة.

 

فعندما نرى حال كُتَّابنا وكاتباتنا الذين لا يألون جهداً في كتابة عدد من المتناقضات والتي تحمل كلمات متلبسة برداء الثقافة الاجتماعية وتغليبها على الشريعة الربانية، حتى أننا عندما نقرأ لهم نحسب أن الواحد منهم أجهل من الجهل نفسه، أو مستغرباً أكثر من الغربيين أنفسهم!، هذا عدا أنهم يسعون لعقد اللقاءات، والندوات، وورش العمل التي تدعم أفكارهم هنا وهناك، كل ذلك يتم برعاية وتأييد متواصل يحظون به من عدة جهات غربية!.

 

وسيتبادر إلى أذهان العقلاء - فقط - أسئلة منها: من أين يأتي لهم هذا الدعم؟ وما طبيعته؟ وما هي الأهداف المًخطط لها والتي يسعون عبثاً لتحقيقها؟، وهل هناكَ أرقام يمكن رصدها فعلاً في هذا الصدد؟!

 

ولعلنا نلقي الضوء على شيء من ذلك: فقد تم صرف أرقام خيالية من الدولارات الأجنبية لدعم الأجندة النسوية والمضي قدماً لتحقيق أهدافها من خلال تقديم المنح للأدوات المحلية التي باعت دينها بعرض من الدنيا، ومحاولة خلخلة المنظومة الإسلامية وقولبتها قيمياً، وذلك من خلال تذويب الكيان الأسري عملياً، ودفع المرأة المسلمة إلى ميدان لا أخلاقي دون هوية تستند إليها! فتوالت تلك الشنشنات التي تسيدتها كلمات تنادي بحرية المرأة وتمكينها من العمل، زاعمين أن نصف المجتمع معطل وهم يسعون لجعله يعمل مجدداً من خلال تحريرهم لها!، وكأن المرأة لاتعمل لدينا، أو لا يمكنها العمل حتى تتخلى عن ثوابت دينها، علماً أن المرأة في بلادنا ولله الحمد تقبض راتباً كاملاً مقابل عملها، وليس ما يقارب 6% مما يقبضه الرجل الغربي، كما في أمريكا مثلاً: (حتى تحصل المرأة على نفس الراتب الذي يحصل عليه نظيرها الرجل يتوجب عليها أن تعمل طوال العام بالإضافة إلى أربعة أشهر أخرى! ) "مايكل مور، رجال بيض أغبياء"

 

فهل يسعى الغرب فعلاً إلى تمكين المرأة العربية وتحريرها وتفعيل دورها؟! ما تريده أمريكا من إطلاق هذا المشروع هو شيء آخر يتخفى تحت هذه الشعارات البراقة، يتلخص في ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية، ولا شك أن الأسرة الإسلامية المتماسكة هي أهم مواطن هذه القوة والمرأة المسلمة أحد أركانها، فكل المؤشرات تدل على أن الغرب يريد أن يسوّق إلينا قسراً قوانيناً تهدم كيان الأسرة، بحجة أنه يريد أن يسوق إلينا الحضارة والديمقراطية!!

ولاشك أن هناك فلسفة غربية تقف وراء ذلك، لا تخفى على كل من يريد تتبع الحقيقة، وسأكتفي بإيراد قول صريح للرئيس الأمريكي " نيكسون " خلال حملته الرئاسية: (يجب أن نتذكر أن الغرض الرئيسي للمعونة الأمريكية ليس مساعدة الشعوب ولكنها مساعدة لأنفسنا) " تقييم أداء المعونة الأمريكية، ماجد رضا، صـ 97.

ولتسهيل وصول المعونات قامت بعض الجهات التي سأذكرها لاحقاً بفتح مكاتب رسمية لها في البلدان العربية، والبعض الآخر تمارس أعمالها بالخفاء تحت صبغة ظاهرة محلية بيد أدوات خانت نفسها ودينها ووطنها من أجل الدولار ولا غير!

 

ومن أهم المؤسسات التمويلية الدولية التي تربعت دولارتها في جيوب المرتزقة:

1- مؤسسة فورد فونديشن: وهي من أنشط المؤسسات التمويلية التي تدعم الحركة النسوية والتي وصفها " رفعت سيد أحمد" بــ (أخطر مؤسسات التجسس العلمي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية) " اختراق العقل المصري صــ 59 ".

ويؤيد ذلك ما طرحته " سناء المصري " في كتابها تمويل وتطبيع (هذه الإعانات ظاهرها المساعدة الإنسانية، ولكنها في حقيقة الأمر استخدمت هذه المساعدة لدعم بحوث ودراسات تقدم عن المجتمعات التي يُراد اختراقها حيث تنتهي كلها إلى مكاتب المخابرات الأمريكية) صـ 66.

وقد مولت فورد فونديشن سفر الناشطات إلى المؤتمرات النسوية العالمية، وسخاؤها معلوم لجميع العاملين والعاملات في الحقل النسوي حيث بلغ إجمالي ما قدمته المؤسسة عام 2م 7. 5 مليار دولار، ويمثلها هنا مركز ابن خلدون الإنمائي برئاسة " سعد الدين إبراهيم " الذي حاكمته الحكومة المصرية بتهمة تلقيه مساعدات أجنبية!!

 

2- منظمة الأمم المتحدة للتربية و والعلوم والثقافة - اليونسكو: حيث تهتم بتطوير مناهج التعليم لدينا، وذلك بشرط أن يتفق ذلك مع أجندة الأمم المتحدة، و هذه المنظمة تدعم من يأخذ بزمام الحديث عن مناهجنا - الدينية تحديداً - واتهامها بدعمها للإرهاب، ويذكر " غراهام هانكوك " أن اليونسكو تنفق من أجل ذلكَ 8% من ميزانيتها التي تبلغ 37 مليون دولاراً.

 

3- الأميدست: هدفها نشر ثقافة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من خلال البرامج التثقيفية وتمويل الأبحاث، وزاد اهتمامها في السنوات الأخيرة بالبرامج النسوية، وقد حضرتُ ذلك شخصياً من خلال عدة حلقات نقاش ودورات تثقيفية تبجل الثقافة الغربية منها لقاء كان بعنوان (اتجاهات الفتيات السعوديات نحو قيم التحديث) حيث تم عقد مقارنة بين مجتمعنا والمجتمعات الغربية المقدسة عند فاقدي الهوية وفاقدي القيم السوية كعبدة الدولار!

 

4- الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية - USAID: وهي الوكالة الرئيسية التي تطبق المعونة الثنائية الأمريكية، وتقدم القروض والمنح للمشروعات في الدول العربية في مجالات عدة منها: المرأة، وهذه الوكالة يقول عنها نبيل عبد الفتاح: (إن معوناتها ليست هبة، وأن هناك ثمناً باهظاً دُفع ويُدفع، وأنها مستودع ضخم لنقل المعلومات إلى أجهزة صنع القرار الأمريكي) " رفعت سيد أحمد، علماء وجواسيس، صـ 128 ".

 

5- برامج مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية: حيث خصصت الولايات المتحدة مبلغ 2 مليار دولار ربعها ذاهبة لمشروعات نسوية، بهدف تعزيز آليات المساواة بين الجنسين، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من خلال اتفاقيات (الجندر، السيداو)، وتعزيز الإحصاءات والعاملين في مجالها وذلك للحصول على صورة خاصة بالمرأة المسلمة في الشرق الأوسط وبالتالي بناء برامج خاصة لقولبة اجتماعية عبر بوابة المرأة ولاغير! بل ويؤكد موقع (MEPI) التابع لوزارة الخارجية الأمريكية: أن الفرص الحالية للتمويل تتنوع مقادير المنح فيها، وتتراوح من فئة الاستجابة العاجلة (عادة من 2. إلى 9. دولار) إلى منح رئيسية أكبر على مدى عدة سنوات وبعدة ملايين من الدولارات عادة.

فالمرتزقة بالطبع لا يكون دخلهم معتمداً على وضعهم المادي أثناء العمل، بل يخططون لما بعد التقاعد، فانظروا إلى ما يقول هانكوك: (ومن غير المستغرب أن هؤلاء المرتزقة الذين يأخذون أموالاً عالية قد رتبوا أمورهم لينتفعوا من هذه المزايا، حتى لو أعفوا من خدمتهم الأساسية، فعلى سبيل المثال تصل الفوائد لما بعد الخدمة في المتوسط لربع مليون دولار للفرد) " سادة الفقر، هانكوك، صـ45 ". وبعد هذه الأرقام

وبعد هذه الأرقام والإحصائيات هل زال تعجبك من تجاوزات هؤلاء المرتزقة؟

 

ولا أجد لهم وصفاً أصدق من تشبيههم بهواتف العملات فبقدر ما يوضع في حصالتها تزداد تجاوزاتها، وبقدر(دهن السير) كما يُقال، تجد الطعن في المناهج الدينية وفي الثوابت والدندنة على قضايا المرأة وغيرها، لاسيما أن المثل الإنجليزي يقول: إن العجلة التي تصرخ كثيراً تُعطى شحماً! بل إن بعض هذه الأدوات دافعت عن تلك الإعانات بوصفها بالبريئة وتساءلت بكل بجاحة: لماذا نغلق الأبواب في وجه الدعم المادي الغربي الذي يُراد به تطوير بلادنا، ولماذا ترفضون التحضر، ولماذا تريدون قمع نسائكم و.. و.. الخ.

 

ولن نجيبهم بأكثر من حقيقة واحدة لن يستطيعوا إنكارها تتمثل في: أن جميع القوى العالمية تدرك الدور الكبير للمال وتدرك قدرته الهائلة على تنفيذ أجندته الخاصة في البلاد التي يُنفق فيها، ولا أدل على ذلك من وقوف أمريكا بكل ما أوتيت من قوة أمام المؤسسات الخيرية الإسلامية حتى لا تتصادم جهودها مع الجهود الصليبية هناك، حيث ضيقت عليها وعلى نشاطاتها بشكل كبير، وأغلقت عدداً كبيراً منها، والبقية أخضعتها للإشراف المباشر والمتابعة الدؤوبة، فهل بلاد المسلمين أقل حرصاً على إسلامهم وسلامة شعوبهم من الصليبين على كفرهم؟!

 

وختاماً: أؤكد على أن أمتنا الإسلامية اليوم في أشد الحاجة لاستحثاث همة صاحب القلم، و صاحب العلم، وصاحب الفكر، بل ويمتد الأمر للخاصة بعد العامة، ليقفوا جميعاً يداً واحدة، وصفاً واحداً أمام تلك المحاولات البغيضة والتي تريد بنساء أمتنا الفساد والانحلال، ولا سبيل إلى دحرها بعد اللجوء للمولى - سبحانه - واستمداد عونه إلا بالعمل الجاد الهادف وفق خطط مدروسة مبنية على تحليل الواقع واستشراف المستقبل، لتكون الجهود في اتجاه واحد يجمعها هدف واحد متمثل في تعرية جذور هذا النبت الفاسد قبل فروعه!

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply