قناة البحرين .. إحدى ثمار دافوس المرة !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سيكون مشروع قناة البحرين "ربط البحر الميت بالبحر الأحمر" بين الأردن والكيان الصهيوني أهم بند على جدول أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد الجمعة في منطقة البحر الميت.

 

هذا المشروع هو إحدى نتاجات التطبيع المحموم بين عمان و" تل أبيب".. يبشر به المسؤولون في الطرفين على أنه مشروع اقتصادي عظيم سيعود بالنفع على الجميع.. والحقيقة أن هذا المشروع من أخطر المشاريع "الإسرائيلية" على اقتصاديات وثروات الدول العربية.

 

بعيداً عن تأثيرات ومخاطر "قناة البحرين " سياسياً بما يمثله من بوابة تطبيع "إسرائيلي" رسمي مع الدول العربية.. فإن الخطر الاقتصادي أكثر أهمية.

 

القناة المنوي شقها بين البحرين ستكون بطول 180 كم تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت لتتدفق عبرها ملايين الأمتار المكعبة من المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت.

 

احد أهم الخبراء العرب والأردنيين د. سفيان التل (ممثل الأردن لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة) أصدر غير مرة تحذيرات من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمشروع قناة البحرين.

بيئيا يقول الخبراء: إن كارثة حقيقية ستنشأ بعد الشروع في قناة البحرين والمتضرر الوحيد هو الجانب الأردني والدول العربية بالضرورة في حين أن الجانب الإسرائيلي لن يلحقه أي ضرر، وقال: إن المشروع سيتسبب في إغراق أراضي أردنية نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، وغمر منشآت ومرافق سياحية ومواقع أثرية، وإغراق بعض الطرق، وإحداث أضرار كبيرة بشركة البوتاس الأردنية، ومشاريع استغلال المعادن واستخراج النفط والغاز الطبيعي.

 

وبخصوص الأبعاد السياسية والاستراتيجية للمشروع فإن الأمر بحسب الخبراء يهدف إلى خلق واقع ديمجرافي جديد في المنطقة، وبناء المستعمرات وجلب المزيد من المهاجرين، وخلق رافد بشري مستمر للقوى العسكرية "الإسرائيلية" وتزويدهم بالطاقة الكهربائية والنووية المولدة واستغلال الصخور الزيتية وإنتاج 20 ألف برميل زيت يومياً وإقامة مجموعة من البحيرات الصناعية واستغلالها للغايات السياحية ولتربية الأسماك والجمبري، وإقامة حوالي 100 مستوطنة زراعية على امتداد النقب الشمالي ورفد البحر الميت بالمياه تعويضاً عن تحويل مجرى نهر الأردن وإقامة أربعة مفاعلات نووية متعددة الأغراض، وستعمل القناة على استغلال الثروات الطبيعية والمواد الأولية غير المستغلة في جنوب فلسطين، وفتح آفاق شاسعة لتطوير القاعدة الصناعية في "إسرائيل"... كفة الميزان إذا في هذا المشروع تميل تمام لصالح "إسرائيل" دون أن نلحظ أي فائدة مرجوة للعرب أو للأردن تحديداً.. لا اقتصادية ولا سياسية ولا حتى إستراتيجية!

 

المثير في الأمر الأهداف المرجوة "إسرائيلياً" من خلال تنفيذ مشروع قناة البحرين وضعت قبل نحو 15 عاماً.. فثمة خلفيات تاريخية لدى الكيان الصهيوني في تلك المنطقة.

 

فالحركة الصهيونية منذ نشأتها كانت تقوم بدراسات ومسوحات كثيرة للسيطرة على الثروة المائية في المنطقة بما يخدم أهدافها التوسعية حتى إن الشعار الذي تبنته «إسرائيل» والموضوع على علمها بين الخطين الأزرقين (ارض إسرائيل من الفرات إلى النيل) يؤكد أن مطامعهم بالمياه العربية شاملة.

 

بتفصيل أكثر.. عمدت الدولة الصهيونية إلى دراسة أكثر من 26 مساراً لهذه القناة، ابتدأت بالربط بين الميت جنوباً وبحيرة طبريا، ثم مسار آخر يربط المتوسط وشمال الميت، أما المسار الثالث فهو مشروع القناة "الإسرائيلية" التي تربط البحر المتوسط من منطقة أشدود (شمالي رفح) إلى البحر الميت مقابل منطقة بيسان وهو المشروع الذي اعتمدته «إسرائيل» وشكلت له لجان عمل، وبدأت تل أبيب بالعمل الجدي في المشروع عام 1981م، وأسست شركة لهذا الغرض سميت بشركة البحر الأبيض - البحر الميت وبوشر بالعمل التنفيذي في منتصف عام 1981 م من منطقة البحر الميت وفي عام 1983م احتفلت «إسرائيل» بوضع حجر الأساس بعد أن شكلت لجاناً وباعت سندات "إسرائيلية" في مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.

 

سياسياً فإن القناة تعد مشروعاً "إسرائيلياً" أمريكيا سيقام على أرض أردنية ليخدم السياسة الأمريكية في دعم "إسرائيل" وتوسيع رقعتها، ولأنه سيكون للكيان الصهيوني حصة في المياه المالحة والمحلاة والطاقة المولدة، أي سيكون جزءاً من مصادر المياه والطاقة "الإسرائيلية" في أرض أردنية، بالتالي فللكيان الصهيوني الحق بادعاء حماية القناة من (الإرهابيين) أو أية أعمال تخريبية متوقعة الأمر الذي سيتعرض للسيادة الأردنية وينتهكها.

 

عربياً.. يبدو الأمر كارثياً فيما يتعلق بالضرر الناتج عن هذه القناة على بعض العواصم العربية فقناة البحرين ستنافس قناة السويس المصرية بقوة إذ تشتمل المرحلة الثانية من المشروع على عمل قناة مكشوفة بطول حوالي 20كم وعرض 25م.

 

المستغرب حقيقة هو موقف الأردن الرسمي تجاه هذا المشروع والإصرار على تنفيذه بالشراكة مع "إسرائيل" رغم أضراره ورغم اعتراضات كثيرة من الدول العربية خاصة الدول المجاورة.

 

فالأردن ليس ملزماً بتصحيح كل الأخطاء التي ترتكبها "إسرائيل" من قبيل مسؤوليتها عن انحسار البحر الميت بسبب تحويلها لمجرى نهر الأردن.

 

أما أبسط قواعد الإستراتيجية العسكرية والسياسية فتقول: إنه لا يمكن لنا أن نضع مصادر المياه الحلوة والطاقة المخصصة لـ "إسرائيل" في الأراضي الأردنية لما في ذلك من مخططات توسعية "إسرائيلية" مقبلة وبعد أن كان الأردن من اشد الرافضين والمكافحين لهذا المشروع أصبح شريكا فيه.

 

الأردن لها مبرراتها وذرائعها للدخول في مشروع خطير كهذا وأول هذه المبررات هو الضائقة المائية التي تمر بها الأردن ورغبتها بتوفير مصادر مائية جديدة بالإضافة إلى توفير مصادر للطاقة.. والحقيقة أن بإمكان الأردن حل جميع مشاكلها المائية بالتوافق والتعاون مع دول عربية.. وليس بالضرورة حل المشكلة المائية عن طريق "إسرائيل".

 

بيئيا يقول الخبراء: إن كارثة حقيقية ستنشأ بعد الشروع في قناة البحرين والمتضرر الوحيد هو الجانب الأردني والدول العربية بالضرورة في حين أن الجانب "الإسرائيلي" لن يلحقه أي ضرر بيئي أو اقتصادي أو سياسي أو حتى استراتيجي!

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply