غيرة حق أريد بها باطل


بسم الله الرحمن الرحيم

 

"...يوضح المقال المشكلة العميقة في الصحافة المحلية، وهي غياب المصداقية والتعبير الصادق عن طبيعة المجتمع، ومحاولة تحطيم المكتسبات الشرعية في هذه البلاد المباركة.

وما ذكره الكاتب.. مثالٌ على هذه المشكلة التي يجب العمل على تغييرها... "

نشرت جريدة الجزيرة في عدد الجمعة 3/12/1427هـ خبراً في الصفحة الأخيرة بعنوان (يمارس الرقية الشرعية.. لأعمال مشينة، الإطاحة بكاشف عورات النساء بمكة).

أوردت فيه أن الأجهزة الأمنية وهيئة الأمر بالمعروف أطاحت بشخص يستغل العلاج بالرقية الشرعية لكشف عورات النساء وأنه بعد التحقيق اعترف بجرمه.

 

والجديد في الخبر الذي يبدو أنه سر عناية الصحيفة ومحررها بمكة (فهد العويضي) أن المطاح به الذي ينتمي إلى جنسية عربية لم يُفصح الخبر عنها (حاصل على شهادة الدكتوراة في الكتاب والسنة من جامعة أم القرى!!) وإمعاناً في تحقيق الغرض من الخبر وهو طبعا النصيحة البريئة للمواطنين وتحذيرهم من المغرِرين بهم الذين يبدون على خلاف حقيقتهم!! -.

 

نُشرت صورة المطاح به وهو في هيئته الخادعة: اللحية الموفرة الشائبة، والشماغ المرتفع عن الطاقية العاري عن العقال، وجيب الصدر المفتوح أعلاه، وهي الصورة المعهودة لكثير ممن هم مظنة الصلاح والزهد والورع في عرف مجتمعنا من بعض الفقهاء وأئمة المساجد والعباد و(الشيبان)، إلا أن الناشر حرصاً منه على الستر وعدم التشهير بالناس طمس ملامح وجه الرجل، كما أخفى اسمه وجنسيته، فلم يبق عرضة للتشهير والتنديد والتشكيك والارتياب والاتهام و و و إلا هذه الصورة النمطية المسكينة، التي لم يرض ناشر الخبر عن قدر الارتياح والاحترام الذي تحظى به.

 

أما العجب العجاب في هذا الخبر فهو تورع الناشر عن التصريح باسم المطاح به وجنسيته وعن إظهار ملامح وجهه في حين بدا حريصا على إقحام الدكتوراه والكتاب والسنة وجامعة أم القرى في الخبر، وكأن هذا هو المقصود بالخبر، وكأن هناك ثأراً أو حقداً استدعى هذا التشهير الذي يترفع عنه أصحاب المروءات، ولطالما سمعنا سابقاً من يُثرَّب على المُشهِّرين، خصوصاً في المنكرات الشرعية، فما بالُ التشهير الآن بهذه الطريقة التعميمية المتذاكية.

 

ومع تكذيب الجهة المختصة بالجامعة خبر قبول المُطاح به في الدكتوراه فضلاً عن حصوله عليها فإني أقول: هب أن هذا الشائب تخرج من الجامعة منذ حقبة طويلة، فمن قال أن الجامعة تُخرّج معصومين؟

وهل يلزم التنويه بالمعاهد والمدارس والتخصصات كلما أطيح بأحد خريجيها؟

وكأنهم مظنة هذه الجريمة أو تلك، وكأن المشهِر يقول: انظروا في حملة الشهادة الفلانية، وخريجي الجهة الفلانية فتوقعوا منهم مثل ما في هذا الخبر، فهم ليسوا بمنئىً عن مثل هذا.

 

وأخيراً أقول: ليت الغيرة على عورات النساء المغلظة تدرك الجريدة فتكتب تحقيقا حول الكشف المعتاد (غير الاضطراري) عليها لدى أطباء النساء والولادة، مع توافر طبيبات في هذا المجال،... إن كان ثمة غيرةٌ حقيقية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply