جلال الإسلام الذي كان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كتاب مشبوه، موجود نسخ منه في بعض المدارس الأجنبية !!

في البدء ينبغي أن نؤكد أن تعلم اللغات الأجنبية من الأمور التي حضّنا عليها ديننا الحنيف، ولكن ذلك لا ينبغي أن يترك على علاته وعلى عواهنه من دون رقابة ومن دون تحليل للمحتويات والمضامين التي تشتمل عليها عملية تعلم اللغات، فقد يكون فيها دس كبير، وتشويه لكثير من الحقائق، ومغالطات مقصودة، عمل على ترويجها زمرة من المؤلفين الحاقدين الذين أفرغوا أحقادهم على صفحات مؤلفاتهم، بما يمسَّ تاريخنا ومقدّساتنا الدينية مساً مباشراً، وفي مقدمها كتاب الله - تعالى -، وتاريخ الدعوة المحمدية وشخصية الرسول الكريم، - صلى الله عليه وسلم -، الأمر الذي يترك آثاره البعيدة على عقلية الطلاب في أثناء تعلمهم وتلقيهم دروساً في اللغات، فتترسخ في نفوسهم سلسلة لا تنقضي من الأفكار المسمومة، يصعب التخلص منها·

وأكثر ما تكون هذه الظاهرة في المدارس الأجنبية التي لا تخضع برامجها التربوية إلى رقابة صارمة حازمة ابتداء من الكتاب الأجنبي المقرر على الطلاب، مروراً بمكتبات تلك المدارس الغنية بالكتب والمراجع الأجنبية، قياساً إلى ما تعانيه المكتبات العربية فيها من نقص شديد يصل حد الفاقة والعجز عن القيام بدورها التربوي في مساندة تعلم اللغة العربية والتربية الإسلامية·

ولا أنكر أن مكتبات المدارس الحكومية والعربية الخاصة، تخضع بصورة مباشرة إلى دراسة المحتوى والمضمون لكل كتاب يدخل إليها، وذلك لسبب بسيط جداً، وهو أن الوزارة هي الجهة الوحيدة الممولة لهذه الكتب· وأما في المدارس الأجنبية فحدِّث ولا حرج، فهناك كتب مقررة وأخرى غير مقررة تضمها مكتبات تلك المدارس، ويقوم أصحابها بتمويل عملية الشراء من دون رقيب أو حسيب·

دعنا نفكر قليلاً فيمن يقوم باختيار هذه الكتب ويشرف على شرائها، لن يكون إلا مدرساً أجنبياً واحداً أو أكثر ينتدب لهذه المهمة، وقد يكون أحد <المتغربين> ممن تنازلوا عن جنسياتهم، وتخرجوا في جامعات الغرب وتربوا على مناهجه، وفي كل الأحوال لن تكون لديه إلا معرفة في اتجاه واحد فقط، وليس في جميع الاتجاهات الثقافية والمعرفية والمرجعية الدينية، وليس لديه الوقت الكافي لعملية الفحص والتدقيق، وكل ما يهمه ويعنيه هو تزويد المكتبات بكم من الكتب دون أدنى نظر في محتوياتها ومضامينها:

وكم للمرء من كتب حواها * * * مجلدة ولكن ما قراها

ومن دون النظر إلى حقيقة بعض المؤلفين ومواقفهم المريبة من تراثنا وعقيدتنا، وقد ينخدع هذا المتغرب ـ لجهل منه ـ ببعض العناوين البراقة المثيرة التي تدفعه إلى اختيارها من دون وعي منه أو تفكير، وهذه هي إحدى الركائز التي تستند إليها وسائل الإعلام الغربي للمطبوعات وغيرها من صنوف العروض التجارية والصناعات والمخترعات، إذ تعطيك إعلاناً جذاباً براقاً مثيراً، وتخفي وراءه مواد سامة تتسلل بخبث ودهاء إلى أفئدة المستهلكين وعقول المفكرين، والأمر يكون أشد خطورة في المطبوعات، التي تحمل عنواناً براقاً يغري بشرائها وتزداد خطورة عندما يدخل هذا اللون من المطبوعات في تشكيل الوعي الجماعي والثقافي والمعرفي لدى الطلاب·

ففي إحدى المدارس الأجنبية ـ وربما يكون في كثير منها ـ كتاب يحمل عنواناً زاهياً براقاً خلاباً جذاباً ساحراً يستهوي الأفئدة ويجذب العقول، وهو <سمو الإسلام>، أو <عظمة الإسلام<، وإنني على يقين أن الكتاب لم يتم شراؤه ولم يدخل مكتبة هذه المدرسة وغيرها إلا من خلال هذا العنوان المثير، ومن دون أن يفكر من أقدم على شرائه لحظة واحدة في مؤلفه، ولا في مضمونه، ففي مقدمته خلط كبير في المفاهيم الدينية وتشويه لصورة الإسلام·

صاحب هذا الكتاب هو المستشرق البريطاني <مونتغمري وات>، المولود سنة 1909م >له ترجمة مختصرة غير وافية في كتاب: المستشرقون ص 554، جاءت في سطرين ونصف السطر>، كان محاضراً للفلسفة مدة أربع سنوات قبل أن يتحول إلى حقل الدراسات الإسلامية، وكتب رسالة دكتوراه عن حرية الإرادة والقدر في بداية الإسلام، قد شغل منصب عميد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة <أدنبرا>ومن كتبه: محمد في مكة، محمد في المدينة، الإسلام والجماعة الموحدة، الإسلام في إسبانيا····، ومن المعروف أن معظم كتبه ـ كما يبدو من عناوينها في الإسلام والمسلمين وفي شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إذا علمنا أنه يساري لينيني، ملحد، فماذا نتوقع أن يكتب هو ومن على شاكلته من أمثال: <برنارد لويس> وهو يهودي مستشرق عمل مدرساً في جامعة <هارفارد>، وهؤلاء وغيرهم من أشد أعداء الإسلام وخصومه، وهناك من المستشرقين ممن تخرَّجوا في تلك الجامعة على أيديهم، وعادوا سفراء لأساتذتهم واحتلوا أعلى المراكز في بلادهم، ليكملوا ما عجز عنه أساتذتهم، من عمليات التغريب والهدم والتخريب·

إن معظم هذه المؤلفات التي يكتبها بعض المستشرقين ومنهم صاحب هذا الكتاب تدور حول محور رئيس وهو أن الإسلام صورة ممتدة ونسخة <مشوهة> على حد زعمهم لليهودية والمسيحية، ومن المعروف أن صاحب هذا الكتاب له جملة من الآراء غير المقبولة في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويعف القلم عن ذكر شيء من ذلك، الكتاب الذي بين أيدينا تقتنيه بعض المدارس لأجنبية في مكتباتها، وهو ميسر للتناول من قبل الطلاب، وقد جاء في مقدمته تشويهات واضحة لرسالة الإسلام، فمما جاء في المقدمة ص2: -أن الثقافة المسيحية في مصر وسوريا والعراق انتقلت أو تحولت إلى الثقافة الإسلامية، وقد تبدو هذه العبارة بسيطة في ظاهرها، ولكنها تمهد إلى القول: إن القرآن وبخاصة ما يتصل منه بحياة الرسل الذين بعثوا إلى بني إسرائيل قد أخذها النبي عن كتبهم ص3، ومما جاء فيه:

-أن الله - تعالى -: عند تنزيل القرآن، (واستغفر الله على هذا الكفر الذي يجري على ألسنتهم) كان متأثراً بما سطره اليهود والنصارى في كتبهم ص3:

لقد اقتضت حكمة الله - تعالى - أن يكون النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أمياً لا يقرأ، واقتضت حكمته - تعالى - أن تكون أول آية تتنزل عليه <اقرأ>، فيقول: ما أنا بقارئ، وفي قوله تأكيد على عدم قدرته على القراءة <حرف الباء للتوكيد>، وكان عمره آنذاك أربعين سنة، ليسمع العالم حوله، ويسمع من يأتي بعده من الأمم والشعوب أنه لم يكن يقرأ، فمتى يعي المستشرقون وغيرهم هذه الحقيقة الدامغة! ·

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply