العقلانية العوراء والليبرالية العرجاء !*


بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن المتتبع لكتابات أحمد البغدادي (كاتب كويتي) من التيار الليبرالي؟!! يعجب أشد العجب من عناوين مقالاته التي يخطف بريقها الأبصار والبصائر، فهو يحرص على إقحام التيار الديني في مقالاته، والتهكم عليه بأقذى الألفاظ؟؟

" حين يحل ظلام التخلف"..."سلطة الموتى".... "الجمود في التعليم الديني"... الحرية الفكرية والفكر الديني ضدان لا يلتقيان... فضل العلمانيين على أهل الإسلام.... هشاشة الفكر الديني.............

 

وعند النظر فيها تجدها معولمة من حيث الصياغة والمصطلحات، معولمة في محاورها ومحتوياتها ومعاييرها،... في تنظير فاق الكاتب فيه الكتابات الغربية المعادية للإسلام، غابت فيها قضايانا وهمومنا الا الهم الديني؟!!! فلا يعكر رونقها فقر ولا بطالة، ولا فساد ولا ظلم، ولا ولا...

في وقت نحن أحوج ما كون إليه من أطروحات أبناءنا... عندما انتهكت إنسانيتنا، وجندرت نساءنا، وهشمت أوطاننا، وسلبت حرياتنا!!!

خاصة مع انشغال البقية الباقية التي تقضى بقية أوقاتها في احتفاليات فضائية مبهرة!!!

مع تمجيده لليبرالية التي تدعو إلى التسامح، والعقلانية و والفهم الواقعي لمعطيات الحياة، وتحترم الخلاف، وتؤمن بخصوصية الفرد وحرية المجتمع؟!!

وقد وصل به الأمر إلى أن يجعل من ثوابتنا الدينية، وشواهدنا التاريخية مطية له لتمرير بضاعته المزجاة؟؟؟

الأمر الذي دأب السلف على نبذه وعاقب فاعله، فهذا:

* هارون الرشيد فقد حكي عنه العالم أبو معاوية الضرير: كنت أقرأ على أمير المؤمنين الحديث، وكنت كلما قلت قال رسول الله! قال: صلى الله على سيدي ومولاي.

حتى ذكرت حديث" التقى آدم وموسى! فقال رجل من وجوه قريش: أين التقيا؟

قال: فغضب هارون!! وقال: على بالنطع والسيف! زنديق والله يطعن في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-

قال، فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول: كانت منه بادره ولم يفهم يا أمير المؤمنين، حتى سكنه" تاريخ بغداد 14/8

 

ولا يقتصر هذا على المسلمين فقط، بل يشمل الذين يطبل لهم الكاتب ويزمر لهم ممن يتغنون بالحرية الغربية!!

فبعد نشر كتاب" الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" لروجيه جارودى تجددت الاتهامات بعنف وأقامت 15 جمعية صهيونية دعوى قضائية ضد المؤلف واتهمته في عريضة الدعوى بالتحريض على الكراهية العنصرية والتحريض على أعمال العنف ضد اليهود وإنكار الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية وأشترك في إقامة الدعوى جمعيات قوية مثل" الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية والمعاداة للسامية" "والحركة المناهضة للعنصرية من اجل الصداقة بين الشعوب "

وكان مجموع العقوبات طبقا للتهمة الموجهة تقضى بحبس المؤلف 16 شهرا مع إمكانية وقف تنفيذ الحكم بسبب التقدم في العمر إضافة إلى غرامات تصل في مجموعها 150 ألف فرنك.

 

ولتلبيس مقالاته على جماهير المسلمين لما فيها حيفٍ, شديد على الأدلة الشرعية والثوابت الدينية، فقد بادرت للكتابة لأبين بعضاً من مغالطات الأستاذ، وقد أقدمت على هذا الرد امتثالا لقول الله- تبارك وتعالى -" والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"

(1) تحريفه للشواهد التاريخية:

قال الكاتب: في مقال سجناء الرأي في التاريخ الإسلامي: في حادثة سقيفة بني ساعدة حيث اختلف المسلمون حول من يكون خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين، وحدث التنازع بين مرشحي الأنصار والمهاجرين، وهما سعد بن عبادة وأبو بكر الصديق، وبعد نقاش حاد وطويل قدم فيه مؤيدو كل مرشح حججهم المؤيدة لصاحبهم، بايع المسلمون أبا بكر الصديق، ماذا كان مصير المرشح المنافس المخالف لهم في الرأي، وفقا للمصادر التاريخية، إن الجمع الموجود وثب على سعد ووطئوه بأقدامهم، حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة!! السجن كان أرحم.

 

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المبايعة: ولم ينكر ذلك منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة: ان غير أبى بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار طمعا أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلانه، ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذي كان الذي يطلب الولاية (منهاج السنة النبوية 1/ 518)

وحاشا للصحابة أن يقع بينهم ما يدعيه من اقتتال بل الذي جاء في الرواية كما ذكرها ابن سعد في الطبقات (3/ 616) عن عمر: قلت لأبى بكر ابسط يدك، فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون وبايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة وكان مزملاً بين ظهرانيهم، فقلت: ماله؟ فقالوا: وجع، قال قائل منهم: قتلتم سعدا، فقلت: قتل الله سعدا إنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمرنا أقوى من مبايعة أبى بكر.

 

(2) التشكيك بمصادر السنة:

قال الكاتب. (مقال سلطة الموتى): "ولا يعقل أن البخاري ومسلم أو غيرهما لم يخطئوا، ليس فقط لأن ذلك مناف لأبسط قواعد العقل والمنطق، بل لأنه يعارض أيضا الحديث النبوي [[كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون]]. ولا يمكن لكتاب يتألف من عدة مجلدات أن يكون خاليا كل الخلو من أي خطأ، مع العلم إن ((صحيح مسلم)) مثلا يتضمن أحاديث لم ترد في البخاري، والعكس صحيح، إضافة إلى ما تتضمنه هذه الكتب من أسماء لا يمكن عقلا أن نقبل أنهم جميعا لم يخطئوا أو ينسوا خاصة أن الحديث قد ورد إلينا بمعناه، لا بلفظه، كما هو الحال النص القرآني، أو الحديث القدسي.

على الرغم من كل هذه الاحتمالات للتخطئة وهي احتمالات منطقية، يقف صاحب العلم الشرعي الذي يدرس في كلية الشريعة أو المعهد الديني أو حامل درجة دكتورة الفلسفة، جامدا كالصنم لا ينطق إلا وفق ما يمليه عليه هذا الكتاب أو ذاك. لم يجرؤ أحد الفقهاء أو دكاترة الشريعة إلى الآن على دراسة تلك الكتب ((الصحاح)) وتنقحيها وتنقيتها، والبحث في تناقضاتها، هل يعقل أن البخاري لا يخطئ؟ أو أن (مسلم) لا يخطئ؟

 

* قال الحافظ العلائى: إن الأمة اتفقت على أن كل ما أسنده البخاري ومسلم في كتابيهما الصحيحين فهو صحيح لا ينظر إليه"

* وممن حكي الإجماع الحافظ أبو نصر الوائلى السجزى قال " أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صح عنه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله لاشك فيه أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته" علوم الحديث (38)

* وعن حكم النظر في أسانيدهما فقد قال علامة الهند ولى الله الدهلوى " أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأنه كل من يهون من أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين" (حجة الله البالغة 1/ 283)

 

(3) دفاعه عن أهل الانحراف:

* قال الكاتب. (مقال: حرية الرأي في العالم العربي:

والتيار الديني يسعى بشكل محموم ومجنون للقراءة المتصيدة، وإساءة التفسير لمختلف الألفاظ والدلالات في أي مقال أو قصة أو رواية أو بحث، وتحميل الألفاظ أكثر مما تحتمل، لا لهدف سوى إيقاع الكاتب في قبضة القانون.. على سبيل المثال ما حدث في مصر على إثر نشر رواية [وليمة لأعشاب البحر، للروائي السوري: حيدر حيدر]

* بعد مظاهرات دامية داخل المدينة الجامعية لجامعة الأزهر، تصاعدت الأحداث مع صدور بيان مجمع البحوث الإسلامية موقعا باسم فضيلة شيخ الأزهر، وأدان البيان الرواية لحيدر حيدر، واعتبرها كافرة لأن بها فقرات تستهزئ بذات الله.. مثل وصفه بأنه فنان فاشل،

وتفتري على الرسول بأنه تزوج لأكثر من عشرين، وأكد التقرير أن الرواية تحرض على الخروج عن الشريعة الإسلامية وخرجت عن الآداب العامة - خروجا فادحا - بالدعوة إلى الجنس غير المشروع، وأدان التقرير تولى وزارة الثقافة نشر هذه الرواية فمن عباراته:

*.. " إن رب هذه الأرض كان يزحف وهو يتسلل من عصور الرمل والشمس ببطء السلحفاة.. "..

لا بد أن ربك فنان فاشل إذن..

.. ".. الله الله يا ولد يا داود.. لقد غفرت لك.. انكح كل صبيان بونة وأنا شفيعك يوم القيامة.. "..

.. " وخلع الجلد المتخلف والبالي الذي خاطه الإسلام فوق جلودنا القديمة.. "..

وقال الكاتب: كل المنتمين إلى التيار الديني يرفضون حرية التعبير المطلقة كممارسة عملية احتجاج بالثوابت الدينية التي صنعوها وفرضوها بالإرهاب على الآخرين، حتى التاريخ مقدس لا يجوز نقده أو دراسته، ومن يعارضهم في ذلك يقتلوه اغتيالا كما حدث مع فرج فودة،؟

أو يسلطوا عليه القانون غير الآدمي وينفوه ويدمروا حياته، كما حدث مع الأخ د. نصر حامد أبو زيد.

حكم على الدكتور بالردة بسبب كتاباته منها" نقد الخطاب الدينى، وطولب بالتفريق بينه وبين زوجته، انظر مقال: نصر حامد أبو زيد... و (الهرمنيوطيقيا) لسليمان الخراشى.

أما ملالي إيران فقد تجاوزوا الجميع، وحكموا بالإعدام على من ينتقد رجال الدين؟ (يقصد سلمان رشدي)

هو فتوى الخميني بإهدار دم المؤلف سلمان رشدي الهندي الأصل البريطاني الجنسية وكان أن ردت بريطانيا بتجميد علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ووزير خارجية هولندا ألغى زيارته المقررة إلى طهران ردا على فتوى الخميني ووصفها بأنها دعوة للإرهاب. وكان سلمان رشدي مسلما ثم ارتد وأعلن ذلك وتجنس بالجنسية البريطانية.

آيات شيطانية تأليف: سلمان رشدي - عليه من الله ما يستحقه، البطلان الرئيسيان في الرواية يرمزان إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وجبريل اللذين يصلان إلى لندن بطريقة غير قانونية ويقومان بمغامرات للتغلب على رجال الجوازات والهجرة ويعيشان بعد ذلك حياة النبي - عليه الصلاة والسلام -.

.. ومما يتضمنه الكتاب الكثير من الكفر والمساوئ، فممنوع على المسلم أن يحك جلده في بعض أماكن من جسده، والحجاب أطلق عليه الماخور أو الملهى الليلي أما الشذوذ فمباح في الإسلام. وفى الماخور 12 غانية أطلق عليهن أسماء زوجات النبي ويتمادى الكاتب في كفره فالقرآن إيحاء من الشيطان، وبعض الصحابة في ادعاءاته سكارى ومتشردون وفى الجملة فالرواية تهاجم حياة النبي - عليه الصلاة والسلام -.

وقال: المواطن ياسر الحبيب (متهم) بتوزيعه شريط كاسيت يتضمن شتما أو نقدا (كما يدعي) للصحابة (لم اسمع الشريط حتى احكم عليه بل وليس من حقي أو حتى أي جهة أو فرد الحكم عليه إلا بعد صدور الحكم القضائي).

وان يعتقل صاحبه من قبل امن الدولة (كما صدر في الصحف) قبل الإحالة إلى النيابة العامة، فهذا مخالف للقانون وشطط ما بعده شطط، وخروج على دولة القانون، وقيام شريعة الغاب، ثم بعد ذلك يقوم النواب بتحريض وزير الداخلية ضد هذا المتهم، وفي الداخلية مجانين كفاية من التعصب الأعمى والأهوج، فهذا بحد ذاته جنون ما بعده جنون. (من مقال (34)?

حسبما ورد في تقرير منظمة العفو الكويتية إن ياسر الحبيب حُكم عليه غيابياً بالسجن 10 سنوات وقد وُجهت إليه تهم "سب صحابة النبي محمد، والتعرض لمذهب ديني" ومن أقواله: يتهم أم المؤمنين عائشة بالزنا صراحة وباغتيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يتكلم في سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - متهما إياه بالشذوذ الجنسي، ويطالب بهدم مساجد أهل السنة،.... "

 

(4) ينصب العداء على التيار الديني:

• طباعة الكتب الدينية تجارة مربحة لأهل هذه الصنعة، حيث لا حقوق نشر، وحيث لا جهد في إعادة النظر في هذه الكتب التراثية المملوءة بالأساطير الإسرائيلية، " من مقال كتب"

• من يحصل على شهادة علمية عالية مثل الدكتوراه يفترض فيه نظريا احترام حقوق الإنسان... لكن يزول العجب حين نعرف أنها دكتوراه شريعة! (من مقال: فضل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على المسلمين [1 3

• دون أن نتجاهل دور المؤسسة الدينية المتخلفة فكريا المسماة وزارة الأوقاف في وأد الحرية الفكرية. (من مقال: أوهام الحوار الحضاري الإسلامي (1-2)

• إن الحرية الدينية التي ينص عليها القرآن الكريم، حتى لو كانت الكفر ذاته، تم وأدها بجريمة الردة. (من مقال: لا مسؤولية في حرية الفكر)

 

• الإرهاب الفكري تجاه المثقفين والمفكرين الليبراليين عموما والذي يمارسه الفقهاء ورجال الدين حاليا لا يتحقق إلا من خلال الاعتماد على تلك المؤلفات القديمة التي انتهت مدة صلاحيتها الفكرية. مثلا لولا بعض أحاديث الآحاد الخاصة بحد الردة والتي لا يأخذ بها ندرة الندرة من عقلاء الفقهاء، لتم الاعتماد على الآيات القرآنية التي تقرر حرية اختيار الدين. ولما دخل المسلمون في متاهة إرهاب المثقفين ولولا ما ورد فيما يسمى بكتب الصحاح من أحاديث آحاد بعض الشروحات التي قدمها الفقهاء لما وجد الفقهاء المعاصرون الأدوات اللازمة للإرهاب الفكري (من مقال: سلطة الموتى)

 

• وأتحدى كل أتباع التيار الديني أن يقدموا لنا كتابا من مؤلفاتهم يتسم بالعقلانية والمنطق في شرح الأمور هذه المجتمعات لو دققنا النظر جيدا سنجدها خاضعة لأوهام العفاريت والجن وتفسير الأحلام. (من مقال: التاريخ أمامنا... وأتحداكم)

 

وأنا هنا أنقل للكاتب وغيره حكم الاستهزاء بالدين، أو بشيء من القرآن، أو السنة:

كفر ناقل عن الملة كما قال - تعالى -: {قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُم تَستَهزِئُونَ (65) لا تَعتَذِرُوا قَد كَفَرتُم بَعدَ إِيمَانِكُم إِن نَعفُ عَن طَائِفَةٍ, مِنكُم نُعَذِّب طَائِفَةَ بِأَنَّهُم كَانُوا مُجرِمِينَ} [التوبة: 65 66]

 

قال ابن تيمية: " بيّن أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف، ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم، ولكن لم يظنوه كفراً وكان كفراً كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه" مجموع فتاوى شيخ الإسلام 7/220 -557 .

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply