الإرهاب بين طاش وبوش !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا أعتقد أن عاقلاً مهما كان جنسه أو دينه يجادل في خطر الإرهاب وسوئه وأثره المدمر على المجتمع ولكن النقاش - في الغالب - يتجه إلى تحديد معنى الإرهاب وضوابطه وإلى كيفية معالجته ووسائل هذه المعالجة المختلفة التي تحاول إنهاءه أو التقليل منه على أقل تقدير.

 

ولأن 'الإرهاب' أصبح مادة دسمة بسبب التصرف الأحمق لبعض الناس وبسبب استغلال الرئيس 'بوش' هذه التصرفات لتحقيق مكاسب له ولبلاده وللصهاينة أيضاً فقد دخل على هذا الخط مجموعة من الناس كلُّ يحاول استغلال الظرف لتحقيق أهداف معينة بحسب تطلعاته وتوجهاته.

 

الحديث عن 'الإرهاب' أمر مشروع ومطلوب وبكل الوسائل الإعلامية والقنوات الثقافية ولكن يجب قبل الحديث عنه توخي الأهداف التي ينبغي تحقيقها من هذا الحديث - مهما كانت وسيلته - وبدون ذلك قد لا يتحقق الهدف بل قد يحصل العكس فيكون ذلك الحديث مادة دسمة لانتشار الإرهاب.

 

مسلسل 'طاش' حاول تناول هذه الظاهرة في حلقته السادسة التي عنونها بـ'إرهاب أكاديمي' وهذا العنوان الذي يوحي بـ'ستار أكاديمي' بصورته السيئة ومشاهده التي تتنافى مع أبسط القواعد الأخلاقية والمستوحاة من الغرب والتي أنكرها الجمهور العريض من السعوديين، حاولت هذه الحلقة أن تربط بين هذا وبين ما يمارسه أبطال الحلقة الذين تظهر عليهم علامات التدين بحسب مواصفات 'طاش'.

نحن نعرف أن أي عمل درامي أو سواه يجب أن يعتمد على حقائق ثابتة عندما يريد مناقشة أي فكرة فكيف إذا كانت هذه الفكرة تناقش دين الأمة وطريقة فهمه. لكن هذه الحلقة لم تتحر الدقة ولا بعضها فكانت مجافاتها للحقيقة واضحة كما أن الإساءات المتكررة للمفاهيم الإسلامية كانت متعمدة.

 

أساء هؤلاء للمراكز الصيفية كلها وكل القائمين عليها وكأنهم امتداد لكل الكتابات التي كانت - ولا تزال - تطالب بإغلاقها وكأن وجود بعض الشواذ فيها مدعاة لاتهام كل من فيها.

 

هؤلاء يعلمون بأن هذه المراكز تخضع لإشراف الجهات التعليمية في بلادنا ومن ورائها الجهات الأمنية وكل هذه الجهات راضية عن أدائها وتدرك أنها تحفظ شبابنا من مخاطر كثيرة لو تركوا خلال أشهر الصيف دون رعاية..هؤلاء يجهلون - أو يتجاهلون - أن الذين يديرون هذه المراكز هم الذين يشرفون على المدارس طيلة العام فهل سيطالبون بإغلاق المدارس إذا وجد فيها من يمارس الإرهاب؟ حسنا هناك من يمارس الإرهاب وليس له علاقة بالتعليم أو المراكز فهل يصح أن نطالب بإغلاق كل مؤسسة وجد فيها 'إرهابي' بحجة أنها أصبحت حاضنة للإرهاب؟ هل يقول عاقل هذا الكلام؟

 

إن هذه الحلقة تحاول تقليد بعض ملفات المسلسلات المصرية التي تصور رجل الدين أنه غبي متنطع عندما يتحدث بالعربية الفصحى محب للمال يسعى إليه بكل الوسائل، هذه المسلسلات - في وقتها - كان هدفها محاربة اللغة العربية والسخرية من أساتذتها وكذلك السخرية من المتدينين عموماً.

 

هل من المصلحة - إن كانت هناك مصلحة - من الحديث عن سبية جميلة تعطى لهذا أو ذاك؟ هل أرادوا القول إن المتدينين - وهم غالبية أهل البلاد - لا يرون بأساً في سبي النساء والتعامل معهن بهذه الطريقة السيئة؟

 

هل هذه المسألة متعمدة والذي شاهد مسلسل 'دعاة على أبواب جهنم' يدرك حجم الأكاذيب التي يراد إلصاقها بالإسلاميين وباسم الإسلام!

 

في ذلك المسلسل شيخ مطاع يقول لأحد أتباعه أمراً: إن عليه أن يستغل جمال زوجته لإدخال شحنة أسلحة للسعودية، وعندما قال له التابع: إن هذا لا يجوز وتردد في الطاعة، قال الشيخ: الضرورات تبيح المحظورات! انظر كيف يتم تشويه الفقه الإسلامي بهذه الصورة وكيف يتم كذلك تشويه المتدينين! 'طاش' حاول أن يقوم بالدور نفسه والهدف هو الهدف، تشويه صورة المتدينين وكأنهم مجموعة من المخلوقات التي لا تحافظ على شرفها ولا تقيم للمرأة أي وزن.

 

كل الذي قدمته هذه الحلقة أنها ربما أعطت انطباعاً عاماً لمن لا يعرف بلادنا أن الغالبية العظمى منا إرهابيون عديمو الأخلاق.. هذه الحلقة ساهمت في دعم السيد بوش في نظرته إلى الإسلاميين عامة وإلى إسلاميي بلادنا خاصة، هذه النظرة السيئة التي تصفهم بالإرهاب والميل إلى القتل والتدمير، فهل هذا ما كان يريده أصحاب 'طاش'؟ أفعال الرئيس بوش وبشهادة أجهزة مخابراته ساهمت في دعم الإرهاب وانتشاره لأنه أخطأ - أو تعمد الخطأ - في فهم هذه الظاهرة ومعالجتها أخشى أن هذه الحلقة ومثيلاتها ستؤدي الدور نفسه بكل أسف لأن الناس في بلادنا متدينون والإساءة لدينهم أمر مرفوض عندهم جميعاً. سيقول معدو هذه الحلقة وآخرون إنهم يقصدون فئة معينة فقط وإنهم لم يسيئوا للدين وإن تناول أفكار تلك المجموعة لا علاقة له بالدين ولكن كل هذه الأقوال لن تكون مقبولة في ظل معالجة سيئة لا تستثني أحداً وتجعل الجميع في بوتقة واحدة.

 

معالجة هذه الظاهرة مطلب مشروع ولكن من متخصصين يدركون حجم المشكلة ويدركون كيفية التعاطي معها. أما هذه الحلقات الهزيلة فهي قد تصب الزيت في النار ويومها قد يحترق الجميع.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply