دعوة جاهلية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في تحقيق صحفي منشور يوم الأربعاء 9 محرم 1427 في جريدة " لاريبوليكا" الإيطالية مع وزير الاصلاح الدستوري روبيرتو كالديرولي الذي يتبع حزب لومبارديا الايطالي يدعو فيه بابا الفاتكيان الإعلان عن الحروب الصليبية في إطار الكره المتزايد من قبل المسلمين ضد المسحيين، وأنهم كانوا يتحركون من قبل على شكل إرهابي والآن غيروا المخططات وأصبحت على شكل شعبي ثائر، ويجب على البابا الحاضر أن يتدخل فورا ويعلنها حروب صليبية كما أعلنها من قبل البابوات السابقون في القرون الماضية، وكان أول من دعا إليها كما هو معروف تاريخياً هو البابا سلفستر الثاني سنة 1002 ميلادية ثم خريغوريوس سنة 1075 حتى عام 1097 بعد تحريض الكتاب المستمر على رأسهم هلتون سانيتو وريموند لول بتراك وآخرين، وسؤال الصحفي أنه بذلك يريد العودة بهم الى فترة حروب فيينا ومعارك ليبنتون وتحريض الشباب على المشاركة فيها، فكان رد الوزير نعم نحن الآن في حروب صليبية جديدة وعلى الحكومات الأوربية أن تواجهها وهم في حالة استرخاء لحاجتهم للنفط وأمام الرسومات التي أثارت كل هذه الزوابع من المسلمين ضد المسيحيين، وأنه في الغد فان حزبه سوف يتقدم باستجواب أمام مجلس النواب ضد العنصرية التي تتم ضد المسيحيين في الدول الإسلامية ويجب أن نعاقبهم عليها، وتصريحات أخرى عنيفة في نفس الصدد من قبل وزير العمل ماروني الذي يتبع نفس الحزب الايطالي الذي يطالب بالحروب الصليبية، ولا تقل من قبل رئيس مجلس الشيوخ مارشيلو بيرا أستاذ الفلسفة في إحدى الجامعات الايطالية مطالبا احترام المسيح وموسى - عليهما السلام - كأن أهل الاسلام يتطاولون عليهما، في الوقت الذي توجد فيه لوحة كبيرة بنصف حائط تقريبا معلقة في إحدى كنائس مدينة بولنيا الايطالية التي رسمها ايطالي في عام 1415 وهي ترمز الى نبي الاسلام - عليه الصلاة والسلام - وهو ملقى في نار جهنم تحيط به الشياطين، ولم يطالب أحد كذلك من كبار الفاتيكان برفع هذه اللوحة التي تسئ الى نبي الاسلام على مدى السنين، عامة أغلب الصحف الايطالية تقريبا تهاجم وتنشر مقالات وتحليلات ملء الصفحات تتعلق بنفس الصدد وعن تصادم الحضارات وهي مادة الأقلام في الوقت الحاضر، فضلا عن خروج كتب يتم الاعلان عنها في كل أجهزة الأعلام أغلبها عن الاسلام وفيما يتعلق بالمرأة وموضوع الحجاب والختان الى آخرة وهي كلها مواد دسمة مطلوبة ومكملة لما نحن عليه الآن، ولا ينسى أن جانبا كبيرا من المثقفين الايطاليين يدعون الى الحوار البناء الذي يزيل توهج الموقف الحالي وبالأخص من رجال الدين المسيحي من بينهم الكردنال ريناتو مارتينو وهو رئيس مجلس القضاء والسلام في الفاتيكان والمساعد الأول للبابا في مجالس أخرى وشخصية معروفة وفي تحقيق صحفي له منشور يوم عاشوراء في لاريبوليكا جاء فيه: بأن الغرب أبدى عجرفة نحو الاسلام وعليه أن يحترم ثقافات الآخرين، وما حدث من رسومات ضد نبي الإسلام هي في حد ذاتها إساءة كبيرة ومن دول ثرية متقدمة ليس لديها أي قدر من احترام ثقافة الآخرين، وهذه الرسومات ربما تثير لدينا بعض من السخرية، أما لدى الناس فهي بمثابة إهانة كبيرة لهم وهذا ما حدث خاصة ونحن نعلم علم اليقين أنه في الثقافة الاسلامية واليهودية ليس هناك ما يشير الى رسومات لصور الأنبياء ولا تحجيم أو تخيل لرب السموات الله، أما حرية النشر فهي مطلوبة ولكن يجب أن تكون في الحد المعقول، وبأن البابا السابق جوفاني بولو الثاني بذل جهده من أجل رفع صورة احتلال العراق على أنها في مضمون حروب صليبية جديدة ووفق في ذلك وحضرت لجان من الخارج تقدم الشكر، وللأسف الغرب لا يضع في اعتباره ظروف الآخرين ولا حساسيتهم نحو دينهم وظروفهم وتاريخيهم وعزتهم بأنفسهم وثقافتهم، ولئن كانت هناك صحوة اسلامية في الوقت الحاضر فهي في حد ذاتها تعبير وردا على العنجهية والعجرفة التي تصدر عن الغرب، ويجب أن نضع في اعتبارنا أن جانب كبير من هذه الدنيا لا تزال في حالة تخلف ومستغلة من أصحاب النعم ومن يملك القوى العسكرية والأبحاث العلمية، وعليه يجب أن نقدم لهؤلاء يد المساعدة دون العلاقة فقط في دائرة الأسواق ودنيا التسويق وهو أمر غير معقول ولا مقبول، وعلينا أن نضع أنفسنا مكان هؤلاء لنتعرف على ظروفهم وأحوالهم، واذا نظرنا نظرة موضوعية الى موضوع الارهاب فعلينا أن نعرف أصوله ومسبباته، وإذا اسرائيل أعادت الأراضي التي احتلتها في عام 67 فسوف يكون هناك سلام وإذا كان هنالك من يدفع وينادي بحروب صليبية فنحن نسير على ضوء نداءات البابا الحاضر ولنرى ذلك أمام اغتيال القس في تركيا الذي كان يدعو الى الحوار، وأخرى تقر أن ما يحدث الآن هو خلاف بين العلمانية والإسلاميين بعد تفقوهم في مصر وفلسطين ثم هذه إيران التي يزداد صوتها وتحديها، والمقالات والتحليلات لا حصر لها وأغلبها تتلاعب بالألفاظ في مضمون العقلانية والمنطق كأننا بعيدين عنهما، أو علينا أن نتقبل الاهانة ضد نبينا - عليه الصلاة والسلام - في سلام، فضلاً عن التحقيقات الصحفية العديدة لكثير من الشخصات المرموقة منها لحاخام اليهود الأكبر بروما والرجل على موقفه باين وواضح وحاد وضد هذه الاهانة التي وقعت ضد نبي الاسلام، على كل الطريق ملئ بالأشواك، والكل يدعو الى الحوار سيما رئيس الجمهورية الايطالي، وما يخيب الرجاء أن المركز الثقافي الاسلامي متغيب في الصدد، ولا حتى في بيان صحفي يحدد موقفه من هذا الهجوم ودعوة الجاهلية التي عليها الوزير الذي يدعو الى حروب صليبية، إلا أن ابن القذافي سيف الاسلام الذي يعيش في إيطاليا هاجم الوزير الايطالي الذي يدعو الى تلك الحروب وكثرة تطاوله على الاسلام..ان الأمر أخطر ما يظن، والأدهى في هذا الظلام الكثيف هو اقدام الاعلام المنظور الايطالي بعمل أحاديث مع من يطلق عليهم بالامام، ومن هؤلاء من جاء على التلفزيون وهو اختيار متعمد موفق ويعجب الناس - وهو يقول أننا وعدنا بفتح روما عن قريب، وبالطبع من يسمع هذا التعبير من أهل البلاد في هذا الوقت الحاضر بالذات فيزيد النار اشتعالا، وأن الاسلام جد خطر عليهم ويريد احتلال بلادهم وهو لا يدري معنى كياسة المؤمن، هذه مسائل جد خطيرة.

 

 كلمة أخيرة الانتخابات البرلمانية في إيطاليا سوف تبدأ يوم 9 أبريل وأن أهل اليمين لمهزمون أكيد حسب التقديرات الأولية، وسوف يأتي أهل اليسار الذين شجبوا احتلال العراق وحربه وأنهم يريدون الانسحاب ومتقاربين في الفهم والتجربة وأنهم ضد كل هذه الأفكار اليمينية المتطرفة فهل سوف يحدث تغيرا أم سيظل التطاول على الاسلام والحديث عن تضارب الحضارات، وأين حكامنا من كل هذا، انهم يعدون الأموال وما في البنوك وكيف يعيشون كعمنا مبارك الذي وصفته الصحف أنه هو وأبنائه يتفرجون في بطولة القدم الأفريقية، وهناك من مات غريقا ضحية في مياة البحر الأحمر وبين الأسماك المتوحشة، ومن يحاول أن يعرف شئ عن عزيز مفقود فمصيره الضرب، ومدى تجاهل السلطات واعداد الطائرات للصحفيين دون النظر الى أهل المنكوبين وسفرهم، وفي هذا أشيد بايطاليا في حالة أي نكبة فأول شئ يعمل عليه المسئولون هو إعداد الطائرات لكل الأقارب ولمن حدث لهم من مصيبة في الخارج، الأمم تحيا باحترامها لشعوبها، وهذا كلام مكرر فارغ ليس له قيمة لدى حكامنا.. نحن نعيش في مشاكل متعددة دائما وأبدا تعود الى السلطان الأول الى جعل الدولة عزبة تنتمي اليه والى أسرته المترفة، ولو رحمنا وجعلها مملكة باسمه لاستراح الناس وهي كذلك.. وفي مضمون الثراء وبلاد الغير مصريين، فقد نشرت احدى المجلات الايطالية تحقيقا صحفيا مصورا عن مدينة حديثة تبعد عن الغردقة 50 كيلومترات يطلق عليها الجونة اذا صحت الترجمة، وأنها بنيت على نظام هيوليود مع الحفاظ على شكل المعمار الاسلامي وأنها بمثابة ألف ليلة وليلة وأصحابها على مختلف الأشكال والألوان والجنسيات والمدح الكبير كأنه خيال في دنيا الأحلام، فهل للفلاح المصري ابن الأرض والزرع مكان له في هذه المدينة الخرافية الحديثة، يبدو أن مصر ستظل أبدا للغير دون أهلها.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply