إكراه المسلمات على الردة سيناريو مكرر وحقائق غائبة وردود معلبة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سيناريو مكتوب ببراعة فائقة، وينفذ بدقة شديدة، يتكرر مرات ومرات، وما من أحد يعتبر، فهل من مدكر؟!.......... )

... فتاة أو امرأة مسيحية آمنت بالله سرا، ودرست الإسلام جيدا لمدة عام أو عامين، تسأل من تثق به من زملائها في العمل أو صديقاتها في الجامعة: أريد أن أشهر إسلامي فماذا أفعل؟!، يرشدها زملاؤها إلى الذهاب لأقرب مركز شرطة، أو سراي نيابة أو إلى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء أو مشيخة الأزهر.....، تدخل الفتاة للجهة المختصة، وتبلغ الشخص المسئول برغبتها في اعتناق الإسلام كدين...

 

المسئول.. بمجرد سماع طلبها.. يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بـ.......، وفي خلال أقل من ساعة تفاجأ الراغبة في الدخول للإسلام بأهلها ورجلان من الكنيسة يدخلان عليها، ويطلبان إخلاء الغرفة من الموجودين، وينفردوا بها لساعة أو ساعتين (.... ) يمارسون خلاها كل وسائل الضغط الممكنة، يخرجوا بعدها وهم يقولون إنها قد تراجعت عن مطلبها، وأنها تعلن ثباتها على المسيحية، وربما طلبوا من الموظف المختص أن يأخذوها إلى الكنيسة ليقوموا بمراجعتها ومناقشتها في قرارها، بعيدا عن أجواء الشرطة والنيابة!!!

 

يتصل الشخص المسئول بـ.....، ويبلغه بطلب رجال الكنيسة، وفجأة ينزل السماعة فينطلق الرجلان بالسيدة ويضعانها في سيارة مغلقة وينطلقان بها إلى الكنيسة، وفي صبيحة اليوم التالي تعلن الكنيسة أن الفتاة رجعت إلى عقلها ورشدها وعادت إلى دينها، وتراجعت عن طلبها الدخول في الإسلام، وقد تعلن أنها بحاجة إلى برنامج للعلاج النفسي ويأخذونها إلى الدير، وما أدراك ما الدير، أنه أشبه بمستعمرة أو دويلة داخل الدولة، وسرعان ما ينسى الناس قصة هذه الفتاة التي لا يدري أحد أحية هي أم أنها قد أصبحت في عداد الموتى!!!

الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب، وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام

 

هذا هو السيناريو (السكريبت) بلغة مؤلفي الدراما، الذي يتكرر في كل مرة تعلن فيه فتاة أو امرأة مسيحية رغبتها في اعتناق الإسلام، وهذا هو بالضبط ما حدث مع الفتاتين القبطيتين تيريزا إبراهيم (23 سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة)، الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب بجامعة القاهرة، وهو هو نفس السيناريو الذي تكرر مع السيدة وفاء قسطنطين، البالغة من العمر 48 عامًا، والتي كانت تعمل مهندسة زراعية بإحدى الإدارات الحكومية بقرية أبي المطامير بمحافظة البحيرة، وهو نفس السيناريو المعد سلفا للتعامل مع أي حالة مشابهة!!

 

بين (وفاء) و(تيريزا / ماريان)

الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب، وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام (الصحافة المعارضة المصرية والقنوات الفضائية العربية)، في حالة (وفاء)، في حين سكت الجميع- اللهم إلا القليل النادر- في حالة تيريزا وماريان..

 

ورواية الكنيسة للرد جاهزة ومعدة سلفا وهي أن: الفتاة اختطفت وأُكرهت على الإسلام من قبل جماعة من المتطرفين، وهي تحتاج إلى فترة نقاهة طويلة طبية ونفسية، تسترد بعدها عافيتها، وتعود إلى دينها، ولا تنس الكنيسة بالطبع أن تحذر من مخطط (؟؟!!) يمول من الخارج لأسلمة الفتيان والفتيات المسيحيات، ولا مانع أن تتهم إمام أحد المساجد في بلدة الفتاة بأنه يقف خلف الموضوع، وأنه مشغول بدعوة النساء المسيحيات للدخول في الإسلام!!

 

 

أما رواية الجهات الأمنية فهي أن الفتاة: وقعت في أحابيل علاقة غرامية مع (زميلها) شاب مسلم، أغـراها بالزواج، وأنه عندما علمت أسرة الفتاة بقصة الحب هذه ضغطت على الفتاة لكي تقطع هذه العلاقة فورا، لكن الفتاة رفضت أن تنصاع لضغوط الأسرة لإنهاء هذه العلاقة، فقامت بإشهار إسلامها!!

 

سيناريو محبوك.. وخطة جاهزة لإفشال أي محاولة من أي نوع لاعتناق شاب أو فتاة مسيحية دين الإسلام، وقبيل ثلاثة أسابيع قامت الجهات الأمنية بمحافظة الفيوم (على بعد120 كيلو متراً من القاهرة)، بإعادة فتاتين قبطيتين هما تيريزا إبراهيم (23 سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة) الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب جامعة القاهرة إلى أسرتهم للحيلولة دون تفاقم الموقف، وقامت أسرة الفتاتين فور تسلمهما بحلق رأسيهما تماما وإلباسهما رداء الرهبنة، ونقلهما إلى الكاتدرائية القبطية في العباسية، بعدما تظاهر مئات من الأقباط أمام كنيسة مار جرجس بوسط مدينة الفيوم يوم 28 فبراير الماضي، احتجاجا على إعلانهما اعتناق الإسلام.

 

وأصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا قالت فيه إن الفتاتين توجهتا إلى فندق في الفيوم للإقامة فيه، لحين انتهاء جلسات النصح الديني لهما، التي يتقرر بعدها ما إذا كانتا تشهران إسلامهما نهائيا أو تبقيان على مسيحيتهما، حيث جرى العرف في مصر على أن يتم عرض أي مسيحي يسعى لتغيير ديانته علي لجنة النصح الديني، التابعة للكنسية، لتقديم النصح له بالبقاء على دينه، قبل إشهار إسلامه، في حالة تأكيد رغبته في ذلك. فيما ترددت أنباء عن رفض الكنيسة إسداء النصح للفتاتين في مديرية الأمن أو الفندق، قبل أن تسلمهما قوات الأمن لأسرتيهما، على غرار ما حدث مع زوجتي قس أبو المطامير وقس الشرابية، في كانون ثاني (ديسمبر) الماضي.

ولم يستطع أحد ساعتها أن يجد تفسيرا للصمت المريب للمنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها .

 

واقعة مشابهة

وقبل هذا الحادث بثلاثة أشهر فقط، أثار إعلان السيدة وفاء قسطنطين، زوجة أحد الكهان بالكنيسة المصرية، إسلامها، ثم ادعاء الكنيسة، بعد تسليمها السيدة وفاء، أنها قد عادت إلى دينها، عدة تداعيات وفتاوى دينية، في مقدمتها أن الإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه، ولا على الاستمرار فيه، وعدم جواز ردّ المرأة التي أعلنت إسلامها إلى أهل دينها الأول، مهما يكن السبب، بل ووجوب حمايتها ونصرتها.

 

وانتقدت "اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الديني"، التي تضم مثقفين معظمهم من الصحفيين والمحامين وأساتذة الجامعات، تسليم أجهزة الأمن فتاتين مسيحيتين، أعلنتا رغبتهما في إشهار إسلامها، إلي الكنيسة، واعتبرته تناقضا مع "حرية الاعتقاد، وحرية الدين"، ودعم "للتطرف الديني، الذي تمارسه قلة من المتطرفين الأقباط مدعومين من المؤسسة الكنسية"، ووصفت تسليم الدولة للفتاتين بعدما لجأتا إلى أجهزة الأمن في محافظة الفيوم، لاعتناق الإسلام رسميا، بأنه "جريمة أخلاقية، وجريمة قانونية، وجريمة دستورية أيضا"، وتأكيد لغياب دور الدولة الرسمية، معتبرة أنها فقدت مبررات وجودها كدولة.

 

وأصدر حوالي 30 مثقفاً مصرياً، ما بين صحفي ومحامي وأستاذ جامعة، معظمهم من الإسلامييين، بيانا انتقدوا فيه رضوخ الحكومة المصرية وقبولها تسليم السيدة التي أسلمت إلى رجال الكنيسة، كما عابوا فيه انسحاب الدولة ومؤسساتها من تحمل مسئولياتها القانونية والدستورية أمام مواطنيها بشكل خطير، وترك الساحة للضغوط المتطرفة التي وصلت إلى حد تسليم مواطنة إلى بعض رجال الدين ليضعوها قيد الاعتقال والتحفظ، وإجراء عزل كامل لها عن العالم الخارجي بدعوى مراجعتها للتثبت من أنها ليست واقعة تحت إكراه ديني.

 

وجاء في البيان الذي صدر تحت عنوان "بيان حول الأزمة القبطية الأخيرة": أن حرية الاعتقاد ينبغي أن تكون مكفولة للجميع، وينبغي أن تكون مصونة بقوة القانون، وأن تكون محمية، وأن الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والقضائية هي المخولة وحدها بالتحقيق مع مواطنيها ووضعهم قيد الاحتجاز أو الحبس وفي الأماكن التي حددها القانون، و إلا أصبحنا أمام دولتين، كما أن هيبة الدولة ذاتها تكون ساقطة من حسابات مواطنيها بعد ذلك، وأن خضوع الدولة وأجهزتها للابتزاز تحت ضغط المظاهرات المتطرفة يشكل سابقة خطيرة تعطي إشارات سيئة إلى الأطراف الدينية الأخرى بأن المطالب تنتزع بالضغط والابتزاز، وليس وفق القانون وضمانات مؤسسات الدولة.

 

ولم يستطع أحد ساعتها أن يجد تفسيرا للصمت المريب للمنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، كما تساءل الكثيرون عما كان يجب أن يفعله المجلس القومي للمرأة، وناشد المثقفون كافة المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية التدخل لتحرير السيدة وفاء من الاعتقال الكنسي، ومنحها حرية الحركة والتنقل والإشراف الطبي والاجتماعي والاتصال بالعالم الخارجي، كإنسانة، وكمواطنة مصرية، وكذلك منحها حق اختيار السكن الذي تريد.

 

كما ناشد المثقفون الأجهزة الأمنية والقضائية تقديم المعلومات الصحيحة والمباشرة إلى أجهزة الإعلام لتوضيح صورة الأحداث المماثلة قبل أن تستفحلº وناشدوا الشرفاء والوطنيين من الأقباط أن يعلنوا صوتهم صريحا دفاعا عن حرية المواطنة "وفاء قسطنطين" وحقوقها الإنسانية، وألا يخضعوا لمنطق التطرف والتعصب الديني، مطالبين الدولة بتحقيق مبدأ الشفافية في هذه القضية بإتاحة الفرصة كاملة للصحافة المصرية بالالتقاء بالسيدة وفاء والتعرف على حقيقة قضيتها والضغوط التي مورست عليها ومن أي جهة كانت وحقيقة قناعاتها الدينية.

 

لا إكراه في الدين

وقد جاء القرآن الكريم صريحا وواضحا في بيان "حرية الاعتقاد"، قال - تعالى -: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)، وقال أيضا: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقال - تعالى -: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وقال - سبحانه -: (يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... ).

 

وحول ما يردده البعض من أن القانون يفرض إجراءات معينة لإشهار إسلام القبطي أو القبطية منها ضرورة أن تتاح له فرصة الخلوة برجل دين مسيحي ليعظه وينصحه، وأن إشهار الإسلام لا يتم إلا بإعلان رجل الدين أن الطرف المعني مستمسك بالإسلام، قال الفقيه الدستوري والمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا: "هذا الكلام غير صحيح، فهذه المسألة لا ينظمها قانون في مصر أصلاً، وإنما جرى بها العرف منذ زمن، نافيا أن يكون في الإجراءات المتبعة في مصر، ولا في غيرها من بلاد الأرض قاطبة، إجراء يتيح، أو يبيح، تسليم شخص أعلن إسلامه إلى أهل دينه السابق، مؤكدا أن هذا التسليم في ميزان الإسلام "خطيئة غير جائزة".

 

وكانت صحفا مصرية قد نقلت تسريبات عن اللقاءات الأولى التي سمحت بها بالفعل السلطات لوفد الكنيسة بالجلوس مع الزوجة، أكدت فيها أنها أسلمت منذ عامين وعن قناعة ودون إكراه من أحد، وأنها تحفظ 17 جزءا من القرآن، وأنها تصلي بعينيها، وتصوم رمضان سرا. ويشكل الأقباط، حسب الإحصائيات الرسمية في مصر، نحو 5. 3 % من عدد السكان البالغ 76 مليون نسمة، أي نحو 4 ملايين نسمة.

 

وادعي قسيس بكنيسة أبي المطامير بمحافظة البحيرة أن السيد محمد المرجون زميل السيدة وفاء قسطنطين قام باختطافها وأرغمها على إشهار إسلامها. وقال منظمة أقباط الولايات المتحدة في موقعها على الإنترنت أنه "بعد الضغط الذي صنعه الأقباط المعتصمون المتظاهرون في الكنيسة على الحكومة، سلمت مباحث أمن الدولة الفتاتين للآباء الكهنة، وتم إرسالهما لأحد الأديرة، ولم يتم الإعلان عن اسم الدير، وهما الآن في الدير مع والديهما".

يشار إلى أن امرأتين مسيحيتين في مدينة أبو المطامير أشهرتا إسلامهما خلال الأشهر الستة الماضية، غير أن الكنيسة تتهم الشرطة المصرية بالتواطؤ ضد الأقباط، مدعية أن ما يقوله الضباط في مركز أبو المطامير من أن المسيحيات يشهرن إسلامهن بمحض إرادتهن كلام غير صحيح.

 

ويقول علماء: الأصل أن الإسلام لا يُكره أحدا على الدخول فيه، كما أنه لا يكره أحدا على البقاء فيه والاستمرار على اعتناقه وهو كاره، قال - تعالى -: " (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [البقرة: 256]. وقال أيضا: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (جزء من الآية 29 من سورة الكهف). وقال أيضا: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (سورة يونس الآية 99).

 

والثابت عند أهل العلم أنه لا يجوز للمسلمين ردّ المرأة التي جاءت إليهم مسلمة، غير أنه يجب على الدولة المسلمة أن ترد إلى زوجها غير المسلم الذي بقي على دينه ما دفعه لها من المهر وما في حكمه من بيت مال المسلمين، أو تلزم بهذا الرد من يتزوجها من أهل الإسلام، لئلا يضار الزوج من أهل الدين الآخر في ماله لسبب لا شأن له به ولا ويد له فيه.

 

وذلك امتثالا لقوله - تعالى - في سورة الممتحنة: «يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... » إلخ الآية العاشرة من السورة. والمقصود بالامتحان هنا أن يتأكد أن سبب إسلام المرأة هو رغبتها في الدين.

وعليه فإنه لو كانت الفتاتان قد أكرهتا على العودة للمسيحية وترك الإسلام بعدما دخلتا فيه ولو بقلبيهما فإنهما تكونان مؤمنتين، وأمر عقيدتها بينهما وبين ربهما، وهو أعلم بهما من خلقه أجمعين وأرحم بهما من خلقه أجمعين، ويبقى إثمهما على من أكرههما، وعلى من مكنوا المكرهين منهما بعدما أعلنتا أنهما مسلمتين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply