المرأة .. ثم عمل المرأة ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد باتت قضية عمل المرأة من أعقد القضايا التي طرحت للنقاش منذ أن نالت البلاد الإسلامية استقلالها السياسي من نير الاستعمار الغاشم وإلى اليوم.

وحاول الكثيرون خلع المرأة المسلمة من منهاجها الرباني القويم، مسايرة للمرأة الغربية، ولتكون سهلة المأخذ.

وجنح غير قليل إلى إثارة الشبهات وإبداء المغالطات ليغطوا بها معالم الحق.

واتخذ أرذلوهم من وضع المرأة اليوم في البلاد الإسلامية وسيلة لتبرير مناهج تغريب المجتمعات الإسلامية الحاضرة.

 

لقد قدّر الإسلام المرأة وأكرم إنسانيتها وقرر حقوقها وآدابها وواجباتها، واهتم برعايتها ومكانتها ودفعها إلى تحمل مسؤولياتها النوعية، وجعل ذلك كله قرآناً كريماً وحديثاً نبوياً، شريفاً، فكانت سورة النساء من طوال المفصل، وسور أخرى مثل التحريم والمجادلة والطلاق قرآناً وتشريعاً وعبادة.

وكذلك انتهجت السيرة والأحاديث الشريفة فيها منهجاً عملياً وفق توجيهات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووصاياه.

ثم، هضم حق المرأة في المجتمع الإسلامي في عصور الانحطاط، من ناحيتين: حرمت من حقوقها الشرعية في العلم والعمل وإبداء الرأي، ومن ناحية أخرى بترت عن وظيفتها التربوية والأسرية، وحصرت في الاستمتاع والاستخدام، فتخلفت عن بناء المجتمع، وضعف دورها فيه حتى أضحت شيئاً لا يعتد به إلا حين متعة الرجل ومصلحته..

ثم، غزيت أفكار المرأة وأسرتها وافتري عليهما بافتراءات شتى، واتهمتا بما ليس فيهما، ونسب الغزاة ذلك كله إلى الإسلام، والإسلام منه براء، إذ استغلوا أوضاعها الاجتماعية المريضة وإهمال مجتمعها لها، وحرمانها من وظائفها وحقوقها، فأعلنوا أن الغرب يمكنه إنصافها ورعايتها وإعطاءها حقوقها، وعمدوا إلى مسائلها الفقهية فشوهوها وإلى مزاياها الشرعية فطمسوها، ثم حاولوا ربطها بالحريات المتفلتة والعمل المضني، والتعليم المختلط والمساواة الزائفة مع الرجل.

وشجعوا على تعليم المرأة وتوظيفها، فاستجابت لهم وأضحى العمل من تطلعاتها، فصار مشكلة اجتماعية لم تعتد عليه، ومشكلة عمالية لا توفق فيه أحياناً إلى اختيار العمل المناسب، ومشكلة أسرية تهدر من أجله بعض واجباتها، ولكنها على كل حال أثبتت جدارتها في بعض المجالات الطبية والتعليمية والنسائية والعملية.

لقد جاء في نتائج استفتاء أجرته مجلة (كلير) في باريس حول مساواة المرأة بالرجل: إن مليونين ونصف امرأة فرنسية مللن المساواة مع الرجل، وإنهن مللن الحياة العصرية، مللن حالات التوتر الدائم طوال ساعات النهار وأغلب ساعات الليل، مللن الاستيقاظ من الفجر خوفاً من أن يتأخرن عن ساعات بدء العمل في المصنع والمكتب مللن الحياة العائلية التي لا يرى فيها الزوج زوجته إلا أثناء العطل أو عند النوم، مللن الحياة التي لا تستطيع فيها المرأة أن تباشر مسؤولياتها الكبرى في تربية أطفالها فهي لا تراهم إلا لحظات خاطفة تكون خلالها مرهقة الجسم خائرة القوى متوترة الأعصاب.

وبعد، فهل يا ترى تعي المرأة المسلمة حقيقة تلك الدعوة المريبة وتلزم تعاليم دينها الذي كرمهاوكفل حقوقها وتقوم بأداء مهمتها في رعاية بيتها وتربية أولادها، فمهمتها ليست بهينة لو علمت ذلك وهي تتذكر دوماً حديث المصطفى إذ يقول - صلى الله عليه وسلم - (... والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply