مصطلحات أراد الغرب نشرها :


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قرأت في الحبيبة المجتمع كلمات تبدو بسيطة في طرحها، ولكنها تحمل مضموناً خطيراً جد خطير، مثل "الإسلام السياسي" و"رجال الدين الإسلامي" و"أفكار أصولية" ونطرح هنا عرضاً ومناقشة لمثل هذه المصطلحات حتى يتبين الحق، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي، ونستغفر الله، ولن نذكر في أي مقال ولا أي عدد حتى نجعل الأمر خالصاً لله.

إن المصطلح يجب أن يكون جامعاً مانعاً، أي جامعاً لكل ما هو تابع له، مانعاً لما هو مخالف له من الدخول تحت عباءته، كما يقول علماؤنا الأفاضل.

استخدم مصطلح الإسلام السياسي، وهذا المصطلح غريب على الفهم الإسلامي الصحيح، واستخدم حديثاً لأسباب لا تخفى.

والقرآن الكريم تناول أموراً توضح أن ما يسمى سياسة هو من صميم الإسلام، فليس في الإسلام "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" بل إن ما لقيصر أيضاً لله.

فعلى مستوى الأفراد نفسياً، نجد: فلا وربك لا يؤمنون حتى" يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65) (النساء).

وعلى مستوى الأفراد، قضائياً وحكماً جنائياً، نجد: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم 33 (المائدة).

وعلى مستوى الجماعات والدول، نجد: إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى" مدتهم إن الله يحب المتقين (4) (التوبة).

قد يقول قائل: إن من الأصول إذا حاورنا أصحاب فكر ما، أن ننقل مصطلحهم على الأقل، حتى نتبين كيف يفكر الآخرون.

ولكن من هذه الأصول، بل هو من جذور هذه الأصول، إن صح التعبير، أن يُلزم الطرف الآخر بالاعتداد بمصطلحات وأصول الطرف الأول، أي أن على المحاور للفكر والأيديولوجية والعقيدة الإسلامية، أن يلتزم بمعنى ومصطلح الإسلام لأمر من الأمور، حتى لا تميع القضايا.

قد يقول قائل: إن للقضية أبعاداً أخرى غير التي نراها من بعيد، ولا شك أن الاعتداد بالأبعاد الأخرى والأبعاد التي لا نراها من بعيد، يمثل أصلاً من أصول المناقشات العلمية، والتحليل المنطقي لأية قضية أو مشكلة.

فهل علينا إذا حاورنا أصحاب الفكر الشيوعي الماركسي أن ننقل مصطلحهم "على الأقل حتى نتبين كيف يفكر الآخرون".

أو إذا حاورنا أصحاب الفكر الرأسمالي أن ننقل مصطلحهم "على الأقل حتى نتبين كيف يفكر الآخرون".

والتفريق بين أطياف مختلفة لا يكون باستخدام مصطلحات لها ظلال سيئة.

ففي الصحافة مثلاً يقولون "الإسلام الروسي".

نقول المسلمون في روسيا

أو جماعة من المسلمين السنة

أو جماعة من المسلمين الشيعة

أو جماعة من المسلمين الصوفية.

أو نقول الجماعة الإسلامية المسماة كذا، وكذا تحدد منهاج تلك الجماعة:

فمنهم من يركز على الأعمال الخيرية

ومنهم من يهتم بالنواحي التعبدية

ومنهم من يهتم بالنواحي السياسية

ومنهم من يهتم بالنواحي الرياضية

ومنهم من يهتم بالإسلام شاملاً كاملاً، حيث لا يوجد إسلام على كل لون وشكل!!

لأننا إذا فعلنا ذلك، وتابعنا كل ناعق، تحول الأمر لمن يقرأ فكرنا، ألا يظهر له إلا مسخاً لا وجه ولا ذنب.

لقد أصر المستشرقون على تسمية المسلمين "محمديون" اقرأ إن شئت، القواميس الإنجليزية وغيرها.

ولكن إصرار المسلمين، علماء ومفكرين، على رفض هذا الاسم والمصطلح، أدى إلى التزام أكثر المستشرقين والغربيين عموماً باستخدام المصطلح الإسلامي ونبذ المصطلح المغرض!! فالحقيقة أن الكنيسة تعجبت من عالمية الإسلام، وأنه غير مرتبط بشخص رسوله، فالمسيحية من المسيح، والنصرانية من الناصرة، حيث ولد المسيح {، والماركسيون من ماركس مبتدع الماركسية، أما "المسلمون" فهو اسم لا علاقة له باسم رسول الإسلام، فإذاً الناظر يستشعر الفرق، ويحس العالمية، ولو قرأ وجد "يا أيها الناس"، ولم يجد يا أيها العرب، أو يا أيها الترك، فكانت غصة حاولوا ابتلاعها بالتزوير.

قد يقول قائل: ليس معنى إنكاره أن يبطل الآخرون طرحه، ولكن كما يرى المتابع لمثل هذه المصطلحات، أن إنكارها سوف يؤتي، إن شاء الله، ثماره ولو بعد حين.

ذلك هو سبب إحساسنا العميق بوجوب الالتزام بالحق، حتى يستجيبوا كما حدث في اسم الدين. إن مصطلح الإسلام السياسي، مصطلح خبيث، يطول شرح ما تحته في هذه العجالة.

ويقولون: رجال الدين، ولا يوجد في الإسلام رجال دين، بل يوجد علماء دين، وهذا ليس تنطعاً، فالمصطلح مرة أخرى معبأ بما استخدم فيه، ولا يتصرف إلا لما عرف به.

فكلمة "رفيق" مثلاً كلمة عربية فصيحة لا غبار عليها، ولكن عندما استخدمها الماركسيون بديلاً عن كلمة "الأخ" لأنها كلمة أصبحت مصطلحاً للإخوان المسلمين، لزم استخدام مصطلح آخر ميزهم عن غيرهم، وفي دول الخليج عندما استخدمت العمالة الوافدة كلمة "رفيق" رفضها المثقفون الخليجيون واستبدلوها بكلمة "صديق".

كذلك رجل الدين في الفهم الكنسي له صلاحية الحديث باسم الأب، باسم الله، ولا يستطيع أي شخص أن يدخل في سلك رجال الدين إلا عن طريق الأكلريوس الكنسي، أو ما شابه تبعاً لكل كنيسة.

في الإسلام لا يوجد مثل هذا الأمر، بل إن كل من درس دراسة منهاجية يعتد به كعالم من علماء المسلمين، ولا يحق لأحدهم أن يتكلم باسم الله، بل الكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المصطفى {صاحب هذا المقام، كما كان يقول الإمام مالك عليه رحمة الله.

وكما ترون إن فتح باب المصطلحات غير المنضبطة لا يمكن إغلاقه، وترديده سوف يمنحه مع الزمن صفة الوجود والحياة:

إسلام المناسبات،

إسلام المشروعات السياسية،

الإسلام السياسي،

الإسلام الروسي

وهكذا دواليك!!

وأفكار "أصولية"، هذا المصطلح كذلك سيئ، فهو كنسياً له معان الإسلام يعد بعيداً عنها، حيث يعني عندهم الجمود على عصر الإقطاع قبل عصر النهضة والتنوير في أوروبا.

ولكنه محترم إسلامياً حتى إن أحد أمراء الخليج رفض استخدامه في أحد مؤتمرات وزراء الداخلية العرب، ثم اختار الأمريكان مسمى "الإرهاب" بديلاً.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply