حدث وموقف


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأحداث الأخيرة التي صاحبت المساس بقدسية المصحف بالطبع هي ليست أحداث عرضية لا رابط بينها، فهي تعكس توجهاً ليس رسمياً، وإنما عقدياً لما يعتقده هؤلاء أن الكل في خدمة مشروع إسرائيل الكبرى، هذا من ثوابتهم، ومن الطرق التي توصلهم إلى تحقيق أهدافهم إلحاق الهزيمة النفسية بنا بشتى الوسائل والأشكال، ومن ثوابتهم أيضاً ضرورة هدم المسجد الأقصى وهي مسالة وقت وظرف مناسب حتى يُقام الهيكل.

علينا أن نعي دوماً أن لأِعدائنا ثوابت كما أن لنا ثوابت، ينطلقون منها ويعملون وفق خطط محددة لإنجاز ما خططوا له، والذي ما كان أن يلقى أي نجاح لولا الهجر الحادث منّا لكتاب الله تعالى، لا لنبل مقصدهم أو تفوقهم أو ذكائهم.

و لكن سنة الله جرت أن من يأخذ بالأسباب يصل، والاستيلاء على الأرض ومقدراتها يمكن أن يتحقق لأي أمة استوفت تلك الأسباب صالحة كانت أم طالحة.

أمريكا لا تحترم مشاعرنا لأِننا وإن كنّا نملك الحق فإننا لا نملك القوة التي ندافع بها عن هذا الحق، وهنا ينبغي أن تستدعي ثوابتنا، فالقوة لا يمكن أن تنتج حقاً شرعياً مهما طال عليها الأمد أي الزمن، وعليه فليس معنى أننا لا نملك القوة في هذه الحقبة من الزمن، أننا لسنا أصحاب الحق أو أن نشك فيه ولو طرفة عين أو أقل من هذا، أو أن المسجد الأقصى، وإن هُدِم َ أن هذا ينفي عنه صفة المسجدية.

وعليه أيضاً فلا بد أن نعي، ونستعد نفسياً ونتهيأ أننا سنعمل لهذا الدين وسنظل نعمل، لأِننا مخاطبون بالشرع لا بالأقدار، لا في أجواء مريحة مطمئنة، يتحقق فيها الهدف تلو الآخر، بل هو القلق والخوف والترقب والحذر، ولكنه أيضاً الفقه والاستعداد باستغلال أقصى المتاح.

فقه النوازل والذي على علماؤنا إشاعته في الأمة وبخاصة في هذه الفترة، لنتعلم كيف نتعامل مع هذه النوازل والحوادث، دون أن يصرفنا ذلك رغم بشاعة الألم، وشدته وعصفه بنا على ما نراه من إهانة لمقدساتنا، وأولها وأعلاها المسلم نفسه، وكتاب ربنا والإساءة لنبينا، لا يصرفنا كل ذلك عن البناء لأمتنا والاستمرار في ذلك، فبرغم الخوف وشدة الالتحام في المعارك بقيت الصلاة.

الله تعالى غني عن عبادة الخلق أجمعين، وهو ارحم بهم من أنفسهم، ولكن تبقى صلاة الخوف مفروضة رمزاً للثبات على الطاعة والعمل لهذا الدين مهما لاقى المسلمون.

فأشد هزيمة يمكن أن تلحق بنا هي أن نفقد الأمل، أو أن نشعر باليأس، لأن هذا معناه فقد الأمل فيما وعد به ربنا سبحانه وتعالى(كتب الله لأغلِبن أنا ورسلي) ويلاحظ التعبير بصيغة الماضى، فهو أمر قد فُرِغَ منه، وإنما هي مراحل تصفية وتربية تمر بها الأمة.

خطوات يمكن أن نقوم بها، آخذين في اعتبارنا التفريق بين الشعوب والحكومات، فيمكن مراسلة العقلاء المنصفين من علماء الغرب واستكتابهم في هذا الأمر، فهم أقدر على فهم اللغة التي يتخاطبون بها مع حكوماتهم.

إعداد رسالة باللغات الثلاثة، ووضع رابط لها على المتاح من المواقع والدعوة إلى التوقيع عليها وإرسالها إلى كافة الحكومات والمنظمات والهيئات الرسمية والدولية، كما تم أيام أزمة الحجاب في فرنسا.

أن تستمر حملة منظمة وفق أهداف مخطط لها جيداً ووسائل محددة لحماية القرآن بتتبع كل من يسئ إليه كتابة أو فعلاً ومقاضاته أمام المحاكم الدولية المنصفة، فليس من المفترض أن نقع دوماً في نطاق رد الفعل ولا نتحرك إلا بعد أن تحركنا الأحداث.

تجديد الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية، وإعداد حملة إعلانية مناسبة لهذا الأمر تستجيش مشاعر المسلمين انك تدفع أموالك لمن يهينون كتابك الكريم.، فأي مسلم مهما كان ضعف انتمائه لدينه، حتى ولو كان علمانياً في تفكيره، لا أظنه يقبل مطلقاً المساس بكتاب الله تعالى.}لاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مٌّؤمِنِينَ}

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply