الاقتصاد الإسلامي يجتذب فرنسا العلمانية


  

بسم الله الرحمن الرحيم

في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ فرنسا من المنتظر أن تقدم في أوائل السنة المقبلة أول تعديلات قانونية إلى البرلمان في اتجاه انفتاح باريس على الاقتصاد الإسلامي، وذلك عن طريق تعديل نظامها المصرفي بالشكل الذي يستجيب فيه لنظام المصارف الإسلامية.

هذه المبادرة تأتي بعد تردد كبير بالنظر إلى التقاليد الفرنسية العلمانية، والتي ترفض إدخال الدين في أي من مجالات الحياة، غير أن استئثار العاصمة البريطانية لندن بجانب كبير من استثمارات البنوك الإسلامية، وخاصة الخليجية حتى الآن دفع الفرنسيين إلى التفكير جديا في فتح نظامهم المصرفي للبنوك الإسلامية.

وعلمت شبكة "إسلام أون لاين. نت" أن اجتماعات متعاقبة عقدت في الأيام الأخيرة بوزارة الاقتصاد برئاسة وزيرة الاقتصاد كريستين لاقارد "بحثت إمكانية إجراء تعديلات في النظام المصرفي الفرنسي كي يستجيب لشروط التعامل وفق الشريعة الإسلامية".

هذه الاجتماعات، بحسب عدد من المشاركين، تعتبر تحضير لدراسة يجرى الإعداد لها، وستلحقها بنود قانونية تقدم في أوائل 2008، كما ستقترح إجابات حول تطوير النظام المصرفي ليتاح التعامل مع البنوك الإسلامية، والتي وصلت استثماراتها في العالم إلى 500 مليار دولار تدار بحسب الشريعة الإسلامية.

وعلى صعيد الاهتمام الفرنسي بالاقتصاد الإسلامي أيضا عقدت ندوة جمعت مختصين عرب وفرنسيين أوائل الشهر الجاري بباريس حول آليات التعامل الاقتصادي الإسلامي في فرنسا، كما ينتظر أن تعقد في مدينة ستراسبورج بالشمال يوم 11-1-2008 ندوة دولية حول البنوك والاقتصاد الإسلامي.

 

أحد التابوهات

فتح ملف تعديل نظام البنوك الفرنسية وفق الشريعة الإسلامية من شأنه أن يكسر أحد تابوهات النظام الفرنسيº الأمر الذي قد يثير جدلا داخل الساحة السياسية في الأشهر القليلة المقبلة، وخاصة أمام تمسك قطاع كبير من النخبة بالنظام العلماني في كافة مجالات الحياة.

ولتقنين التعامل المصرفي وفق أحكام الشريعة الإسلامية، يفرض الاقتصاديون المسلمون 5 شروط، وهي: "منع الفوائد أو ما يسمى في أحكام الشريعة بالربا، والثاني: تقاسم آثار التعامل في الخسارة والربح على حد سواء، وثالثا: منع التعامل المالي غير المؤكد أو ما يسمى في أحكام الشريعة بالغرار، والرابع: منع الاستثمارات في المواد والسلع المحرمة وفق الشريعة كالتبغ والخمر والمخدرات وتجارة السلاح، أما الأخير فهو: الاستثمار في المنافع الإنسانية بشكل عام.

 

البنوك البريطانية

وحتى الآن تتعامل البنوك الفرنسية مع الشركات والمؤسسات المصرفية العاملة وفق الشريعة الإسلامية عبر البنوك والمؤسسات البريطانية.

وتحظى لندن بالنصيب الأوفر من الاستثمارات والمعاملات المالية الإسلامية نظرا لتأقلم نظامها المصرفي مع الشريعة الإسلاميةº مما دفع البريطانيين سنة 2004 إلى فتح أول بنك إسلامي بريطاني أصبح فيما بعد يمثل قبلة مليوني مسلم بريطاني يحبذون التعامل معه.

 

ويتركز التعامل المصرفي وفق أحكام الشريعة الإسلامية بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تستأثر بتعامل مالي يبلغ 350 مليار دولار، ثم تأتي في المرتبة الثانية منطقة جنوب شرقي آسيا بمائة مليار دولار، ثم بريطانيا بـ 20 مليار دولار، أما بلدان أمريكا الشمالية فتحتل المرتبة الرابعة بـ10 مليارات دولار.

وبحسب مجلة "دي بنكر" البريطانية المختصة، فإن ترتيب الثلاثة البنوك الأوائل التي تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية هي: البنك الإيراني "ميلي" بحجم تعاملات يبلغ 35، 5 مليار دولار، وبنك "صادرات" الإيراني بـ 34، 8 مليار دولار، ثم "مؤسسة تكافل" في سلطنة بروناي بـ 31، 5 مليار دولار.

وولدت فكرة إنشاء بنوك إسلامية لأول مرة سنة 1970 بتوصية من منظمة المؤتمر الإسلامي، وبعد هذا التاريخ بخمس سنوات جرى إنشاء أول بنك إسلامي باسم "البنك الإسلامي للتنمية"، ثم "بنك دبي الإسلامي".

وقامت فيما بعد باكستان بتحويل نظامها البنكي سنة 1979 إلى نظام المعاملات الإسلامية، ثم لحقت بها السودان وإيران وغيرها من الدول العربية والإسلامية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply