المرأة الأفغانية في مواجهة التحدّيات!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أثار الاحتلال الأمريكي لأفغانستان مشاعر أسى عميقة في نفوس المسلمين، خاصة وأن الشعب الأفغاني شعب مسلم فقير لا يكاد يجد لقمة عيشه، ولم ترض أمريكا باحتلال أفغانستان فقطº بل راحت تبث سمومها، وتروّج ثقافتها الغربية بين أوساط الأفغان، ونالت المرأة الأفغانية القسط الأوفر من حربها الفكرية المسمومة، ودعوتها للسفور والتبرج ومخالطة الرجال، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتلال نتعرف في هذه السطور على ردود الأفعال النسائية تجاه ما تعيشه المرأة الأفغانية في ظل الاحتلال الأمريكي، وهل تم منحهن الحياة الكريمة، والحرية الكاملة في ظل الاحتلال.

في البداية تقول الكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم: إن ما حدث في أفغانستان حرب غير إنسانية على كل المستوياتº لأنها حرب قادها الهوى والغرور الأمريكي، وأخذت الناس بالظنون والشبهات، وكان وقودها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكلهم من المدنيين، وتحمّلت المرأة الأفغانية بصفة خاصة أعباء هذه الحرب الفاجرة بعد أن فقدت بيتها وزوجها وبعض أطفالها أو كلهم وبعض إخوتها أو كلهم.

إنني رأيت صورة امرأة أفغانية أدمت قلبي، وهي تحمل رفات زوجها، وتصحب أبناءها الصغار إلى رحلة المجهولº هذه المرأة ومثيلاتها يعانين الكثير الكثير في رحلة البحث عن مأوى، ثم توفير رغيف الخبز والأغطية والعلاج، ناهيك عن تعليم الصغار، وأذكر هنا أن ما فعلته أمريكا من إلقاء الطعام بجوار القنابل للمدنيين إنما هو تمثيلية غير أخلاقية بعدما كشفت العديد من وسائل الإعلام أن الدقيق (الطحين) الذي تقذفه الطائرات الأمريكية مأخوذ من قمح تم هندسته وراثياً كي يضر بصحة من يستخدمه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة كانت تأمر الطائرات بقصف مخازن الطعام التابعة لهيئات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة، وهذا يعني أنه كان يُراد تجويع الشعب الأفغاني بنسائه وأطفاله وشيوخه الذين يتباكى عليهم الإعلام الغربي الكاذب.

 

تشويه صورة المرأة الأفغانية:

أما د. نادية هاشم الأستاذة بكلية الدراسات الإسلامية للفتيات بجامعة الأزهر فتقول: إن الولايات المتحدة ومعها الغرب اغتصبت القانون الدولي، وداست على الأمم المتحدة، واحتلت أفغانستان بالقوة الغاشمة التي صبّتها على شعب جائع بائس، فالإعلام الغربي شوّه صورة المرأة الأفغانية بأنها مضطهدة وجاهلة لا تتعلم، وترتدي النقاب عنوة في ظل حكم طالبان، وهذا محض افتراءº فأذكر هنا أن فضيلة مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل حينما ذهب بصحبة الوفد الإسلامي إلى أفغانستان عاد وأنكر هذه الاتهامات، وقال: " إن ما يتردد في هذا الشأن محض افتراء، وإن الفتاة يتم تعليمها بشكل عادي تحت سلطة طالبان" هذا ما قاله فضيلة المفتي.

أما الحجاب أو النقاب فهو أمر شائع في المجتمع الأفغاني الذي لا يكاد يعرف السفورº على الرغم من الحملة الأمريكية ضد النقاب، والغريب أن الغرب هلّل للموسيقى التي انطلقت من الإذاعة في ظل الاحتلال الأمريكي، وأنا أتساءل: هل وفّرت هذه الموسيقى الطعام والمأوى والأمن للنساء؟ هل فعلت الموسيقى شيئاً لامرأة فقدت زوجها وأطفالها؟

وتضيف د. نادية هاشم: إن أمريكا والغرب أمم مادية انتهازية لا تقيم وزناً لخصوصية الشعوب.

 

صلاح المرأة الأفغانية:

وتقول د. نشوى سيد المدرسة بكلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة: إن الغرب يريد أن تخلع المرأة الأفغانية حجابها، وترتدي الجينز، وتستمتع بالموسيقىº لكي يضعها على أعتاب التقدم المزعوم الذي مارسته مع مختلف الشعوب العربية والإسلامية، ولم يأت عليها إلا بمزيد من الانحطاط والتخلف، ولو أن مصلحة الشعب الأفغاني تهمهم لما دمّروا بنيته التحتية، وما هدموا المدارس والمساجد، ولقدّموا للناس معونات حقيقية ومساعدات تنموية تخرجهم مما هم فيه من فقر وضنك.

وتضيف د. لبنى صلاح الدين بكلية العلوم - جامعة القاهرة: إن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان بدعوى تحرير المرأة الأفغانية لم تأت بأي خير للمرأة الأفغانية، وإنما نتج عنها كل شر، فالمرأة خرجت لاجئة مع زوجها وأولادها، وتبيت في العراء لا تجد المأوى والملبس والمطعم، وقُصِفت وهي في الطريق فتفقد زوجها وأولادها، كما أن الطائرات الأمريكية لم تترك المرأة الأفغانية التي ظلت في بيتها في حالها وإنما دكت عليها منزلها بالقنابل التي تزن الواحدة منها سبعة أطنان، فهل بعد ذلك يتشدقون بحرصهم على أحوال المرأة الأفغانية؟ إن المرأة الأفغانية المسكينة لن تنصلح أحوالها إلا في ظل حركة إصلاح شاملة للمجتمع الأفغاني، تتحقق خلالها عوامل الأمن والاستقرار أولاً، ثم من خلال خطط تنموية طموحة، وتأسيس بنية أساسية، والارتقاء بالتعليم سواء كان للبنين أو البنات في إطار مراعاة خصوصية الشعب الأفغاني، واحترام هويته وشخصيته الوطنية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply