أساليب الحرب النفسية والدعائية ضد الصحوة الإسلامية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأخذ الحرب النفسية والدعائية ضد الصحوة الإسلامية أشكالاً وأبعادًا مختلفة، منها الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتدعمها دول كبرى وهيئات ومؤسسات دولية، من أجل تحطيم معنويات أبناء الصحوة وأنصارها، وإماتة الجهود المبذولة من قبلهم لإعادة مجد الإسلام وعودة الحياة وفق المنهج الإسلامي من جديد ، ومن أجل زعزعة الإيمان والقناعة بالمشروع الإسلامي وترك العمل للإسلام والقعود والرضا بالواقع المفروض على المسلمين .

 

ويمكن القول أن هذه الأشكال والأبعاد التي يعمل عليها أعداء المشروع الإسلامي متقاربة في مختلف البلدان التي تحكمها أنظمة علمانية، وإن اختلفت الخطط والبرامج الاستراتيجية والمرحلية والأساليب والوسائل التي تستخدمها الأنظمة والأحزاب التسلطية العلمانية والجمعيات الأهلية المشبوهة المعادية لما يمت إلى الإسلام بصلة، وسنشير إلى بعض الأساليب والوسائل التي تستخدم في مجال الحرب النفسية والدعائية ضد التوجه الإسلامي عمومًا لغرض تحجيمه وتهميشه وإضعافه، وبعضها كما سنرى أساليب مباشرة والبعض الآخر غير مباشر .

 

1 ـ تضخيم الأحداث المتعلقة بالقضايا الإسلامية إعلاميًا وإعطاؤها حجمًا كبيرًا: بغرض الإثارة والإشغال والتشويش، لكن تأثير هذا الطرح يرتد سلبًا. إذ سرعان ما تنكشف الأكاذيب والمبالغات .

 

2 ـ التركيز على الجوانب السلبية في تطبيقات الحركات الإسلامية : وتشويه تحركاتها واتهام النيات في أي تصرف أو خطوة تخطوها من أجل السعي لتطبيق الشريعة أو خدمة المواطنين.

 

وهنا ينبغي أن نشير إلى أن أصحاب الاتجاه العلماني لا يتصفون بصفة الإنصاف والعدالة في الحكم على ما يقوم به التوجه الإسلامي من إنجازات، وهذه أيضًا لن ترجع عليهم سلبًا فالجماهير لمتعد تتأثر بالأقوال بل تنتظر وترى الحقائق على أرض الواقع .

 

3 ـ إسقاط الأحداث التي تقع في أي بقعة من العالم الإسلامي ـ مهما كانت أبعادها صغيرة ـ على جميع أنحاء العالم الإسلامي وتعميمها، كذريعة لإصدار الأحكام الجائرة بحق الداعين إلى المشروع الإسلامي، علمًا بأن لكل بقعة ظرفها المختلف.

 

4 ـ ممارسة الإرهاب الفكري : تحت عناوين مزخرفة من قبل اللجان والمراكز والمؤسسات السرية والعلنية ـ الإدارية والحزبية ـ الرسمية وشبه الرسمية، وإقامة الندوات والمهرجانات الثقافية والتهجم على الآخرين وخاصة التوجّه الإسلامي، وكيل الاتهامات ضده ومنعه من الرد أو حرية التعبير، مع القيام بتحليل أو تفسير وتأويل أفكاره وأعماله، وفق قناعات وتصورات خاطئة ومخطط لها مسبقًا ونشرها وتعميمها على الجماهير، مما يؤدي إلى زرع الحقد والكراهية ضد كل ما له صلة بالتوجه الإسلامي في قلوبهم .

 

5 ـ استغلال وتحريك الجهات والشخصيات الإسلامية التقليدية ضد التوجّه الإسلامي: وهناك أشخاص محسوبون على الإسلام، وهم في الأصل يقفون ضد أي توجّه إسلامي ـ بسبب فهمهم الخاطئ أو الجزئي للإسلام، وعدم تفهمهم للواقع السياسي والاجتماعي والظروف التي تمر بها المجتمعات المسلمة، وما تحتاج إليه من مؤسسات منظمة وخطط وبرامج لترتيب الأعمال والنشاطات وتحديد الأولويات لإعادة مجد الإسلام، كما أن تلك الشخصيات التقليدية تنخدع ببعض المظاهر والأعمال التي تقوم بها الأنظمة العلمانية والأقوال التي تنفوه بها، ربما وقعت تحت ضغوط، أو انطلت عليها حيل لعدم معرفتها لطبيعة تلك الأنظمة وأساليبها في الخداع والتمويه والكذب وعدم تحرجها في قول الباطل وطمس الحقيقة.

 

6 ـ تأليف وإصدار الكتب والرسائل والمنشورات حول الحركات الإسلامية وحشوها بالأكاذيب والأباطيل والافتراءات : دون حياء أو خجل، وتشويه الحقائق، ونشر وترجمة ما يتهجّم على الإسلام والحركات الإسلامية من اللغات المختلفة مستخدمة المراكز والمؤسسات المشبوهة وأصحاب الأقلام من العلمانيين المتطرفين، الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويزخرفون باطلهم بعناوين وشعارات العلمية والتقدمية وهم أبعد ما يكونون من هذين المصطلحين .. فهم غير موضوعيين وغير علميين في الكتابة والطرح .

 

7 ـ استغلال وتحريك التيارات الفكرية المناوئة والمعادية للإسلام وللتيار الإسلامي: مثل الشيوعيين والوجوديين والحداثيين وغيرهم من أصحاب الأفكار الباطلة للوقوف أمام التوجّه الإسلامي وإشغاله في معارك جانبية ثانوية، وذلك لكون هذه الأفكار وأصحابها لا وجود لهم ولا رصيد في الواقع، وهذا التصرف والأسلوب يظهر هذه الأنظمة على حقيقتها وفساد أفكارها ومناوأتها ومعاداتها للإسلام عقيدة وشريعة .

 

8 ـ تكرار إثارة الشبهات والأكاذيب والدعايات على الإسلام والتيار الإسلامي : وترديدها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وفي الندوات واللقاءات وفي كل مناسبة على أنها حقائق ومسلمات وفق قاعدة (اكذب واكذب حتى يصدقك الناس). والهدف منها تشويه الشخصية المعنوية للتيار الإسلامي وإشغاله بالأمور الثانوية والتشكيك في مصداقيته بين الجماهير.

 

9 ـ تشكيل وإيجاد مؤسسات وأجهزة أمنية واستخبارية عديدة من أجل التحكم في الجماهير : وفي كل شيء حيث تعمل كرقيب على كل تصرفات المواطنين، وتقوم بكتابة ورفع التقارير اليومية والدورية عن كل صغيرة وكبيرة من تصرفاتهم وأحاديثهم وكان الشعب متهم، حيث تُجمع الأدلة والبراهين للقيام بإدانته والحكم عليه فيما بعد .. والهدف والغاية من هذه الأجهزة تركيع الشعب وإذلاله وقتل روح الشهامة فيه وإخضاعه للسلطة الغاشمة .

 

10 ـ عرض البرامج التلفازية والإذاعية المشوهة لصورة الإسلام والتيار الإسلامي ومنها: عرض الأفلام التي فيها يصور الإسلام على أنه دين يقف أمام التقدم العلمي، أو اتهام التيار الإسلامي بالظلامية والجمود، وأنه بمنهجيته هذه يحاول إرجاع المجتمع إلى عقلية القرون الوسطى، وتصم هذه الأفلام أبناء الصحوة بالإرهاب والسذاجة والبعد عن الواقع والجهل والتخلف .. إلى غير ذلك من المفردات التي ابتكرها دهاقنة الفكر العلماني.

 

ومن آثار هذه الأساليب الوضعية إيجاد فجوة بين المجتمع وقيمه العليا المتمثلة في الإسلام .. وتهيئة الأرضية لنمو فكر التكفير والتطرف لدى بعض الشباب المتحمسº علمًا بأن هذه الأنظمة تقع في الكثير من الأحيان في موقف محرج أمام الجماهير لتناقضها بين إعلان التزامها بالإسلام وادعائها تقبله، وبين سلوكياتها المخالفة له .

 

11 ـ الإفساد المخطط والعمل على تشجيع الفساد الخلقي : بشكل علني وتشجيع الاختلاط والسفور ومحاربة الفضيلة والحجاب، وترتيب مناسبات وتنظيم سفرات مختلطة ومسابقات وحفلات للتعارف، وذلك من أجل إيجاد جيل منحرف خلقيًا، بعيد عن الأعراف والمبادئ والقيم الفاضلة .

 

12 ـ العمل على تهميش الدين وتقليص دوره في الحياة العامة: وذلك من خلال السيطرة على المؤسسات التعليمية الإسلامية والمساجد وإماتة دورها الإيجابي في المجتمع، وعدم الاهتمام بالشعائر الإسلامية والتركيز على المناسبات الجاهلية والمستحدثة وإشغال الناس بأفكار بالية وأسطورية لا أصل لها ولا حقيقة، والعمل أيضًا على تهميش دور الجماعات والمنظمات الإسلامية الإيجابي في المجتمعات.

 

وفرض العزلة القسرية عليها مع التعتيم الكامل حول النشاطات المثمرة والكبيرة التي تقوم بها بين الجماهير خدمة للمجتمع وحفاظًا على هويته وتماسكه الاجتماعي: علمًا بأن هذا الأسلوب لم يؤدّ إلا إلى ازدياد التوجه الجماهيري نحو الإسلام والالتزام بشعائره والاعتصام بمبادئه وقيمه وإحياء مناسباته والتعلق بها .

 

13 ـ استخدام العنف الإداري ضد أبناء الصحوة : متمثلاً في عدم التعيين والفصل والنقل إلى الأماكن النائية والإزعاج والمضايقة وغيرها من الأساليب التي هي ديدن هذه الأنظمة. هذه السياسة العوجاء لا تزيد أصحاب التيار الإسلامي إلا صلابة وتمسكًا واعتصامًا بالمنهج الرباني والدعوة غليه، ولا تزيد التيار الإسلامي إلا قوة وانتشارًا .

 

14 ـ السياسة الاحتكارية للاقتصاد والمال: واستخدام جميع الوسائل لإفقار الشعب وتجويعه، وجعل لقمة العيش بيد بعض أزلام السلطة عملاً بقاعدة (جوع كلبك يتبعك)، والسيطرة على الموارد المعيشية للمواطنين. وتستخدم هذه السياسة كأداة للضغط النفسي على الجماهير لإشغالها بلقمة العيش وإرغامها على قبول السياسات القمعية.

 

15 ـ إثارة النعرات القومية الشوفينية والقطرية الضيقة : وحتى النعرات المناطقية والعشائرية، المستلهمة إلى حد بعيد من أفكار المستشرقين، وذلك لإحداث الخلخلة في النسيج الاجتماعي، لكي تسهل السيطرة والتحكم به، واستغلال هذه النعرات لترسيخ وتقوية أركان السلطة .

 

ويرفض بعض تلك الأنظمة أسلمة المجتمع وتطبيق الشرعية؟ بحجة الحفاظ على الخصوصات القومية والوطنية ويعمل على إحياء المعتقدات والثقافات القديمة والتواريخ الجاهلية في عصر ما قبل الإسلام، وجعلها بديلاً للإسلام وعقائده وثقافته وتاريخه.

 

16 ـ الوقوف ضد اللغة العربية : لغة القرآن الكريم والإسلام .. وهذا يظهر بأساليب ووسائل مختلفة ومتعددة حسب اختلاف العلمانيين وتوجهاتهم وأروماتهم .. فالعلمانيون العرب يدعون إلى الكتابة بالحروف اللاتينية أو الدعوة إلى اللهجات المحلية، أما العلمانيون غير العرب من القوميات الأخرى فيرفضون اللغة العربية وحروفها جملة وتفصيلاً ويدعون إلى الكتابة بالأحرف اللاتينية، رغم أنها لا تعتبر أحرفًا قومية لتلك الشعوب فهي أحرف دخيلة على ثقافتها وآدابها، ولكنه الحقد على كل ما له صلة بالإسلام وتاريخه المجيد، ومثال ذلك تركيا.

 

هذه الوسائل والأساليب ـ وغيرها كثير ـ تُستخدم لغرض استنزاف الطاقات وإشعال حرب أعصاب وتوليد ضغوط نفسية على الإنسان المسلم الملتزم لإشغاله وتشتيت أفكاره وبعثرة تركيزه ، ولتحجيم العمل الإسلامي ومحاولة احتوائه، ولكن مع كل هذا تردد قوله تعالى: ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) [الصف].

 

والواقع يدل على أن هذه الأساليب غير مجدية وأن الحالة الإسلامية بوجه عام في تقدم وتطور، ولن تجني تلك الأنظمة ومن ناصرها من العلمانيين يغر الخيبة والخسران من جرّاء تلك السياسات .

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply