المنظمات الغربية هل هي طلائع استعمارية؟ (دارفور أنموذجاً)


  

بسم الله الرحمن الرحيم

العمل الخيري الإسلامي ينطلق من مبادئ وقيم وأخـلاقيات واضـحـةº فهـو إغـاثـة وتـربـيـة وتعـلـيم لا تحـده حـدود جـغـرافـيـة أو سياسيةº لأنه عقيدة ودين وعبادة لله بعيداً عن جـوانب التسـييس والاستـغلال، وهو التزام بقوله - تعالى -: {إنَّمَا نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُم جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 9].

 

بـل إن قيـم العـطاء والمعونات الإسلامية تقدم للعدو الأسـير وغالبـاً يكـون غير مسلـم دون مـنٍّ, أو أذى: {وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]. وقـد انكشفت حقيقة المعونات الغربية وشعارات حقوق الإنسان، وكان آخرها وضوحاً ما حدث على مستوى الحكومـات والمنـظمات تجـاه القضـية الفلسـطينية حيـنما أُعلن بشـكل مباشر أن أهداف المعونة مقايضات سياسية وتقديم تنـازلات وإلا فسيكون التجويع والحصار ومنع المعونة والماعون.

 

لقد أدرك العالم ـ كل العالم ـ أن المعونة الغربية هي لتحقيق مزيد من انتهاك حقوق الإنسان حينما أوقف عن الشعب الفلسطيني المعونات الأمريكية والأوروبية مع الوعيد الشديد للآخرين بعدم تجاوز هذا الخط الأحمر، وأصبح الشعب الفلسطيني ضحية بريئة من ضحايا خيار الديمقراطية والحرية.

 

لقد كانت بعض أدوات الاستشراق قديماً تحقق أهداف المستعمر الأوروبي، ومن ذلك على سبيل المثال الشخصية البريطانية المسمى (لورانس العرب) الذي وصل إلى قلب العالم العربي وعمل من خلال بمعلوماته عن نقاط الضعف والقوة وبدراساته وآرائه على الإجهاز على الوحدة الإسلامية بين الأتراك والعرب. وقد جاب العالمَ طولاً وعرضاً مجموعاتٌ أخرى من علماء الآثار والتاريخ والرحالة المستكشفين، ومنهم (مالوان) عالم الآثار الذي حكم ليبيا فيما بعد ذلك، و(شكسبير) الذي قُتل في معركة السبلة، و (عبد الله فِلِبِّي) وغيـرهم، وقد تحولت وسائل المستعمر ـ وفق المتغيرات الدولية ـ إلى وسائل جديدة مؤسسية تحقق الأهداف بقوة أكثر وفعالية أكبر وسرعة مضاعفة تحت غطاء مؤسسات العون الإنساني، أو مؤسسات نشر الديمقراطية، أو دعم حقوق المرأة أو التدريب أو التعليم، أو حقوق الإنسان، أو دعم حرية الأديان، أو حق المعونة لفئات دينية أو عرقية بحكم أنها تعـاني من التهـميش الفئوي أو الطائفيº والثورة البرتقالية عام 2005 في أوكرانيا نموذج يؤكد فعالية وآثار وقوة المؤسسات الأمريكية التي ساهمت، أو قامت بتأسيس حزب المعارضة الأوكراني.

 

وبغض النظر عن الخطأ والصواب في قبول أو رفض المساعدات والتمويل الأجنبي وأهدافه مع الدول المحتاجة، أو الشراكات الأجنبية بين المنظمات الدولية مع الدول الإسلامية الغنيةº فإن من الحقائق والمسلَّمات أنه يتم استخدام تلك الوسائل من أجل تحقيق أجندات ومشروعات قد تكون سلبية بحق المستفيدين، وقد تختلط فيها السلبيات بالإيجابيات ولكنها أجندات تحددها الجهات المانحة أو دول المبادرة، وكلها تعمل على الأقل لتحقيق هدف (جمع المعلومات) وذلك بعلم أو غير علم من المتلقي أو المستفيد، ومن أقواها أن تكون المنح في مجالات الأبحاث والدراسات أو المنح الطلابية، التي تقوم على جـمـع البيانات والمعلومات عن الأسرة أو عن المجتمعات أو حتى الدول، ويفسر أحد الباحثين الغربيين أسباب لجوء الدول الرأسمالية لسياسة التمويل الأجنبي وأنه متحقق في جمع المعلوماتº حيث يقول: «إن الدول العظمى والمنظمات الدولية المانحة للمساعدات أصبحت تعتمد على المنظمات غير الربحية، نتيجة لما تملكه تلك المنظمات من معلومات وإحصائيات مهمة ودقيقة وحديثة عن الأوضاع في الدول التي تعمل فيها، والتي يصعب على الدول والمنظمات المانحة الحصول عليها بطرقها وقنواتها الرسمية والدبلوماسية المبـاشرة من الدول والمجتمعات المحتاجة والمتلقية للدعم والهبات والقـروض للبـرامـج المختـلفة نتيـجة لعـدم وجـودها أصـلاً، أو لصعوبة الحصول عليها لعدم تنظيمها بطريقة منظمة، أو لسريتها كما هو في كثير من دول العالم الثالث»(1). وفي هذا الصدد يقول «محمد حسنين هيكل»: أنا غير راضٍ, أساساً عن التمويل الخارجي للأبحاثº فالمثل الإنجليزي يقول: (الرجل الذي يدفع للزمَّار هو الذي يقرر النغمة التي يعزفها الزمار)(2).

 

الحرص على جمع المعلومات عن المجتمعات الإسلامية والجمعيات الخيرية المانحة المستغنية عن الدعم المادي الأجنبي (المستقلة) يفسر لنا بعض الظواهر القديمة والجديدة من بعض الدول والحكومات الأجنبية، ومنها محاولات إشراك المؤسسات الإسلامية ببرامج التدريب التي تقيمها تلك الدول الأجنبية في بلدانها أو مواقع المؤسسات الإسلامية، ومن ذلك على سبيل المثال حرص بعض السفارات البريطانية في دول الخليج للعمل على إيجاد برامج تدريبية مشتركة مع منسوبي مؤسسات العمل الخيري(3)، كما يفسر ظاهرة محاولة الدخول لعمق المؤسسات الإسلامية من خلال مبادرات وشراكات مثل المبادرة السويسرية (مونترو)(4) مع المؤسسات الخليجيةº فالمعلومات عن اتجاهات المؤسسات الإسلامية ونقاط الضعف والقوة لها وللمجتمعات الإسلامية أساس مهم في صناعة القرارات، وهذا أقل تفسير لتلك المبادرات.

 

وفي إطار الشراكات والتدريب للمؤسسات الإسلامية فقد أقامت جامعة جلاسجو البريطانية دورة لمدة ثلاثة أشهر بعنوان (المنظمات والحكومات من خلال مؤسسات المجتمع المدني) في الربع الأول من هذا العام 2006 وشارك فيها متدربون من (32) دولة إسلامية، وفيها تحدث مدير خطة السياسات الخارجية البريطانية وقال: «نحن لا نعتقد بأن حكومات بعض الدول تمثل مصلحة شعوبها، ولا تحقق الدبلوماسية الرسمية كل مصالحنا في تلك الدول، وعليه سنعتمد على منظمات المجتمع المدني لتحقيق مصالحنا وأهدافنا، وقد رصدنا فقط لهذا الغرض 8 ملايين جنيه إسترلينيº فوسائل الضغوط على الدول أخذت أشكالاً جديدة أهمها المنظمات غير الحكومية (غير الربحية)».

 

وقد تتجاوز المؤسسات الإسلامية دعاوى الإرهاب المالي أو الفكري أو كليهما بشكل أو بآخر، ولكن فخ العطف والحنان على المؤسسات الإسلامية خاصة المانحة والغنية المستغنية عن المعونات الدولية تحت مسميات الشراكة أو التدريب أو المبادرة أو التعاون كل ذلك يتطلب أخذ الحيطة والحذر من الدوافع والأهداف.

 

دارفور ولغة الأرقام:

وحسب الإحصائيات الرسمية من (مفوضية العون الإنساني السودانية للإغاثة) فقد بلغت المنظمات الدولية الأجنـبية العاملة في السـودان أعداداً مذهلة ومريبة خاصة في دارفور التي بلغ عددها 105 منظمات في ولايات دارفور الثلاث، وبعدد إجمالي للأجانب يزيد عن 575 موظفاً، وسيارات بلغت 705 سيارات مزودة جميعها بأجهزة اتصال قصيرة وبعيدة المدى متطورة، إضافة إلى أجهزة الاتصال المحمولة 873 جهازاً محمولاً، وهذا غير أجهزة الاتصال الأخرى المتطورةV-SAT الخاصة بوكالات الأمم المتحدة والتي يتم بها تصوير معسكرات اللاجئين والمتمردين بدقة بالغة، وهذه الأخيرة غير مسموح بها للمنظمات التطوعية الأخرى، كما أن لجميع سيارات المنظمات حق الحصانة على غرار حق سيـارات الدبلوماـسيـين، وهذا العـدد والحـجم من الحضور لا يتناسب مع حجم أفراد مخيمات اللاجئين والمشردين في ولايات دارفور التي لا يتجاوز عدد أفرادها 400. 000 ألف نسمة، كما تتحرك المنظمات الدولية في جنوب السودان حتى بعد المصالحة الوطنية مع حكومة السودان. وإضافة إلى هذا كله فقد بدأت تحركات جديدة ومريبة في شرق السودان ليكون الشرق السوداني هو الأزمة التالية أو المصاحبة لأزمة دارفور (مما يؤكد استهداف البوابة الرئيسية لأفريقيا المسلمة) والحجة التي تسوِّق لها تلك المنظمات ومن ورائها دولها لهذا الوجود الكبير إعلامياً وسياسياً هي تهميش الجنوب والغرب ثم الشرق، وسوف يتلو ذلك دعاوى التهميش للشمال، ذلك الشعار الذي يسوِّغ التدخل الأجنبي السافر تحت مسمى (حق المعونات الإنسانية) و (حقوق الإنسان).

 

وعن نوعية وهوية تلك المنظمات فقد بلغت المنظمات الدولية الأمريكية العاملة في السودان 35 منظمة شكلت نسبة مئوية من حجم المؤسسات الدولية الأخرى تقدر بـ 19% من المؤسسات الدولية، كما بلغت المنظمات البريطانية 34 منظمة وتشكل 18% من مجموع المنظمات الدولية الموجودة في السودان، كما أن عدد المنظمات الهولندية 11 منظمة شكلت 6% من المنظمات الدولية، ويلي ذلك بالتساوي: المنظمات الألمانية والكندية والفرنسية 9 منظمات من كل دولة، وتشكل كل دولة 5%، ويلي ذلك المنظمات التالية بالتساوي سبع منظمات لكلٍ, من إيطاليا وسويسرا والسويد، ليأتي بعد ذلك حسب حجم الوجود أربع منظمات نرويجية تشكل 2% من مجموع المنظمات الدولية، ثم الدانمركية والأيرلندية والنمساوية وهكذاº حيث بلغ مجموع المنظمات الأجنبية الغربية 144 منظمة بينما لم يتجاوز وجود المنظمات الإسلامية غير السودانية نسبة 12. 5% وهي المعنية بالدرجة الأولى بقضية دارفور الإسلامية، كما يشكل الوجود الأجنبي للعاملين الأجانب في تلك المنظمات الدولية حجماً كبيراً حسب الترتيب التالي:

 

الوجـود البريطـاني 496 موظـفاً، ثم الأمـريكي 391، ويليه الفرنسي 302، ثم الألماني 176، ويليه الهولندي 165، ليـصل الإجمالي 1530 فـرداً. وهذا غـير وكـالات الأمم المتحدة المتخصصة في السودانº فقد بلغ الوجود الأمريكي في تلك الوكـالات 220 مـوظفاً أمريكياً ليشكل هذا الوجود 32. 5% من إجمالي الوجود الأجنبي، ويليه الوجود السويسري 202 موظف بنسبة تشكل 29. 6% من إجمالي الوجود الأجنبي، ثم البريطاني 118 موظفاً بنسبة تشكل 17. 3% من إجمالي الوجود الأجنبي، ثم الفرنسي 76 موظفاً بنسبة تشكل 11. 1% من إجمالي الوجود الأجنبي، ثم الألماني 65 موظفاً بنسبة تشكل 9. 5% من إجمالي الوجود الأجنبي، ليكون الإجمالي الأجنبي للعاملين فقط في وكالات الأمم المتحدة المتخصصة بالسودان 681 شخصاً(5).

 

لعـل هذا الوجود الكبير عامل مساعد يكشف حقيقة بعـض جـوانـب أهـداف العـطاء الخيـري الغربي وبعض أهداف المؤســسـات الغــربـية ممـا يؤكـده الواقـع المشـهود، وتـؤكده كذلك بـعـض المصـادر من كتب الكتَّاب الغربيين أنفسهم مثل كتابLORDS of POVERTY لغراهام هانكوك، وكتاب THE ROAD TO HELL وهي كتب جديرة بترجمتها إلى جميع اللغات العالمية لكشف الأخطاء والتجاوزات، ولتصحيح مسارات مؤسسات العون الإنساني العالمية، وما أجدر المؤسسات الخيرية ومراكز الأبحاث الاهتمام والعمل على ترجمة ونشر تلك الكتب وأمثالها إثراء لثقافة العمل الخيري، وخدمة للإنسانية، وتوضيحاً وتصحيحاً لمسيرة المؤسسات الخيرية العالمية المانحة والممنوحة، وكذلك للحكومات المعنية.

 

دار فور ورحمة الجحيم:

وقفات تكشف الكثير عن رحمة المؤسسات الإغاثية الدولية لدارفور:

الأولى: دارفور تاريخياً البلد المسلم 100% الذي سلم من الحكم المباشر للمستعمر الأجنبي، وكان سلاطين الولايات الإسلامية يكسون الكعبة المشرفة كغيرها من أقاليم العالم الإسلامي، ولا يعرف الإنجيل أو الكنائس إلا بعد (أزمة دارفور) 2003م.

 

الثانية: دارفور بولاياتها الثلاث تسبح على مخزون ضخم من المياه الجوفية، كما أنها تشكل حوالي 28% من الثروة الحيوانية للسودان حيث ملايين الإبل والأبقار والأغنام، إضافة إلى الثروة الزراعية الكبيرةº فهي ليست إقليماً فقيراً، لكن يبدو أن مساحة السودان فيها زيادة عن اللازم، ولأهميتها وكونها بوابة أفريقيا المسلمة لا سيما مع محاولات تطبيق الشريعة الإسلامية، وقد سلمت قديماً من مثل تطبيقات (سايكس بيكو).

 

الثالثة: دارفور غنية بمخزون كبير من النفط والحديد واليورانيوم، وقد أعطي حق امتياز استخراج النفط للشركات الصينية بدلاً من الشركات الأمريكية المكتشفة والمنافسة ليدفع السودان ثمن حريته واختياره، وليكون هذا من الأسباب الرئيسية لمشكلات السودان المتتابعة.

 

الرابعة: قضية النزاع بين عشائر المزارعين غير العرب والقبائل الرحَّل العرب قديمة، وكانت تتم التسويات لأي نزاع من قِبَل شيوخ تلك العشائر والقبائل، واليوم أصبحت مشكلة عنصرية وعرقية بل وسياسية. الأزمة تتفاقم بحكم التدخل الأجنبيº فما إن يتحرك بعض المهاجرين أو النازحين محاولين الرجوع إلى بلدانهم حتى يكون التصعيد المفاجئ والقتل والسلب، وتُضَخَّم تلك الأحداث والأرقام إعلامياً مما يدل على تسييس القضية وتدويلها، ونقلها من نزاع قبلي عشائري على الماء والكلأ إلى قضية سياسية وغطاء للتدخل الأجنبي، والبداية مؤسسات العمليات الإغاثية ودموعها.

 

الخامسة: كثير من تلك المنظمات تمارس أدواراً مكشوفةº فقد تم ضبط الحكومة السودانية لبعض جوانب الفساد الأخلاقي ونشر المخدرات والإيدز، وتصوير أفلام دعارة مدفوعة الأجر لنشر ذلك للرأي العام العالمي ليعكس حسب الخطط ارتفاع معدلات الاغتصاب، وقد ثبت الافتعال قضائياً، كما ثبت على جنود الاتحاد الأفريقي اغتصاب القاصرات.

 

السادسة: تمارس بعض المنظمات الإغاثية التصريحات والضغوط السياسية والانحياز لقبائل المزارعين الزنوج ضد قبائل الرعاة العرب، وتصعيد الخلافات بين الأطراف المتنازعة، وكمثال فقط ما قامت به حكومة السودان من طرد لاثنين من مدراء (مؤسسة أوكسفام البريطانية) بسبب تدخلاتهم وتصريحاتهم السياسية.

 

السابعة: القضية لا تخرج عن إطار الصراع الدولي بين بعض الدول الكبرى، وهذا ما انكشف من خلال النزاع الأمريكي الفرنسي غير المعلن في تشاد وما يجاورها في دارفور وغيرها. وأحداث تشاد الأخيرة تكشف عن هذا الإطار، كما تكشف أن التدويل لبعض مناطق الصراع هدف جديد تعمل من أجله المؤسسات الإغاثية والوكالات الغربية خلافاً لأهدافها المعلنة.

 

الثامنة: معظم المخيمات تتكون من أعواد من الشجر والحطب تكسوها قطع متعددة ومتنوعة من قطع البلاستيك والأكياس وبعض قطع القماش، والحد الأدنى من الطعام والشـراب هـو الإغــاثـة المعمـول بها، كما أن حجم المخيمات لا يتناسب مع حجم التدخل الدولي وكثرة المؤسسات العالمية الإغاثية من الدول الغنية.

 

إن مؤسسة إغاثية قوية واحدة تستطيع أن توجد مخيماً صحيحاً جيداً، والواقع يعكس حرص المؤسسات ومن ورائها الدول على استمرار الأزمة وعدم حلها، بل وتصعيدها سواء بقيت المؤسسات أم غادرت.

 

فالتلاعب بالفقر والفقراء والمتاجرة بقضيتهم وأراضيهم وأعراضهم وأديانهم واضحة تحت شعارات نصرة مناطق التهميش، وحقوق الإنسان.

 

الحقيقة التاسعة: أن تمدد وقوة المؤسسات الإغاثية الغربية ناتج عن انحسار دور ووجود المؤسسات والحكومات الإسلامية التي هي الأحق بتلك الساحات الإسلامية، كما أنه ناتج عن تساهل الحكومة السودانية أو قبولها للضغوط الأجنبية.

 

فهل دعاوى الإرهاب على المؤسسات الإسلامية وانحسارها عن الساحات جزء من مخطط كبير يستهدف أولاً زيادة مواقع الاحتياجات والصراعاتº وذلك بزرع الحروب والأزمات، والواقع يؤكد تمدد طلائع الاستعمار في أفغانستان والعراق وباكستان وكشمير وأندونيسيا وأفريقيا كلها، كما يؤكد النوع الآخر من الاستهداف. لقد كشف تقرير للبيت الأبيض أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش (الإدارة السياسية وليس المؤسسات) قدمت مساعدات مالية بلغت أكثر من ملياري دولار كمنح للجمعيات الخيرية الدينية خلال العام الماضي فقط 2005م، وهذا الرقم لا يشمل كل المنح التي قدمتها الإدارة الأمريكية حسب الغارديان البريطانية(6).

 

وختاماً: إن المسؤولية كبيرة على مؤسسات وحكومات العالم العربي والإسلامي، وعلى الحكومات أن تدعم معنوياً وإدارياً مؤسسات الإغاثة الإسلامية بكل أنواع الدعم وتبادر دون تردد بالدعم المالي لئلا تكون العقوبة ويكون دفع الثمن. {وَإن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم} [محمد: 38] وما أصبح بالأمس واليوم مناطق جذب بشري فقد كان مواقع ومناطق طرد بشري، ويمكن أن يكون العكس وتدور الدوائر {وَتِلكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَينَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] {وَتُعِزٌّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلٌّ مَن تَشَاءُ} [آل عمران: 26] {إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ} [آل عمران: 165].

 

----------------------------------------

(*) باحث أكاديمي سعودي، له عناية واهتمام ودراسات علمية عن العمل الخيري الإسلامي، والمشرف العام على مركز القطاع الثالث للاستشارات والدراسات الاجتماعية. صدر له البحث الوثائقي (القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب) وكذلك كتاب (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) ضمن سلسلة كتاب البيان، وفي الطريق له أبحاث أخرى منها (تنمية مؤسسات القطاع الخيري) و (القطاع الخيري وتحديات العولمة).

(1) انظر: إدارة المنظمات غير الربحية/الأسس النظرية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية، د. إبراهيم بن علي الملحم.

(2) عن جمع المعلومات من قبل المنظمات الغربية انظر: http://www.islammemo.cc/Taqrer/onenews.asp?IDNews=765

(3) http://www.islamdaily.org/AR/ Contents.aspx?AID=3742.

(4) http://www.islamdaily.org/AR/Contents.aspx?AID=3737 20/11/2005.

(5) جميع هذه الإحصائيات تم الحصول عليها من (مفوضية العون الإنساني السودانية) بتاريخ 2/4/2006م

(6) الغارديان البريطانية في 11/3/2006. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply