دار فور وقانون الحرب الأمريكي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

من المفارقات في السياسة الأمريكية أن القانون الذي ظل يؤجج نيران الحرب في السودانº قد صدر في الكونغرس الأمريكي باسم "قانون سلام السودان"، وهو القانون الذي سُلط على رقبة الحكومة السودانية، ويهددها بفرض عقوبات إذا لم تتوصل إلى اتفاق سلام مع المتمرد جون قرنق، واستباقاً للتوقيع الذي تم أمس 31/12/2004م على اتفاقية السلام، فإن الجمهوريين المتطرفين في الكونغرس الأمريكي لم يعجبهم أن تفلت الحكومة من العقوبات، فقاموا بتعديل قانونهم السابق، وأودعوا الكونغرس قانوناً جديداً باسم "سلام السودان الشامل"، وأُجيز في السابع من ديسمبر 2004م، ومؤخراً، صادق عليه الرئيس الأمريكي في الرابع والعشرين من ديسمبر 2004م.

القانون الجديد بالإضافة إلى تضمنه فرض عقوبات على المسئولين السودانيين تتعلق بحظر السفر وتجميد الأموالº فإنه يشير إلى دارفور تحت بند المساعدات الإنسانية. وهكذا تحل دار فور محل جنوب السودان في التفكير العدواني الأمريكيº الذي لم يعجبه توقف هدير المدافع وأزيز الرصاص في جنوب السودان، فأصبح يرعى فتنة دار فور لتقدم له مبرراً موضوعياً للتدخل الشامل في الشأن السوداني.

وبريطانيا التي تتبع الولايات المتحدة في كل شيءº لم تشأ أن تضيع هذه الفرصة، فقد نشرت صحيفة (الاندبندنت) البريطانية يوم 25/12/2004م أن بلير وجّه بإرسال خمسة آلاف جندي إلى دارفور، ولم تستطع تصريحات بلير بأن القوات البريطانية ستكون ضمن قوات الاتحاد الأوروبي أن تخفف الأزمةº بل زاد تها سوءاً، إذ تعني مشاركة دول أوروبية أخرى بقواتها في دارفور. وإذا صحّت الأنباء بأن اتفاقية (نيفاشا) تتضمن نشر قوات دولية لحفظ السلام في جنوب السودانº يصبح أكثر من ثلث السودان مجالاً لانتشار القوات الأجنبية، وإذا كان الجيش السوداني سينسحب من الجنوب بموجب اتفاقية (نيفاشا)º وتريد القوات الأمريكية والأوروبية، والأفريقية ـ من قبل ـ سحبه من دارفورº كما أن (أسياس أفورقي) يحاول إشعال شرق السودانº تبقّى فقط شريط النيل وإقليم كردفان من السودان القديم.

إن قانون " سلام السودان الشامل " الذي وقّعه بوش في الرابع والعشرين من ديسمبر 2004مº يعني أن الاستهداف الأمريكي للسودان لا حدود له، وأن شهية المتطرفين اليمينيين في الإدارة الأمريكية والكونغرس لا تزال مفتوحة لالتهام المزيد من أراضي المسلمين واستنزاف الكثير من خيراتهم.والاستهداف الأمريكي الشامل يحتاج إلى تضامن شامل من السودانيين والعرب والمسلمين لمواجهة مغامرات الكاوبوي الأمريكي، والحد من غطرسته واستهانته بمقدّرات المسلمين، وكل ذلك ممكن بل مطلوب بشدة، ولنا في مجاهدي الفلوجة أسوة حسنة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply