فتاة الجامعة.. خارج حدود الورقة والقلم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

بات رنين صوت المنبه يصدح باكراً، يشدك من فراشك الوثير، وأحلامك الوردية، لتلتقطي كتبك وأقلامك، وتمضين إلى جامعتك. 

قبل أيام قليلة كان النوم رفيقك المحبب في الساعات الأولى من الصباح، والسهر ليلاً من أكثر الأشياء التي تحرصين عليها، حرة التصرف في وقتك، والآن..! كل شيء اختلف وعاودت رحلتك الدراسية مسيرها.

بدأت تفكرين في برنامجك الدراسي، وما هي السبل لتحقيق النجاح الذي ينتظره منك الجميع، أصبح للوقت أهميته، طاولتك ومصباحك الصغير يناديان واجباتك الدراسية.

ولكن هذا ليس كل شيء.. فما عليك القيام به لا يتوقف عند هذا الحد.. وهناك أشياء أخرى تنتظرك.

 

مواطن الاختراق:

لا تقتصر مهام فتاة الجامعة على المضي إليها، والجلوس في صفوفها، ولا يقتصر دورها على أذن تسمع، وفم يتحدث، وقلم يكتب، وجهد يبذل فقط في أوقات الامتحانات، فهي نواة الغد، وأم أجيال المستقبل، صانعة القادم، وعليها تعلق الآمال، ويناط بها مسؤوليات عدة من موقعها كطالبة.

 

أستاذات الجامعة كان لهن رأي في هذا الموضوع:

تقول الدكتورة "نورة العدوان" (أستاذ مساعد في كلية التربية جامعة الملك سعود):

تتشكل في المرحلة الجامعية شخصية الفتاة وسلوكها، وتساهم التيارات المختلفة التي تتعرض لها في تشكيل فكرها والتأثير عليه، ومن تلك التيارات: التيارات الفكرية، وتشمل تسويق النموذج الغربي واعتماده كمنهج للحياة الفكرية والاجتماعية، جاعلين لهم مواطن اختراق يصلون عن طريقها إلينا:

- أولاً: المحور الفكري والثقافي "العولمة الثقافية أو الغزو الثقافي": وهو بروز عالم بلا حدود ثقافية، حيث تنتقل الأفكار والمعلومات والأخبار والاتجاهات الصحية والسلوكية بحرية كاملة على الصعيد العالمي، وبأقل قدر من التدخل من قبل الدول عبر الفضائيات، الإنترنت، الصحافة، الأدبº بسبب التقدم الهائل في وسائط نقل المعلومات، "تكنولوجيا" الاتصالات بما فيها رسائل الجوال، كلها تساهم في تشكيل بنية الفتاة الثقافية والفكرية.

ومن أخطر أدواتهم "الإعلام، الأدب"º لما لها من قوة تأثير في الفكر كونها تقدم بلغتنا (اللغة العربية)، وعن طريق عرب ومسلمين، تعمل على إضعاف الروابط والقيم الدينية عن طريق ما تقدم من برامج، قصص، حوارات، حتى الإعلانات، وتتفاقم المشكلة حيث تتعرض الفتيات والشباب لهذا البث المباشر، ولعل معدل مشاهدة الفتاة إلى التلفاز أكبر بكثير من الشاب بسبب تواجدها في المنزلº حيث أشارت الإحصاءات إلى أن نسبة من هم في سن الشباب في السعودية يصل إلى ثلاثة أرباع المجتمع، مما دعا الفضائيات والمجلات العربية تركز في توجهها على جمهور المملكة الذي تتوفر له السيولة المادية لشراء ما يعرض من إعلانات.

كما يتم توظيف الأدب لسرد قصص مبنية على العلاقات الاجتماعية الخاطئة، ونمطيات حياة مختلفة عما يجب أن تكون عليه حياة المسلم، ونسج هذه القصص في إطار العلاقات المحرمة، والإكثار منها حتى يعتادها القارئ، ومن ثم محاولة إيصالها إلى أكبر شريحة من الناس عن طريق تحويلها إلى أفلام سينمائية أو مسلسلات تلفزيونية، كذلك الأمر فيما يتعلق بالشعر الماجن الذي تحول إلى أغان لا تعترف بالحدود.

- المحور الثاني "المحور التشريعي": حيث يعملون على تغيير تشريعات المرأة والأسرةº لتتوافق مع حقوق المرأة العربية التي ينادون بها تحت مظلة تنمية المرأة العربية، وما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية عن حالة المرأة في المملكة العربية السعودية خير دليل على ذلك، حيث قيل أنه يمارس عليها تمييز في الميراث، والتعدد، والقوامة وغيرها، ثم طالبوا بفصل الدين عن الحياة.

- المحور الثالث "الاجتماعي": والذي يظهر من خلال تأثر هذا الجيل ورغبته في زيادة الطلب على بضائع الغرب وفنونه، واقتباس المعايير الغربية في تنظيم حياته بما فيها نمطية الملبس والمأكل، وهذا يدخل في إطار العولمة الاقتصادية التي هي جزء من التيار التغريبي، وهذا جزء من التغريب الاجتماعي.

- المحور الرابع "المحور السياسي": والذي يتمثل في عملية إقحام المرأة في العمل السياسي تحت شعار المساواة مع الرجل، وهنا أحب أن أشير إلى نقطة مهمة يجب الالتفات لها: وهي أننا لا نرفض ما هو قادم من الغرب لأنه قادم منهم، لكننا نختلف اختلاف جذرياً عنهم من ناحية المرجعية، إذ إن معيار القبول والرد والأخذ لدينا نحن المسلمون "كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فأساس الاختلاف بيننا وبين الغرب هو المرجعيةº عباداتنا، معاملاتنا، سلوكنا، قيمنا، جميع التفاصيل الموجودة في حياتنا مستمدة من مرجعيتنا.

 

فماذا لو كانت معول هدم؟!

لبناء فتاة الجامعة ثقافياً لابد من وجود ركائز ينبغي أن تغرس في شخصية الطالبة، تقول الدكتورة "فاطمة بنت محمد الجار الله" (أستاذ مساعد في كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية):

تنبثق أهمية وجود ركائز لبناء الفتاة ثقافياً من عدة نقاط:

- تعيش الطالبة في هذه السن مرحلة البناءº لذا لابد لها من أن تكو ن حذرة فلا تستمع إلى كل متحدث، حيث إنها وصلت إلى مرحلة تنتظر الأمة منها البناء فماذا لو كانت معول هدم؟!

- يجب أن تكون على المنهج السليم قولاً وعملاً وفكراً، ويتحقق ذلك إذا كانت ركائز البناء سليمة، وللأسف منهن من تكون تصوراتها سليمة وعقيدتها صائبةº لأنها درست مبادئ العقيدة، لكن إذا نظرت إلى واقعها وجدتها تقلد الغرب فتستهين بالصلاة، وتتابع الفضائيات.

- بعض الطالبات ترجع في أمور شرعية إلى من لا علاقة له بهاº فقد أخبرتني إحداهن أن اختصاصياً نفسياً طلب منها أن لا تضرب ولدها وإن جاوز العشر سنوات إذا لم يصل! رغم أن الشرع حسم المسألة.

وركزت د. "فاطمة الجار الله" على أهمية بناء الذات حيث إن الطالبة مسؤولة مسؤولية تامة عن نفسها، فلا ينفعها أنها من بيت أهل علم.

ومن أهم ركائز البناء الثقافي: بناء العقيدة الإسلامية الصحيحة، بالإيمان بالله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتصورنا عن أصل وجود الكون وهي تصورات تعبَّر عن عقيدة يتميز بها المسلم، ولا يجوز أن نستقيها من الكفار، فأي خلل في هذه التصورات يصرف المسلم عن الخط المستقيم، لذلك كان لابد من الحرص على فهم هذه الركيزة، وبناءها بناء صحيحاً.

حيث إن من أهم الأسباب التي أدت إلى فساد التصور أسباب خارجية، كالكيد الخارجي الذي يضغط على المرأة المسلمة، بالإضافة إلى أسباب داخلية كالاستعداد الذاتي عند الطالبة من حب لتقليد الغرب في الملبس والمأكل، وضعف التربية، وفهم المعنى الحقيقي للصبر، وضرورة اقترانه بالعمل، ومن نتائج فساد التصور:

ـ ظهور آثار التيار العلماني في حياة المسلمةº الحجاب، القوامة، مبدأ الحريات.

ـ انتشار المذاهب الباطلة، ومحاولة ربط ما يفعلونه بالدين وتفسيره تفسيراً إسلامياً.

ـ الفوضى في الاصطلاح، ومحاولة دمج المفاهيم العصرية الغربية في الإسلام، كقولهم: ديمقراطية الإسلام، يريدون منها مبدأ الشورى.

ـ تهميش المناهج والعلوم الدينية.

 

الركيزة الثانية: العناية باللغة العربية والتفقه بالنحو والأدب العربي، تليها الركيزة الثالثة وهي استكمال الثقافة الشرعية في العقيدة والتفسير والحديث والفقه.

 

أيها الغرب.. عليك أن تحرر نساءك أولاً:

لا يخلو طريق طالبة الجامعة من المزالق الاجتماعية والثقافية، تقول الأستاذة "وفاء بنت عبد العزيز السويلم": "الطالبة جزء من المجتمعº تتأثر بما يتأثر به المجتمع، وانحلال أي مجتمع يبدأ بانحلال المرأةº لأنها القوة الحقيقة فيهº فهي بانية الأجيال، وصانعة الرجال.

وعلى هذا الأساس يستهدفوننا بغزو فكري منظم يتخذ من حقوق المرأة والطفل ستاراً لعرض تلك المنظومات عن طريق هذه المؤتمرات التي يتكلمون فيها عن أنماط لا بد من تغييرها في المجتمعات الإسلامية، أخطرها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمساواة التامة في جميع الحقوق بين المرأة والرجل في جميع الميادين، هدفهم تذويب الشخصية المسلمة في الشخصية الغربية، بحيث لا ترى إلا من المنظور الغربيº لذا يجب أن تتعرف الفتاة إلى الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام لاستمالة عقل وقلب المرأة إليهم، ومنها:

*  "القوامة".. يقولون: لماذا القوامة بيد الرجل؟ لماذا تحرم منها المرأة؟

علينا أولاً فهم معنى القوامةº هي ليست بتسلط أو ظلم أو اضطهاد، هي صيغة مبالغة بمعنى: كثير القيام بالاجتهاد، أي أن الرجال متكلفون بأمر النساء، معنيون بشؤونهن، أي يقومون بالنفقة عليهن، والدفاع عنهن، وهذا فيه حفظ ورعاية للمرأة.

والقوامة في تعريف أهل اللغة: تكليف، قبل أن تكون تشريفاً، إذ تتضمن أن يوفر لها الحياة الكريمة، ويسعى سعياً دائباً لتوفير الرزق لها.

وتعود مسألة القوامة إلى اختلاف التركيب الخلقي للرجل والمرأة الذي أوجده الله من أجل التكامل والتعاطفº حيث إن الرجل أقوى من المرأة في التفكير، وصحة التقدير، كما أنه المكلف بإنفاق المال، وله الحق في القوامة.

أما ما يحدث نتيجة وجود بعض الممارسات الخاطئة كاعتداء الرجل على مال المرأةº فالإسلام منها براء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال مسلم إلا بطيب نفس منه".

بينما في فرنسا وحتى وقت متأخر لم يكن يسمح القانون للمرأة بالتصرف في مالها دون إذن الرجل، وفي ألمانيا الغربية لم يكن يسمح لها باقتناء بعض الممتلكات، ونظام العمل هناك مازال إلى الآن يهضم حق المرأةº إذ تأخذ نصف أو ثلاثة أرباع راتب الرجل وإن كانت في الوظيفة نفسها، لذا نقول للغرب: عليك أن تلتفت إلى مشاكلك، وتتكفل بحلها، وتحرر المرأة من الظلم الذي يمارس ضدها بسبب قوانينك، ودعنا وديننا فهو يحمل لنا الكثير من الصور المضيئة لإكرام المرأة في الإسلام.

فإن كانت أماً قرن الله حقها بحقه، ولها مزيد من الحق على حق الأب، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، وحرم عليكم ثلاثاً: وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنعاً وهات"، فهل سمعت إحداكن رجلاً يشتكي ويقول الإسلام يظلمني، ولم يعطني المكانة ذاتها التي أخذتها المرأة؟! إنه أعقل من أن تنطلي عليه مثل هذه الأمور.

وإن كانت زوجة فلها من الحقوق المهر والنفقة والمطعم والمسكن والملبس، وهي حرة في اختيار الزوج، ولها عليه حق المعاشرة الحسنة، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم.."،  في حين نرى انتشار تجارة الرقيق والاغتصاب في الدول الغربية.

 

* الشبهة الثانية: "الطلاق": قالوا لماذا لا تتولى المرأة الطلاق، والطلاق أصلاً غير محبب شرعاً إلا إذا دعت الحاجة إليه.

حقيقة لا مناص منها: إن المرأة إذا ما واجهتها أية مشكلة مع الرجل تطلب منه الطلاق فوراً، وخير مثال على ذلك ما حدث في تونس حين تحقق للمرأة تولي الطلاقº ارتفعت نسبة الطلاق أضعاف ما كانت عليه من قبل.

 

* الشبهة الثالثة "الميراث": وما يقولونه: "إن الإسلام يظلم المرأة، فلا يعطيها من الميراث إلا نصف ما يعطي الرجل"!

والرد على ذلك: أن الذي تولى قسمة المواريث هو الحكيم الخبير سبحانه، وأن من أحكامه التشريعية: تكليف الرجل بالإنفاق على الأسرة أن يكون نصيبه المقرر في الميراث ضعف نصيب المرأة، ولا ننسى أن المرأة قبل الإسلام وفي جميع الحضارات كانت محرومة من جميع حقوقها.

 

* الشبهة الرابعة: "المَحرَم": يقولون: لماذا تمنع المرأة من السفر إلا مع محرم؟!

والجواب أن فرض المحرم مع المرأة في الحقيقة يعتبر تشريفاً وإكراماً لها، إذ إن طبيعة المرأة وضعفها الجسدي لا يمكنها من حماية نفسها وتحمل عناء السفر، كما أن خلوة الرجل بالمرأة محرمة، ولا بد من نفي الخلوة بشخص ثالث، وإن إطلاق العنان للمرأة تسافر متى شاءت وبدون محرم سوف يعرضها ويعرض المجتمع كله لفتنة.

 

أزيلي السحابة السوداء من حياتك:

ولا تقتصر المزالق التي تقع فيها الطالبة الجامعية على ما ذكرناه فقط، وإنما تتعرض أيضاً إلى مزالق نفسية وعاطفية، تقول الأستاذة "ليلى السابر" (محاضرة في كلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية):

للعاطفة تأثير كبير على المرأة عموماً، وعلى الطالبة خاصة، ومن أبرز المزالق النفسية والعاطفية:

- التبرج الذي يكون بإظهار المحاسن، كالمشي والطيب واللباس، وترديد مقولة: "أحمل صلاحي في قلبي، وليس في ظاهري"، واللهاث وراء الموضة.

- انعدام الحياء في صفوف بعض الطالبات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل دين خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء".

- سوء الظن بالأخريات، الشعور بالإخفاق وعدم النجاح في الحياة، واليأس الذي إذا وصل إلى القلب فإن أخطاره تنعكس على سلوك الطالبة وأفعالها الخارجية.

- الإعجاب، وأصلها فكرة غربية أن لا مانع أن تعجب المرأة بالمرأة، بل ويكونا أسرة واحدة، وللأسف تنتشر صور التعلق والإعجاب بين بعض الطالبات.

- المعاكسات الهاتفية.

- الفراغ العاطفي الذي يشعرها أن ما من أحد يحبها، والذي يولد لديها الحسد والحقد والكراهية.

- الإحساس بهضم مكانتها، وربما نتج ذلك عن جهلها بالقاعدة التي قررها الإسلام للمرأة، والمكانة الكبيرة التي تحتلها في الإسلام، فأول من خوطبت بالدعوة امرأة حين حدَّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجه "خديجة" - رضي الله عنها - بعد عودته من غار حراء، وكلنا يعرف قصة غزوة بني قينقاع التي قامت بسبب امرأة، حيث إن امرأة جلست على كرسي فجاء أحد اليهود وعقد ثوبها بالكرسي فانكشفت عورتها، فقام مسلم أخذته الغيرة وقتل ذلك اليهودي، فقامت الحرب، وغيرها من القصص التي تخبرنا بها سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكفينا شرفاً أن لنا سورة في القرآن سميت باسم "النساء".

لذلك أقول لكل من تقرأ كلماتي: "أزيلي هذه السحابة السوداء من حياتك"، وعلينا أن نعلم أن من أسباب الانزلاق:

ـ ضعف الوازع الديني واتباع الهوى.

ـ الفراغ و كثرة المعاصي.

ـ أثر الصحبة الفاسدة.

ـ عدم استشعار المسؤولية، والإيمان بأن هذه الدنيا ممر وليست بمقر.

 

ويكون العلاج بـ:

- الدعاء والابتهال: حيث علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ندعو الله في كبار الأمور وصغارها.

 - البحث عن الهداية والإكثار من العبادة {إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاء وَالمُنكَرِ..} [العنكبوت: 44]..

- قراءة القرآن: إذ إنه يزيل الهموم والغموم، بالإضافة إلى الاهتمام بالعلم الشرعي، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، و"إنما العلم بالتعلم"، والعلم لا يُؤتي ثماره إلا إذا جمل بالتطبيق، والإيمان بالقضاء والقدر، والهمة العالية.

 

وكانوا يقطعون الفيافي مشياً على الأقدام أياماً وليالي..

 

تقدم الجامعة كل ما من شأنه إعداد الطالبة وتأهيلها لتكون بالمستوى المطلوب ولكن.. ما هو دور الطالبة في خدمة الجامعة؟

 

تقول الدكتورة "جوهرة بنت محمد العمران" (أستاذ مساعد في كلية الدعوة):

أولاً: لابد من إدراك أهمية تحديد النية والإخلاص لله عز وجل، وأن نتقي الله من المفاخرة والمباهاة بهذا العلم، والتمسك بأخلاق رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سعد بن هشام بن عامر قال: أتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين، أخبريني بخلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: "كان خلقه القرآن"..

 

وتوجد في الجامعة مجالات عدة للعطاء يمكن للطالبة من خلالها أن تفعّل الطالبة دورها فيها، منها:

- التواصل العلمي، إذ إن الجامعة تعطي الطالبة مفاتيح للعلوم يجب الحرص على استمرارية تحصيلها والإسهام في البحوث العلمية، مع الاحتساب لله - عز وجل - فالعلم سبب تهذيب النفس والنجاة، وليكن لنا في السلف الصالح أسوة، حيث كانوا يقطعون الفيافي مشياً على الأقدام أياماً وليالي عدة في سبيل الحصول على حديث أو معرفة ما.

 

- الدور الدعوي الذي يمكن أن تقوم به الطالبة داخل الجامعة، فعلى المرأة مثل الرجل من أهمية القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ, أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللّهِ..} [البقرة:110]، لذا يتوجب على الطالبة التوجيه والتغير والإنكار، وعدم الرضا بالغيبة واللمز، ومعالجة الخلافات بين الطالبات والإصلاح بينهن.

 

 - تحمل المسؤوليات التي يجب أن تتحملها الطالبة الجامعية في جامعتها، كالتأدب بأدب العلم، المساهمة في الأنشطة اللامنهجية، المحافظة على بيئة الجامعة، التقيد بالأنظمة واللوائح الجامعية.

 

ستحاججك أمام الله:

ويتعدى دور الطالبة الجامعية حدود جامعتها إلى أفق المجتمع، حيث يتوجب عليها خدمة المجتمع الذي تعيش فيه.

 

 تقول الدكتورة "بدرية بنت سعود البشير" (أستاذ مساعد في كلية الدعوة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية):

 

"تتجلى أهمية دور الطالبة الجامعية في مجتمعها لما تتميز به في هذه المرحلة من الحماس والرغبة في الإبداع والتميز والمواهب البكر التي تحتاج إلى إنماء وتوجيه. ولأنها في مرحلة الفهم والوعي الكاملº لذا يجب أن تعرف واجبها تجاه دينها ومجتمعها.

 

وأولاً عليها الالتزام بالمسؤوليات الملقاة على عاتق الطالبة الجامعية ومن تلك المسؤوليات:

- المسؤولية العلمية: وهذه المسؤولية لا تبدأ بعد التخرج على أساس اكتمال المعلومة، فهذا خطأ كبير، إذ عليها المبادرة بالتعليم، ولديها لذلك مجالات واسعة لتقديم العلم، كإقامة حلقات علمية في منزلها، جامعتها، عند اجتماع العائلة، عقد المحاضرات العلمية، عقد الدورات العلمية كل بحسب تخصصها، عقد الدورات للفتيات، عقد دورات للأمهات في مجال تربية الأبناء، أن يكون لها دور في دور تحفيظ القرآن، خدمة المؤسسات العلمية.

 

- المسؤولية الإعلامية: يكون ذلك من خلال متابعة ما ينشر من الكتابات المغلوطة والرد عليها، وكتابة المقالات وتوظيفها لخدمة الدين الإسلامي، وبيان ما ينشر في المجتمع من البدع، والإعلان عن الأنشطة الدينية وإيصال فحوى المحاضرات إلى أكبر عدد من القراء للاستفادة مما يقال، بالإضافة إلى تأليف الكتيبات والنشراتº مستعينةً بأمهات الكتب التي كثيراً ما يستصعب الناس الوصول إليها أو فهمها.

 

- المسؤولية الاجتماعية: فنحن نعيش وسط مجتمع فيه الكثير ممن يحتاج إلى التعرف على حقوقهم وواجباتهم التي يمكن للطالبة توضيحها لهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: على الطالبة أن تؤدي واجباتها الاجتماعية على النحو الصحيحº إذ عليها الالتزام بحقوق والديها والحرص على برهما، المحافظة على صلة الرحم، مراعاة حقوق زوجها إن كانت متزوجة، الاهتمام بالأبناء.. وهي مسؤولية عظيمة على المرأة، إذ يناط بها أن يكون لها دور في تنشئتهم التنشئة الصحيحة من خلال غرس العقيدة الإسلامية في نفوسهم وتعليمهم أمور دينهم.

 

وللطالبة دور مهم في المجتمع غير المسلم، إذ إن لغير المسلمات عليها حقوقا في توجيههم إلى الطريق الصحيح، مقتدية برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع غير المسلمين.

 

 - المسؤولية الدعوية: وهي مهمة الرسل جميعاً، فنحن خلفاء محمد - صلى الله عليه وسلم - في حمل الدعوة. ولنعلم أننا إذا قابلنا غير مسلمة ولم نوجهها وننصحها ستحاججنا أمام اللهº لذا على الطالبة أن تحمل هم الدعوة وواجب الأمر بالمعروف (الذي عده بعض العلماء سادس أركان الإسلام) متخذة كافة الوسائل لنشر الدعوة الإسلامية. ولعل الإنترنت يعد الآن أسرع وأوسع الوسائل لانتشار الإسلام، ولعل خوف أحد زعماء العولمة الغربية ـ الذي عبر عنه في أكثر من مناسبة ـ من الانتشار السريع للإسلام عبر الإنترنت، يدعونا أكثر إلى الإصرار والمضي في هذه الوسيلة لتحقيق ما خلقنا لأجله.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply