أبوجا .. وجه آخر للكارثة !!.


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نفس طبول السلام التي دقت في نيفاشا و في نيروبي عشية توقيع اتفاق سلام الجنوب، و نفس الضحكات المجلجلة و الابتسامات العريضة التي تبادلها الفرقاء المتفقون في كينيا، و هي هي ذاتها تلك التي تتكرر في أبوجا.. و في ذات الوقت نفس الضحايا الذين دفعوا الثمن في نيفاشا، كتب عليهم أن يدفعوا الثمن في أبوجا مجدداً.

لقد كانت القبائل العربية ضحية من ضحايا نيفاشا، أدخلتهم أرض المسيرية في أبيي في دوامة المساومات، لم ليتم سلبها بواسطة الاحتيال الدولي.. و ثم هاهي المأساة تتكر في دارفور، حيث يغفل الاتفاق تماماً عن ذكر القبائل العربية في قسمة السلطة و الثروة بل و على طاولة التفاوض، و لا يتذكرهم إلا عندما يتحدث عن نزع سلاح (الجنجويد)، هذا المسمى الملصق الذي جعل كعلامة للرماية في صدر الضحية!!.

17قبيلة عربية من قبائل دارفور اجتمعت مجالس شوراها ليقولوا للعالم بصوت واحد: (إننا كقبائل عربية تمثل أكثر من 60% من أهل دارفور صودرت إرادتنا و صوتنا و لم نكن طرفاً في التفاوض أو الاتفاق... إن قبائلنا! ترفض رفضاً قاطعاً التعامل معها كهامش جديد للحرب أو السلام.. و لن تترك الأمور تجري على حسابها مهما كلف الثمن، فإن كان المجتمع الدولي و بعض القوى الدولية قد جعلتهم جزءاً من الأزمة فيجب أن يكونوا جزءاً من الحل).

و إن الاتفاق الذي يهمل كتلة بهذا الحجم و يضع تحت رحمة خصمها، حري أن لا يؤدي إلى سلام.. بل إن احتمالات اندلاع حالة من الحرب أشرس من سابقها وارد بشكل صارخ، و لكن للأسف الجميع يمعن في تجاهل هذه الحقائق حتى في مناقشات توقعات نجاح الاتفاق أو فشله، فالجميع مشغولون بفصيل عبدالواحد، و حركة العدل و المساواة اللذان رفضا التوقيع على الاتفاق، و لم يهتم أحد من الأطراف بالتيقظ لهمهمات الخيول الشمس التي عليها فرسان غضاب يوشك أن تنطلق بحق!!.

لقد تعمد الإعلام الغربي و آلة الدعاية الإمبريالية أن تلصق لقب الجنجويد بالقبائل العربية، و تجمعها مع الحكومة في صعيد واحد كحليفان في ارتكاب جرائم الحرب، حتى تنهدف نحورها لنيران قوات العالم المتكالب على الإقليم، و حتى ينكتم صوتها في المطالبة بوضع طبيعي و عادل لها في وطنها الذي تخطط القوى الدولية سلبه بواسطة أغبياء متمردين.

إن الوضع منذر! بانفجار جديد أشد عنفاً من سابقه.. من المتوقع أن تجر القبائل العربية إلى حرب طويلة و شاملة في الإقليم طرفها الشريك الجديد في السلطة بالإضافة إلى القوات الدولية التي غالباً ما توافق الحكومة على إدخالها إلى دارفور!.. و لكن في هذه الحالة لن تكون المواجهة مع مجرد فصائل مسلحة متمردة، بل مع قبائل بأكملها القتال جزء من ثقافتها اليومية، نعم إن القوات الدولية قد تستخدم الطيران في ضرب هذه القبائل، و لكن عندئذ لن يكون ميدان هذه الحرب هو دارفور فقط، بل ستكون رقعة تتسع لتشمل تشاد و إفريقيا الوسطى و كل المنطقة، فليس ثمة حاجز يمكن أن يصد هذه الخيول، و ليس ثمة شيئ يقف دون أن تثور أجنحة هذه القبائل الممتدة خارج السودان بطول و عرض هذه المنطقة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply