جيل كارول .. ومعتقلو غوانتانامو


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تم إطلاق سراح الصحفية الأمريكية جيل كارول منذ أيام بعد اعتقال دام ثلاثة أشهر من تاريخ خطفها في العراق.. وقد كان مسلحون قد خطفوها في 7/ يناير الماضي وهي تعمل في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور.. وقد تحركت وزيرة الخارجية الأمريكية يوم خطفها وسواها من مسؤولين أمريكيين وعراقيين يطالبون باطلاق سراحها وقامت الدنيا من أجلها!! ونحن معهم في حماية الأبرياء.. ولكن السؤال هو كيف هي المعادلة المقلوبة فبينما يقتل الأمريكيون ومن معهم من المرتزقة العراقيين يومياً لا فرق بين شاب أو كهل، طفل أو امرأة كأنهم يصيدون حشرات ضارة.. والأنباء يومياً تمتلئ بها وسائل الإعلام عن الانتهاكات الأخلاقية من التعذيب أو التمثيل بالأجساد الميتة ومن مختلف أنواع السلاح وفق التقارير التي تنشر من منظمات حقوق الإنسان ومن الجنود الأمريكيين والبريطانيين الفارين من أرض المعركة التي اكتشفوا أنها مجازر يومية لإبادة الشعب العراقي وتدمير حضارته ورموز علمائه وتجريف ثقافته فبعد أن كان العراق في عهد الطاغية صدام يعاني من الخوف وأيضاً القتل إلا أنه الآن يعاني من ألف صدام وبشراسة ربما يكون عندها صدام في أدنى مستويات الجبروت..

ما أردت قوله أن صحفية واحدة، اهتزت أروقة الحكومة الأمريكية من أجلها.. أما العراقيون الذين يتساقطون يومياً فالتعاطف معهم أصبح معنوياً وذلك أدنى مراتب الإيمان!!

 

أسرانا في غوانتانامو يعذبون بشراسة ونذالة وعمداً تمر صور تعذيبهم إلى التقارير إمعاناً في إذلالنا وتم إطلاق جميع المعتقلين من دول أوروبا وبقي أسرانا هناك في معتقلات الجحيم الأمريكي في كوبا حيث لا شرعية دولية تحكمهم سوى شريعة الغاب وغطرسة القوة.. حتى الكاتب اليهودي فريدمان في مقالته المنشورة في الشرق الأوسط في 10/ رمضان 1426ه اعترف بذلك وقال: (نحن أيضاً منافقون أعتقد أن الانتهاكات التي ارتكبتها الولايات المتحدة بحق السجناء في العراق وأفغانستان (ومن الواضح أننا عذبنا حتى الموت أعداداً من السجناء) ستظل وصمة في جبيننا جميعاً ولكن لدينا على الأقل أجهزة إعلام ونخبة دينية ومحاكم تكشف تفاصيل مثل هذه الممارسات وأغلبية في مجلس الشيوخ تعمل الآن على وضع حد لذلك).. هذا كلامه رغم أنه يدرك أن المحاكم التي تكتشف ذلك تحكم على المجرمين من الجنود الأمريكيين الذين يعذبون ويقتلون حتى الأبرياء الجرحى كما في مشهد رآه العالم عندما أجهزوا على جريح في المسجد!! وعندما اعتقل جنود بريطانيون صبية كانوا يتظاهرون!! وعذبوهم أسوة بما يقوم به الأمريكيون هناك!! ما يحكم ضدهم هي أحكام هزلية مقارنة ببشاعة الجرائم..

 

أطلق سراح الصحفية الأمريكية بعد ثلاثة أشهر فقط من الاعتقال لم يتم تعذيبها ولم يمارس معها ما مورس مع المعتقلين الأبرياء الذين تم اعتقالهم في أفغانستان حتى الأطفال تم اعتقالهم!! وتم سجن المعتقلين مكبلين في طائرة البضائع!! وتم نشر صورهم وهم في أوضاع مشينة مشدودة أذرعهم ومكبلون ومغطاة عيونهم في رحلة دامت ما لا يقل عن عشرين ساعة ورغم أنهم مكبلون كان جنود أمريكا رائدة الديموقراطية!! يضربونهم بالسلاح على صدورهم ورؤوسهم!! إمعاناً في التعذيب!! وبعد وصولهم إلى كوبا نزعوا ملابسهم وسلطوا عليهم المجندات لإغرائهم وإهانتهم قبل إلباسهم الزي البرتقالي!! شعار الحرية الجديد!! وسيتعفف قلمي عن ذكر المهازل والايحاءات الجنسية التي تستخدمها المجندات المكلفات بتعذيبهم بشكل مختلف لا يقل دناءة عما يقوم به زملاؤهم ومجنداتهم في أبوغريب مما يثير التقزز على هذا الشحن الشاذ بالجنس وعري الجسد!! وكأنهم لم يتخرجوا من كليات حربية بل من ملاهي العري ومستشفيات الأمراض النفسية للشاذين..

 

خرجت الصحفية الأمريكية جيل كارول من معتقل تحدثت عنه أنهم أحسنوا معاملتها وسمحوا لها بقراءة صحيفة والاستحمام في أي وقت تشاء وغرفة بها نافذة وأكل نظيف ومعاملة حسنة!!

والفرق شاسع بينها وبين من لايزالون في المعتقلات يعذبون ويغتصبون ويهانون سواء من كان في العراق أو أفغانستان أو غوانتانامو..

قيمة المواطن في هذا العصر تُستمد من مكانة دولته في دوائر إما الريادة أو التبعية!!

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply