مسلمو أوغندا .. بين المجازر والمخاطر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 - جيش الرب يحرق المسلمين في شمال البلاد

- عيدي أمين أعاد لمسلمي أوغندا مجدهم فأطاحوا به

 

من المعروف أن إفريقيا كانت ولا تزال مسرحًا لحملات التنصير المتتابعة والمستمرة، وقد حقق التنصير أغراضه في القارة السمراء بسبب التخلف والفقر والجهل، حيث ارتبط التعليم وتقديم الخدمات بالتنصير، بل كان الانخراط تحت رعاية إحدى الكنائس التنصيرية السبيل الوحيد أحيانًا للحصول على قسط من العلم والمعرفة أو على المهنة والعمل أو بعض المراكز القيادية في سلطة البلاد من هنا استطاع التنصير أن يحكم إفريقيا، ومن هنا جاءت المشكلات، ومن هنا دارت الحروب المسماة بـ " الأهلية وهي في الأساس حرب دينية الغرض منها تفريغ القارة السمراء من مسلميها والانقضاض على ثرواتها.

وأوغندا دولة إفريقية كان للتنصير دور بارز فيها محاولاً تفريغها من المسلمينº فأوغندا ـ التي في شرق إفريقيا ويحدها شرقًا جمهورية كينيا وفي الغرب الكونغو الديمقراطية ورواندا، وفي الشمال السودان ومن الجنوب تنزانيا ـ كان الإسلام أول دين بسط أوراقه على أراضيها قبل كل الأديان، وذلك على أيدي التجار العرب الذين وفدوا من جنوب الجزيرة العربيةº إلا أنه لم ينتشر كثيرًا بسبب انشغالهم بالتجارة أكثر من غيرها، ودخل الإسلام إلى أوغندا عام 1860 فاعتنقه بعض الأمراء والملوك وحسن إسلامهم حتى استعمرت بريطانيا البلاد في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، وقبل الغزو البريطاني لأوغندا بسنوات زحف المنصرون من البروتستانت البريطانيين والكاثوليك الفرنسيين واستطاعوا طمس الآثار الإسلامية ولك أن تتصور أن البريطانيين الذين كانوا في أوغندا قبيل استقلالها عام 1962 بلغ عددهم 7 آلاف بريطاني بينهم 1200 منصر!!

 

محاربة التعليم الإسلامي:

وحرص الاستعمار البريطاني ـ بكل أساليبه ووسائله على عرقلة أي نشاط للحركة الإسلامية، وبخاصة في مجال التعليم، فالمسلمون في أوغندا يتركز معظمهم في الشمال المتصل بحدود السودان، ولما كان هناك إقبال من مسلمي أوغندا بالشمال على جامعة الخرطوم في السودانº فقد أنشأ الاستعمار البريطاني في أوغندا جامعة " ماكريري " ليحول دون اتصال مسلمي أوغندا بالشمال، ثم إنه عهد إلى للبعثات التنصيرية بالإشراف على التعليم لقطع الصلة بين المسلمين والثقافة الإسلامية، وكان وراء هذا العمل مخططات مجلس الكنائس العالمي المزودة بالأموال ولم تقف المحاولات عند هذا الحدº بل إن السلطات أخذت في هدم المدارس الإسلامية أو بمعنى أدق إغلاقها.

ولنا أن نعلم أن عدد المدارس الثانوية التي تمتلكها الهيئات التنصيرية قبيل الاستقلال بلغ 282 مدرسة، بينما كان عدد المدارس الإسلامية 18 مدرسة وحتى بعد الاستقلال ظل الوضع على ما هو عليه وازداد اضطهاد المسلمينº لأن الحكومة الوطنية التي حكمت البلاد كانت من صنيعة الاستعمار حيث نشأ أعضاؤها بين أحضانه ولا يمكن تجاهل أن الاستعمار الصليبي في إفريقيا قد عمل على أن تكون السلطة الحقيقية للمؤسسات التنصيرية.

 

عيدي أمين:

وفي عهد عيدي أمين الرئيس الأوغندي الأسبق، الذي رحل عن دنيانا العام الماضي في المملكة العربية السعودية، بدأ المسلمون -الذين يشكلون 35 % من عدد سكان البلاد الذي يزيد عن 20 مليون نسمة- يتنفسون الصعداء، ولكن الاستعمار الصليبي ومؤسساته التنصيرية شنت حربًا شعواء على الرجل الذي أعلن إسلامه وجعل أوغندا عضوًا في منظمة المؤتمر الإسلامي، فأطيح به عام 1979 وتولى الحكم خلفًا له حاكم مسلم هو يوسف والي، ولكنه أقصي عن الحكم ليتولى مكانه محام صليبي هو "جود فيري بنيسا" ليعود معه الاضطهاد ضد المسلمين.

ولم يكن إقصاء عيدي أمين عاديًا بل كادت تنشب حرب أهليه في أوغندا لولا تدخل القس نيريري الرئيس التنزاني السابقº علمًا بأن نسبة المسلمين في تنزانيا كانت 95 % وقد صلت 35 % بفعل المنظمات التنصيرية!!

فقد أرسل نيريري قواته لإبادة المسلمين المؤيدين لعيدي أمين ولا يعرف بالتحديد عدد ضحايا هذه المجزرة التي حدثت لمسلمي أوغندا على أيدي القوات التنزانية، إلا أن الفارين من نيران هذه المذبحة يزيد عن 50 ألف مسلم استطاعوا أن الهروب وأصبحوا لاجئين في السودان.

 

مذبحة اللاجئين في ليرة:

واستمرت المذابح والمجازر ضد المسلمين في أوغندا حتى كانت المذبحة الأخيرة التي نفذها جيش الرب في معسكر للاجئين المسلمين شمال مدينة ليرة الواقعة شمال البلاد مساء يوم السبت الأول من شهر المحرم 1425 هـ الموافق 21 فبراير 2004 م حيث قام جيش الرب بإضرام النيران في المعسكر بعد أن شن هجوماً بالمدفعية والقنابل اليدوية تمهيداً لإحراق المعسكر بمن فيه، وقد راح ضحية هذه المجزرة قرابة المئتي شخص حسب إذاعة ال " بي بي سي " التي أذاعت النبأ هذا غير 56 شخصًا يعالجون في مستشفى ليره من إصابات الحروق والشظايا والطلق الناري.

ومعسكر بارلونيا التي وقعت فيه المجزرة يأوي 5 آلاف شخص فروا هربًا من القتال الدائر بين المتمردين ـ جيش الرب ـ والقوات الحكومية، ويصل إجمالي من تم تشريدهم إلى مليون شخص جلهم من المسلمين يتمركزون في شمال البلاد.

وقد علق رجل دين صليبي على المذبحة قائلا "لم أر في حياتي قط مثل هذه المجزرة، فقد رأيت في كوخ واحد فقط عائلة كاملة محروقة!! "، ولا يمكن وصف تصريح هذا القس إلا أنه " شهد شاهد من أهلها " فالذي قام بالمذبحة هو جيش الرب الصليبي المتطرف المعروف عنه الوحشية وهو مؤسس منذ عشرين عامًا تقريبًا وتدور بينه وبين الحكومة الأوغندية حرب منذ 18 عامًا ويبدو جليًا تواطؤ الجيش الأوغندي مع جيش الرب فالأول يزعم أنه يقوم بإضعاف المتمردين " جيش الرب " إلا أن هذا غير حقيقي، فما زال المدنيون وخصوصًا المسلمين منهم عرضة لهجمات جيش الرب، الذي يستمد قوته من دعم مجلس الكنائس العالمي لإضعاف وتشريد المسلمين في شمال أوغندا حيث يتمركز جيش الرب في المناطق التي لا يحكمها قانون جنوب السودان المجاور، ويستمد قوته أيضًا من الكنيسة الإنجيلية الأمريكية التي تدعم بدورها متمردي الجنوب السوداني، وذلك لدحر المسلمين والقضاء عليهم في هذه المناطق " منابع النيل " وأمام هذا المد الكنسي لا يمكن أن نصدق ما يردده الرئيس الأوغندي " يوري موسيفيني " من أنه سيدحر ميليشيات جيش الرب، وأمام هذا العون الكنسي أيضًا لا يسعنا إلا أن نشير بأصابع الاتهام إلى المسئولين الأوغنديين " بأنهم يدعمون " جيش الرب " و لن يتعرضوا له بأذى خصوصًا وأنه في ظل هذه المذبحة ردد وزير الدفاع الأوغندي أن 25 متمردًا لقوا مصرعهم في منطقة أخرى يوم السبت " يوم المذبحة " وكأنه يبحث عن مبرر لهذه المذبحة كما أن المسئولين في أوغندا أسرعوا إلى دفن الجثث حتى لا يتم حصر أعداد أكبر من الـ " 200 " ضحية التي أعلنوا عنها فمعسكر به 50 ألفًا تضرم فيه النيران هل يكون الضحايا مائتين فقط؟ مجرد استفهام!.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply