الطريقة المثلى للانتصار للرنتيسي وياسين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن القلوب حزينة لفراق الشيخين المجاهدين في أقل من شهر، والمشاعر تغلي ولا تستطيع أن تهدأ، إذ الشيخ أحمد ياسين هو مؤسس حماس وساقي بذرتها حتى نبتت واشتد عودها، وصارت القوة الأولى في فلسطين ولله الحمد، ولم يكن هذا في العصر الحديث لأية كتلة إسلامية أن تستحوذ على القلوب، ويقبل عليها الناس إلا الحماس فيما أعلم، ويمكن أن يورد هاهنا مثال الجزائر لكنه عند التأمل لا يثبت، إذ كان إقبال الناس على جبهة الإنقاذ إقبالاً غير واعٍ, ولا إيجابي، كما أثبتت الأحداث بعد ذلك، أما حماس فهي ولله الحمد مؤسسة على الجمع بين المصحف والسيف، والدين والدولة، والوعي والحماسة، والتعقل والمثابرة، والسياسة والجهاد، والإقدام والتروي، والمداراة والصلابة، وكل ذلك لا أعرفه لمجموعة إسلامية معاصرة، وهذا بفضل الله - تعالى - ثم بعمل الشيخ ياسين ورفاقه.

 

وأما أسد حماس وكلهم أسود الطبيب عبد العزيز الرنتيسي فإن القلوب تبكيه قبل العيون،

 

إذ قد قل نظيره والله، فهو العلم الشامخ على مر السنين، والأسد الرابض في العرين، مواقفه مشرفة، وحياته سلسلة من الجهاد متصلة، وابتلاء إثر ابتلاء، وسجن وإبعاد وإقصاء، ثم ابتلي بقيادة حماس، وصدر منه تصريحات رائعة في أيام قيادته القليلة أنبأت عن عزة قعساء، وهمة شماء، ذكرتنا ببطولات السلف وأمجادهم.

 

ففقد مثل هذين تبكي له العيون، وتنفطر له القلوب، لكن العزاء أنهما خلفا من الأبطال أرتالاً، ومن العظماء أقيالاً، ومن المجاهدين أبطالاً، عهدنا بهم جمعياً كذلك، والله - تعالى - حسيبهم.

 

وهنا تتساءل الجماهير الغفيرة التي تساندهم في العالم الإسلامي وهم العدد الكبير الهائل المقدر بعشرات الملايين، تتساءل عن الثأر متى هو؟ ! خاصة أن حماساً لم تثأر بعد للشيخ العظيم أحمد ياسين بعد، وقد طمأنت قيادة حماس الجماهير على أن الثأر قادم لكنهم يخططون له ليكون في مكانة الشيخين الكبيرين، وأنا على أني من المؤيدين مطلقاً وبدون تحفظ للعمليات الاستشهادية الرائعة الجليلة، وأرى أنها من أعظم القربات وأجل العبادات وأوافق بهذا جل علماء الأمة ولله الحمد، على أني أرى هذا الرأي لكني أرى أن الطريقة المثلى للانتصار للشيخين تكون بهذا العمل الاستشهادي وبغيره، وربما كان غيره أعظم أثراً على المدى الطويل، على النحو التالي:

 

- أولاً: سلسلة من الأعمال الاستشهادية الرائعة التي يكبر لها المسلمون من المغرب إلى الصين، ومن تركيا إلى جنوب إفريقيا، وهي التي تجلب لهم السعادة في زمن الهزائم والذل، فلو أن أسود حماس تمكنوا بتوفيق الله - تعالى - لهم من هز إخوان القردة والخنازير من أعماقهم بسلسلة عمليات مدروسة كبيرة فإن هذا هو أحسن رد على هؤلاء المتغطرسين الزاعمين أن حماساً تضعف بمقتل قادتها، وهو أحسن رد على بوش وعصابته الذين لم يستطيعوا إلا إظهار شماتتهم ومساندتهم المطلقة لإخوانهم إخوان القردة والخنازير.

 

وهذه العمليات في الوقت نفسه تنزل برداً وسلاماً على المسلمين في كل مكان، وتشد من أزرهم، وتعظم يقينهم بأن النصر قادم، وأنه مهما ادلهم الظلام فإن الفجر قادم والأمل قائم.

 

- ثانياً: الحفاظ على بنية حماس السياسة والعسكرية بعيداً عن الخلافات والتصدعات والانشقاقات التي ابتلي بها أكثر التجمعات الإسلامية في عصرنا الحديث، والاعتصام بحبل الله ونبذ كل ما يمكن أن يقرب من الشقاق والتصدع لهو مما تقربه أعين الشيخين في قبريهما، أستغفر الله بل في عليائهما، والجماهير الإسلامية لا يحتمل قلبها أي خلاف في هذه المؤسسة الطاهرة، فالله الله فيهم.

 

- ثالثاً: الثبات على المبدأ الصحيح والنظر الفسيح، وعدم التنازل للأعداء ولا لمن يظنون بأنهم أصدقاء، فالثبات يحبه الله - تعالى -، وهو أدعى لالتفاف الجماهير حول حماس في زمن كثرت فيه التنازلات، وقل فيه الثبات، وتقهقر أناس كان من المضمون بهم في الزمن الغائم الذي ولى ولله الحمد إلى غير رجعة الثبات حتى كلمات فإذا بهم يكتبون بأيديهم أغرب صفحات الذل والانهزام بدعوى مراعاة الواقع، فما زالوا يراعون الواقع حتى وقعوا في الذل الفاقع، وأصبحنا نرى انفضاض الناس عنهم والالتحاق بصفوف حماس، وهذا من جملة التوفيق الإلهي.

 

- رابعاً: عدم الملل من التربية والتكوين، فهما الطريق المضمونة إن شاء الله - تعالى - لولادة الأبطال، وإنجاب العظماء، وتوريث التجارب، والسير على الجادة، فأهل فلسطين أسود أشاوس، وإذا ربوا وهذبوا أتت على أيديهم أحسن النتائج، ولقد رأينا جماعات إسلامية اكتفت بأنشطة سياسية وثقافية وفكرية عن التربية والتكوين فساء حالهم، واضمحل شأنهم.

 

- خامساً: الصبر والمصابرة، وهما كالقبض على الجمر لكن لا بد منهما، وهما ثمن العزة وضريبة الكرامة (فصبر جميل)، (اصبروا وصابروا ورابطوا)، (والصبر ضياء)، وكل ما يحدث وسيحدث لكم إنما هو شرط التمكين، وعقد النصر، وثمن الميراث، وضريبة الإمامة، (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض) ويريد الأعداء على اختلاف توجهاتهم أن يستفزوكم لكن أنتم أوعى وأعظم من أن تستجيبوا لهم، والله معكم.

 

ومن جملة الصبر الجميل الصبر على ما قد يصدر عن إخوانكم من التنظيمات الفلسطينية من استفزاز أو حمل لكم على ما لا تريدون، فلا تستجيبوا لهم، وأبقوا على طهارة أيديكم من دمائهم فقد أثبتم أنكم كذلك في أشد المواقف حرجاً وصعوبة.

 

هذا هو المطلوب من أسود حماس لينتصروا للشيخين، وما نحن القاعدين والله بأهل أن نخبرهم بالمطلوب لكن نتطفل على موائدهم، ونجترئ لما لمسنا من أخوتهم.

 

أما المطلوب من سائر المسلمين في شأن الانتصار للشيخين هو:

 1- الدعاء لهما في أوقات الأسحار، والاستغفار لروحهما التي في أجواف الأطيار، ومواساة أهلهما الأخيار، والتعريف بحالهما وسيرتهما لتبقى ذخراً للأجيال.

 

2- الالتزام بشرع الله - تعالى -، والبعد عن المعاصي والكبائر، فهذا مما يقرب النصر، ويعجل الثأر، وهو الذي دعا إليه الشيخان في حياتهما الشامخة.

 

3- التعريف بالقضية الفلسطينية، وأنها قضية إسلامية، وتربية الجيل الجديد القادم على حبها، وإشرابه الاهتمام بها وتقديمها، وبيان خطر اليهود والتحذير منهم ومن مسالمتهم والاستخذاء أمامهم.

 

4- مد مجاهدي حماس بالعون المادي اللازم لمسيرتهم، إذ كيف يستطيع أولئك العظماء أن يثأروا للشيخين بمواصلة مسيرتهما بدون المال الكافي، ولا ننسى حديث المصطفي - صلى الله عليه وسلم - (من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا) وهذا أقل ما نقدمه لهؤلاء الأبطال.

 

5- مقاطعة أمريكا وبريطانيا اقتصادياً وفي كل المجالات التي نستطيعها، وذلك بسبب موقفهم الظالم الذين يقفونه من قضايا الإسلام عموماً ومن حماس خصوصاً.

 

 وفي النهاية أسأل الله - تعالى - للشيخيين أعلى الدرجات، ومرافقة سيد البريات، ولأهلهما الصبر والسلوان، ولحماس وسائر المسلمين التمكين، والله أكبر ولله الحمد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply