لم يجف الدمع بعد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 في صباح يوم من أيام الله المباركة، والتي يعرض فيها الأعمال على الله، أراد الله أن يتوج حياة هذا الرجل العظيم بتلك النهاية العظيمةº ألا وهي الشهادة في سبيل الله - جل وعلا -.

خرج الشيخ القعيد المريض الضرير بعد أن أدى صلاة الصبح مع جماعة المسلمين، وما إن يخرج من بيت الله إلا وتنتظره ملائكة الله لتذهب بروحه الطاهرة إلى الله بعد أن اغتالته يد الكفر والإلحاد من بني صهيون، لتضيف في سجلها العفن تلك الجريمة البشعة تظن أنها حققت نصراً وأنَّ لها ذلك.

وقع الخبر على نفسي بل ونفس كل مؤمن- كوقع الصاعقة على عاد وثمود، أحقاً قتل الشيخ المجاهد والبطل الهمام والفارس المغوار الشيخ/ أحمد ياسين؟ نعم قتل.... لا... بل نال الشهادة، فقد كانت أسمى أمانيه، فهو لم يمت بل لقد ولد من جديد في حياة طيبة عند رب كريم "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين" [آل عمران، 169-171].

وكأني بالشيخ المجاهد أحمد ياسين وقد تمزقت أشلاؤه وتكسرت عظامه، وسالت دماؤه ولسان حاله ومقاله يقول:

 

نـحن الـذين بايعوا محمـداً ***على الجهـاد مـا بقـينا أبــداً

ولست أبالي حين أقتل مسلماً*** على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ*** يبارك على أشلاء شـلو ممزع

 

 فبارك الله في أشلائك يا شيخ المجاهدين، لقد فزت ورب الكعبة، لقد سارع بك الأوغاد إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

ظن بنو صهيون أنهم حققوا نصراً، ونالوا شرفاً باغتيالهم شيخ الجهاد الإسلامي، بل والله ما حققوا إلا هزيمة لأنفسهم ساحقة، ولم ينالوا إلا ذلاً وصغاراً، وسارعوا بالشيخ المجاهد ليزفوه إلى الجنان ومعانقة الحور الحسان في مقعد صدق عند المليك المقتدر، فهنيئاً لك الشهادة يا ابن ياسين، وعليكم اللعنة يا بني صهيون إلى يوم الدين.

وفي ظل المباركات البوشية الصليبية القذرة، تستفحل الغطرسة الشارونية اليهودية الوقحة، ويساعد في ذلك السكوت الرهيب المخزي من ساسة العرب والمسلمين على حد سواء، وكأنهم يقولون لقادة عباد الصليب وسدنة الهيكل المزعوم من أحفاد القردة والخنازير امضوا قدماً فنحن معكم قلباً وقالباً، ولا يفزعنكم ردة فعل شعوبنا فنحن نكفيكم هذا الأمر اليسير، ونريد منكم مزيداً من الإجرام والقتل والعبث الدموي، فإن نفوسنا تهتز فرحاً، وقلوبنا ترقص طرباً عندما نرى ونسمع ونشاهد مثل هذه الأفعال.

فأرادت القيادة اليهوصليبية أن تتأكد من صدق حكام العرب والمسلمين فيما زعموا، فأصدرت الأوامر إلى الكلاب المسعورة من جنودها الجبناء باغتيال الخليفة الأول لشيخ الجهاد الإسلامي الدكتور الشهيد/ عبد العزيز الرنتيسي - رحمه الله - رحمة واسعة- وكأني بالرنتيسي اشتاق إلى مرافقة شيخه وحبيبه الشيخ المجاهد/ أحمد ياسين، وتمنى أن ينال الشهادة مثلما نالها شيخه، فحقق الله أمنيته وساق إليه الشهادة أو ساقه هو إليهاº المهم أن الله حقق أمنيته، وخرجت الروح إلى بارئها تشتكي ظلم الظالمين وتخاذل المتخاذلين، وقلة الناصر والمعين، ولسان حاله وحال كل مستضعف يقول: "اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربنا، إلى من تكلنا؟! إلى بعيد يتجهمنا أم إلى عدو ملكته أمرنا؟ إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علينا غضبك، أو ينزل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

أيها المسلمون: إن هذا الدين منصور لا محالة، وإن هذه الفئة الباغية من اليهود والنصارى مخذولة مدحورة بلا شك، ولن تقوم الساعة حتى تكون هناك حروب طاحنة بين قوى الإيمان والتوحيد، وبين قوى الشرك والإلحاد، ويكون النصر حليفاً لجند الله المؤمنين، ولكن للنصر أسباب تدور معه حيث دارº فإن توفرت كان النصر المبين، وإن تخلفت كان الذل والهوان الأليم، -كما هو حادث الآن- فما هو واجبنا الآن حيال هذه الظروف الراهنة:

1- حسن التوكل على الله، وصدق اللجوء إليه - سبحانه -، فلا يتعلق رجاؤنا إلا فيه، فلا نعلق الآمال على انعقاد القمة العربية ولا غيرها، فالقمة أثبتت فشلها بجدارة قبل أن تقام، ومنذ متى كان للقمة العربية أي دور فعال في قضايا الأمة الإسلامية؟!.

2- معرفة سنن الله الكونية في خلقه، وأن هذه السنن لن تتبدل ولن تتغيرº "فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً" [فاطر: 43]، فإذا أخذنا بأسباب النصر التي وضحها لنا ربنا في محكم التنزيل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة كان النصر حليفاً لنا بإذن الله - تعالى - والله لا يخلف المعاد، أما وإن كانت الأخرى، فالحال يغني عن المقال والله المستعان.

3- يجب أن نعلم أن الله إذا لم يستخدمنا في نصرة هذا الدينº فإنه - سبحانه - يستبدلنا ولا محالة، "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".

4- لا بد وأن نربي أنفسنا على الجهادº وذلك بمعرفة أحكامه، وفضله، وثماره في الدنيا والآخرة، وذلك أيضاً بالقراءة في سير الأبطال من الأنبياء والرسل، وفي مقدمتهم نبينا محمد صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً-، وسير صحابته الكرام رضي الله عنهم-، ومن سار على نهجهم على مر الأزمنة والعصور، ففي قصصهم العظة والعبرة، وكيف كان للإسلام دولة وقوة عندما كانت راية الجهاد مرفوعة.

5- لا بد وأن نربي الجيل القادم على قيم الجهاد، والبذل، والعطاء، والتضحية، والفداء، والعمل لهذا الدين، وأن كل ما يبذل لهذا الدين مهما عظم فهو حقير، ومهما غلا فهو رخيصº لأن هذا الدين لا بد وأن نضحي له بكل غالٍ, ونفيس.

6- لا بد وأن نمد يد العون لإخواننا المجاهدين في كل مكان، ولا نبخل عليهم بما في أيدينا، فلا بد من دعمهم بالمال والرجال، وغيرها من ألوان الدعمº قال - صلى الله عليه وسلم -: "جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم... " أخرجه أبو داود(2504) بإسناد صحيح من حديث أنس رضي الله عنه-.

وعن زيد بن خالد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا" متفق عليه.

7- لا بد من مساندة أسر الشهداء وتوفير ما يحتاجون إليه من ضروريات الحياةº حتى يتحقق فينا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه.

8- لا بد وأن يكون هناك وقفة قوية ومؤثرة من علماء الأمة قاطبة، وأن يصدعوا بالحق، لا يخشون فيه لومة لائمº حتى لا يفقدوا الثقة من قبل الشعوب، وعندها لا ينفع الندم ولات حين مندم.

9- لا بد من تشكيل لجان على مستوى العالم للإشراف على جمع التبرعات من المسلمين وتوصيلها إلى المجاهدين في بقاع الأرض.

10- لا بد من نبذ جميع الخلافات التي بين المسلمين والعمل على توحيد الصف، والوقوف يداً واحدة لدحر العدو، فلا بد من إشعار العدو بهذه القوةº لأن العدو ما فعل بنا هذا إلا لعلمه ويقينه أننا غير متماسكين، فالله الله في جمع الكلمة، وتوحيد الصفº فيد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.

11- الدعاء والتضرع إلى الله بأن يعجل لنا بالنصر على الأعداءº فالدعاء له سر عجيب لا يعلمه إلا من جرب.

اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغار منهم أحداً، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، اللهم آمين.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply