أما لهذه الهجمة من رادع ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف النبيين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منذ 30 سبتمبر الماضي و الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلى هجوم حاد وحملة حاقدة في الصحافة الدانمركية، والتي بدأت عندما أراد مؤلف كتب أطفال دانماركي أن يضع على غلاف كتابه صورة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ورفض رسام الكاريكاتير المكلف بإعداد الغلاف رسم هذه الصورة، فقرر المؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول، حيث تقدم لها (12) رسام كاريكاتير أرسلوا (12) صورة مسيئة لرسولنا الكريم .

ولم تفوّت صحيفة (بيو لاندز بوستن) اليمينية المتطرفة والتابعة للحزب الحاكم هذه الفرصة، في التقاط هذه الصور ونشرها استهانة بمشاعر أكثر من مليار و(300) مليون مسلم، بالرغم من أن مسلمي الدانمارك والبالغ عددهم (200) ألف، (الإسلام هو الديانة الثانية في الدانمارك بعد المسيحية البروتستانتية) حاولوا الاحتجاج على القرار، وذلك عن طريق رفع مذكرة إلى الحكومة الدانماركية، إلا أن الجواب كان هو الرفض، وإصرار الحكومة على دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية التعبير''

بل كان الموقف الحكومي الدانماركي أكثر شراسة برفض المدعي العام تلبية طلب الجالية الإسلامية برفع دعوى قضائية ضد الصحيفة بتهمة انتهاك مشاعر أكثر من مليار مسلم في العالم، وقال المدعي العام الدنماركي: إن القانون الذي يُستخدم لتوجيه تهم بسبب انتهاك حرمة الأديان لا يمكن استخدامه ضد الصحيفة.

إن حالة العداء للإسلام والمسلمين في الدانمرك تجاوزت كل الخطوطº فهناك تعبئة عامة ضد الإسلام، على كافة المستويات بدءاً من التصريح الذي نقل على لسان ملكة الدانمرك (مارجريت الثانية) والذي قالت فيه: "إن الإسلام يمثل تهديداً على المستويين العالمي والمحلي"، وحثت حكومتها إلى "عدم إظهار التسامح تجاه الأقلية المسلمة"، انتهاءً بمواقع الإنترنت التي يطلقها دانمركيون أفراداً ومؤسسات خاصة، تحذر من السائقين المسلمين، لأنهم "إرهابيون وقتلة" مروراً بالحملة العامة في الصحف ومحطة التلفاز العامة التي أعلنت الحرب ضد الإسلام والمسلمين) *.

ومن هنا رأيت أن أكتب في هذا الجانب المهم مذكرا النفس والإخوان بعظم حقه مستعينا الله - تعالى - فأقول:

إن من أعظم النعم التي أنعم الله علينا هي أن بعث لنا محمداّ - صلى الله عليه وسلم - نبيناً ورسولاًُ: " لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ". وقال - تعالى -: " لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "

قال العلامة ابن سعدي - رحمه الله تعالى -: " هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي أكبر النعم بل أجلها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة " ا. هـ

نعم أيها الأحبة لقد بعث الله محمداَ - صلى الله عليه وسلم - إلى الخليقة بعد أن كانت تعيش في جاهلية جهلاء.. قويهم يأكل ضعيفهم قد وقع بأسهم بينهم.. وهم يعيشون ضلال وعمى جميعهم إلا بقايا من أهل الكتاب..

فبعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - ففتح الله به أعُينا عمياً.. وآذان صماً.. وقلوباً غلفاً.. فهدى به من العمى.. وبصر به من الضلالة..

فلا إله إلا الله ما أعظم هذه النعمة وأجلها لمن تدبرها وعرف قدرها...

ولقد أوجب الله - تعالى -على المومنين محبته وتعظيمه.. ولقد أمر الله - تعالى - بتعظيمه رسول الله وتوقيره.. وتعظيم سنته وحديثه فقال - تعالى -: ((وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ))

ومن مظاهر التعظيم لرسول الله في الإسلام...

أنه خصّه في المخاطبة بما يليق به، فقال: ((لا تَجعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَينَكُم كَدُعَاءِ بَعضِكُم بَعضاً)) [النور: 63]، فنهى أن يقولوا: يا محمد، أو يا أحمد، أو يا أبا القاسم، ولكن يقولوا: يا رسول الله، يا نبي الله، وكيف لا يخاطبونه بذلك والله - سبحانه وتعالى - أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً من الأنبياء، فلم يَدعُه باسمه في القرآن قط...

ومن ذلك: أنه حرّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذَن، وحرم رفع الصوت فوق صوته، وأن يُجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل...

ومن ذلك: أن الله رفع له ذكره، فلا يُذكر الله - سبحانه - إلا ذكر معه، وأوجب ذكره في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام، وفي الصلاة التي هي عماد الدين... )

و إن تعظيم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مــن صـلـب إيمان المسلم.. فهو خليل الله المصطفى من خلقه.. وخاتم الأنبياء الذي بانتهاء رسالته انـقـطــع وحي السماء.. والموصوف من ربه - جلا وعلا - بعظم خلقه.. وأحد خمسة من أولي العزم من الرسل. هذا التعظيم تحتمه سيرته الشريفة - صلى الله عليه وسلم - كما تمليه حقيقة شهادة أن (محمداً رسول الله)...

ولـم يـغـفـــل المسلمون - منذ جيل الصحابة الكرام - عن قدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعــــن مـحـبـتــــه وتعظيمه.. فنرى في سيرة هؤلاء الصحابة وتابعيهم وعلماء الأمة وعوامها من بعدهم أفضل نماذج لهذا التعظيم..

ومن نافلة القول هنا أن يقال أن معنى التعظيم المشروع لرسول الله هو تعظيمه بما يحبه هو - صلى الله عليه وسلم - وعدم رفعة فوق منزلته النبوية وانه عبد لا يعبد ورسول لا يكذب فلا يرفع إلى مقام الربوبية أو الألوهية..

وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة بتعظيم وإجلال رسول الله..

ومن ذلك: مارواه الدارمي في سننه عن عبد الله بن المبارك قال: (كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله فلدغته عقرب ست عشرة مرة، ومالك يتغير لونه ويصفر، ولا يقطع حديث رسول الله، فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس، قلت: يا أبا عبد الله، لقد رأيت منك عجباً! فقال: (نعم إنما صبرت إجلالاً لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -

وقال الشافعي - رحمه الله تعالى- : (يكره للرجل أن يقول: قال رسول الله، ولكن يقول: رسول اللهº تعظيماً لرسول الله).

وممن يجب تعظيمهم وإجلالهم وهو من إجلاله - عليه الصلاة والسلام - إجلال صحابة رسول الله، فيتعين احترامهم وتوقيرهم، وتقديرهم حق قدرهم، والقيام بحقوقهم -رضي الله عنهم-.

ويلحظ اليوم وجود هجمة شرسة على جناب نبي الأمة يقوده الإعلام الغربي وإني لا تعجب ولا ينقضي عجبي من الإعلام الإسلامي أين هو من مثل هذا الهجوم على نبينا وكأنً شيئا لم يحدث؟! وأين هو الإعلام الذي انشغل بالبرامج التافهة والفاضحة ونجومها المزعومين! فضلاً عن متابعة نجوم هليودو والفيديو كليب! فيا أمة الإسلام، ويا إخوة العقيدة، ويا أبناء الرسالة الخالدة، هذا نبيكم وهذا فضله، ووصفه فهل ترضون بأهنته؟!! فالواجب على الأمة بكل أفراده وطاقاتها أن تهب هبة الدفاع عن الحبيب - صلى الله عليه وآله وسلم - والواجب أن يعيش معنا دائماً وأبداً في مشاعرنا، وآمالنا، وطموحاتنا.. يعيش معنا، قدوة وأسوة، وإماماً، ومعلماً، وأباً، وقائداً، ومرشداً. يعيش معنا في ضمائرنا عظيماً، وفي قلوبنا رحيماً، وفي أبصارنا إماماً، وفي آذاننا مبشراً ونذيراً " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون "

نسينا في ودادك كل غال * * *  فأنت اليوم أغلى ما لدينا

نلام على محبتك ويكفي * * *  لنا شرفٌ نلام وما علينا

ولما نلقكم لكن شـوقـاً  * * * يذكرنـا فكيف إذا التقينا

تسلّى الناس بالدنيا وإنـا  * * * لعمـر الله بعدك ما سلينا

 

* من مظاهر محبته - صلى الله عليه وسلم -:

1) فأول علامات المحبة: الإتباع والاعتصام بالكتاب والسنة..

وحيث كان ادّعاء حب الله من أسهل ما يكون على النفس جعل الله دلالته النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الآية السابقة " قل إن كنتم تحبون الله... "

تعصي الإله وأنت تظهر حبه  * * *  هذا لعمري في القياس بديع

لو كنت حبك صادقا لأطعته * * *  أن المحب لمن يحب مطيع

قال الحسن: ادعى قوم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم "

وثمرة الإتباع محبة الله للمتبع... وشأن عظيم أن تًحِب وأعظم منه أن تحب..

2) الحذر من رد شيء من السنة:

قال أحمد بن حنبل: " من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة " قال الله - تعالى -: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم ".

قال ابن كثير - رحمه الله -: " أي: عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان " ا. هـ [تفسير ابن كثير: 2/307]..

ومن مظاهر رد السنة السخرية والاستهزاء بالسنة النبوية ومعارضتها بالعقول والآراء والرغبات والعادات كالسخرية والاستهزاء باللحية, ورفع الرجل ثوبة فوق الكعبين, وحجاب المرأة, والسواك, والصلاة إلى سترة وغير ذلك. فتسمع من يصف تلك الأعمال بأوصاف رديئة أو يتهكم بمن التزم بها فلم يجد هؤلاء ما يملؤون به فراغهم إلا الضحك والاستهزاء بمن عمل بالسنة وحافظ عليها فيجعلونه محلا لسخريتهم هازلي لاعبين فيصدق في مثلهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "

ويغفل كثير من الناس عن أمر خطير وهو أن الاستهزاء بالدين كفر سواء كان على سبيل اللعب والهزل والمزاح أو على سبيل الجد فهو كفر مخرج من الملة.

قال ابن قدامة: من سب الله - تعالى - كفر سواء كان مازحا أو جادا وكذلك من استهزاء بالله - تعالى - أو بآياته أو برسله أو كتبه. أهـ

وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله فقال: " كل بيمينك " قال: لا أستطيع. قال: " لا استطعت ما منعه إلا الكبر " قال: فما رفعها إلى فيه.

قال التيمي: فليتق المرء الاستخفاف بالسنن ومواضع التوقيف فانظر كيف وصل إليه شؤم فعله.

وعن أبي يحيى الساجي قال: كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا المشي ومعنا رجل ماجن متهم في دينه فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها (كالمستهزئ) فلم يزل من موضعه حتى جفت رجلاه وسقط. !!

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply