رجل يتجسس على زوجة جاره


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

رجل يتجسس على زوجة جاره

السؤال:
لا أعرف كيف ابدأ الموضوع وكا اعرف انه لا حياء في الدين
اخواني اريد احاديث صحيحيه او قوال مؤثره او افعال عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقوبة من ضبط متلبسا وهو يتجسس على عورات المؤمنين او انه يتجسس على زوجة الجيران او يسترق السمع على الغير بدون إذنه
هل هناك احاديث صحيحة بخصوص هذا الموضوع ...
اعتذر عن ازعاج مسامعكم ولكن اريد ان أكتب رسالة لشخص هوايته التجسس على جيرانه لعل الله ان يهديه ويترك هذه العادة السيئة ويكتب لي ولكم الثواب
شكرا لكم مقدما

الجواب :
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا " [ الحجرات : 12 ] .

قال الطبري : وَقَوْله : " وَلَا تَجَسَّسُوا " يَقُول : وَلَا يَتَتَبَّع بَعْضكُمْ عَوْرَة بَعْض , وَلَا يَبْحَث عَنْ سَرَائِره , لَا عَلَى مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ سَرَائِره .

قال ابن كثير في تفسير الآية : " وَلَا تَجَسَّسُوا " أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ ، وَمِنْهُ الْجَاسُوس ، وَأَمَّا التَّحَسُّس فَيَكُون غَالِبًا فِي الْخَيْر كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِخْبَارًا عَنْ يَعْقُوب أَنَّهُ قَالَ " يَا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْح اللَّه " ، وَقَدْ يُسْتَعْمَل كُلّ مِنْهُمَا فِي الشَّرّ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا " .ا.هـ.

وقال القرطبي : وَمَعْنَى الْآيَة : خُذُوا مَا ظَهَرَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَات الْمُسْلِمِينَ , أَيْ لَا يَبْحَث أَحَدكُمْ عَنْ عَيْب أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِع عَلَيْهِ بَعْد أَنْ سَتَرَهُ اللَّه .ا.هـ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكُمْ وَالظَّنّ فَإِنَّ الظَّنّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا "   رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (6064) ، وَمُسْلِم (2563) .

نقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي ما نصه : وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد بِالظَّنِّ هُنَا التُّهْمَة الَّتِي لَا سَبَب لَهَا كَمَنْ يَتَّهِم رَجُلًا بِالْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْر أَنْ يَظْهَر عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهَا , وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله " وَلَا تَجَسَّسُوا " وَذَلِكَ أَنَّ الشَّخْص يَقَع لَهُ خَاطِر التُّهْمَة فَيُرِيد أَنْ يَتَحَقَّق فَيَتَجَسَّس وَيَبْحَث وَيَسْتَمِع , فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث يُوَافِق قَوْله تَعَالَى : " اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ , إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم , وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " فَدَلَّ سِيَاق الْآيَة عَلَى الْأَمْر بِصَوْنِ عِرْض الْمُسْلِم غَايَة الصِّيَانَة لِتَقَدُّمِ النَّهْي عَنْ الْخَوْض فِيهِ بِالظَّنِّ , فَإِنْ قَالَ الظَّانّ أَبْحَثُ لِأَتَحَقَّق , قِيلَ لَهُ : " وَلَا تَجَسَّسُوا " فَإِنْ قَالَ : تَحَقَّقْت مِنْ غَيْر تَجَسُّس ، قِيلَ لَهُ : " وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " .ا.هـ.

‏* عَنْ ‏‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏‏عَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ ، وَمَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ ‏‏الْآنُكُ ‏يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ .   رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (7042) .

قال الحافظ ابن حجر : وَأَمَّا الْوَعِيد عَلَى ذَلِكَ بِصَبِّ الْآنُك فِي أُذُنه فَمِنْ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل . وَالْآنُك بِالْمَدِّ وَضَمّ النُّون بَعْدَهَا كَاف الرَّصَاص الْمُذَاب , وَقِيلَ هُوَ الْخَالِص الرَّصَاص .ا.هـ.

ونقل الحافظ عن اِبْنِ أَبِي جَمْرَة ما نصه : وَقَالَ فِي مُسْتَمِع حَدِيث مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاعه : يَدْخُل فِيهِ مَنْ دَخَلَ مَنْزِله وَأَغْلَقَ بَابه وَتَحَدَّثَ مَعَ غَيْره فَإِنَّ قَرِينَة حَاله تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيد لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَمِع حَدِيثه فَمَنْ يَسْتَمِع إِلَيْهِ يَدْخُل فِي هَذَا الْوَعِيد , وَهُوَ كَمَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ مِنْ خَلَل الْبَاب فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيد فِيهِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ فَقَئُوا عَيْنَهُ لَكَانَتْ هَدَرًا

قَالَ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُوم مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاع حَدِيثه مَنْ تَحَدَّثَ مَعَ غَيْره جَهْرًا وَهُنَاكَ مَنْ يَكْرَه أَنْ يَسْمَعهُ فَلَا يَدْخُل الْمُسْتَمِع فِي هَذَا الْوَعِيد لِأَنَّ قَرِينَة الْحَال وَهِيَ الْجَهْر تَقْتَضِي عَدَم الْكَرَاهَة فَيَسُوغ الِاسْتِمَاع .ا.هـ.

عَنْ مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " إِنَّك إِنْ اِتَّبَعْت عَوْرَات النَّاس أَفْسَدْتهمْ أَوْ كِدْت أَنْ تُفْسِدهُمْ " فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَلِمَة سَمِعَهَا مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَعَهُ اللَّه تَعَالَى بِهَا .    رواه أبو داود (4888) ، وإسناده صحيح .

وأورد القرطبي قصةً فقال : وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : كَانَ رَجُل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة لَهُ أُخْت فَاشْتَكَتْ , فَكَانَ يَعُودهَا فَمَاتَتْ فَدَفَنَهَا . فَكَانَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِي قَبْرهَا , فَسَقَطَ مِنْ كُمّه كِيس فِيهِ دَنَانِير , فَاسْتَعَانَ بِبَعْضِ أَهْله فَنَبَشُوا قَبْرهَا فَأَخَذَ الْكِيس ثُمَّ قَالَ : لَأَكْشِفَنَّ حَتَّى أَنْظُر مَا آلَ حَال أُخْتِي إِلَيْهِ , فَكَشَفَ عَنْهَا فَإِذَا الْقَبْر مُشْتَعِل نَارًا , فَجَاءَ إِلَى أُمّه فَقَالَ : أَخْبِرِينِي مَا كَانَ عَمَل أُخْتِي ؟ فَقَالَتْ : قَدْ مَاتَتْ أُخْتك فَمَا سُؤَالك عَنْ عَمَلهَا ! فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ لَهُ : كَانَ مِنْ عَمَلهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَخِّر الصَّلَاة عَنْ مَوَاقِيتهَا , وَكَانَتْ إِذَا نَامَ الْجِيرَان قَامَتْ إِلَى بُيُوتهمْ فَأَلْقَمَتْ أُذُنهَا أَبْوَابهمْ , فَتَجَسَّس عَلَيْهِمْ وَتُخْرِج أَسْرَارهمْ , فَقَالَ : بِهَذَا هَلَكَتْ !

وقد تستثنى بعض الأمور من النهي عن التجسس ، قال الحافظ في " الفتح " : وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْي عَنْ التَّجَسُّس مَا لَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى إِنْقَاذ نَفْس مِنْ الْهَلَاك مَثَلًا كَأَنْ يُخْبِر ثِقَة بِأَنَّ فُلَانًا خَلَا بِشَخْصٍ لِيَقْتُلهُ ظُلْمًا , أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا , فَيُشْرَع فِي هَذِهِ الصُّورَة التَّجَسُّس وَالْبَحْث عَنْ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ فَوَات اِسْتِدْرَاكه , نَقَلَهُ النَّوَوِيّ عَنْ " الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة " لِلْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَجَادَهُ , وَأَنَّ كَلَامه : لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَث عَمَّا لَمْ يَظْهَر مِنْ الْمُحَرَّمَات وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنّ اِسْتِسْرَار أَهْلهَا بِهَا إِلَّا هَذِهِ الصُّورَة .ا.هـ.

وكذلك في الحرب :
‏عَنْ ‏‏ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ‏‏قَالَ : سَمِعْتُ ‏‏جَابِرًا ‏‏يَقُولُ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَوْمَ الْأَحْزَابِ :‏‏ مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ ‏الزُّبَيْرُ :‏ ‏أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ ‏‏الزُّبَيْرُ :‏ ‏أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ ‏‏الزُّبَيْرُ :‏ ‏أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ ‏الزُّبَيْرُ ‏. رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (4113) ، وَمُسْلِم (2414) .

وكذلك أهل الشر والفساد وأصحاب المخدرات ، وغير ذلك من أنواع الفساد في المجتمع .
نسأل الله السلامة والعافية .

وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

كلمة شكر على الموعضة

-

محمد

04:00:53 2020-04-01

جزاكم الله خير الجزاء واحسن اليكم وشكر موصول عى الرحب اتحفتموني بمجموعة من المواعظ جزاكم الله