دُعاءُ كُمَيل في ميزانِ النقدِ العلمي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

أبو الحارث .
هلا ذكرت لنا المرجع لهذا الدعاء ؟
أقصد من أي كتاب نقلت هذا الدعاء ؟
أما كُمَيل الذي ذكرته فإليك أقوال أهل العلم فيه :

اسمه : كُمَيل بن زياد بن نَهِيك .

قال عنه أبو حاتم ابن حبان في كتاب المجروحين (2/225):
وهو الذي يقال له : كُمَيل بن عبد الله ، من أصحاب علي
عليه السلام ، روى عنه عبد الرحمن بن عابس ، والعباس بن ذريح ، وأهل الكوفة ، وكان كُمَيل من المفرطين في علي ، ممن يروي عنه المعضلات ، وفيه المعجزات ، منكر الحديث جدا ، تتقى روايته ولا يُحتجُ به .ا.هـ.

وقال بشار عواد في تحقيقه لتهذيب الكمال للمزي (24/222) : هو مشهور في كتب الشيعة معروف ، وفي نهج البلاغة المنسوب إلى علي رضي الله عنه الكثير مما نُقل عنه .ا.هـ.
وأظن أن الأدعية التي جاءت عن النبي
صلى الله عليه وسلم فيها الغنية والكفاية عن هذا الدعاء.

و لا أستبعد أن هذا الدعاء منقول عن كتاب " نهج البلاغة " المنسوب إلى علي رضي الله عنه.
ومن أراد أن يعرف كذب نسبة هذا الكتاب - وهو
" نهج البلاغة " - إلى علي رضي الله عنه فليرجع إلى كتاب " كتب حذر منها العلماء " لأبي عبيدة مشهور بن حسن (2/250) .

 

لقد سألني محب أهل البيت عما في هذا الدعاء من الاعتداء فأجبته بما يلي:
يوجد الكثير ولكن خذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:

يا مولاي...
فكيف يبقى في العذاب ، وهو يرجو ما سلف من حلمك..؟!
ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك ..؟!
ام كيف يحرقه لهيبها، وانت تسمع صوته وترى مكانه..؟!
ام كيف بشتمل عليه زفيرها، وانت تعلم ضعفة..؟!
ام كيف يتقلقل بين اطباقها، وانت تعلم صدقه..؟!
ام كيف تزجرة زبانيتها، وهو يناديك يا ربه ..؟!
ام كيف يرجو فضلك في عتقه منها، فتتركه فيها..؟!
هيهات...

وهذا كما جاء عن ابن سعد بن أبي وقاص
رضي الله عنه قال : سمعني أبي وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا وكذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء ، فإياك أن تكون منهم ، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر . رواه أبوداود (1480) ، وأحمد (1/171، 183) ، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/80) : حسن لغيره.

وكذلك في دعاء كميل من السجع المتكلف ما يكون سببا من أسباب عدم استجابة الدعاء .

وهذا ابن عباس يوصي مولاه عكرمة فيقول له : فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب .  رواه البخاري (6337) .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح
(11/143):
قوله :
(وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه) أي لا تقصد اليه ولا نشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء ، وقال بن التين: المراد بالنهي المستكره منه ، وقال الداودي : الإستكثار منه.

 

وقال أيضا : ولا يرد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة لان ذلك كان يصدر من غير قصد اليه ولاجل هذا يجيء في غاية الانسجام كقوله صلى الله عليه وسلم في الجهاد: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب .
وكقوله
صلى الله عليه وسلم: صدق وعده واعز جنده الحديث
وكقوله : أعوذ بك من عين لا تدمع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع وكلها صحيحة .
قال الغزالي : المكروه من السجع هو المتكلف لأنه لا يلائم الضراعة والذلة والا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازية لكنها غير متكلفة.
قال الأزهري : وإنما كرهه
صلى الله عليه وسلم لمشاكلته كلام الكهنة كما في قصة المرأة من هذيل .ا.هـ.

وانظر يا أخي محب أهل البيت كم في هذا الدعاء من السجع المتكلف .

وكذلك لفظة : يا سيدي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى
(1/207): وجميع ما يفعل الله بعبده من الخير من مقتضى اسمه الرب ، ولهذا يقال في الدعاء يا رب ، يا رب ... وقد كره مالك وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة وغيرهما أن يقول الداعي : يا سيدي ! يا سيدي ! وقالوا : قل كما قالت الأنبياء : رب ! رب! ... ا.هـ.

وقال في الفتاوى أيضا
(10/285) :
واما السؤال فكثيرا ما يجىء باسم الرب كقول آدم وحواء :
" ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
وقول نوح : " رب إنى اعوذ بك ان اسألك ما ليس لى به علم "
وقول موسى :
" رب انى ظلمت نفسى فاغفر لى "
وقول الخليل :
" ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة " الآية
وقوله مع اسماعيل :
" ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم "
وكذلك قول الذين قالوا : " ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"
ومثل هذا كثير

وقد نقل عن مالك انه قال : اكره للرجل ان يقول فى دعائه : ياسيدى ! ياسيدى ! يا حنان ! يا حنان ! ولكن يدعو بما دعت به الأنبياء ربنا ربنا ربنا نقله عنه العتبى فى العتبية .ا.هـ.

وذكر كلاما بنفس المعنى السابق في الفتاوى أيضا
(22/483-484) .

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر
(1/274) :
وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ، فقالا : يقول : يا رب . زاد مالك : كما قالت الأنبياء .

وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply