العروسة الزاهدة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

كان شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحايين :

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة         فاغفر للأنصار والمهاجرة

وهذا من توجيهات الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.. يقول الله تعالى ((لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد))، ((ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)).

فبعون من الله، كانت الزهراء حقلاً قابلاً لغرس أبيها فصارت القناعة التي هي الكنز حقاً سجيتها فرضي الله عنها وأرضاها، يقول عمر رضي الله عنه بعد أن ذكر ما أصاب الناس من الدنيا: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه) رواه مسلم (والدقل: أردأ التمر ) ذاك حال البيت الذي تربت فيه الزهراء !!

فيا ترى أيتها الفتاة الفاضلة..كم كان صداق بنت أفضل الخلق وأفضل نساء هذه الأمة، وما الذي أهداه إليها أبوها؟  وكم من ذهب وفضة وجواهر أعطاها صلى الله عليه وسلم؟

إنها قد أعطيت أغلى من ذلك وأبهى.. لقد أعطيت التربية الصالحة، والرعاية النبوية، والأخلاق الحميدة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وليتسابق فيه المتسابقون والمتسابقات، لا في كثرة الذهب والمجوهرات، فاستمعي يافتاة الإسلام كيف كان عرس الزاهدة القانعة، فقد تزوجها علي رضي الله عنه وليس له صفراء ولا بيضاء، فروى النسائي وأبو داود عن ابن عباس قال: لما تزوج علي فاطمة رضي الله عنها قال له رسول الله: أعطيها شيئا.. (تأملي أعطيها شيئا..أي شيء ما اشترط المبالغ الفلكية) قال: ما عندي!! قال: وأين درعك الحطيمة[1] وهي من حديد.. فلا إله إلا الله.. هذا مهر سيدة نساء العالمين..

وعند ابن سعد أنها لما تزوجت بعث معها بخميلة ووسادة أدم.. حشوها ليف.. ورحاءين وسقاءين[2].. قارني يا رعاك الله بين مهر سيدة نساء العالمين وبين ما نحن عليه الآن من التفاخر في كثرة المهور.. والشق على الراغبين في الزواج.. بكثرة الطلبات.. وإرهاقه بالمصروفات.. مما سبب عزوف الكثير من الشباب.. وبقي النساء عوانس في البيوت.. فالأم لا تريد أن تكون ابنتها على حد قولها أقل من فلانها.. بل لابد أن تضع لها حفلة لا تنسى.. وبعض الأمهات يتحملن جزءا من المسؤولية في الغلاء بالمهور.. لأنها هي التي تصر.. نعم هي التي تصر أحيانا.. على التغالي بمهر ابنتها.. ولو سار الناس على ما سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في تزويج فاطمة لكان الحال على أحسن الأحوال .

وكانت الزهراء رضي الله عنها في بيت زوجها في شظف من العيش.. لما دخل النبي على فاطمة وزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجدهما على فراشهما.. وقد دخلا في غطاء.. إذا غطيا رؤوسهما بدت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما بدت رؤوسهما.. من صغره.. فيا لله.. هذه حال سيدة نساء العالمين.. وماضرها ذلك والله.. فالدنيا معبر.. والآخرة مقر.. ماضرها رضي الله عنها أن زهيدة في هذه الحياة.. لتنال تلك المنزلة الرفيعة.. والمكانة السامة.. فرحم الله أمراً عمل لآخرته، وقمع شهوته، وتذكر ما بعد موته .

قد نادت الدنيا على نفسها         لو كان في العالم من يسمع

كم واثق بالعمر أفنيتـــه        وجامع بددت ما يـجمع

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply