إنها قصيرة جداً!


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

هل وجدتم راكبين في حافلة، يتنازعان على مقعد، وكلاهما سيغادر في المحطة المقبلة التي ستصل إليها الحافلة بعد دقيقتين؟

أحسب أنكم جميعاً ستجيبون قائلين: لا، لم نجد، ولا نحسب أن نجد مثليهما في ما بقي من أعمارنا إلا إذا كان هناك راكبان مجنونان، أو أنهما يحبان إثارة النزاع مهما كان السبب هيّناً، أو تافهاً .

هذا مثل أضربه للزوجين اللذين يتنازعان كثيراً في هذه الحياة الدنيا، رغم قصرها، وهوانها على الله، وتزهيده بها .

يقول النبي (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم ، فأدخل إصبعه فيه ، فما خرج منه فهو الدنيا) صحيح مسلم .

وفي رواية (ما آخذت الدنيا من الآخرة ، إلا كما أخذ المِخْيَطُ غُمس في البحر من مائه) صحيح مسلم .

وفي حديـث آخر (ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي! والذي نفسي بيده؛ ما مثلي ومثل الدنيا؛ إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من النهار ثم راح وتركها) صحيح الجامع .

إن إدراك الزوجين لهذا حق الإدراك، واستحضاره دائماً، يجعلهما متوافقين بعون الله، يتجاوز كل منهما عن صاحبه، ويلين له، ويصبر عليه، ويرفق به .

لما جاء أحد المسلمين إلى الفاروق عمر بن الخطاب ليشتكي إليه زوجت ، وسمع صوت امرأة عمر يرتفع عليه، عاد أدراجه، لكن عمر أدركه وسأله عن حاجته فأخبره فقال كلامه الجميل الذي يصبِّر كل رجل على زوجته ومنه (… إنما هي مدة يسيرة).

علينا ألا نحصر آمالنا في الدنيا ، وكأننا خالدون فيها، بل ينبغي أن نعلق قلوبنا بالآخرة، ونرى الدنيـا جسراً إليها، فإذا نجحنا في ذلك بتوفيق الله لنا؛ نجحنا في أن يصبر كل منا على صاحبه؛ الرجل على زوجتـه، والمرأة على زوجها، وهو يستحضر ما يأتيه من أجر على هذا الصبر، وما يظفر به من ثواب في تحمل ما يلقاه من صعاب .

اللهم أصلح كلاً مـن الزوجين لصاحبه، وألِّف بين قلبيهما، وأبعد شياطين الإنس والجن عنهما .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply