الفوائد المنتقاة من رسالة التداخل العقدي في مقالات الفرق


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فمن الرسائل الجامعية المتميزة في باب الاعتقاد، رسالة فضيلة الشيخ الدكتور/ يوسف بن محمد الغفيص وفقه الله

وهي رسالة عميقة وفيها تأصيلات بديعة ودرر متفرقة، ولكنها لم تطبع إلى الآن! 

وقد قرأت الرسالة كاملة  وقيدت بعض ما مر بي من فوائد ولمحات مفيدة من المؤلف وعرضتها على بعض الإخوة، فرغبوا إلي أن أنشرها لتعم الفائدة لاسيما والرسالة لم تطبع، فاستجبت لطلبهم، والله ولي التوفيق:

 

1-  الخوارج لم ينحرفوا بتلقي مبتدع في الإسلام من أصله، أي لم يدخل عليهم مادة علمية في التلقي كالفلسفة ونحوها، بل كانوا يعتبرون دلالة القرآن ويتأولونه على غير تأويله.ص30

2- بدعة القدر والإرجاء وقع فيما هو منها طائفة من العلماء والعباد، كما هو معروف عن كثير من رجال الحديث والإسناد في البصرة وغيرها من الأمصار العراقية والشامية، وهؤلاء لم يتخذوا القول بالقدر على الطريقة التي استعملها أرباب الكلام من المعتزلة وأمثالهم، وإن كانوا يوافقونهم فيما هو من مقالاتهم في هذا الباب، وقد تكلم كثير من الكوفيين كحماد بن أبي سليمان وغيره بما هو من الإرجاء المذموم عند السلف، بخلاف بدعة الخوارج والشيعة فإنها لم تدخل على أحد من المعتبرين المعروفين بالسنة والجماعةص31..

3- علم الكلام هو الذي نفق علوم المتفلسفة في المسلمين مع ما عليه المتكلمة من المعتزلة والأشعرية والماتريدية من دفع لأقاويل هولاء المتفلسفة، ص34.

4-والمتكلمون اتخذوا في مبدأ أمرهم معارضة أئمة السنة،مع ما كانوا يقولونه في الرد على المتفلسفة، وهذا أصل طريقة الجهمية ومتقدمي المعتزلة، ثم تخفف عن هذا كثير من المعتزلة المتأخرة ولم يكن من بالغ عنايتهم إظهار الطعن على أعيان الأئمة، بل صاروا يذمون بالجمل والعموم، وهذه طريقة أبي الحسين البصري وأمثاله من المعتزلة المتفقهة.ص35.

4-لما كان قول الماتريدي معتبرا عند الحنفية مع ما في طريقته من مقاربة طريقة المعتزلة، صار نفور كثير من المنتسبين للسنة والجماعة عنه مشهورا، بخلاف طريقة الأشعري فلما قارنها من قرب إلى السنة وانتساب لأحمد بن حنبل وإظهار الثناء على قول أهل السنة وذم البدعة نفق قول الأشعرية في الناس حتى صاروا يضافون إلى السنة وطريقة الأئمة، ص38.

5- أبو حامد الغزالي إذا مال إلى القول في التصوف وامتداحه فإنه يوهن الطريقة الكلامية بكونها ليست مأثورة عن سلف الأمة، ص39.

6-ففي الجملة فكثير من متأخري المعتزلة خير من كثير من متقدميهم، وقدماء الأشعرية في الجملة خير من متأخريهم، والأشعرية خير من الماتريدية، ص41.

7- اضطراب المعتزلة واختلافها فوق اختلاف متكلمة الصفاتية، وإن كان هذا لا يظهر لكثير من الناظرين في هذا الباب، ولما كانت المعتزلة أخبر بعلم الكلام صار يمكنهم توسيع القول فيه وترك الانقطاع، بخلاف متكلمة الصفاتية فإنهم دون المعتزلة في العلم بالكلام ولهذا يظهر تناقضهم وحيرتهم، ص47.

8-لما كان مذهب متكلمة الصفاتية حصل وقوعه زمن ظهور التقليد والمتابعة للأعيان في الديانة والشريعة، صار يقع لهم من التعصب والتقليد ما لا يقع مثله للفقهاء وأصحاب الشريعة مع أنهم أصحاب نظر، بل يوجبون النظر، لكنهم عند التحقيق مقلدة أتباع، والتقليد في الماتريدية أعظم منه في الأشعرية، ص48.

9-الرازي يغلب عليه التقليد لسلفه في الأربعين ورسالة الخمسين وتفسيره مفاتح الغيب، وتارة يستعمل الاختصاص كما في المطالب العالية والمباحث الشرقية، وميل إلى التوحد في منتهى كتبه الذي سماه نهاية العقول، ص49.

10-أعيان المعتزلة الكبار يميلون إلى الاختصاص والتوحد ولهذا يقع بينهم من مقالات الخلاف ما لا يقع مثله في الطوائف الكلامية، ص50.

11-في أعيان الأشعرية من يصرح بمخالفة الذهب والافتيات على الأصحاب وهذه طريقة الجويني في آخر أمره، والغزالي عندما يعظم الطريقة الصوفية، وجمهور الأشعرية بعد الرازي والآمدي مقلدة للمشهور من مذهبهم،ص51.

12-ابن رشد صنف في مذهب الإمام مالك مصنفا قد نقل في الجملة محصله من مصنف التمهيد لابن عبد البر، ص62.

13-أصحاب الأئمة الأربعة ليسوا على مورد واحد، فالحنفية متكلمتهم إما معتزلة كأبي الحسين البصري، وإما ماتريدية، وإما كرامية، وفيهم خلق من متكلمة الأشعرية، وأما متكلمة الشافعية والمالكية فأشعرية في الجملة، وليس في الحنبلية متكلمة محضة، وفيهم متكلمة نظارية قياسية كابن عقيل، ص86.

14-في الجملة فإن نظر ابن رشد في كلام الأشعرية أفاده في القرب من الشريعة أكثر مما وقع لابن سينا، ص111.

15-لشغف ابن حزم بالمنطق ومبالغته في مدحه كان قوله في الصفات أفسد الأقوال عنده، بخلاف قوله في جملة من المسائل التي معتبرها السمع عنده، فهو في كثير من الموارد كثير التحقيق، ص113.

16-إلا أن العجب يقع في كون الأشعري لم يصرح في كتبه بالانتماء إلى مذهب ابن كلاب...، والذي يظهر أن هذا من اضطراب الحال عند أبي الحسن الأشعري في هذه المرحلة أكثر من كونه يدل على نظام علمي كان الأشعري يشير إليه في عدم الانتماء..،ص153-155.

17-ابن كلاب أقرب إلى موافقة السلف من الأشعري، وإن كان لم يقع له من حسن الانتساب لهم ما وقع لأبي الحسن،ص155.

18-الذي تحقق للأشعري بعد الاعتزال دون ما رامه بكثير، فقد صار على طريقة ابن كلاب بل ابن كلاب أجود منه في هذا، ص158.

19- يقع في كلام الأشعرية وغيرهم من المعتزلة والصوفية وحتى بعض المتفلسفة كابن رشد موافقة لما هو من مجمل الكتاب والسنة، وإن كان يعلم أنهم من أبعد الناس عن مدلول هذا المجمل،ص161.

20- والمقصود أنه لا يمكن القول برجوع إمام عن قول فصله وشرحه في كتبه وانتصر له بالوقوع على قول مجمل لا يتميز به مفارقته للقول السابق، وهكذا الشأن في الإمام الأشعري، ص162.

21- لم يذكر ابن تيمية أن الأشعري رجع عن قول قول ابن كلاب في شيء من كتبه الكبار أو رسائله وأجوبته، بل كلامه مطرد أن الأشعري سلك مسلك ابن كلاب وهو ينتسب لأهل السنة والحديث بل يصرح أنه لم يكن يعرض مذهب أهل السنة والحديث تفصيلا، ص162.

22- لعل من أسباب حرج الرازي مع ابن سينا أنه لم يكن خبيرا بمسلكه العرفاني وإن كان خبيرا بمسلكه النظري، ص163.

23- ابن سينا أقعد من ابن رشد في الفلسفة الإشراقية بل وحتى في الفلسفة النظرية، وأحسب أن فلسفة ابن رشد تحتاج لنقد حسب قواعد الفلسفة والنظر، فإنها تحمل أغلاطا فلسفية على أرسطو نفسه، ومع هذا فكلام ابن رشد خير وأقرب من كلام ابن سينا، ولهذا ذاعت فلسفته أكثر من ابن سينا حتى عند فلاسفة الغرب، ص164.

24- كلام ابن رشد في الصفات خير من كلام الجهم بن صفوان في بعض الموارد، ص164.

25- اختلف في سبب هجر الإمام أحمد للمحاسبي والأظهر أنه لموافقته لابن كلاب، وإن كان قيل أن الحارث رجع عن قوله وهذا ما اعتمده ابن تيمية، ص167.

26- ذكر المقريزي أن الأشعري نسج على منوال ابن كلاب في القدر، وهذا لم يقع له تحقيق وإثبات، وما يمكن قوله هو الجزم بأنه من كبار المفارقين للقدرية النفاة، وأنه من كبار المثبتة، ولكن لم يتحقق هل عنده غلو في الإثبات أم لا؟ وإن كان يقرب القول أن عنده شدة في الإثبات وهذا يظهر في قوله بالموافاة، ص172.

27- جزم الإمام ابن تيمية أن ابن كلاب يرى أن الإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق، وبهذا يكون أقرب في جمل قوله إلى فقهاء المرجئة، وإن كان يعلم أن قوله في التفصيل ليس موافقا لمقالات هؤلاء فضلا عن موافقة قول السلف، والمشهور عن الكلابية أنهم يستثنون في الإيمان، ص173.

28- أخص الأمصار في شيوع مقالات سائر الطوائف "العراق" فإن غيرها من البلاد ربما شاع فيها قول دون الآخر، ص179.

29- من كبير ما يحسن معرفته عند ابن كلاب أنه لم يكن من جهة الانتساب المحض مختصا بطائفة من الطوائف، وهذا من أعظم ما يميزه عن غيره من الأعيان، ص179.

30-وصف الأعراض بأنها لا تبقى ليس مخصوصا بابن كلاب، بل هو قول مشهور في سائر الطوائف حتى المعتزلة فإن النظام من أساطينهم يقول بذلك، وهو قول أبي القاسم البلخي وغيره، ص203.

31-أبو منصور الماتريدي ممن صاغ منهجاً عقدياً ليس على مثال سابق في مجموعه، وإن كان مركباً من أصول سبقته، ص211.

32- استقلال الماتريدي خاصة عن أهل الحديث هو من أخص الأسباب في عدم شيوع مذهبه في غير الأحناف خاصة في البلاد العجمية، ص212.

33-لم يتحصل للماتريدي أتباع كأتباع الأشعري في العدد، وكذلك في الحذق والإمامة،ص214.

34-ينسب للماتريدي "شرح الفقه الأكبر" المنسوب لأبي حنيفة، ولكن الراجح أن الشرح والمشروح لغير من نسبا إليه، ومن مطالعته يظهر أنه كتاب متأخر عن أبي منصور الماتريدي، فإن فيه مقالات لم تظهر وتنتشر في زمنه،ص215.

35- جرى الماتريدي في مسألة ما تثبت به نبوة الأنبياء على غير ما هو مشهور عند أئمة المعتزلة والصفاتية، ولذلك فهذه المسألة من أوضح المسائل التي خرج فيها أئمة الماتريدية بعده عن قول إمامهم، مع أن الغالب عليهم أنهم متابعون له ليس الأمر عندهم كما هو عند أصحاب الأشعري، ص221.

36-الماتريدي دون الأشعري وابن كلاب، فهما خير منه وأقرب للمنقول والمعقول ولقول السلف، بل حاله من جنس حال أبي المعالي الجويني وذويه،ص234.

37- من موجب انغلاق نظرية الكسب على الصفاتية ما وقع عندهم من النفي للصفات الفعلية، ولذا كان من دقيق فقه البخاري أنه عنى في كتابه خلق أفعال العباد ببيان الأصول الكبرى التي تثبت بها الصفات الفعلية، ص237.

38-ثمت فرق في البحث عن حقيقة التوافق بين الماتريدي والأشعري، والبحث عن حقيقة التوافق بين الماتريدي والأشعرية، أو الماتريدية والأشعرية، وهذا التفريق مبني على أن الأشاعرة لا يمثلون الأشعري بإطلاق...، والماتريدية هم في الجملة موافقون طريقة إمامهم إلا في مسائل دقيقة لا تؤثر في جملة المذهب، ص252-256.

39-الأشعري يتقصد مخالفة المعتزلة قدر طاقته بخلاف الماتريدي، ص260.

40-كلام المعتزلة في كثير من باب الصفات خير من كلام ابن حزم، ومسلكه هو مسلك غلاة المعتزلة، ويشارك الفلاسفة في هذا الباب نوع مشاركة،ص340.

41- يذهب ابن حزم في الإيمان مذهب أهل السنة ، إلا أن في قوله ما يؤخذ عليه وأخص ما يؤخذ عليه قوله"إن التصديق بالقلب لا يتفاضل البتة"، وقوله إن الإسلام والإيمان لفظتان بمعنى واحد، ص351-352.

42- نُسب القول بأن الإسلام والإيمان بمعنى واحد إلى سفيان الثوري ولا يصح عنه كما ذكر ابن رجب، ونسب إلى البخاري وليس في كلامه تصريح بهذا، إنما فهمه بعض الشراح من كلام له لا يدل عليه عند التحقيق، ص352.

43- حكى ابن حزم عن ابن عباس أنه من قتل عمدا فإنه كافر مرتد وحكى عن أبي موسى وعبد الله بن عمرو أن شارب الخمر كافر مرتد، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة، ص355.

44- قول ابن حزم في مرتكب الكبيرة موافق لأهل السنة، وإن كان أخذ عليه قوله في الموازنة، ص356.

45- في الجملة فأخص من التبس قوله في القدر من أئمة السلف على كثير من الناس الحسن البصري فهناك طائفة من القدرية يضيفونه لهم، وفي هذا رسالة تضاف إليه والصواب أنها منحولة،ص543.

46- جماهير الشيعة بعد المائة الثالثة موافقون للمعتزلة في القدر، وإن كان كثير من متقدميهم يقرون بخلق الأفعال بل هذا المشهور عن قدمائهم، ص551.

47- في الجملة فقول الجويني في النظامية في مسألة أفعال العباد قول مركب من قول أهل السنة والمعتزلة وفيه نزعة فلسفية وغن كان لم يصرح بها، ص567.

48- وبعض الباحثين صاروا يعدون مقالة الضرارية في القدر مما وافقوا فيه أهل السنة، وهذا غلط، والتحقيق أن مقالة الضرارية والنجارية من المقالات المختصة،ص580.

49- ما يذكره ابن رشد في معاندة قول الغزالي وفي بعض الموارد الكبار أنها من أغلاط ابن سينا على الفلاسفة فإن غالب ما يقصده بالفلاسفة أرسطو وأتباعه، وابن سينا يأخذ من هؤلاء وغيرهم، ص590.

50-مذهب المعتزلة في القدر وإن اشترك مع الجمهور من الأشعرية في أن الإرادة واحدة وأنها بمعنى المحبة، فبينهم فرق من وجه آخر، حيث جعلت المعتزلة الإرادة توافق الأمر وجعلت الأشعرية الإرادة توافق العلم، ص604.

51- ليس أحد من المسلمين يقول بصريح المقال إن الله ليس بحكيم ولا ليس ذو حكمة..، وهذا التفريق في حكاية المقالات لا بد من العلم به لما يتعلق به من القول في الأسماء والأحكام، ص633.

52-انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر هو قول جمهور المسلمين..، وذهب بعض أهل المقالات إلى أن الذنوب كلها كبائر، وهذا هو المشهور عن أكثر متكلمي الأشعرية،ص645-646.

53-والصواب أن من جعل الذنوب كلها كبائر فقوله بدعة، ثم إن كان غلطه لفظاً ومعنى، فهو بدعة قولية عقدية، وإن كان غلطه في الاسم دون المعنى فهو بدعة قولية، ص647.

54- مما يعلم أن نسبة القول بأن الذنوب ليس فيها صغيرة لابن عباس غلط عليه،ص647.

55- قول أهل السنة في مرتكب الكبيرة أنه "ناقص الإيمان" وهذا أضبط من قول "فاسق بكبيرته"، فإن هذا يطلقه جمهور المرجئة إذ لا تصريح فيه بنقص الإيمان،ص652.

56- قول الخوارج والمعتزلة في الإيمان يعظم غلطه وليس هو من موارد الاشتباه، بخلاف مقالات المرجئة فإنها فيها ما يشتبه عند بعض الفقهاء المنتسبين إلىالسنة والجماعة،ص720.

57- ترك جنس العمل كفر بإجماع السلف وقد ذكر المتأخرين نزاعا في هذا وليس هو محققا عند السلف، ص723.

58- مما يقال في مسألة الصلاة بأن بعض الفقهاء بنوا قولهم بعدم تكفير تارك الصلاة على أن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، وهذا الاعتبار مخالف لمذهب السلف، وهذا مما يغلظ فيه، ويقال إنه مبني على مخالفة الإجماع، ص731.

 

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply