الفوائد المنتخبة من كتاب أسماءُ الله وصفاته في معتقد أهلِ السنة والجماعة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

(1) قوله تعالى (وللهِ الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه وسيجزون ما كانوا يعملون) هذه الآية تقرر ثلاثة خطوط : (أ) إثبات ما أثبته الحق من أسمائه الحسنى، وما دلت عليه الأسماء من صفات (ب) ثمرة هذا العلم، وهو دعاؤه بأسمائه (ج) معرفة خط الانحراف الذي يتمثل في الإلحاد بأسمائه، ثم اجتنابه واجتناب أهله.

(2) التعرف على الله بأسمائه وصفاته عن طريقِ العقل = مدحضةٌ مزَلة، يقول ابن بدران (فإن قلنا –صفاته تعلم- بطريق العقل وقفنا موقفَ الحائر؛ لأننا نرى العقلاء قد اضطربوا اضطرابًا شديدًا، فبعضهم ادّعى الإثنينية، وآخرون ادّعوا التثليث، وقوم ادّعوا الإلحاد، وكل هذا من أوصاف المخلوق، ولا يليق بواحد منها أن يكون من أوصاف الخالق) العقود الياقوتية، مختصرا.

(3) العلمُ بالأسماء والصفات أحد ركني التوحيد، ويدخل تحت ( التوحيد القصدي الإرادي).

(4) العلم بأسماء الله وصفاته أشرف العلوم، يقول ابن العربي (شرف العلم بشرف المعلوم، والباري أشرف المعلومات، فالعلم بأسمائه أشرف العلوم).

(5) اختار الشيخ الأشقر أنّ معنى (من أحصاها دخل الجنّة) أي: حفظها، قال ابن حجر (قال النووي: قال البخاري وغيره من المحققين: معنى أحصاها حفظها، هو الأظهر ثبوتا لنصه في الخبر) وهكذا فسرها البخاري.

(6) التشبّه بأخلاقِ الله، أو التخلّق بأخلاقِ الله = وهذه العبارة مأخوذ من قول الفلاسفة: (الفلسفة التشبّه باللهِ على قدرِ الطاقة) وهذا المنحى غيرُ سديد لأمور:

الأول: أن الأخلاق للهِ، أما فيما يتعلّق بالله فيُقال( صفاتُه )

الثاني: الفلاسفة متناقضون، فتحقيق مذهبهم نفي الصفات عن الله عزوجل، فكيف يدعون إلى التشبّه بصفاتِ الله، وهم ينفونها عن اللهِ،

الثالث: من صفاته ما يمنع من إطلاقها على العباد، كالمتكبر والعظيم، فالصواب: علينا أن نتخلق بالأخلاق التي أمرنا اللهُ ورسوله التخلق بها، ونبتعد عن الأخلاق التي نهينا عن التخلق بها.

(7) ذكر الشيخ الأشقر جملةَ ما عدّه العلماء من أسماء الله تعالى، وتبلغ (290) اسمًا، وساقها الشيخ لتُعلم فقط، ولكن كثيرًا منها لا يمت إلى "أسمائه" بصلة.

= القواعد والضوابط التي تحدّد في ضَوئها أسماء الباري جلّ وعلا

المطلب الأول: الاقتصار في عدّها على الكتاب والسنة الصحيحة، فخرج منها ( الأبد، الأمد، البرهان، البالي، البارّ، الثابت، الدائم، الرشيد، السالم، الشفيع، القديم، الكائن، المنير، البادي، المذكور، الصبور) والسبب: أن أسماء الله توقيفية.

المطلب الثاني: ليس كل ما أخبرتْ به النصوص فهو من أسمائه تبارك وتعالى؛ لأن الأخبار يُتوسع فيها ما لا يُتوسع في الأسماء، فخرج مما جاء سبيل الإخبار (كثير العفو، قابل التوبة، فالق الحب والنوى، محب المؤمنين ومبغض الكافرين، فعّال لما يريد، منعم، متفضل مكرم، مقلّب القلوب، الموجود، الشيء).

المطلب الثالث: لا يجوز أن يُشتق لله أسماء من صفاتِه وأفعاله، فخرج (الجائي، المطعم، المسقي، الكاتب، القاضي، المؤيد، المبتلي، الباعث، الباقي، العادل، الفاتح، القيام، العدل، المضل، الفاتن، الماكر) مما أخذ من قوله تعالى (وجاء ربُّك...)(كتب ربّكم...)(والله يقضي بالحق)(أيدك بنصره)(يطعمني ويسقين)(ونبلوكم ..)، وخالف ابنُ العربي فجعلَ المشتقّ من أسمائه، ولا دليل!

المطلب الرابع: لا يجوز أن يسمى الله جلا وعلا بالأسماء المذمومة، أو ما تشعر بالذم، فخرج( العاجز، الخائن، الفقير، المخادع، الماكر، الفاتن، السّخط، المنتقم) أو ما تنقسم إلى كمال ونقص كـ (الزارع، الماهد، الآتي، المريد، المتكلم، الفاعل، الفعال، المبرم).

المطلب الخامس: لا يجوز أن تنقص عدّة أسمائه عن تسعة وتسعين اسما (وفي الضابط خلاف مشهور).

المطلب السادس: كل اسمٍ لا يقبل أن يُدعى به، فليس اسمًا من أسمائه، فلا يقال (يا دهر!) لكن يدعى بصفاته وأفعاله.

المطلب السابع: لا يدخلُ في أسماءِ الله ما كان من صفاتِ أفعاله، مثل (شديد العقابـ، سريع الحساب، شديد المحال).

المطلب الثامن: لا يخرجُ من أسماء الله ما تغاير لفظُه، واتفق معناه، فلا يجعل "القدير القادر المقتدر" اسما واحدا، بل ثلاثة، وفي بعضها خصوصيّة على الآخر ليست فيه.

المطلب التاسع: لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، إذ لا حجة لهؤلاء؛ إلا أنّ هذه الأسماء المضافة!، وحسبنا أن نعلم أن أعظم أسماء (وأقول: ليسا اسمًا) الباري (تباركَ وتعالى) لم يرد في القرآن إلا مضافًا.

المطلب العاشر: صحةُ تعبيدِ أسماءِ العباد بأسماء الله، فلا يجوز أن ينادى بـ "عبد الزارع، عبد القاضي ".

المطلب الحادي عشر: الأسماءُ الجامدة ليست من أسمائه؛ لأنّ أسماءَ اللهِ أعلامٌ وأوصافٌ، وعليه فـ " الدهر، الأبد، الأمد " أسماء للزمن، وأما حديث " أنا الدهر... " فمعناه: أنا صاحبُ الدهر، لأنه يبعدُ أن يكونَ المقلَّب هو المقلِّب.

المطلب الثاني عشر: لا يدخل في أسمائه ما بدأ بـ "ذو"، وما أضيفت إليه ذو، فثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما أضيف منها إلى صفةٍ من صفاتِ الباري، وهذا نوعان: (1) أن تكون لهذه الصفات أسماء تدل عليها صرّحت به النصوص، وهي : ذو القوة، ذو الرحمة (2) صفات ليس لها أسماء تدل عليها الكتاب والسنة.

القسم الثاني: ما أضيف إلى فعل من أفعال الباري وهو اسم واحد (ذو عقاب أليم).

القسم الثالث: ما أضيف إلى بعض مخلوقاته، وهو اسمٌ واحد (ذو العرش).

المطلب الثالث عشر: ما جاء على صيغة أفعل التفضيل، فما جاءَ منصوصًا عليه من غير إضافة فهو من أسمائه مثل " الأعلى، الأكرم " أما ما جاء على صيغة أفعل التفضيل، وهو مضاف فليس من أسمائه تعالى على الأرجح ( أرحم الراحمين، أحكم الحاكمين، خير الفاصلين) وللدلالة على هذا المعنى يصحّ أن يصاغ من الصفات الثابتة للرب تبارك وتعالى، أسماء على صيغة أفعل التفضيل، وإن لم ترد في الكتاب والسنة، مثل: الأعظم، الأقوى، الأقرب، الأكبر.

(8) ساق الشيخ الأسماء والصفات بالضوابط التي ذكرها، وبلغت (110) اسمًا، وذكر الشيخ أن في بعضها خلافًا مثل: المسعّر، والنظيف، والسيد، ( الجواد، الطيب، الماجد).

(9) أقسامُ أسماءِ الله تعالى، وصفاته:

الأول: الاسم العلم، وهو (الله) وهو حري أن يُجعل له قسمٌ خاصٌّ به؛ لأنه متضمّن لجميع معاني الأسماء الحسنة.

الثاني: الصفات المعنوية، وهي: الأسماء الدالة على الصفات الثابتة لذات الحق تبارك وتعالى، كالسميع والرحيم، والودود.

الثالث: الصفات الخبرية، وهذا ما أخبرنا اللهُ وروسوله أنه يتصف به جل في علاه، كاليدين، والرجلين، والساق، والأصابع.

الرابع: الصفات الفعلية، مثل "الخالق، الرازق، المحيي، المميت" ويدخل فيه: الاستواء، والنزول، والقبض، والفرق بين صفات الأفعال، وصفات الذات: أن الأفعال تتعلق بمشيئته، كالاستواء والنزول والكلام، والذاتية: صفات لازمة أزلا وأبدا لم ولا يزال.

الخامس: الأسماء الدالة على صفات التنزيه والتقديس، مثل "القدوس، السلام، العلي".

(10) قسّم علماء الكلام الصفات الواجبة في حق الله إلى أربعة:

الأول: الصفات النفسية، وهي صفة واحدة " الوجود ".

الثاني: صفات المعاني ، ويثبتون سبع صفات (القدرة، العلم، الإرادة، الحياة، السمع، البصر، الكلام) وضابطها: أنها تدل على معنى وجودي قائم بذاتِ الله تعالى.

الثالث: الصفات السلبية، وهي عندهم خمس ( القدم، البقاء، المخالفة للخق، الوحدانية، الغنى المطلق) ويستحيل في صفاته عشرون صفة، وهي : أضداد الصفات الواجبة، والجائز في حقه عندهم كل ممكن وتركه.

(11) دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته، فالرحمن الرحيم يدل على ذات المسمى مطابقة، وعلى الصفات المشتقة منها تضمنا، وعلى غيرها من الصفات التي لم تشتق منها كالحياة والقدرة والعلم التزاما، وهكذا باقي أسمائه، بخلاف أسماء المخلوقين فهي أعلام، لا أوصاف.

(12) أسماءُ اللهِ أعلامٌ مترادفة، وأوصافٌ متباينةٌ = فهي أعلامٌ بدل على كل واحد منها على الواحد الأحد، ينادى به ويُستغاث، وهي من هذه الحيثية مترادفة؛ لأنها أعلامٌ لذاتِ اللهِ تبارك وتعالى، وكل اسمٍ من أسمائه فإنه دالٌ على ذاتِهِ.

وهي أوصافٌ يدل كل واحد منها على صفة من صفاتِ الرب-تباركَ وتعالى-، وهي من هذه الحيثية متباينة.

(13) رجّحَ الشيخ الأشقر أن الاسم الأعظم هو ((الله)) لأمور:

الأول: دلالة الأحاديث الورادة في تعيين هذا الاسم، ( اسم الله الأعظم ).

الثاني: الاسم تكرر ( 2602) مرةً، بينما الرحمن (57) والرحيم (114).

الثالث: الاسم أكبرُ أسماءِ الله، وأجمعُها، وحقيقة اسمِ الله = المنفرد في ذاته وصفاته وأفعاله عن نظير، وهذه هي حقيقة الألوهية.

الرابع: هذا الاسم لم يطلق على غير اللهِ، ولا يتجرأ أحدٌ على ادعائه، ويقال " الأسماء الحسنى من أسماء الله، ولا يقال: الأسماء الحسنى من أسماء الرحيم أو الغفور ".

(14) علاقةُ صفاتِ الله بذاته = أهل السنة والجماعة يقولون : إنّ صفات اللهِ هي عينُ ذاتِ الله، ولا هي غيره، ذلك أن جزء الشيء اللازم، وصفته اللازمة ليست غيره، ولا يقال : هي عينُ الذات.

يقول شيخ الإسلام ((الذي عليه سلف الأمة وأئمتها إذا قيل لها: علم الله، كلام الله، هل هو غير الله أم لا؟ لم يطلقوا النفي ولا الإثبات، فإنه إذا قيل: هو غيره أوهم أنّه مباين له، وإذا قيل: ليس غيره أوهمَ أنّه هو))

فيرى شيخ الإسلام الاستفصال؛ لأنّ صفاتِ الموصوف لا تكون مباينة له، وليست الصفة هي الموصوف، فهي غيره باعتبار، ويمتنع وجود الذات البريّة عريّة عن الصفات.

مثال: اسم الله عزوجل يتناول الذات الموصوفة بصفات الكمال، وهذه الصفات ليست زائدة على المسمى، بل هي داخلة في المسمّى، ولكنها زائدة على الذاتِ المجرّدة التي يثبتها نفاة الصفات.

(15) يرى الفلاسفة أن صفاتِ الباري ليست معاني قائمة بذات الله، بل هي ذاته، فليس عندهم صفات زائدة على الذات كالعلم والقدرة، بل علمه وقدرته هي إرادته، وأدى بهم هذا إلى نفي الصفات تماما، ويرى المعتزلة أن اللهَ عالمٌ بذاتِه، سميع بذاته، ولم يثبتوا صفات زائدة على الذات، وقد زعموا أن الإثبات يلزم منه أمرين:

الأول: أن تكون الصفات حادثة، فيلزم من ذلك قيام الحوادث بذاتِه، وخلوه –تبارك وتعالى– في الأزل عن العلم والقدرة والإرادة والإحياء، وهذا باطلٌ بالاتفاق.

الثاني: أن تكون الصفات قديمة، فيلزم تعدد القدماء، وهو كفر بإجماع المسلمين.

والجواب عن شبهتهم: أن المحظور هو تعدّد القدماء المغايرة، ونحن نمنع تغاير الذات مع الصفات، والصفات بعضها مع بعض، فينتفي التعدد، ولئن سلّم ما زعموا من تعدد القدماء، فالممنوع إن كانت ذواتا مستقلة، لا تعدد ذات وصفات، والقول الحق: أن صفات الله وذاته أزلية.

(الأسس التي تقومُ عليها عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماءِ اللهِ وصفاتِه)

1- إثباتُ ما أثبته الله ورسولُه، ونقل الأشقر عن الإمام الشافعي، وشيخ الإسلام تقرير هذه القاعدة، ثم قال: ويدلّ على صحّة هذا أمور:

الأول: أن أسماء الله وصفاته غيبٌ لا يعرف إلا من قبل الوحي الصادق، وقد أثنى الرب تبارك وتعالى على عباده المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب (هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب).

الثاني: أن ردها ما أثبته الله ورسوله تكذيبٌ لهما، وكيف يدّعي مدع أنه مصدّق بما جاء من عند الله، وهو ينفي عن الله صفاته التي وصف بها نفسه، من العلم والسمع والبصر والرضا والمحبّة والاستواء.

الثالث: النصوص الآمرة بالإيمان بأسماء اللهِ وصفاتِه (واعلموا أنّ الله سميع عليم)(فاعلموا أنّ الله عزيزٌ حكيمٌ)(ألم تعلم........)

=الأسماء والصفات الثابتة بالأحاديث الأحاد = ما عليه أهل العلم أن لا تفريق بين ما ثبت بالقرآن أو الحديث الصحيح، ومن غير تفريق بين المتواتر والآحاد، إذا كان الحديثُ صحيحا.

2- اعتقادهم أن أسماءَ اللهِ كلها حسنى، وصفاته كلها كاملة عليا = يقول شيخ الإسلام (الكمال ثابتٌ لله،بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية، بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب-تبارك وتعالى-يستحقه بنفسه المقدسة) والحسنى جمع الأحسن، لا جمع الحسن وتحت هذا سر نفيس، وذلك أنّ الحسنَ من صفات الألفاظ، والأحسن من صفات المعاني.

(16) تفسير أهل العام للمثل الأعلى = لها أربعة معانٍ:

الأول: ثبوتُ الصفات العليا لله، التي هي الكمالُ المطلقُ الذي لا نقص فيه، فالكمال المطلق كله لله، علمه العباد أم جهلوه.

الثاني: هي المكانة التي في قلوب عباده المعظّمين المقدسين المحبين الخاشعين الخائفين الراجين المعتمدين المتوكلين.

الثالث: إثبات صفاتِ الكمال للواحد الأحد، وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل.

الرابع: عبادة الله بواسطة العلم والمعرفة القائمة في نفوس عابديه، وذاكريه، ومثلها من العبادات القلبية.

(17) ما يجوز إطلاقه على الباري، وما لا يجوز =

الأول: لا يجوز إطلاق الأسماءِ المذمومةِ على الحقّ تبارك وتعالى، مثل الفقير، والخائن لمن يخون، والظالم لمن يظلم، لكن أحيانا تكون بعض الصفات في حال المقابلة والمجازاة مدح، كما في ( يخادعون الله وهو خادهم).

الثاني: لا يجوز تسمية الله أو وصفه بما هو شر، وفي الحديث (والشرّ ليس إليك) والشر يضاف إلى مفعولاته، وإن كان فعله.

وقد قرر شيخ الإسلام أن إضافة الشر إلى الله لا تجيء في كلام الله وكلام رسوله، ولا يُذكر الشر إلا أحد وجوه ثلاثة:

أ‌-                 دخوله في عموم المخلوقات، فإذا دخل أفاد عموم القدرة والمشيئة والخلق، وكل نقمة منه عدل (الله خالقُ كلّ شيء).

ب‌-            أن يضاف إلى السبب الفاعل (قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق) (فأردت أن أعيبها).

ت‌-            أن يحذف فاعله (أشر أريد بمن في الأرض).

الثالث: لا يجوز تصغير أسماء الله، نقل الإجماع إمام الحرمين، ونقله عنه ابنُ حجر، لما يفهم منه التحقير.

الرابع: ما يجوز إطلاق بحال دون حال، وهو ما أطلق على سبيل (المقابلة والجزاء) (نسو الله فنسيهم)(ومكروا مكرا ومكرنا مكرا) فهذه الصفات قد تكون مدحا حينا، وذما حينا، فمثل المكر والنسيان والخداع جائز لله مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله وأشد، ولا تعد كذلك من أسمائه الحسنى، كالمتنقم والضار.

الخامس: ما لا يجوزُ إطلاقه على الله لانقسامه إلى مدحٍ وذمٍّ، مثل (المريد، الصانع، الفاعل) ولم يطلق الله على نفسه إلا الأكمل (والله يريد الآخرة) أو التي هي في الأصل ليست مدحا ولا ذما كالفاعل والزارع، فقد عدهما ابن العربي من أسمائه، وليس كذلك.

السادس: ما لا يجوز إطلاقه على الله إلا مقترنا بغيره (الأسماء المزدوجة) فلا يقال " الضار " النافع " المتنقم " بل " المعز المذل، الضار النافع، العفو المتنقم " وهي قليلة.

(18) لا يكفي في التنزيه مجرد نفي التشبيه =نفيُ المشابهة بين الله والعباد " يبكي لا كبكاء البعاد " يحزن لا كحزنهم " يعطش لا كعطشهم " خطأ الطريق، وانحراف عن الصراط المستقيم، ولم تضع شيئًا عندما نسبت إلى الله هذه النقائص والعيوب، ونفيك لا يغني شيئًا، لأنها صفات نقص!.

(19) إجراء الصفات على ظاهرها = هذا من الأسس عند أهل السنة والجماعة، ومرادهم : الجزم بأنّ لها معنىً حقيقيًّا يليق بجلاله، والمخالفون ثلاثُ فرق:

الأولى: المشبهة، الظانين أن صفات الله من جنس صفاتِ المخلوقين، ظانين أن الظاهر من الصفات هو التشبيه، بل كل من يعظّم ربه ويقدسه، يعلم أن ظاهر الصفات – التقديس و – التنزيه - .

الثانية: الزاعمين أنه يجب نفي ظاهر الصفات؛ لأنّ ظاهرَها يفيدُ التشبيه، ومن هؤلاء من ينفيها، ولا يثبت إلا الصفات السلبية أو الإضافية، أو مركبة من السلبية والإضافية، ومن هؤلاء: من أثبت سبعا، وثمانيا، أو إثبات الأحوال دون الصفات، أو الصفات الخبرية دون ما ورد في الحديث، وقسمٌ من هؤلاء (1) يتأولون (2) يفوّضون.

الثالثة: القائلون بالوقف، وهم قسمان:

القسم الأول = يجوز أن يكون ظاهرها هو المراد اللائق بجلال الله ويجوز أن لا يكون صفةً لله، طريق كثير من المتكلمين والفقهاء.

القسم الثاني = الذين يمسكون عن هذا كله، ولا يزيدون على التلاوة، معرضين عن هذه التقديرات.

مذهب السلف = قال شيخ الإسلام (( مذهب السلف إجراء أحاديث الصفات وآيات الصفات على ظاهرها، مع نفي الكيفية والتشبيه عنها، فلا نقول : إنّ معنى اليد القدرة، ولا أن معنى السمع العلم، وذلك أنّ الكلام في الصفاتِ فرعٌ عن الكلامِ في الذات، يُحتذى فيه حذوُه، ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثباتُ الذات إثبات وجود لا كيفية، فكذلك إثباتُ الصفات إثباتُ وجودٍ لا كيفية)).

الردّ على المفوّضة = يرى الكثيرون أنّ مذهبهم هو مذهب السلف/ والتحقيق: أن السلفَ لا يفوّضون معاني الأسماء والصفات، وإنما يفوّضون كيفيّة الصفات، أما المعاني فإنها معلومة من لغةِ العرب، والرد عليهم من وجوه:

الوجه الأول: ما ثبت عن السلف الصالح، قال الإمامُ مالكٌ –رحمهُ الله-: (الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ).

الوجه الثاني: لو كانت الأسماء ألفاظًا لا معاني لها، لم تكن حسنى كما أخبرَ الحقّ تباركَ وتعالى،فأيّ حسنٍ إن لم يكن لها معاني.

الوجه الثالث: لو ... / لساغَ وقوعُ الغضبِ والانتقام في مقام الرحمة والإحسان، فيقال " إني ظلمت نفسي، يا جبار يا منتقم "!

الوجه الرابع: لو ... / لم يجز أن يخبر عن الصفةِ بمصدرها، ويوصفُ بها كقوله (فللهِ العزّ جميعًا) ولم يسغ أن يخبر عنها بأفعالها.

الوجه الخامس: لو ... / لكانت جامدة كالأعلام المحضة، التي لم توضع لاعتبار معنى قامَ به.

(20) الإجمال في النفي، والتفصيل في الإثبات = والسرُّ في ذلك : أنَّ النفيَ المحضَ لا يستلزم إثباتًا لا بمدحٍ ولا ثناءٍ؛ لأنّهُ عدمٌ، ويكون المدح والتعظيم صفات الإثبات، فلا يثبت الله لنفسهِ صفةَ سلبٍ إلا إذا كانت متضمنة لثبوتٍ كالأحد، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب يرد لتضمن هذا السلوب ثبوتًا، مثل قوله " اللهُ لا إلهَ إلا هوَ الحيُّ القيّوم " فهو دليلٌ على كمال حياتِه وقيّوميته.

وقد تنبّهَ علماؤُنا إلى أنَّ الذين يصفونَ اللهَ بالصفاتِ السلبية على جهةِ التفصيل لا يثبتون لله إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقةَ له عند التحري والتدقيق، وإنما يرجعُ إلى وجودٍ في الأذهانِ، يمتنعُ تحقيقُهُ عند الأعيانِ.

فإنْ قيل: ما الشيء الذي ليس بجسم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم إلخ.. لقيل: هو المعدوم، ففرّ هؤلاء من التشبيه بالموجودات حتى شبهوه بالمعدومات، والذين سلبوا عنهُ النقيضين شبّهوهُ بالممتنعاتِ.

(21) الوقف في أسماء الله وصفاته = لا يسمّى اللهُ ولا يوصف بما لم يسمّ أو يوصف به نفسَه ورسولَه، وهذا عائدٌ لأمورٍ:

الأول: أنَّ مخالفةَ هذا المنهج قولٌ على اللهِ بغيرِ علمٍ، ورجمٍ بالغيبِ، وإذا كان البشر لا يرضون أن يسمّوْا بغير أسمائهم، فكيف يجوز هذا في حقّ البشر؟ وهو تقدُّمٌ بين يديِ اللهِ ورسولِه.

الثاني: أسماءُ اللهِ حسنى، ومهما اجتهدَ العبدُ فإنه قد لا يوفق للتعرفِ على الاسمِ الأحسنِ الذي يستحقّهُ تبارَكَ وتعالى.

وأكثرُ من هذا قد يتوهم بعض الفطناء أسماء حسنة يجوز إطلاقها على الله، وليست كذلك، وهي " العارف، العاقل، الفطن" .

يقولُ ابنُ بدران : لا يجوزُ تسميتُه بالعارف؛ لأنّ المعارفَ قد يرادُ بها علم تسبقُه غفلة، كما لا يجوز اتصافهُ بالعقلِ؛ لأنّ العقلَ مانعٌ عن الإقدام عما لا ينبغي، وكذلك الفطنة يسبقها جهلٌ . اهـ مختصرا.

وخالف في ذلك: المعتزلة، فجوّزوه مطلقًا، ومن الأشاعرة: الباقلاني،وتوقف الجويني، وأفرط الجبّائي فسمّى الله مطيعًا ومحبِلا للنساء، وكذا الكرامية، وقال الغزالي والقاضي أبو بكر: الأسماء والصفاتُ توقيفية.

التوسع في بابِ الإخبار = ما جاء في باب الإخبار، فلا يشتق منه أسماء، مثل (قل الله يفتيكم)(ويمكر الله)(إن الله فالق الحب والنوى) أما الأسماء التوقيفية فيأتي منها الفعل والمصدر، ولا يجوز دعاء الله بما لم يسمّ أو يوصِف به نفسه ورسوله، وقد جعل ابن العربي الزيادة في أسماء اللهِ من الإلحاد.

ملاحظة: والأفضل في بابِ الإخبارِ أن يصارَ إلى اللفظِ الواردِ في الكتابِ والسنّةِ، فنقول: الأول، بدل القديم، والقيّوم بدل القيام بالنفس، والآخر بدل الأزلي والأبدي، فالتعبير بالمنصوص أولى وأحرى، وكذلك لا يخبر عن الله باسم سيء

(22) إطلاق لفظ الصفات لا ينافي التوقيف = زعم بعض أهلِ العلم أنّ إطلاقَ لفظ " الصفات " على الله ينافي التوقيف الذي جعله أهل السنة أحد الأسس، وظنّوا أن هذا الإطلاق لم يأتِ في كتابٍ ولا سنّة ولا سلف أمة، وليس الأمرُ كما يقولون، فقد جاءَ في كتاب الله (سبحانَ اللهِ عما يصفون* إلا عبادَ اللهِ المخلصين)(لأنها صفةُ الرحمن وأنا أحبّ أن أقرأ بها).

وقد شذّ ابنُ حزمٍ، فقال: هذه لفظة اصطلحَ عليها أهل الكلامِ من المعتزلةِ ومن تبعهم، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابهِ، فإن اعترضوا بحديث الباب " صفة الرحمن ... " فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال وفيه ضعف، .... والصفة التي يطلقونها في لغةِ العربِ لا تُطلق إلا على جوهر أو عرض.

عقّبَ عليهِ ابنُ حجر : سعيدٌ متفقٌ على الاحتجاجِ به، فلا يُلتفت إلى تضعيفهِ، وكلامُهُ الأخير مردودٌ باتفاق الجميعِ على إثباتِ الأسماءِ الحسنى، قال الله تعالى (( وللهِ الأسماءُ الحسنى)).

(23) أنواع الإلحاد =

الأول: التكذيب بأسماء الله أو ببعضها، كتكذيبِ المشركين باسم الرحمن (وإذا قيلَ لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجدُ لما تأمرنا وزادهم نفورًا) ومن هذا النوع (الجهمية) جحدوا أسمائه وصفاتِه، و(المعتزلة) فجحدوا معانيها.

الثاني: وصف الخالق بصفات الخلق، ويشمل (1) تسمية الله بأسماء الخلق، كتسمية النصارى له أبًا، والفلاسفة له موجبا بذاته، أو العلة الفاعلة، والعقل الفعال (2) وصف الله بما يتعالى عنه، ويتقدس من النقائص (3) تشبيه صفات الله بصفات خلقه.

الثالث: منازعة الباري في أسمائه وصفاته، ووصفِ المخلوقات بما يختص به الخالق.

(24) كيف عرفنا أن عقيدتنا هي عقيدة أهل السنة والجماعة؟

الأول: نقل السلف لنصوص الأسماء والصفات من غير تكذيب بها ما فعل قوم، ومن غير تشبيه، ومن غير تحريف وتأويل.

الثاني: استدلالهم بالنصوص على صحة الأصول التي قام عليها هذا المعتقد، وقد مر معنا.

الثالث: نقل نصوص كلام السلف في معانيها على النص على الأصول التي ذكرناها.

الرابع: إخبار الثقال العارفين بأقوال السلف والعالمين بأقوال الغابرين من المستقيمين والمنحرفين على أن هذا هو معتقد السلف.

(25) خصائص المنهج السلفي =

الخاصية الأولى: الأكمل، والأعلم، والأسلم، الفقه الأصيل لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

الخاصية الثانية: التوسط، والاعتدال، وأعظمها باب الاعتقاد.

الخاصية الثالثة: الاعتصام بالكتاب والسنة.

الخاصية الرابعة: الطمأنينة والسكينة التي يسكبها هذا المنهج في قلوب أصحابه. ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله).

الخاصية الخامسة: التوافق والانسجام، لا التناقض والاختلاف (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرًا) وهم يدعون أن بنفيهم الأسماء والصفات هو التنزيه الصحيح! وأصل الفلسفة هو : التشبه بالإله على قدر الطاقة، ويجعلون هذا غايةَ الحكمة ونهاية الكمال الإنساني، وأهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول، وهذا دليل عدمِ اليقين، والفلاسفة أكثر منهم اختلافا.

الخاصية السادسة = منهجهم ميسر في أسلوبه ومعانيه، فالذي يطالع كتب أهل الكلام يتصف بالتعقيد والتخليط والجفاف، وتكثر فيها المصطلحات الغربية على الفكر الإسلامي.

يتبع الباب الأخير من ذكر الفرق، والرد عليها، وتبيان المنهج السلفي.

(26) الفرقة الأولى = الواصفين اللهَ بالنّقص =وهم الأراذل من هذه الأمة الذين يسبُّونَ الخالق، ويصفونهم بصفاتِ النّقصِ، وهم في هذه الأمة كسابقيهم من بني إسرائيل الذين زعموا أنّ (يدُ الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاءُ) وزعموا أنَّ الله تعب بعد خلقهِ السموات والأرض، فقال الله (وما مسَّنَا من لغوبٍ) (أم يحسبون أنا لا نعلم سرّهم ونجواهم)(قل هو اللهُ أحدٌ....).

(27) الفرقة الثانية = المشبّهين اللهَ بخلقِهِ =قال الشهرستاني (وتوجه هذا الاتجاه (الشيعة) وجماعة من أهلِ الحديث الحشوية، مثل الهشامين من الشيعة، ومثل مضر كهمس، وغيرهم من الحشوية) قال الرازي (كان بدوّ التشبيه في الإسلامِ من الروافض مثل: بنان بن سمعان، الذي كان يثبت لله تعالى الأعضاء والجوارح، وهشام بن الحكم بن سالم الجواليقي، ويونس القمي، وأبو جعفر الأحوال الذي كان يُدعى شيطان الطاق، وهؤلاء رؤساء علماء الروافض، ثم تهافتَ في ذلك المحدّثون الذين لم يكن لهم نصيبٌ من المعقولاتِ) ويقول شيخُ الإسلام (المشبّهة والمجسّمة في غير أصحابِ أحمد أكثر منهم فيهم، فهؤلاء أصناف الأكراد كلهم شافعية، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم، والكرامية المجسّمة كلهم حنفية).

(28) الفرقة الثالثة = الفلاسفة والمعطلة =وهؤلاءِ ينكرونَ ماهيّة الربّ الزائدة على وجودِهِ، وصفات كمالِهِ، وأنَّ صفاتِه هي ذاتُه، فالمشبّه يعبدُ صنمًا، والمعطّل يعبدُ عدمًا.

واستدلّ الفلاسفةُ على مذهبِهِم، أنّ: إثباتَ الصفاتِ للهِ يقتضي أن يكونَ الباري مركبًا، وأن يكونَ جسمًا مؤلفًا، وهذا ينافي الوحدانية للهِ، فجعلوا ربّ العبادِ من جنس الجوهر الفرد يمُكن وجوده، وهذا الواحد مستحيل وجوده، فهو وجود مطلق لا تعيّن فيه، والوجودُ المطلقُ ليسَ لهُ حقيقة في الأعيانِ، بل هو وجودٌ في الأذهانِ.

والفلاسفة لا يصفونَ الله إلا بصفاتٍ سلبية، أو إضافية محضة؛ لأنهما لا يوجبان تعدّدًا، أو كثرةً في ذاتِ الله، فإن قيل (واحد) فمعناه سلبُ الشريط، والانقسام وإذا قيل(قديم) فمعناه سلب البداية عن وجوده.

وأما غلاةُ الفلاسفة والباطنية: فزعموا أنَّ اللهَ لا يوصف بالشيء، ولا يوصف بنقيضه، فلا يقولون عن الله : هو موجود، ولا غير موجود، لا عالم، ولا ليس بعالم، وهؤلاء الضالّون شبّهوهُ بالممتنعاتِ، فإنّ الذي يمتنع وصفه بالشيء ونقيضه هو الممتنع الوجود.

(29) الفرقة الرابعة = الجهمية =

1-              رجالاتهم.

الجهمية أول من ذهب مذهب النفيَ في الإسلامِ، وزعماءُ هذه الفرقة (الجعد بن درهم) أول من جاءَ بالبدعة، و(الجهم بن صفوان) الناشر لها، ونُسبت إليه، و(بشر المريسي) الذي قعّد المذهب، وأصّله، وناظرَ عليهِ.

الأول = الجعدُ بن درهم: الزنديق الذي كانَ أولَ من ابتدَعَ القولَ بخلق القرآن، عدادُه من التابعين، مبتدع ضالٌّ، زعمَ أنّ اللهَ لم يتّخذْ خليلًا، ولم يكلّم موسى، فقُتِلَ على ذلك بالعراقِ يوم النحر، زعمَ أنّ الله لا يتكلم، وأنّ القرآن مخلوقٌ، ولاحظَ عليه شيخُه وهبُ بن منبّه، فكانَ يردعُه وينبهه، قتله خالدٌ القُسَري قتلَ الجعد يوم عيد الأضحى بالكوفة، قُتِلَ (124)هـ.

الثاني = الجهم بن صفوان: أبو محرز السمرقندي، هلك في زمانِ صغارِ التابعين، والمطلع على سيرتِه: يعلمُ أنّه كان خارجًا على السُّلطانِ، يقاتِل في صفّ الخارجين عليه، وقد خرجَ مع الحارث بن سُريج، وكان كاتبه ومدبر عسكره، ومتولي أمره، وقُتِل(128) قيل: أسرهُ سالمُ بن أحوز، صاحب شرطة: نصر بن سيار، حتى قتله.

الثالث = بشر بن غياث المريسي: ورث الضلال عن الجهم، وإن لم يلقَه، مبتدعٌ ضال، لا ينبغي أن يُروى عنه، تفقّه على أبي يوسف، فبرعَ وأتقن علم الكلام، وكان والدُه قصّابًا يهوديًّا، أُخِذَ في دولة الرشيدِ، وأُوذي في مقالتِهِ، حُكي عنه أقوال شنيعة، وأسـاء أهلُ العلمِ قولَهم فيه، وكفّرهُ أكثرُهم لأجلها، وكان معاصرًا للإمام الشافعي، جادله وخاصمهُ.

2-              مذهبُ الجهميّة في صفاتِهم:

ذهبَ جهمٌ إلى أنَّ القولَ بأنّ الجنّة والنارَ تفنيان وتبيدانِ، ويفنى أهلُهما حتى يكونَ اللهُ موجودا لا شيء معه، ولا يجوز أن يخلّدَ اللهُ أهل الجنّة في الجنّة، وأهلَ النارٍ في النّارِ، وأنّ العبدَ مجبورٌ على فعلِهِ، وأنّه لا فعلَ حقيقةً إلا الله وحده، وينفي أن يكونَ اللهُ شيئًا، وإذا أتى الإنسان المعرفة، فلو جحد بلسانِه لم يكفر، والإيمان لا يتبعّض، ولا يتفاضل أهله فيه، والإيمان والكفر في القلبِ لا الجوارح، والكفر عندهم هو الجهل بالله فقط، وأن معنى (استوى)(استولى).

(30) الفرقة الخامسة = المعتزلة = هذه الفرقة أثبتت للهِ الأسماء الحسنى، ونفت ما دلّتْ عليه هذه الأسماء من صفات، وهؤلاء هم أتباعُ واصلِ بن عطاء الغزّال، اعتزلهُ الحسن البصري، وُلِدَ واصل بن عطاء عام(80)هـ ونشأ بالبصرة، ولقيَ أبا هاشم عبد الله بن محمد الحنفية، ولازم الحسن، وأكثر من الجلوسِ بسوق الغزّال ليعرف المتعففات، وكان واصل فصيحا جدا، كان يلثغ بالراء، فكان يتجنب الراء، واجتنابها ليس سهلًا، توفي في سنة (231)هـ وله كتاب " المنزلة بين المنزلتين، الفتيا، التوحيد " متفقون على الأصول الخمس:

الأول: العدل.

الثاني: التوحيد.

الثالث: منزلة بين المنزلتين.

الرابع: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

الخامس: الوعدُ والوعيد.

وما يهمّنا هو باب (التوحيد): فإنهم فهموا أن التوحيد (وحدةُ الذات) بأن لا يكون لها صفات قديمة زائدة عليها، وعللوا أن أخصّ صفاتِ الإلهية " القدم " فلو كان للذات صفات قديمة معها للزم أن تكون آلهة، فيتعدد الإله.

وقد بالغوا في تقديس (العقل) واعتباره المصدر الأول؛ لأنّ حكم العقل قطعي في زعمهم، وأما النصوص فظنّية، ونفيهم للصفات؛ لأنها أعراض، والعرض لا يقوم إلا بجوهر متحيز، وكل متحيّزٍ فجسمٌ مركّبٌ أو جوهرٌ فرد، ومن قال بذلك فهو مشبّه؛ لأن الأجسام متماثلة!" وهؤلاء خالفوا بدائه العقول، فالعقول لا تعقل وجود ذات عالمة بغير علم، وذات سامعة بغير سمع، وذات قادرة بغير قدرة.

تأثير المعتزلة بمن بعدهم = لم ينقرضِ المعتزلة، يقول جمال الدين القاسمي (( شيعةُ العراق على الإطلاق معتزلة، وكذلك شيعة الأقطار الهندية والشامية والبلاد الفارسية، ومثلهم الزيدية في اليمن، فإنهم على مذهب المعتزلة في الأصول، -- وبهذا يعلم أن الجهمية المعتزلة ليسوا في قلة، فضلا أن يُظن أنهم قد انقرضوا، وأن لا فائدةَ للمناظرةِ معهم، وقائلُ ذلكَ جاهلٌ بعلم تقويمِ البُلدان ومذاهب أهلها )).

(31) شبهُ نفاتِ الصفات =زعموا أنهم يريدون تنزيه الباري بنفيهم الصفات، وادَّعوا أنّ إثباتَ الصفاتِ تشبيهٌ، ورمَوْا أهلَ السنّة بـ " المشبهة " وزعموا أن إثبات الصفات يؤدي إلى خلعِ الصفاتِ البشرية على الذاتِ الإلهية، فهو يؤدي عندهم إلى التجسيم والتركيب، وهذه الصفات أعراض ومعان تقوم بغيرها، والعرضُ لا يقومُ إلا بجسم، والجسمُ مركبٌّ من أجزائه، والمركبُ مفتقِرٌ إلى غيره، واللهُ ليس بجسم؛ لأنّ الأجسامَ لا تخلو من الأعراضِ الحادثة، وما لا يخلو من الحادثِ فهو حادثٌ، والله تعالى غنيٌّ عن غيرِهِ، واجب الوجودِ بنفسه.

ويزعمون أن الجسمَ محدودٌ تناهي، فلو كانَ لله صفات لكانَ محدودًا متناهيًا، ولا بد أن يكون له مخصص، وما افتقَر إلى مخصص لم يكن غنيًّا قديما.

ويزعمون أنّ الجسم لو قامت به الصفات لكان مماثلًا لسائر الأجسام، فيجوز ما يجوز عليها، ويمتنع عليه ما يمتنع عليها، وذلكَ ممتنعٌ على اللهِ.

ويزعمون أنّ إثباتَ الصفاتِ القديمة يجعل للهِ ندًّا ومثلًا، إذ إنَّ أخصَّ صفات الله عندهم " القدم " فيسمّونه " ممثلا " بهذا الاعتبار.

ونفى هؤلاء كلامَ الله، كما نفوْا رؤيتَه في الآخرة بدعوى أن الذي يدرَك بالحواسّ الخمس هو المخلوق، فإذا كان المخلوق يُدرك بالحواس، فإنّ الباري لا يدرك بهذه الحواس، وإلا لزمَ تشبيه الخالق بالمخلوق.

وزعموا أن إثبات الصفات الاختيارية، يقتضي حلولَ الحوادث باللهِ تباركَ وتعالى.

(32) الرد على شبه نفاتِ الصفات –وهو أكبر باب في الكتاب =

أولًا: ليسَ لنفاةِ الصفاتِ دليلٌ من الكتابِ والسنة ولا من سلفِ الأمة.

ثانيًا: إثباتُ الصفاتِ ليس تشبيها، بدليل قوله تعالى " وهو السميع البصر " بعد (ليس كمثله شيء) فلو كان تشبيها لما ختم الآية بهاتين الصفتين، والاتفاق في الاسمِ العام لا يقتضي تماثلا، كما لو قيل (القمر موجود)و(الفيل موجود) والتباين بين الخالق والمخلوق أعظم مما بين المخلوق والمخلوق، وكما قال عن نفسه ( الحيُّ القيوم ) قال عن مخلوقاته (يخرجُ الحيَّ من الميّت)(وبشّروهُ بغلامٍ عليم)(حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ)(كذلكَ يطبعُ اللهُ على قلبِ كل متكبّر جبارٍ).

ثالثًا: نفيُ الصفاتِ ليسَ تمجيدًا وتعظيمًا لربّ العالمين، فأغلقوا بابَ معرفةِ اللهِ، وقطعوا الخلقَ عن ربّهم.

رابعًا: أدلةُ العقولِ توافقُ أدلّة الرسول، فإن جاءتِ العقول بما يناقض النصوص، فلا بد من أحد أمرين :

أولاهما: أن يكون النص غير صحيح، كالأحاديث الباطلة، أو يكون فهم النص مختلا.

ثانيهما: أن يكونَ العقل قد أخطأ فيما وصلَ إليه من نتائج ناقض بها النصوص، أما أن يناقض العقل السوي فهذا لم يكن ولا يكون، وإذا كانت عقولهم هم تتناقض، فإنها لا تصلحُ حكمًا في إثباتِ الحقائقِ الغيبية،

(33) تابع= خامسًا: تناقضُ نفاةِ الصفات واختلافُهم، وذلك في عدّة أمور:

الأمرُ الأوّل: حكمُهم على الشيء الواحدِ بأحكامٍ مختلفة، فمن يثبت العلم والسمع، والبصر، والحياة، يكون متناقضًا إذا نفى عن اللهِ غضبَه، وكراهتَه، واستواءَه، فإن زعم: أن السمع، والبصر، صفات لله تليق بجلاله، قلنا : وله غضب وعَجَب ويدٌ ووجهٌ يليق بجلاله، فإن زعمَ أنها تمثيل فيما لو أثبتها، قلنا: لا فرق بين إثبات سمعه، وإثبات يده، فكلاهما تمثيل – لزاما لمذهبك -، فإن زعمَ أنّ العقل أثبتها، قلنا: بل سكتَ عقلُك، فلا تزعم أنّ العقلَ ينفيها مع مجيء الشرع بإثباتها.

ومن نفى عن الله ِالأسماء الصفات، بدعوى تشبيه الباري بالأجسام، قلنا له: لقد شبّهتمُ اللهَ بالمعدومات، وذلكَ أقبحُ من التشبيهِ بالموجوداتِ، ومن أثبت الأسماء دون الصفات بتلك الدعوى، فإننا نجد أن من اتصفَ بالأسماءِ كان جسمًا!.

ومن قال بالنقيضين، كقوله : ليس اللهُ داخلَ العالمِ ولا خارجَه، فنقولك شبّهتمُ الباري بالممتنعات، فيمتنع أن يوصف الشيء بالحياة والموت، والعلم والجهل.

الأمر الثاني: تناقضهم في الحكم على الفرع، بخلافِ ما حكموا به على الأصل، فالنفاةُ يثبتون لله ذواتًا لا كذواتِ المخلوقين، فلم لا يثبتوا صفاته وأسمائه وأفعالا له لا تشبه المخلوقين، فإن نفاها لجهله بكيفيتها، لزم أن ينفي الذات؛ لأنه يجهل كيفيته، فإن قالوا: وجودُه يخصه ولا يشركه في غيره، قلنا: وكذلك صفاته وأسماؤه وأفعاله؛ لأنّ العلمَ بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفيّة الموصوف.

الأمر الثالث: وقوع النفاة بمثل ما فرّوا منه، فهم في نفيهم للصفات بحجة التنزيه، وقعوا في المحذور الذي منه فرّوا، فمن أثبتَ صفات دون صفات فقد شبّه! ومن أثبت أسماء دون صفات فقد شبّه! ومن نفاهما خشية التشبيه شبهوه بالمعدومات، فوقعتم فيما هو أشرّ منه.

سادسًا: الردّ على دعواهم أنّ اللهَ لا يدرَك بالحواس، نفى هؤلاء رؤية الله بهذه الحجة؛ لأنّ المخلوقات هي التي تُدركُ بالحواس، وقد كذبوا القرآن والحديث المصرّحة بالرؤية، فكيف ترد هذه النصوص بأدلة موهمة، وشبهات لا تثبت في ميدان الحجاج والتبليغ؟

ودعواهم أن القرآن نفاها بقوله " لا تدركه الأبصار " أي: لا يُحاط به، فالكمال هو عدم الإحاطة به علما ورؤية، لا أنّهُ لا يُرى، وكذلك حمد نفسه بعدمِ الغفلةِ والنسيانِ لكمالِ علمِه.

(34) تابع= سابعًا: بيان اللبس في المصطلحات المستخدمة، لفظ (الجسم، الحوادث، الأعراض، مركب) وغيرها مما سيأتي، هي ألفاظٌ مبهمةٌ، قد يُراد بها حقٌّ، وقد يرادُ بها باطلٌ، فنقف موقف الفاحص المدقق، وحكموا كتابَ الله وسنةَ رسولِه، فإن ذكروا من معانيها حقًّا قَبِلوهُ، وإن ذكروا من معانيها باطلًا ردُّوهُ، مع نصح السلف لهم بترك مثل هذه الألفاظ، والالتزام بالألفاظِ الشرعية.

(35) تابع = بيان اللبس في مصطلح التركيب، التركيب من الذاتِ والصفات، هم سمّوه تركيبا لينفوا به الصفات، وهذا اصطلاحٌ لا يعرف في اللغة، ولا استعمال الشارع، ولئن سموه تركيبا، فالعبرة بالمعاني لا الألفاظ والمباني، اهـ شارح الطحاوية.

(36) تابع = بيان اللبس في لفظي: الجهة، التحيّز، ونفوا بهذين اللفظين علو اللهِ على خلقه، ورؤيته في الآخرة، فيقال لمن نفى الجهة : أتريد بالجهة أنها شيء موجود ومخلوق؟ فالله ليس داخلًا في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات، ويقال له : أتريد بذلك أن الله فوق العالم، أو تريد أنّ اللهَ داخلٌ في كل شيء حتى المخلوقات؟ فإن أردتَ الأولَ فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل) شيخ الإسلام.

و(كذلك لفظ التحيز: إن أراد به أن اللهَ تحوزه المخلوقات، فإن الله أعظمُ وأكبر، بل قد وسع كرسيه السموات والأرض، وإن أرادَ أنه منه منحاز عن المخلوقات، أي: مباين ومنفصل وليس حالا، فهو سبحانه كما قال أئمة السنة: فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه).

(37) تابع = بيان اللبس في حلول الحوادث، إن أريد النفي ،أي: أنه لا يحل في ذاتِه المقدسة شيء من مخلوقاتِه المحدثة، أو لا يحدث لهُ وصفٌ متجدد لم يكن، فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية، من أنه لا يفعل ما يريد، لا يغضب ولا يرضى، فهذا نفيٌ باطلٌ، وهذه الصفات الاختيارية لم تكن بعد أن كانت ممتنعة، والكاتب في حال الكتابة يسمى كاتبا بالفعل، ولا يخرج عن كونه كاتبا بالفعل في حال عدم مباشرة الكتابة.

(38) تابع = بيان اللبس في لفظ الأعضاء والأركان والأدوات، استدل الجهمية والمعتزلة على نفي صفات الله من اليد والوجه؛ لأن إثباتها يلزم منه إثبات الأعضاء والأركان والأدوات لله، وأهل السنة والجماعة يقولون : لا تطلق هذه الأسماء؛ لأن الركن جزء من الماهية، والله تعالى هو الأحد الصمد، لا يتجزأ، والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية، والجوارح فيها معنى الاكتسباب والانتفاع، والأدوات آلات ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة، وكل هذه المعاني منتفية عن الله، ولم يرد ذكرها.

(39) تابع = ثامنًا: بطلان دعواهم أن إثباتَ صفات الباري يبطِلُ الدليل على وجوده، رد عليهم شيخ الإسلام بثلاث:

الأول: بطلان الدليل المعين لا يستلزم بطلان جميع الأدلة، وإثبات الصانع له طرق كثيرة غير هذا الدليل الذي ذهبتم إليه.

الثاني: لم يستدل به أحدٌ من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، فلو كانت معرفة الرب موقوفة على ما ذهبتم إليه لكان السلف كافرين بالله.

الثالث: لم يؤمر الأنبياء والمرسلين بسلوك هذا السبيل.

(40) تابع = تغيير معاني المصطلحات الشرعية، فجعلوا من أثبتَ الصفاتَ مشركا، ومن نفاها فقد أتى بالتوحيد، والناظر المدقق يعرف أنهم ما أثبتوا إلا وجودا مطلقا ليس له وجود حقيقي في واقع الأمر، وشابهوا من قال من الأمم السابقة أن الله أعظم من أن ينزل كتابا أو يرسل رسولا (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء).

(41) أسباب الاختلاف في الأسماء والصفات =

الأول: الإعراض عن الكتاب والسنة، وتحكيم العقل في مسائل الشرع.

الثاني: رد المحكم، واتباع المتشابه.

الثالث: تأثير الفلسفات والعقائد الضالة الوافدة، فأخذ الجعد عن أهل حران، وفيها خلق من الصابئة والفلاسفة، ومثله أبو نصر الفارابي فقد كان في حران.

الرابع: الهدم العقائدي المنظّم.

وأول رجل بدأ في الإفساد : عبد الله بن سبأ اليهودي، وقال أبو ميمون القداح (إني أضيق بدين محمد، وليس عندي جيش أحارب به، وليس لدي مال، ولكني في الحيلة طويل الباع، بحيث إذا لقيت عونا قلب دين محمد رأس على عقب).

خامسا: الأحاديث الضعيفة والموضوعة.

(42) تشويه مذهب السلف الصالح =

أولًا: دعواهم أنهم أصحابُ المنهجِ الأفضلِ.

ثانيًا: ادّعاء بعض المخالفين للسلف، أنهم على مذهبِ السلف.

ثالثًا: نبز أهل السنة بالألقابِ الشنيعة..

بفضلٍ من الله = تم انتخابُ الكتاب في (13) صفحة، من أصل (230) تقريبا، والأبواب الأخير فيها تقرير لمذهب السلف، وزيادة توضيح، يحسن قراءتها، لا انتخابها، أما رؤوس أقلام منهج السلف، فهو مدون هنا، وهذا الكتاب مليء بالفوائد والفرائد، ذلك أن الشيخ عمر الأشقر مطلع ومهتم بكثر من الكتب الثقافية الغربية والإسلامية، ومهتم بكتب شيخ الإسلام وابن القيم، وكان يوضح عقيدتهم بقلمه، ثم ينقل كلامهما، ويظهر كذلك اهتمامه بشرح ابن أبي العز الحنفي للطحاوي.

وبالجملة: فقد أتعب الشيخ من بعدَه في استيعاب مسائل الأسماء والصفات، وفي حسن ترتيب الموضوعات، جزاه الله عن الأمة خيرًا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

جزاك الله خيراً

-

سليمان

10:34:51 2016-09-08

جزى الله خيراً شيخنا عمر الأشقر ووفقنا وإياكم لصالح الأعمال