نعم أنا نرجسية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

في عهد زمن الدولة العباسية عندما دخل الشاعر علي بن الجهم إلى الخليفة المتوكل بالله وألقى بعضا من أبيات الشعر له وهي **

أنتَ كَالكَلبِ في حِفاظِكَ لِلوُدْ وَكَالتَيسِ في قِراعِ الخُطوبِ

أَنتَ كَالدَلوِ لا عَدِمناكَ دَلواً مِن كِبارِ الدِلا كَثيرَ الذَنوبِ

ماذا تعتقد ما فعله له المتوكل بالله، سيخطر ببالك انه سجن أو قتل بسبب قوله هذه الأبيات. بل بالعكس كرمه المتوكل بالله وأحسن التعامل معه لأن المتوكل بالله لديه حسن النباهة والذكاء وفهم ما في بطن الشاعر، فقد كان الشاعر بدويا ويعيش في البادية، ولكنه استخدم بعض تشبيهاته بطريقة بارعة. فمن منا يقبل أن يشبه بالكلب لأنه بالنهاية يعتبر حيوانا فقد شبه الشاعر الخليفة كالكلب الوفي لصاحبه وتعتبر هذه الصفة عظيمة لان الوفاء لابد ان يكون من عظم أخلاقياتنا، ففي زمننا هذا هناك ظاهرة كبيرة انتشرت بين أوساط بعض المجتمعات للأسف وأصبحت تستخدم كقذائف هجوم ودفاع واستخدامها بطريقة سيئة وخاصة عندما تحدث مشاكل بيننا هل عرفتم ماذا أقصد، ألا وهي استخدام الكلمات السيئة. فالبعض فنان في استخدامها حتى يشعر بكاريزما الانتصار وتراشق الكلمات ما بين شد وجذب دون أن يعلم معناها الحقيقي،

ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه). قدم الرسول الكريم اللسان على مد اليد لما له من أثر كبير وعذاب يهلك الإنسان وكثيرا ما نسمع ان فلانا مات مقهورا فسوء اللسان يصل بالإنسان لحد الموت. نسأل الله العافية وفي هذا الحديث يبين أن المسلم الحقيقي لا يكون الا بالتزام ما فرضه الله علينا. وحسن اللسان وصيانته والصبر على اذية ألسنة الآخرين من مكارم الاخلاق ومن أسباب الدخول للجنة لمن اتقى الله واحتسب وأكبر مثال على ان اللسان له أثر عظيم في نفوس الآخرين في قول الله تعالى (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) آل عمران 159. ففي تفسير الأيهم التي نزلت للرسول الكريم أي لو كنت سيئ الكلام قاسي القلب في نصحهم لانفضوا عنك وتركوك، انظر للآية العظيمة فيدل ان النصح باللطافة وحسن اختيار الكلمات يأتي بنتيجة عالية وكما نريد ولكن نحتاج إلى الصبر وحسن الأسلوب ونقاء النفس وذوق في الكلمات حتى نحقق ما تريده أنفسنا،

ففي يوم من الأيام قد قيل لي اني نرجسية بطريقه اسقاطية جارحة وفظة وكما قلت في مقالي إننا نوظف بعض الكلمات للاستخدام السيئ لغرض الهجوم والدفاع فالنرجسية بمفهومنا الموضوعي من كتاب النرجسية للمؤلفة د بيلا غرانرغر- تعني حب النفس وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور والكبرياء والتغطرس، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخر..

والنرجسية أصلها من الغرب وأول من استخدمها العالم النفسي فرويد أيام بداية القرن التاسع عشر فعند الغرب تستخدم للعامل السلبي اكثر ولكن أيضا تستخدم للعامل الإيجابي كما قال الكاتب اندرياس سالومه- 1965- ترافق النرجسية كل راقات تجربتنا وبصورة مستقلة عنها وهي أيضا رفيق حياة وتجدد دائما..

فالنرجسية أساس نشأة الإنسان في سلوكياته الا وهي حب الذات فالنرجسية المعتدلة هي ان أحب نفسي واقدر نفسي وذاتي مع حبي للآخرين إذا استخدمت بمحاسنها وليس بمساوئها ففي حديث الرسول تحدث عن حب الإنسان لنفسه  (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فمعنى الحديث عظيم، سبحان الله في محبة المسلمين والنصح لهم وإيثارهم ومعاملتهم كمعاملة النفس.

ولقد أخبرنا الإسلام عن محبة الآخرين كمحبة أنفسنا ولم يحرم علينا حب الذات إذا استخدمت بطريقة متوازنة للشخصية...

إذا ما سبب تسمية النرجسية بهذا الاسم تحديدا؟

((في حقبة أيام زمن اليونانيين قبل الميلاد فكان هناك شخص اسمه نركسوس رجل يوناني وكان آية في الجمال وتخطى نركسوس مرحلة الصبا. أصبح في ريعان الشباب. كان يزداد جمالًا وبهاءً كلما تقدم في العمر. أحبه رفاقه وأصدقاؤه وأعجب به الذكور والإناث. كان نركسوس مدركا لجماله وإطلالته الجذابة. وكان يعشق نفسه جدا ومحط انظار اعجاب الجميع لكنه كان تعامله سيئا مع الناس كان يصدهم جميعا- ذكورًا وإناثًا- لم يكن يعرف الحب. لم يكن يقيم للعواطف وزنًا. لكنه مع ذلك ظل محط أنظار الجميع ومركز إشعاع للسحر والفتنة وظل مشغولا ينظر لنفسه ليل نهار في نهر الماء حتى مات بسبب ذلك)) الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء بمقدار ويجب على انفسنا ان تكون مقدرة في تعاملنا مع انفسنا ومع الآخرين في مراحل حياتنا ومن اهم المراحل توازن شخصية وأسلوب الإنسان فعندما يرمي عليك احد كلمات جارحة فوظفها بداخلك بطريقة ايجابية اذا كنت على حق فالطريقة الإيجابية أولها تزرع الثقة وحكمة التفكير ففي زمننا هذا أي خطأ بسيط يقال عنه هذا نفسية هذا مريض هذا نرجسي وهكذا ما وخفي كان أعظم وكان بعضهم يشبه أخلاقه بصفوة الملائكة لا يخطئ أبدا.

إن قوة الشخصية الحقيقية والمتشبعة بجرعات الثقة المعتدلة التي تستطيع التمييز ما هو الصح والخطأ وان اعرف ماهي عيوبي وطريقة لإصلاحها ففي بعض الأشخاص يقفل باب محاسبة النفس وعدم قبول النصيحة نهائيا انها من قوة الثقة بل بالعكس بل من اهتزاز وضعف الثقة. فهذي النوعية تحتاج إلى توازن شخصي وتغيير فكري فإذا ظل الرفض الداخلي فإنها تصل إلى تعال بالنفس أو اضطرابات بالشخصية كالبروناي وغيرها فكل شيء يكمن بيد النفس فقدر نفسك وأعطها حقها في هذه الحياة فأنت محاسب عليها ان لم تتق الله فيها.... وأخيرا

أتمنى أنا وإياكم بحياة مليئة بالحب والتفاهم والتسامح والتواضع.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply