كراهية الكفر وأهله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

أخرج الإمام البخاري في كتابه الصحيح، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).

بقي الحديث عن آخر شروط تحقيق حلاوة الإيمان ، وهو الذي ذكره النبي صلى الله عليهم وسلم بقوله: (وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار). وهذا هو الشرط الثالث لحصول حلاوة الإيمان، وهو وجوب كراهية الكفر والمعاصي أشد الكره، والبراءة من أهل الكفر والمعاصي، فإنه لاتجتمع محبة الله تعالى، ومحبة أعدائه عز وجل .

وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى في معنى قوله صلى الله عليه وسلم، (أن يكره أن يعود في الكفر) أن معنى (يعود في الكفر)، أي الرجوع إليه فيمن كان كافراً فأسلم ، أما من ولد في الإسلام، فمعنى (يعود) في حقه أي يصير كافراً بعد أن كان مسلماً .

وهذه الخصلة فيها تحذير للمسلم من المعاصي ، فهي سبب كل مهلكة، وهي طريق الكفر الذي حذر منه الحديث وبريده، فالتحذير من الكفر متضمن التحذير من أسبابه الموصلة إليه، والتي هي المعاصي والذنوب وهي سبب كل بلية ورزية .

وانظر إلى من سبق من الأمم التي أبادها الله تعالى وأهلكها، إنما كان ذلك بسبب معاصيها .

وتأمل في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كيف أصيبوا يوم أحد، بسبب مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران (165).

ولاشك أن كراهية المعاصي هي بوابة تركها ، كما أن حب المعاصي هو سبيل فعلها، فإن من وقر في قلبه كره المعصية كان عن فعلها أبعد، لأن الإنسان مجبول على البعد عما يكره، كما أن من أشرب قلبه حب المعصية، كان إلى الوقوع فيها أقرب، ولذلك جاء في الحديث التعبير بكراهية العود إلى الكفر، فالعاقل من أدرك شؤم المعصية وأبغضها، ثم فرّ منها فراره من النار المحرقة، و هرب منها هروبه من الأسد أو أشد.

ونخلص في نهاية هذا المقال إلى أن أسباب حلاوة الإيمان ثلاثة وهي: - محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع أمر الله ورسوله، والحب والبغض في الله تعالى، وكراهية الكفر وأسبابه الموصلة إليه، والبراءة من أهله، رزقني الله وإياكم حلاوة الإيمان، وجعلنا من أهل ذلك، إنه رحيم كريم جواد.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply