فوائد على كتاب حسن الخلق من موطأ الإمام مالك


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

1-               

الحسن ضد السوء، وهو ما تستخفه النفس، وتميل إليه، وتحبه، والخلق هو الدين والطبع والسجية، ويأتي بمعنى الأدب الشرعي كما جاء في الخبر: ((أدبني ربي فأحسن تأديبي)) وجاء أيضاً قول عائشة: "كان خلقه القرآن" يعني خلق النبي -عليه الصلاة والسلام- وقد بعض ليتمم مكارم الأخلاق، فهو أكمل الناس في الخلق -عليه الصلاة والسلام-، خلقه القرآن، فحياته وعيشته، وسيرته، وشمائله، ترجمة، ترجمة عملية للقرآن، ترجمة عملية للقرآن، {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم هذا بالنسبة لحسن الخلق.

2-               

وإذا قلنا أن حسن الخلق المراد به الأدب الشرعي، فعلى طالب العلم أن يعنى بهذا الجانب، وينظر ما جاء في هذا الباب من نصوص الكتاب والسنة ليتأدب بها، ليتأدب بها، ليكون مع علمه عاملاً بعلمه، قدوة لغيره، والكتاب العزيز والسنة المطهرة فيها الشيء الكثير مما يحتاجه المسلم لا سيما طالب العلم في تعامله مع الناس، والخلق كما يكون في التعامل مع الله -جل وعلا- يكون في التعامل مع النفس، ومع الأقربين من الوالدين والأخوة والأخوات، والعمات، والأعمام، والأخوال، والخالات، وسائر الأقارب ويكون أيضاً مع المسلمين، ومع غيرهم ممن له عهد أو ميثاق، لا بد أن يتعامل مع كل إنسان بما يليق به، ولذا يترجمون باب البر والصلة والآداب، باب البر والصلة والآداب، فالبر يكون لأقرب الناس للوالدين، والصلة للأقارب، والآداب مع سائر الناس.

3-               

قال، إن معاذ بن جبل قال: "آخر ما أوصاني به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما بعثه إلى اليمن، وقصته معروفة حينما أرسله النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن وقال له ما قال، ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب...)) إلى آخر الحديث، وفيه زوائد في على الروايات المعروفة المشهورة، ومنها هذا، "كان آخر ما أوصاني به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين وضعت رجلي في الغرز، الغرز الذي يركب فيه على الرحل، أن قال: ((أحسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل)).

((أحسن خلقك)) يعني تواضع للناس، وتعامل مع الناس بما يليق بكل إنسان من التعامل وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، كما في حديث عائشة في مقدمة مسلم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فيتعامل مع الكبير بالاحترام والتقدير والإجلال، والتعظيم، بما يليق به، من غير غلو، ويتعامل مع النظير بأيضاً بمثل هذا من المودة والاحترام والتقدير ويتعامل مع الصغير بالرحمة والرأفة والشفقة، فيعامل كل إنسان بما يليق به.

4-               

قال -رحمه الله-: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما".

ما خير بين أمرين، أو في أمرين، بعض الروايات بين أمرين، وفي بعضها في أمرين، -عليه الصلاة والسلام- إلا أخذ أيسرهما، والتخيير هذا إما من الله -جل وعلا-، أو ممن بينه عهد أو عقد أو يريد معاملة مع شخص ويخيره الطرف الثاني، فيختار الأيسر -عليه الصلاة والسلام-، لكن اختيار الأيسر بالنسبة لما بينه وبين ربه من التكاليف لا شك أن الدافع إليه الشفقة على أمته، -عليه الصلاة والسلام، كما فعل في ليلة الإسراء وفي غيرها.

إلا أخذ أيسرهما، الأسهل، ونسمع كثير ممن يتصدر للإفتاء يستدل بهذا الحديث على اختيار الأيسر من أقوال أهل العلم، وهذا الكلام ليس بصحيح، بل باطل؛ لأن اختيار الأيسر من أقوال أهل العلم هو ما يعرف عند أهل العلم بتتبع الرخص، لما كان هناك اختيار نعم، الرسول يختار الأيسر، لكن الآن هل في اختيار، الآن هل في مندوحة أن تأخذ بالواجب أو لا تأخذ؟ يعني إذا قال مالك، أو الجمهور قالوا: طواف الوداع واجب، وقال مالك: سنة، هل لنا خيار في أن ننظر في رأي مالك، نختار الأيسر منهما، هل هذا محل الحديث وإلا لا؟ محل الحديث لما كان هناك مجال للاختيار، الآن انتهى، كملت الشريعة، كمل الدين، فلا في مجال للاختيار، في مجال راجح ومرجوح، فنأخذ بالراجح، ونترك المرجوح، ما في مندوحة ولا في خيار، وإلا لجعلنا مالكاً ومن يضاهيهم من أهل العلم هم أهل التخيير للناس، وهذا ليس بصحيح الذي يخير من بيده الخيار، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(36)سورة الأحزاب.

5-               

التخيير فيما جاء فيه التخيير، كفارة اليمين، {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}(89) سورة المائدة، اختير الأيسر أنت من الثلاثة، تقول: والله رقبة بمائة ألف، والكسوة بألف مثلاً للعشرة، وخمسة عشر كيلو رز بثلاثين ريال أو بخمسين ريال مثلاً، اختر الأيسر؛ لأنه في مجال للتخيير من قبل من يملك التخيير، أما سائر الناس ما لهم خيرة، في دليل راجح ومرجوح، وإذا ترجح عند الإنسان حكم لا يجوز له أن يتنازل عنه بحال من الأحوال، ليس له أن يتنازل، بل يجب عليه أن يعمل وأن يفتي بما يدين الله به، أما أن يترجح عنده الوجوب، ويقول للناس: هذا مستحب، هذا تشهي، هذا تنازل عن شيء لا يملك التنازل عنه، هذا دين، ولذلك تضيع أمور المسلمين بهذه الطريقة، وعلى إثرها تضيع عبادات الناس على ضياع، بسبب ضياع الفتوى تضيع أديان الناس، إذا كان الإنسان إذا فعل محرماً وجد من يقول له: ما عليك شيء، انتهى، ويترك فلان، ويذهب إلى فلان، وفلان عرف بالتساهل، وفلان عرف بالتشديد، والآن يلوك الناس بألسنتهم بعض أهل التحري من أهل العلم، ويقولون: فلان لا تستفتونه، كل شيء حرام، يعني هذا موجود، وهذا واقع، والله المستعان.

6-               

طالب: أحسن الله إليك، المشقة تجلب التيسير.

هناك قواعد وعمومات شرعية، يعني المشقة تجلب التيسير، تجلب التيسير في أصل التشريع، يعني المشقة في السفر تجلب رخص السفر، لكن مشقة الصيام في الصيف في الحضر تجلب التيسير تفطر؟ ما تفطر يا أخي، لكن في السفر المشقة تجلب التيسير؛ لأن الأصل في السفر المشقة، ولهذا قرنت به الرخص، فالسفر وصف مؤثر، وسببه في الأصل المشقة، وإذا وجد مشقة لا يحتملها الإنسان، ولا يطيقها أشرف على الهلاك يفطر، فالمشقة تجلب التيسير، مشقة في مستحب، مشقة في ارتكاب مكروه، يعني لا يأثم الإنسان بفعله، أو لا يأثم بتركه، تجلب التيسير؛ لأن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- المخالف لأمره في حال الاستحباب لبيان الجواز، وفعله المخالف لنهيه الصارف للنهي من التحريم إلى الكراهة إنما هو لبيان الجواز، ويبقى أن الأفضل أن تفعل في المستحب، والأفضل أن تترك في المكروه، هذه الأمور التي فيها خيار، أما الواجبات الصريحة ما فيها خيار، نعم إذا وجد مشقة لا يحتملها الإنسان بحيث تخرج عن طوقه وعادته في تحملها ترخص.

7-               

طالب: المسائل التي يكون فيها الخلاف ويصعب فيها الترجيح هل في مثل هذا اختيار الأسهل من أقوال أهل العلم؟

أهل العلم يختلفون في مثل هذا إذا عدم المرجح، منهم من يقول: نختار الأيسر، نختار الأيسر؛ لأن اليسر سيمة هذه الشريعة، ومنهم من يقول: لا، الدين دين تكاليف، ولا تبرأ الذمة إلا بالخروج من العهدة بيقين، فعلى هذا تأخذ بالأشد، وهما قولان لأهل العلم، لكن إذا توقف الإنسان في مسألة ما لم يستطع فيها الترجيح، بأن صارت من عضل المسائل، يعني الكفتان متساويتان، الواجب في مثل هذه الصورة على المجتهد أن يتوقف حتى يترجح لديه أحد القولين، إن ضاق عليه الوقت ولم يستطع الترجيح له أن يقلد، له أن يقلد، نعم.

8-               

هو الأصل أن الدين يسر، إن الدين يسر، لكن يسر نسبي، لكنه يسر نسبي، يعني هل في ديننا إذا أصابتك نجاسة تقرضها بالمقراض؟ نعم هل في ديننا من التوبة أن تقتل نفسك؟ لا، الأصرار والأغلال التي كانت علينا كلها انتهت، التي كانت على من قبلنا، فديننا يسر بالنسبة للشرائع السابقة، وإلا من قال {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ}(7)سورة النحل، يعني ما، هذا نص شرعي، ماذا نعمل بهذا النص؟ كيف نعمل بمثل هذا النص؟ ولا ينكر أحد أن صيام الهواجر شاقة على النفس، هل نقول من يسر الدين أن نترك الصيام في الصيف؟ لا.

9-               

ميفضي إلى الإثم ما لم يكن إثماًَ، يعني يفضي إلى الإثم، فيختاره النبي -عليه الصلاة والسلام- وعمل به، وعمل به الصدر الأول، ثم بعد ذلك شق على بعض الناس مما جعلهم يتركونه لشدته عليهم، يفضي في مثل هذه الحالة إلى الحرج، كما أسف وندم على دخوله البيت -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في هذا شق على أمته، يعني لو تظافر المدح، مدح دخول البيت، وفعل دخول البيت، لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث عليه، مع كونه دخله، ألا يقتتل الناس على دخوله؟ يعني لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رمضان مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) في رواية: ((حجة معي)) يعني لو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رمضان تقاتل الناس عليه، لكن لما ما اعتمر، وحث عليه، ولم يعتمر، كثير من الناس يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وأكمل الخلق ما اعتمر، فيصير في شيء من التخفيف على الأمة، لكن لو تظافر القول والفعل لاقتتل الناس عليه، ولذلك ندم -عليه الصلاة والسلام- على دخول البيت.

10-          

وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه، نعم أساء بعض الناس الأدب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بلغه ومع ذلك ما انتقم.

ما انتقم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله، قد يقول قائل: لماذا حد الذين خاضوا في الإفك، أليس هذا انتقام للنفس؟ نقول: لا، هذا انتهاك حرمة؛ لأن القذف كبيرة من كبائر الذنوب، وفيها الحد، فهذا ليس انتصاراً لنفسه، وإنما هو لأنها انتهكت حرمة الله -جل وعلا-، فينتقم لله بها، وأمر بقتل ابن خطل، وهو متعلق بأستار الكعبة، وكان يهجو النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسب الدين، ولسبه للدين ولكونه ارتد عن الإسلام استحق القتل، لا لأنه سب النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون منتصراً لنفسه.

11-          

قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)).

علي بن الحسين تابعي، فالخبر مرسل، لكنه مسند في الترمذي وابن ماجه من حديث الزهري، مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فالحديث أقل أحواله أنه حسن.

((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))؛ لأن فيما يعنيه ما يشغله عما لا يعنيه؛ لأن فيما يعنيه، الوقت لا يستوعب ما يعنيه، فكيف إذا اشتغل بما لا يعنيه، لا شك أنه يترتب على ذلك التفريط بما يعنيه من أمور دينه ودنياه، فلو أن كل إنسان اشتغل بخويصة نفسه وما يعنيه، لانتهى كثير من المشاكل، لكن الفضول والتدخل في أمور الناس هذا الذي يورث المشاكل بين الناس، ولا يعني هذا أن فلاناً من الناس ارتكب معصية، لا ينصح ولا يؤمر، ولا ينهى؛ لأن الأمر لا يعنيك، إلا الأمر يعنيك، مما يعنيك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يعنيك النصيحة لأخيك المسلم، نعم، يعنيك تغيير المنكر، فإذا وجد مثل هذا فإن هذا مما يعنيك؛ لأنه قد يستدل بهذا الحديث من يرى ترك النصيحة للناس، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دع الناس وشأنهم، هذا لا يعنيك، عليك بخويصة نفسك، ولذا المغرضون أعداء الدين، وأعداء الملة، يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخل في شئون الناس، إذا كان تدخل في شئون الآخرين، معناه أنه ليس مما يعنيك، ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) نقول: لا، هذا الكلام ليس بصحيح، أنت مسئول عن هذا المنكر، وعن تغيير هذا المنكر ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) هذا الأصل، ((فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) فلا بد من التغيير، لا بد من بذل النصيحة، ((الدين النصيحة)) أسلوب حصري، الدين النصيحة ثلاثاً، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله لأئمة المسلمين وعامتهم)) فالدين هو النصيحة، ومن الدين الذي هو النصيحة أن تنصح لأخيك لكونه دخل في شيء يضره، دخل في شيء يضره، ما يقال والله هذا تدخل في شئون الناس.

12-          

((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) لكن رأيت عمارة شاهقة تمت بناءها وتم استثمارها فتأتي وتنظر فيها ولا تسدي نصيحة إلى صاحبها، يعني لو عدلت كذا، أو فعلت كذا في أثناء العمل، لا بأس هذه نصيحة، لكن تنظر إليها بعد تمامها وبعد استثمارها وتتحدث بينك وبين نفسك وبين أناس آخرين لا يعنيهم الأمر، شوف هذا المفترض أنه حطها عشرين دور بدل خمسة عشر، المفروض، هذا لا يعنيك، هذا ضياع وقت بالنسبة لك، إن كان عندك نصيحة اذهب وأسدها إلى صاحبها، نعم، أو تتحدث في المجالس أن فلاناً بنا عمارة، وأسكنها من يستعملها فيما لا يرضي الله -جل وعلا-، اذهب يا أخي وانصحه، هذا المفروض، لا تتحدث به في المجالس؛ لأن حديثك في المجالس الذي لا يترتب عليه مصلحة هذا هو الذي لا يعنيك، بخلاف بذل النصيحة لأخيك.

13-          

قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "استأذن رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني جاء تعيينه أنه عيينة بن حصن، أو الأقرع بن حابس، من الجفاة، ممن أسلم ولما يقر الإيمان في قلبه، أسلموا ودخلوا في الإسلام، ثم بعد ذلك، قالت عائشة، "استأذن رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قالت عائشة: وأنا معه في البيت، وأنا معه في البيت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بئس ابن العشيرة)) يقوله لعائشة، ((بئس بن العشيرة)) ((بئس بن العشيرة)) يعني ذكر الإنسان بما فيه لا سيما مثل هذا الذي جاهر وأعلن بخلقه البذيء السيئ الذي يجاهر بما حرم الله -جل وعلا-، سواءً كان في الأخلاق أو في العبادات، أو المعاملات هذا معروف أنه هو الذي فضح نفسه، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أذن له قالت عائشة -رضي الله عنه-ا: لم أنشب، يعني لم ألبث، أن سمعت ضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معه، يعني المفترض يعني في اتحاد المواقف أنه مادام بئس أخو العشيرة على حد فهم عائشة -رضي الله عنه- وهذا الذي يتبادر إلى أذهان عموم الناس، ما دام بئس أخو العشيرة ليش تضحك معه، وتنبسط معه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- انبسط معه، وضحك معه، فاستغربت عائشة -رضي الله عنه-ا، فلما خرج الرجل قلت: يا رسول الله قلت فيه ما قلت ثم لم تنشب أن ضحكت معه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من شر الناس من اتقاه الناس لشره)).

يعني مثل هذا يلاطف في القول، ويدارى في الكلام اتقاء شره، وأهل العلم يقررون أن المداراة مطلوبة، المدارة مطلوبة، يعني في التعامل، بخلاف المداهنة، المداهنة التي يترتب عليها تنازل عن واجب، أو تجاوز محظور، أو ارتكاب محظور، هذا لا يجوز بحال، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}(9) سورة القلم.

أما المداراة والتعامل مع الناس بما يحقق المصلحة ولا يترتب عليه أدنى مفسدة، فإن هذا أمر شرعي، ولذا ترجم عليه الإمام البخاري باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب، باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب، وفي مسلم في كتاب الأدب: باب مداراة من يتقى فحشه، ومعروف ترجمة الإمام البخاري من الإمام البخاري، وأما ترجمة مسلم فهي من الشراح، وهنا من النووي.

14-          

ثم قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "بلغني أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل، الظامي بالهواجر".

لا شك أن حسن الخلق كما جاء في الحديث أثقل ما يوضع في الميزان، أو من أثقل ما يوضع في الميزان حسن الخلق، فإذا وجد حسن الخلق ووجد سيء الخلق، وقائم صائم، لا شك أن هذا يبلغ درجته، وقد يفوقه على حسب ما عند الثاني من حسن في خلقه، أو عدمه.

15-          

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "ألا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين".

لأن الصلاة نفعها قاصر، والمقصود من الصلاة النافلة، وإلا الفريضة لا يعدلها شيء من الأركان، فضلاً عن الواجبات، الفريضة لا يعدلها شيء، وإن كان نفعها قاصراً إلا أنها الركن الثاني بعد الشهادتين والصدقة نفعها لا شك أنه متعد لكنه آني، تتصدق على إنسان بدرهم أو دينار، يأكله فينتهي منه، نعم، ونفع متعد، ولا شك أن ثوابه عظيم، لكن إصلاح ذات البين، رجل مع زوجته تدابرا وتقاطعا وقرب أمرهما من الفراق تصلح بينهما، هذا من أعظم الأمور، والإصلاح بين الناس صدقة، أو أخوان تقاطعا من ذو سنين بسبب إرث، أو وقف أو ما أشبه ذلك، أو ابن مع ابنه، أو أب مع أبيه، ابن مع أبيه، وهكذا.

قال: إصلاح ذات البين؛ لأنه نفع متعد ودائم، وأما الصلاة فنفعها قاصر، والصدقة نفعها متعد، لكنه منقطع.

16-          

قال: وحدثني عن مالك أنه قد بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).

أنه قد بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).

هذا الحديث موصول من وجوه عن أبي هريرة، بعثت، النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما بعث هادياً للناس كافة، بشيراً لمن أطاعه نذيراً لمن خالف أمره.

في بعض الروايات الحصر ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).

وعلى كل حال هذا الأسلوب سواءً كان حصرياً أو غير حصري فإنه من باب العناية والاهتمام بشأن حسن الخلق، وكان الناس على خلق قبل بعثته -عليه الصلاة والسلام- كانوا على خلق موروث عن أبيهم إبراهيم -عليه السلام-، لكنهم فرطوا في كثير منه، وجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- بما فرطوا به وزيادة عليه مما لم يأتهم من قبل عن طريق الأنبياء والرسل، فتمم -عليه الصلاة والسلام- حسن الأخلاق ومكارم الأخلاق كما في الروايات الأخرى -عليه الصلاة والسلام-.

17-          

يقول البخاري -رحمه الله-: باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب.

يعني لو أن شخصاً عرف واشتهر بين الناس بأمر مما ينكر عليه في الشرع نصح فلم ينتصح، كما يوجد في الذين يكتبون في الصحف، ويتكلمون في القنوات وفي المجالس، في المجالس الرسمية وغيرها، هل يقال إن مثل هذا بيان شره، وبيان منزلته في الشرع، هل يقال مثلاً إن هذا غيبة نعم؟ ليس بغيبة، هذا الرجل عرف بسوء الخلق، نعم، ومن النصيحة للناس أيضاً أن يعرف، من لم يعرف يعرفه، يعني هذا من باب النصيحة للناس أن يقال فيه مثل هذا الكلام، وإذا اقتضت النصيحة الكلام في الإنسان فيما يكره، الذي جاء عموم النهي عنه، وتسميته غيبة، إذا كانت المصلحة راجحة فلا شك أن مثل هذا يجوز، بل قد يجب أحياناً، يعني الكلام في الرواة غيبة في الأصل، لن صيانة للسنة لا بد من الكلام فيه.

مثل ما كتب هنا يقول في الحديث: ((بئس أخو العشيرة)) كيف يتم فهمه مع الوعيد الذي جاء في الغيبة؟

عرفنا هذا أنه لأنه تظاهر بفحشه، وصار الناس يتقونه من أجل شره، فإذا كان بهذه المثابة لا مانع من الكلام فيه، وأنه ليس على منهج؛ لأنه قد يظن بعض السذج أن مثل هذا الصنيع من هذا الرجل أنه هو الحزم؛ لأن بعض الناس لا يربيهم إلا الشدة والقوة والقسوة، قد يقال إن هذا حزم، نقول: هذا ليس بصحيح، هذا شر، فعلى الناس أن يتقوه ليكون من شر الناس هو، مادام الناس يتقونه من أجل شره فإنه يكون حينئذ من شر الناس.

18-          

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في الحياء:

الحياء خلق حميد شرعي، يورث في صاحبه ومن تحلى به الانقباض عما لا يحمد شرعاً أو عرفاً، عما لا يحمد شرعاً أو عرفاً، فهذا الخلق الشرعي الذي لا يأتي إلا بخير، الذي لا يأتي إلا بخير، وهو من الإيمان، كما جاء في حديث الشعب، وكما سيأتي في الحديث حديث الباب الثاني.

19-          

قد يلتبس على بعض الناس الحياء العرفي بالحياء الشرعي، الحياء الشرعي يورث الانكفاف عما لا يحمد، عما لا يحمد، الانكفاف عما يحمد ليس بحياء شرعي، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصح الناس وبذلهم وتوجيههم وتعليمهم، بعض الناس قد يخجل منه، لا يستطيع أن يقارفه حياءً وخجلاً، هذا حياء عرفي، لكنه يوجب الانكفاف عما يحمد شرعاً، فليس من الحياء الشرعي في شيء.

هذا الخجيل يورث الانكفاف عما يحمد شرعاً، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محمود وإلا مذموم شرعاً؟ محمود، النصيحة للناس، توجيه الناس، عظة الناس، هذا كله محمود، فإذا كان الحياء يكف عن أمر محمود شرعاً، يكف هذا الحياء العرفي عن أمر محمود قلنا: هذا ليس بشرعي، وخجل مذموم، بينما إذا كان هذا الخلق الحميد يكف الإنسان عما يذم شرعاً، فإنه حينئذ يكون محموداً، وهو الحياء الذي لا يأتي إلا بخير.

20-          

وعلى طالب العلم أن يهيئ نفسه لكل ما يمدح به شرعاً، وكم حصل من قضية صارت مفتاح خير لبعض العلماء، يعني تجد مثلاً من يشار إليهم بالبنان بالخطابة الآن، سبب ذلك أنه أحرج في موقف، قيل له: اخطب، قال: والله ما تهيأت، ولا تعود، ثم خطب على ضعف، يعني أول خطبة تعرفون ويش وضعها، قال: ما دخلت مسجد لصلاة الجمعة إلا وفي جيبي خطبة، ومع الوقت ترك الخطب المكتوبة، وصار معروف من مشاهير الخطباء.

المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد أن يتعود عليها، بعض الناس تقول والله الآن احنا جالسين مرتاحين ومبسوطين، وفي ناس عندهم أغاني بجواركم، بنزهة، برحلة، تقول: قم يا أخي انصحهم وإلا ذكرهم، يقول: والله ما تعودت، أنكر عليهم، والله ما تعودت، ويش معنى ما تعودت؟ هذا حال كثير من طلاب العلم، فهذا الحياء ممدوح وإلا مذموم؟ مذموم.

21-          

((لكل دين خلق)) يعني الأديان السماوية جاءت للأمم بالخير، جاءت بالخير، واتقاء الشر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، -عليه الصلاة والسلام-.

قال: ((لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء)).

خلق الإسلام الحياء، ولذلك تجد المسلم يستحيي من ذكر أشياء لا يخجل عن ذكرها غير المسلم مما يستحيا منه شرعاً أو عرفاً، فخلق هذا الدين الحياء، وجاء في الحديث الصحيح: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) فدل على أن الحياء متوارث في سائر الأديان، الحياء متوارث في سائر الأديان، لكنه في هذه الديانة في الإسلام برزت مظاهره ومعالمه أكثر، وصار شأنه في هذا الدين أعظم.

22-          

في الحديث الصحيح: "إن الله لا يستحيي من الحق" وفي الآية {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً}(26) سورة البقرة، "إن الله لا يستحيي من الحق" إيش معنى "لا يستحيي من الحق" يعني شيع على ألسنة الناس: لا حياء في الدين، هذا الكلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟

طالب: ليس بصحيح.

يعني إن كان القصد منه في مسائل الدين كما قالت أم سلمة: "إن الله لا يستحيي من الحق" يعني في مسائل الدين يعني لو أردت أن تسأل عن مسألة لا حياء فيها، على هذا الوجه يمكن حمله، صحيح، لكن إذا كان نفي للحياء بالكلية عن الدين أبداً هذا العكس، الحياء كله خير، وخلق الإسلام الحياء.

{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً}(26) سورة البقرة، إيش معنى لا يستحيي؟ يعني لا يترك؛ لأن مآل الحياء الترك، فالحياء الذي يؤدي إلى ترك الحق منفي عن الله -جل وعلا-.

23-          

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في الغضب

الغضب معروف لا يحتاج إلى بيان، وبيانه كبيان الماء، الغضب خروج النفس عن حد الاعتدال بسبب المثير.

والغضب غريزة موجودة عند الناس، لكنهم يتفاوتون فيها، لكنهم يتفاوتون فيها، فمن الناس من يثور لأدنى سبب، ومن الناس من يثور لغير سبب، ومنهم من لا يثور، ومنهم من يغلي قلبه بالغضب لأتفه الأسباب، ومنهم الحليم الذي اتصف بالحلم والأناة، كالأحنف، وممن وصف بذلك معن بن زائدة المشهور، حصل رهان بين اثنين إن أغضبه فله كذا وكذا من الإبل، فجاء إليه وسبه بأبشع أنواع الهجاء والذم بالشعر المحفوظ إلى اليوم، ومع ذلك يعرض عنه إلى أن أيس من إغضابه، وهذه منة ونعمة، لكن هناك مواقف لا بد فيها من الغضب لا سيما إذا انتهكت محارم الله -جل وعلا-،

ولا خير في حلم إذا لم تكن له          

بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

لا سيما بعض الناس إذا ما تعومل معه معاملة تردعه عن بعض تصرفاته يسترسل، فمثل هذا لا بد أن يكف، ولا شك أن الغضب غريزة، ويزيد مع عدم الكف، وعدم حزم النفس والحلم بالتحلم، يعني مع الوقت تجده يتصف بهذا الخلق وإن لم يكن متصفاً به قبل ذلك كما أن العلم بالتعلم كذلك الحلم بالتحلم، والفقه بالتفقه.

24-          

((لا تغضب)) وأي نصيحة أبلغ من هذه النصيحة، وكم للغضب من آثار على الشخص نفسه، وعلى غيره، والغضب مؤثر تأثيراً بالغاً في صحة الإنسان، وله أيضاً آثار متعدية تصل إلى حد القتل، تصل إلى حد القذف، تصل إلى حد أن يقول كلمة لا يلقي لها بالاً أثناء غضبه يهوي بها في النار سبعين خريفاً -نسأل الله السلامة والعافية- وكمن إنسان شتم الدين بسبب الغضب، وكمن إنسان وقع في عظائم الأمور بسبب الغضب، ولذا الغضب من الشيطان فإذا وجده الإنسان فليغير وضعه، إن كان واقفاً فليجلس، وإن كان جالساً فليضطجع أو ليقف، المقصود أنه يغير وضعه، وإن توضأ؛ لأن الشيطان إنما، حرارة الشيطان إنما تطفأ بالماء.

25-          

قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس الشديد)) ليس الشديد القوي ((بالصرعة)) يعني الذي يصرع الناس ليس هذا هو الشديد، ليس هذا هو القوي، ليس هذا الذي يمدح بقوته، جاء في الحديث الصحيح: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) وما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- الرجل القوي، قال: المؤمن، يعني القوي في إيمانه، القوي في إيمانه، ((خير من المؤمن الضعيف)) في إيمانه، ويتبع ذلك ما يتطلبه الإيمان من قوة في البدن، وإعداد للعدو، وما أشبه ذلك، هنا يقول: ليس الشديد بالصرعة الذي يصرع الناس، وهذا البناء صرعة لاسم الفاعل صرعة، يعني ضحكة، همزة، لمزة، الذي يصرع الناس، لمزة الذي يلمز الناس، همزة الذي يهمز الناس.

26-          

((إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).

((الذي يملك نفسه عند الغضب)) يستعيذ بالله من الشيطان، ويتوضأ ويترك هذه الآثار المترتبة على الغضب، ولا يرتب عليه ما يتطلبه الغضب عند دخول الشيطان من قتل، من سفك دم، من كلام بذيء، كثيرا ًما يحصل الطلاق بسبب الغضب، ثم بعد ذلك الندم، وكلام أهل العلم في طلاق الغضبان معروف.

المقصود أنه مسبباته كلها أو جلها سيئة، يندم عنها بسرعة، أو يندم صاحبها بسرعة، فعلى الإنسان أن يملك نفسه عند الغضب، وقد يقول الإنسان: هذا شيء لا أستطيع أن أملك نفسي، أنا جبلت على الغضب، لكن الحلم بالتحلم، ومع ذلك أثر عن بعض الصحابة أنه كان شديد الغضب لكنه وجه من قبل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى كثرة الاستغفار، وعليه أن يتحلم، وينظر في عواقب الأمور قبل أن تصدر عنه، وإذا حصل منه أو بدر منه شيء مما لا تحمد عقباه لا بد أن يتحمل المسئولية، فإذا غضب وتكلم في حق فلان أو علان لا بد أن يذهب إليه، ويستسمحه، ويستبيحه ويستحله مما حصل منه، والله المستعان.

27-          

أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في المهاجرة

المهاجرة: مفاعلة من الهجر، وهو الترك، ومنه الهجرة، الهجرة الممدوحة من الترك أيضاً، ترك بلاد الكفر إلى ديار الإسلام، وعموم الترك فيه ما يمدح، وفيه ما يذم، والمهاجرة هنا مفاعلة من الهجر الذي هو ترك الصلة، فالمهاجرة في مقابل الصلة، وكل من الهجر والصلة في الشرع علاج إذا وجد السبب المقتضي للهجر ترجح، وإلا فالأصل أن المسلمين أخوة، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(10)سورة الحجرات.

28-          

لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، هذا هو الأصل لكن إذا ارتكب ما يقتضي الهجر فالهجر شرعي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هجر الذين تخلفوا عن غزوة تبوك خمسين يوماً، فالهجر لأمر شرعي لمخالفة شرعية لبدعة أو ارتكاب محظور حتى يفيء، حتى يرجع، وكان هذا الهجر وترك الصلة أنفع وأجدى بالنسبة لهذا الشخص فهو شرعي، مطلوب، أما إذا كانت الصلة أنفع له وأقرب إلى أن يؤلف قلبه بهذه الصلة ويرجع ويفيء عما كان عليه من مخالفة فالصلة أرجح من المهاجرة.

29-          

يقول: حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه)) يعني في الدين، ومن باب أولى أخوة النسب إذا اجتمعت مع الدين، فإذا اجتمعت مع الدين كان الحق أعظم، وإذا وجدت أخوة الدين فهي أقوى من أخوة النسب، وأخوة النسب المجردة عن الدين لها حقها من الصلة، يعني لا يمنع أن يصل أخاه ما لم يكن محارباً للمسلمين، المقصود أنه يقول: ((لا يحل)) يعني لا يجوز بل يحرم للمسلم ((أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال)) يهاجر سواءً كانت المهاجرة من الطرفين، بمعنى أن كل واحد منهما يهجر الآخر ولا يصله، أو من طرف واحد، أو من طرف واحد، بمعنى أن أحدهما هاجر لأخيه والثاني واصل، فالهاجر هو الذي لا يجوز له هذا الفعل، والثاني إن وصلهم مع القطيعة من قبلهم فكأنما يسفهم المل كما في الحديث الصحيح.

30-          

((لا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال)) فوق ثلاث ليال مفهومه أن الثلاث الليال تجوز المهاجرة فيها، تجوز القطعية فيها، ثلاث ليال، ولو كان مقصود القطع إن كان القطع مقصود، وعدم الصلة مقصودة لمشاحنة بينهما، فالنفس لها حظ، النفس لها حظ تركت لها هذه الفرصة ثلاث ليال، وإلا فقد يهجر الإنسان أخاه شهراً ولا يأثم بمعنى أنه مجرد ترك من غير قصد للهجر، يعني كون الإنسان ما يزور أخاه إلا في الشهر مرة من بين مقتض لهذا الهجر، ومن غير مقصد، من غير قصد لهذا الهجر وهذا الترك، والنفوس سليمة لم يداخلها شيء فلا مانع، بل الإنسان يرتب مع أخيه ويقول: والله أنا مشغول، وأنت مشغول لو تكون لنا دورية في الشهر مرة، هل نقول إن هذا هجر أخاه فوق ثلاث؟ نعم؟ إنما المقصود به الهجر مع القطع، مع قطع الرحم الذي يقتضي القصد لهذا الهجر.

((فوق ثلاث ليال)) فالثلاث فما دون جائزة بمفهوم هذا الحديث؛ لأن النفس لها حظ، يعني تأخذ النفس شيئاً من حظها مما جبلت عليه في الشرع، كما أنه لا يجوز لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا أن يكون الزوج، فالنفس أيضاً لوحظ حقها في مثل هذا.

31-          

((فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

الترك من غير قصد ومن غير هجر لا يمكن أن يوجد منه هذا الأثر يعرض هذا ويعرض هذا، بل إذا التقيا تبادلا ما يدل على المحبة والمودة بينهما، لكن الهجر المقصود ولو كان فوق ثلاث ليال شيئاً يسيراً؛ فإنه يحرم؛ لأنه يلزم منه أن يعرض هذا إذا التقيا، ويعرض هذا عن أخيه، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، خيرهما الذي يبدأ بالسلام وواقع كثير من الناس لا سيما من العامة، وقد يوجد من بعض الخاصة أن الكبير يستنكف أن يبدأ الصغير، نعم الصغير في الشرع عليه أن يحترم الكبير، ويسلم الصغير على الكبير نعم لكن لو سلم الكبير على الصغير لا شك أن مثل هذا يكون خيرهما، ((فخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) وكثير من الناس إذا قيل له: بينك وبين أخيك قطيعة، قال: أنا أكبر منه، الحق لي، أنا لي الحق، أو أنا العم، لي الحق، أو أنا الخال لي الحق، لا، لا ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

ومع أن العم له حق، وعم الرجل صنو أبيه، والخال أيضاً له حق، والأخ الكبير له حق، والوالد أعظم، والوالدة أشد، والأجداد والجدات كذلك، لكن القاعدة الشرعية: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) سواءً كان أكبر أو أصغر أو السبب الجامع بينهما في حقه وفي جانبه أقوى كالعم والخال وما أشبه ذلك، ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

32-          

طالب:......

لا، التأديب يقولون: لو زاد، لو زاد بقدر الجرم، لو زاد، النبي -عليه الصلاة والسلام- آلى شهراً ألا يكلم نساءه شهراً، كما في الحديث الصحيح، وأيضاً الأب له أن يهجر ولده لكي يرتدع؛ لأن هؤلاء القلوب في الغالب سليمة، إنما المقصود من هذا الهجر هو التأديب، وليس ما ينطوي عليه القلوب من حقد وغل وتدابر وتقاطع، لا، إنما للأب أن يهجر ولده فوق ثلاث، لكن ليس للولد أن يهجر أباه، ليس له أن يهجر أباه؛ لأن داعي الأب هو المصلحة، وداعي الابن هو التشفي؛ لأن قلوب الآباء والأمهات تختلف عن قلوب الأولاد.

33-          

((لا تباغضوا)) يعني لا تتعاطوا أسباب البغض؛ لأن البغض له أسباب، ولا يحد هكذا فجأة من غير سبب، نعم بعض الأنفس، بعض أنفس الناس تجده مجرد ما يرى الشخص يقول: أنا والله ما دخل قلبي، لا أحبه، ما لي، عرفته، في سبب؟ ما في سبب، بس ما لي والله خلقه، يقولونه الناس، هذا موجود في قلوب الناس، هو له أصل وإن لم يكن له أثر شرعي يعني الأرواح جنود مجندة يعني ما تعارف ائتلف، قد تعرف ترى الإنسان من أول وهلة وتحبه، وترى الثانية من أول وهلة وتكرهه، لكن مع ذلك الآثار المترتبة على مثل هذا لا يجوز تعليقها إلا بسبب شرعي.

34-          

((لا تباغضوا ولا تحاسدوا)) الحسد المحرم الذي يأكل الحسنات هو: أن يتمنى المسلم زوال النعمة عن غيره، يتمنى زوال النعمة عن غيره، لكن إذا كان الغير يستعمل هذه النعمة فيما لا يرضي الله -جل وعلا-، كما يوجد الآن من أثرياء اليوم، تجده مفسد في ماله، ألا يتمنى المسلم أن يزول عنه هذا المال من أجل إفساده؟ نعم؟ لا لمجرد الحسد الذي لا مبرر له ولا سبب، لكن شخص مفسد عرف بالإفساد بسبب ماله فإنما هذا، هذا يدعا عليه، وموسى -عليه السلام- دعا {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ}(88) سورة يونس، فهذه الدعوة لا بأس بها إذا وجد مبرر، أما إذا لم يوجد مبرر فإن هذا لا يجوز بحال، وهو الحسد المذموم.

35-          

((لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا)) بمعنى أن كل واحد يولي الآخر دبره لما بينهم من الشحناء والبغضاء، يعرض هذا ويعرض هذا عن الثاني، كل واحد يولي الثاني دبره.

36-          

قال مالك: لا أحسب التدابر إلا الإعراض عن أخيك المسلم فتدبر عنه بوجهك.

تلتفت، وهذا يلاحظ في بعض المجالس أنه إذا وجد اثنان بينهما شحناء تجده لا يطيق النظر إليه، وتجده منصرف عنه طيلة الجلسة، فمثل هذا لا يجوز.

37-          

قال -رحمه الله-: وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم والظن)) إياكم والظن تحذير احذروا الظن، والسبب في ذلك ((فإن الظن أكذب الحديث)).

الظن له استعمالات يبدأ من كونه أكذب الحديث إلى كونه لا يغني من الحق شيئاً، إلى كونه مرادفاً للشك، إلى كونه الاحتمال الراجح إلى أن يصل إلى درجة العلم واليقين، {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ}(46) سورة البقرة، فاستعماله في النصوص وفي لغة العرب ليس على وتيرة واحدة، بل هو على حسب السياق الذي يقتضيه حسب ما يقتضيه السياق.

38-          

((فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا)) هما في هذا السياق مترادفان، معناهما واحد؛ لأنهما سيقا على جهة المنع.

أما في قول الله -جل وعلا- على لسان يعقوب {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ}(87) سورة يوسف، التحسس هنا هو المنهي عنه هنا؟ لا، يختلف، التحسس وهو البحث والتحري هذا ما فيه إشكال، البحث والتحري لإرادة الخير، وأما التجسس وهو لإرادة الوقيعة والشر للناس هذا لا يجوز بحال، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى أن يخبر عن أصحابه، ليخرج إليهم سليم الصدر، الحديث في صحيح مسلم، نهى أن يخبره أحد عن أصحابه، يجي واحد يقول: والله فلان ترى فعل فلان كذا، لكن إذا فعل أحد ما يضر بالعامة فلا بد من الإخبار.

39-          

قال الصحابي: في مواطن لأخبرن بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا يختلف باختلاف المخبر عنه، فإن كان المخبر عنه قد ارتكب شيئاً لا يضر بالناس، مثل هذا ينصح ولا يخبر عنه، وإن كان ما يرتكبه مما ينفع الناس أو ينتفع به في آخرتها فمثل هذا لا يجوز بحال أن يخبر عنه، وإن كان يتضرر به العامة فلا بد من الإخبار عنه، ينصح إن انتصح وارتدع وإلا يخبر عنه، فمثل هذه الأمور تحتاج إلى تفصيل، وكثيراً ما يسأل عن حكم العمل في هذا المجال، من اتخذه للوقيعة وللإضرار بالمسلمين لا يجوز بحال، ومن اتخذه للنصح لأئمة المسلمين وعامتهم هذا لا شك أنه عمل طيب، النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى أن يخبر عن أصحابه، لكن الصحابي قال: لأخبرن بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما يتضرر به الناس لا بد من الإخبار، ولا بد قبل ذلك من بذل النصيحة لهذا الشخص الذي يراد الإخبار عنه.

أما إذا كان مراده الإضرار بالمسلمين بعامة المسلمين لا بد أن يخبر عنه، وإلا فكيف يقضى على الشرور في مهدها إلا بهذه الطريقة، فلا بد من التفصيل في مثل هذا العمل، وبعض الناس يتخذه وسيلة للكسب من غير نظر للهدف، يأت ليعمل في هذا المجال ما همه إلا الراتب، نقول: يا أخي على حسب ما تزاوله من عمل، فإن كان قصدك الإضرار بالمسلمين لا سيما بخاصتهم فعليك الإثم العظيم -نسأل الله السلامة والعافية-.

40-          

((ولا تنافسوا)) ألمنافسة المذمومة هي المنافسة في أمور الدنيا، ومعلوم أن المنافسة إذا وجد أطراف يتنافسون في أمور الدنيا لا شك أنهم يسترسلون في أمور الدنيا، ويغفلون عما خلقوا من أجله، لكن المنافسة في أمور الدين والعبادة مطلوبة، والمسارعة والمسابقة كلها مطلوبة، لكن في أمور الدنيا تمنع لما يترتب عليها؛ لأن الإنسان في وقت المنافسة يريد أن يحصل على أكبر قدر من صاحبه بأي وسيلة كانت، فتجده يستغل الوقت، وتجده يستغل الوسائل التي تكسبه هذا المتنافس عليه سواءً كان بحق أو بغير حق.

41-          

قال -رحمه الله-: وحدثني عن مالك عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني، هكذا أورده الإمام مرسلاً، وإن شئت فقل: معضلاً كما قاله المنذري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تصافحوا يذهب الغل)).

((تصافحوا)) المراد كل واحد يفضي إلى أخيه بصفحة يده، بصفحة يده، يعني بطون الأصابع مع الراحة على الطريقة المأثورة، فالمصافحة وسيلة إلى إذهاب الغل من القلوب، والحقد، والحديث هنا معضل، مرسل، وهو يتصل من وجوه عند ابن عدي، والأصبهاني في الترغيب، وأما قوله: ((تهادوا وتحابوا)) هذا في الأدب المفرد عند الإمام البخاري بسند حسن، والحديث بكامله من حديث أبي هريرة عند ابن عساكر، أيضاً سنده لا بأس به، فبمجموعه وما يشهد له يصل إلى درجة الحسن لغيره.

42-          

((وتهادوا تحابوا)) ((وتهادوا تحابوا)) من الهدية ولا شك أن الهدية تسل السخيمة، وتذهب ما في النفس؛ لأنها ضرب من الإحسان، والنتيجة المودة والمحبة.

((وتذهب الشحناء)) والمراد بها العداوة والبغضاء، والأحقاد والضغائن، إذا وجدت الهدية، فالإحسان إلى الإنسان يملك به

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم         

لطالما استعبد الإنسان إحسان.

43-          

قال: وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس)) وفي الحديث الآخر: ((ترفع الأعمال)) وفي الحديث الثالث: ((تعرض الأعمال على الله يوم الاثنين والخميس)) وذا جاء الحث على صوم هذين اليومين؛ لأنهما يومان ترفع فيهما الأعمال، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) وإن كان ما جاء في الاثنين أقوى مما جاء في الخميس؛ لأن له أكثر من علة، وأكثر من سبب.

44-          

((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً)).

((لا يشرك بالله شيئاً)) والشرك هنا يتناول الأكبر والأصغر؛ لأن شيئاً نكرة في سياق النفي تعم أي شيء يسمى شرك، فيدخل في هذا الأكبر والأصغر، كما قال بعضهم في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}(48) سورة النساء، فالشرك ليس بقابل للغفران كبيره وصغيره عند جمع من أهل العلم، إلا أن الصغير لا يقتضي التخليد بخلاف الكبير، ومنهم من يقول: إن الصغير تحت المشيئة كالكبائر.

45-          

((فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء)) وبين أخيه، فضلاً عن أن تكون بينه وبين أبيه، أو أمه، أو جده أو جدته فإذا وجدت هذه الشحناء وهي العداوة ((فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا)) فالأمر ليس بالسهل كون الناس يغفر لهم إلا هذا القاطع، هذا الأمر ليس بالهين أن الإنسان ديدنه سؤال الله المغفرة إن لم يغفر له عطب، فيقال أنظروا، يعني أخروا وأجلوا أمر هذين حتى يصطلحا، حتى يتفقا، ويزول ما في أنفسهما.

((أنظروا هذين حتى يصطلحا)) تأكيد لفظي للاهتمام به والعناية بشأنه.

46-          

ثم قال: وحدثني عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه قال: "تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين" يعني كل أسبوع، يعني تعرض يوم الجمعة مرتين؟ لا، الأسبوع يقال له جمعة، كما أنه يقال له: سبت، ما رأينا الشمس سبتاً، يعني أسبوع من الجمعة إلى الجمعة.

"تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين، يوم الاثنين ويوم الخميس" هذا يوضح المراد، وأن المراد بذلك في الأسبوع كالحديث السابق.

"فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبداً كانت بينه وبين أخيه شحناء" من كان بينه وبين أخيه شحناء وترتب عليها القطعية هل يقال له مؤمن وإلا مسلم؟ هاه؟ يعني عنده أصل الإيمان، عنده مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق، وعلى كل حال الذي يفرق بين الإيمان والإسلام، ويقول: إن الإسلام الإيمان لا يستحقه مثل هذا الذي ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب يعني مطلقه يقول: إن الاستثناء متصل وإلا منقطع؟ منقطع؛ لأن هذا مسلم، واستثناءه من الإيمان استثناء من الغير عند من يقول بالمغايرة، وإذا قلنا إنه مؤمن عنده أصل الإيمان، وعنده مطلق الإيمان، لا الإيمان المطلق قلنا: الاستثناء متصل.

"إلا عبداً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا" حتى يرجعا، حتى يصطلحا كما في الحديث السابق "أو اركوا" يعني أخروا "هذين حتى يفيئا" يعني يرجعا، والفيئة هي الرجوع.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply