مسلمون ديمقراطيون؟


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

  كتب الأستاذ المساعد و عضو التدريس أسماء أفسارو دين، بجامعة نوتردام في ديلي ستار، مقالاً تحت عنوان (باستطاعة المسلمين ممارسة دينهم وأن يكونوا ديمقراطيين في نفس الوقت) وطرح فيه أفكاراً، حاول فيهاالتقريب  بين المسلمين المتدينين، وبين الديمقراطية العلمانية، وعنوان الكاتب دليل عما سيكون فيه.

 ويمكن مناقشة ما جاء في مقال أسماء في نقاط أهمها:

1.    حاول الكتاب أن يُقنع قارئَه المسلم أن النسخة الديمقراطية الأميريكية تختلف عن النسخة الديمقراطية الفرنسية، وأن العلاقة التي تربط بين الديمقراطية العلمانية الأميريكية متطورة، ومتجددة تقبل القيم الدينية، بينما الديمقراطية العلمانية الفرنسية تعني (إزالة ا لدين من المجال العام بكليته، وجعله أمرا خاصا بالفرد لِوَحْدِه)

2.    من أبجديات الإسلام أن المسلم لا يسعه الخروج عن دين الله في أصغر شأن من شؤون الحياة، كالأكل والشرب باليمين، وآداب قضاء الحاجة، وإماطة الأذى عن الطريق........، ويَعُد كلَّ أعمال المسلم عبادةً لله عز وجل. {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فهو منهج متكامل لا يقبل التكملة أو التلقيح، فإذا كان هذا شأنه في أصغر قضايا الحياة، فكيف بإعطاء حق التشريع والتقنين للبشر، الذي هو ميزة النظام الديمقراطي.

3.    لا يمكن وصف النظام السياسي بأنه ديمقراطيٌ إلا إذا أعطِىَ برلمانُه حق التشريع وإصدار القوانين، وهذا الحق في نظر الإسلام يختص بالله عز وجل، فأعظم خصائص توحيد الألوهية حق التشريع، لا يشارِكُ اللهَ فيه ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ، بما في ذلك محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه،  فهو مبلغٌ وليس مشرعًا، وتبليغ الشرع من  الله عزّ وجل جاء في كتاب الله لفظاً وحكماً ، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء التبليغ من الله عز وجل في سنة رسول الله، فالحكمُ والتشريعُ في هذه الحالة من الله، ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4.    ولا يظن ظانٌ أن القياسَ تشريعٌ مستقلٌ وأن الإجماع تشريعٌ مستقلٌ، بل إنهما تابعان للمصدرين الأساسيين الكتاب والسنة ، فلا قياس إلا عند وجود أصل منصوص على حكمه، في أحد المصدرين، ولا إجماع إلا بالضوابط الشرعية المعتبرة شرعا، المبنية على الكتاب والسنة.

وإني أستفهم من عضو التدريس في الدراسات العربية والإسلامية، هل يمكن تَبَنِّيْ الديمقراطيةِ مع وجود هذا التناقض،  ووجود وِجْهَتَيْنِ مختلفتَينِ في البِنيَةِ والأساس، إحداها تتجهُ إلى الشرق والأخرى إلى الغرب، ليس الحلُّ في تبني الديمقراطية، وإنما الحلُّ في الشورى، التي هي أوسع قاعدة وأعم نفعا للبشر أجمعين.

وسيكون نقاشنا التالي مع عضو التدريس في اتهامه للحكومات الإسلامية الأولى ، بأنها لم تكن تربط الدين بالسياسية ، وأن الصحوة الإسلامية مفرطةٌ في هذا الربط.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply