حوار حول شيخ الإسلام ابن تيمية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

جريدة الجزيرة- الثقافية، حوار: حازم السند.

السؤال الأول: لماذا بات اسم ابن تيمية رمزا للتشدد, و اتخاذ المنهج الأصعب في كل الأحوال؟

الجواب: قبل الإجابة عن هذا السؤال أود أن أوضح أمرًا مهمًا، وهو: أن الأحكام التصوريَّة التي تُطلق هكذا بصورة كلية موجبة يعيبها في أكثر حالاتها تلك الانطلاقات التي لم تبن على دراسات مسحية أو استقرائية كاملة أو واسعة، مما يدل على أن هناك خلل منهجي. ومن ذلك ما نسمعه أو نقرأه من أحكام مطلقة عامة تصور ابن تيمية؟ أو غيره من الأعلام- بصورة مشوهة، وكأنها تصورات [مُسبقة الدفع] أو [معلبات فكرية] جاهزة للتداول الإعلامي دون تمحيص أو نقد.

وابن تيمية؟ رحمه الله- من الشخصيات التاريخية الخطيرة التي تعرضت لتشويه متعمد من قبل خصومه. وهذا أمر كان يشتكي منه ابن تيمية نفسه، حيث قال: (أنا أعلم أن قومًا يكذبون عليَّ كما كذبوا عليّ غير مرة).

ومن [التهم المعلبة] تلك التي تقول: إنه رمز التشددِ، وأن منهجه هو أخذ الأصعب! وهذا غير صحيح ألبتة، لا في مسائل الأصول ولا في مسائل الفروع، بل الرجل؟ رحمه الله- سائر مع منهج التيسير الذي هو الدليل يسير معه أينما سار، وهذا جهد طاقته، وهو ليس بمعصوم لا يخطأ أو لا يتوقع من مثله الخطأ.

يقول ابن تيمية: (ليس الاعتقاد لي ولا لمن هو أكبر مني، بل الاعتقاد يؤخذ عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم).

فمنهج ابن تيمية متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونبذ التقليد الأعمى، والتعصب المقيت، ولذا رأيناه يخالف كثير من الأئمة في مسائل فقهية وغيرها كان التيسير فيها من نصيب اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، كمسألة: الطلاق بالثلاث، ومسألة تكفير تارك جنس الصلاة، ومبالغته في العذر بالجهل، وعذره الآخرين بالاجتهاد، وتحرزه الزائد من نسبة معين إلى التكفير، وكل ذلك بحثًا عن الدليل الأصح، الذي هو منهجه.

يقول ابن تيمية: (هذا مع أني دائمًا، ومن جالسني يعلم ذلك مني، أني من أعظم الناس نهيًا عن أن يُنسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية).

فكيف يقال بعد ذلك: إن اسم ابن تيمية كان رمز للتشدد, و اتخاذ المنهج الأصعب في كل الأحوال!

 

السؤال الثاني: من هم حاملو لواء اتهام ابن تيمية والكيل عليه, وأي الفرق الإسلامية في القديم؟ ومن هم الذي يحملون اللواء الآن في هذا العصر؟

الجواب: جميع العقلاء والمنصفين مع ابن تيمية حتى وإن اختلفوا معه في بعض المسائل، فإنه لا يعرف ابن تيمية أحدٌ إلا أحبه واحترمه ورعى حرمته.

قال القاضي بهاء الدين السبكي: (والله ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوىً، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به).

ولذا فالذين يبغضونه ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: هم الأتباع، وهؤلاء لا يعرفون ما يقول ابن تيمية، ولا حقيقة مذهبه وعقيدته، فهم يقلدون غيرهم في بغضه وكراهيته دون علم.

القسم الثاني: وهم أصحاب الأهواء الذين يعرفون حقيقة مذهب ابن تيمية لكنهم يعادونه عن عمدٍ وقصدٍ. وأبرز هؤلاء: الباطنية، والخرافية.

فالباطنيون هم الذين يرون للشريعة ظاهرًا وباطنًا، ويعتمدون باطن الأمر، وهو في حقيقته مضاد للدين. كقولهم: بحرمة الحلال وحل الحرام، ونقصان القرآن، وكفر جمهور الصحابة، وبطلان جميع الدول الإسلامية، ونحوها من العقائد الفاسدة، فهؤلاء يرون ابن تيمية عدوًا لهم لأنه بيَّن حقائق مقاصدهم وفندها.

أما الخرافيون فهم الذين يحبون الخرافة والأساطير، ويزدرون الحياة الدنيا، ويعظمون القبور والموتى، ويصرفون أنواع العبادة لها. وهؤلاء يبغضون كل من يكشف حقيقة أحوالهم للناس.

 

السؤال الثالث: المستشرقون هم من أكثر المسيئين لابن تيمية, فما هو السبب, وهل هو استكمال لمسيرة بعضهم التي غايتها التشويه, أم أنهم أساؤوا فهم كلام ابن تيمية من غير قصد!؟

الجواب: لا اتفق معك في كون المستشرقين هم أكثر من أساء لابن تيمية، فهم ليسوا سواء، ومنهم من أنصف ابن تيمية إجمالاً بعد دراسة حياته وأفكاره دراسة لا بأس بها، من أمثال: هنري لاووست، وجورج مقدسي وغيرهما. فعلى سبيل المثال نجد المستشرق الأمريكي الشهير (جورج مقدسي) حينما أورد مقولة المستشرق المعروف (جولد تسيهر): أن ابن تيمية متطرف لا يقبل الآخر. علق عليها بقوله: أن الناظر في كتب ونصوص ابن تيمية لا يجد ما يصدق هذا الزعم.

أما البعض الآخر من المستشرقين فموقفهم من ابن تيمية ينطلق من موقفهم العام من الإسلام ككل، ولا يمكن عزل موقفهم من ابن تيمية عن إطاره العام.

وبينهما فريق كانت أحكامه الخاطئة نتيجة لتصوراته المتواضعة حول الموضوع.

واعتقد دائمًا أن الأحكام الخاطئة تنبع عن تصورات خاطئة، فالأحكام المغلوطة بحق ابن تيمية والتي وقع فيها بعض المستشرقين وحتى بعض المسلمين نابعة عن ضعفٍ في التصورات.

 

السؤال الرابع: هل ترى أن من يخالف ابن تيمية و يتهمه بالتشدد, إنما يهاجم في الحقيقة (أهل السنة والجماعة) بوصفه مرجعية رئيسية لها. وهل كان لابن تيمية خروج عن رأي أهل السنة و الجماعة؟

الجواب: هذا لا يلزم، فكثير من الذين اختلفوا مع ابن تيمية كان قصدهم الحق والدفاع عنه، وكانت أغراضهم نبيلة، لكنهم فهموا من كلام ابن تيمية خلاف ما يقصد، أو أنهم اطلعوا على كلامٍ مجملٍ له يوجب ظاهره الرد، ولم يطلعوا على المفصل، أو أنه نُقل لهم خلاف حقيقة مذهب ابن تيمية، وأجدني اتفق مع العلامة الإمام ابن طرخان الملكاوي الذي قال: (لو دروا ما يقول ابن تيمية لرجعوا إلى محبته وولائه).

فليس كل من خالف ابن تيمية ضال أو مبتدع، صحيح، قد يوجد من يدفعه البغض أو الهوى، أو قصور التصور عن فهم كلام ابن تيمية، أما ابن تيمية فالرجل دائمًا يردد ويقول: أنا متبع ولستُ بمبتدع.

يقول الإمام الحافظ المحدث ابن حجر العسقلاني: (المسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي، ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليها عنادًا).

وابن تيمية يقول: (أنا موافق السلف، ومناظر على ذلك، وجميع أئمة الطوائف: من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والأشعرية، وأهل الحديث، والصوفية موافقون ما أقوله).

 

السؤال الخامس: التكفير حكاية لا تنتهي خاصة في هذا الزمن, فهل كان ابن تيمية مكفرًا من الطراز الأول -كما هو المشاع عنه-  ولماذا يستشهد (التكفيريون) بآراء ابن تيمية, و يستأنسون بها؟ ألا يعني ذلك أنهم وجدوا فيها ما يوافق أهواءهم!

الجواب: من يدرس منهج ابن تيمية -بإنصاف وموضوعية وحياد- في مسائل التكفير، يجد أن الرجل في قمة التقوى والتحرز وحسن الظن، وتغليب العذر بالجهل أو الاجتهاد، نصوصه ناطقة ومصرحة بذلك.

يقول ابن تيمية: (لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة).

وقال: (ليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين).

وقال: (من عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضًا، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون).

ونصوص كثيرة جدًا، من أراد الزيادة فليرجع إلى كتابي (ابن تيمية والآخر) أو كتاب (هكذا تحدث ابن تيمية).

فما يُشاع عن ابن تيمية غير صحيح، وهو من الأغاليط الكثيرة المنتشرة والتي يقف وراءها ضعف التصور أو سوء الفهم.

وأما استشهاد التكفيرون به فليس بلدليل على أن الرجل كان تكفيري، وذلك لأمور، منها:

أولاً: أن التكفيريين يستشهدون بالقرآن والسنة، فهل يقول عاقل أن القرآن والسنة منابع تطرف وتكفير؟ أو أن هذا يعني أنهم وجدوا فيهما ما يوافق أهواءهم، معاذ الله. ثم إن التكفيريين يستشهدون ؟أيضًا- بالإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل، والقرطبي وكثير من الأئمة غير هؤلاء، فهل الخطأ يكمن في هؤلاء الأئمة أم في قصور تصورات التكفيريين؟

ثانيًا: أن المرجئة ؟أيضًا- يستشهدون ويحتجون بكلام ابن تيمية، وهؤلاء هم نقيض التكفيريين، فهل كان ابن تيمية من المرجئة؟

كلا، فلم يكن الرجل؟ رحمه الله- لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، بل كان منهجه وسط بين إفراط وتفريط، أي منهج أهل السنة والجماعة.

 

السؤال السادس: هل ترى أنك كنت موضوعيًا في التعامل مع ابن تيمية, حين تعرض الجانب (التسامحي) فقط, ألا يوجد لابن تيمية (جانب آخر)  غضضت الطرف عنه!

الجواب: قد لا أستطيع أن أحكم على عملي الشخصي بأنه موضوعي، لأن ذلك يدخل في دائرة تزكية النفس، وأترك الحكم لمن يقرأ الكتاب وللنقاد المختصين في الموضوع.

الأمر بكل بساطة يتمثل في أنه كانت هناك صورة سلبية رائجة عن ابن تيمية يروج لها خصومه بالإضافة للتكفيريين، هذه الصورة كانت صورة مختزلة عن مذهب الرجل أو مشوهة، ويغفلون الصورة الحقيقية أو على الأقل الصورة الكاملة، بحيث إذا جمعت هذه لتلك ارتسمت لديك صورة واضحة المعالم عن مذهب ومنهج الرجل.

في كتابي (ابن تيمية والآخر) ركزتُ على إبراز الجانب المسكوت عنه عند ابن تيمية من قبل خصومه أو بعض المتشددين المُنتسبين إليه، وفي اعتقادي أن ذلك كان يمثل حجر الزاوية الذي كان يحتاج إلى إبراز وإظهار، ليكون هناك توازن في الصور المعروضة عن الرجل.

أما النصوص الأخرى التي يحتج بها البعض في اتهامه لابن تيمية بالتكفير والتشدد، فهي موضوع كتابي القادم؟ بإذن الله- حيث سأعرض تلك النصوص وأعالجها من خلال منهج ابن تيمية العام والكامل، فهي في اعتقادي أحكام جزئية تخضع للمنهج التيمي الكلي.

 

السؤال السابع: ابن تيمية يحتكر الحقيقة. هذه من التهم الموجهة له, فهل كان يعتد برأيه, و يركن إليه وحسب.. ولا يأبه بالآراء الأخرى من المذاهب الفقهية فضلا عن المذاهب الإسلامية؟

الجواب: هذه المرة لن أجيب على سؤالك، بل سأترك المجال لابن تيمية نفسه يجيب عليك.

يقول ابن تيمية: (قلتُ مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها؟ العقيدة- ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك).

وكان يردد دائمًا قوله: (من جاء بحرفٍ واحدٍ عن السلف بخلاف ما ذكرتُ، فأنا أصير إليه).

 

السؤال الثامن: مثل هذه العقلية العظيمة, كيف لها أن تقف موقفا سلبيًا جدًا من بعض الأمور العلمية الدقيقة, مثل (علم الفلك) إذ كان رأيه حديًا, و هجوميًا, كذلك في رأيه في (الكيمياء ) فكان حادًا جدًا و منكِرا بكل ما استطاع مداده و بلغ صوته!

الجواب: كما قلتُ سابقًا، مكمن الخلل في الأحكام غير الدقيقة هي التصورات المغلوطة. بكل تأكيد لم يكن ابن تيمية عدوًا لعلم الفلك ولا لعلم الكيمياء، ولا أدري كيف حُكم على ابن تيمية بأنه عدو للعلوم التجريبية وهو من أبرز العقليات التي وقفت داعمة لكل ما هو علمي وتجريبي.

فالكيمياء التي تحدث عنها ابن تيمية ليست الكيمياء العلمية، بل هي (السيمياء) وهي شعوذة وسحر ولا تمت بصلة لأساس الكيمياء العلمية، ولو أن المجال يسمح بالاستفاضة هنا لنقلت الكثير من كلامه ؟رحمه الله- في بيان هذا الموضوع وكذلك موضوع علم الفلك، فكلام ابن تيمية ونقده ليس موجهًا للجانب العلمي بل بما كان ملتصقًا بهما من خرافات وخزعبلات وسحر وشعبذات، وهذا معروف عند أهل الاختصاص.

لقد عاب ابن تيمية الخرافة والسحر والشعوذة كما عاب الإلهيات الوثنية التي كان اليونان عليها، في المقابل كان يقدر العلوم الصحيحة كعلم الحساب والهندسة والطبيعة ونحوها، وكان يعظم التجربة ويقدرها حق قدرها، وله هو شخصيًا آراء تجريبية وعقلانية سبق بها كثير من فلاسفة الغرب كجون لوك، واستيوارت مل وغيرهما.

قال ابن تيمية: (علم الحساب والهندسة علم يقيني لا يحتمل النقيض البتة). ونصَّ على أن كلام علماء اليونان في العلوم الطبيعية والحسيَّة في غالبه جيد وصحيح.

ويقول الدكتور علي سامي النشار: (يضع ابن تيمية أعظم فكرة عرفتها الإنسانية في ميدان التجربة.. ولكم مجد ابن تيمية التجربة والتجريب ويرى أنها حاسمة قاطعة، وأننا نحتج بها على المنازع).

ولأن المجال هنا أضيق من أن يبسط الكلام في هذه القضية، فأكتفي بهذا القدر، وأقول: إن العقل يستدعي عدم إطلاق الأحكام والأوصاف العمومية على أي أحدٍ من دون دراسة مستوفية أو أدلة وافية، من خلال كلام الرجل نفسه.

 

السؤال التاسع: هناك من يقول إن ابن تيمية (شديد اللفظ, قوي العبارة) فهل تعتقد أن شدته اللفظية تؤثر في قبول رأيه, وتؤدي إلى الفهم الخاطئ. وهل كان؟ رحمه الله - دقيقا في اختيار مفرداته معتنيا بها؟

الجواب: ابن تيمية؟ رحمه الله- كما نبهتُ لذلك، ليس بمعصوم، وهو بشرٌ تعتريه حالات حدة وشدة، لكنه كان يضبطها بحلمه وعلمه، وكان الأصل في حاله الحلم والأناة وطول النفس في البحث والتمحيص والمناقشة، لكن كانت هناك حالات تفرض نفسها كزمان ومكان البحث والظروف التي كُتبت فيها، فكما هو معلوم فإن ابن تيمية كتب جلَّ كتاباته إما في السجن أو في زمن حرب أو تضييق، ولا شك أن لتلك الأوضاع تأثيرها على أي شخص، لكنها كانت حالات تنتظم وتنضبط بما أتاه الله من حلم ووقار يقهر بهما الشدة.

ومسألة القوة واللين في العبارات من مسائل المصالح التي تكون راجحة حينًا ومرجوحة حينًا آخر.

أما عباراته فهي عربية جزلة، فصيحة بليغة، يعبر بوضوح وشفافية، ويترك الأساليب الغامضة، ويصدع بالحق بكل شفافية ودون تقيَّة، مع مراعاة حال النصيحة والمنصوح.

أما قضية أثر شدة ألفاظه على قبول الآخرين له، فأعتقد أن وقوعها في بعض المواضع من أبحاثه وكتبه؟ومستوى الشدة من المواضع التي يتفاوت في تقديرها الناس- ليس بالمؤثر الكبير لأن الذي يقبل الحق لا يضيره وجود تلك المواضع، وإن كان لها أثر فهو ليس بالكبير، هذا فيما يخص ما كتبه؟ رحمه الله-.

أما عنايته بألفاظه ومفرداته، فهو من النوادر الذين يستحقون الدراسة في جانب (المصطلح والألفاظ) وهو من الذين نادوا بالاحتراز في إطلاق الألفاظ المجملة ودعا إلى تحرير معانيها بدقة ووضوح، وقد عالجتُ شيئًا من هذا الموضوع في فصل كامل في رسالة الماجستير.

 

السؤال العاشر: يُظْهِرُ (الكتاب) أن ابن تيمية أكثر أريحية مع خصومه و ذلك في كلامه النظري ووصفه لعلاقته مع الآخر, هل تؤيد أن تُجدد صورة ابن تيمية، و تعرض كأنموذج على التسامح في الإسلام؟

الجواب: أدعو بقوة إلى إعادة إنتاج الصورة الحقيقية لابن تيمية، بعد أن شوهها كثيرٌ من خصومه وبعض أتباعه أو من يزعمون أنهم أتباعه، فصورته الحقيقية غير ما يذكرها هؤلاء وهؤلاء، ولستُ مع تلميع أحد، بل مع ذكر الحقيقة كما هي وبموضوعية تامة.

اعتقد جازمًا أن موقف ابن تيمية مع المخالفين (الآخر) يجسد بجلاء ووضوح الموقف التسامحي والعادل للإسلام مع الآخر.

 

السؤال الحادي عشر: هل من المقبول أن نعده فيلسوفًا إسلاميًا؟

الجواب: أعتقد أن الجواب عن هذا السؤال يتطلب سؤالاً آخر، وهو: ماذا تقصد بكلمة "فيلسوف"؟ هل تقصد أن ابن تيمية كان صاحب عقلٍ جبار، وكان مبدعًا فكريًا في تحرير محل النزاع في القضايا الفكرية، وكان مجددًا في مسائل معقدة فكريًا، وقد سبق جيله بطرح رؤى وأفكار ذهنية وفلسفيَّة قلَّ من يتجرأ عليها؟

أقول: نعم، كان صاحب عقل نادر، وفكر ثاقب، وصاحب رؤية مستنيرة، وطرح قضايا فكرية معقدة سبق بها بعض فلاسفة الغرب، وهذا بشهادة الكثير من الباحثين الذين لا يُتصور فيهم كلهم أنهم يجاملون ابن تيمية، كالدكتور علي سامي النشار، ومصطفى طباطبائي، ومصطفى عبدالرزاق، والدكتور محمد عبدالستار نصار، والدكتور أبو يعرب المرزوقي، وغيرهم كثير.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply