محمد رسول الله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

توفي والده عبدالله بن عبدالمطلب وعمره خمس وعشرون سنة وكانت زوجته آمنة بنت وهب حامل بالرسول  

فورث النبي من أبيه جارية حبشية اسمها "بركة" وهي-أم أيمن- رضي الله عنها.

كانت تخدمه وتخدم امه آمنة،

انتقل النبي وهو رضيع مع مرضعته حليمة السعدية الى بني سعد.

قال الرسول ﷺ  كانت حاضنتي من بني سعدِ بنِ بكرٍ ، فانطلقتُ أنا وابنٌ لها في بُهمٍ لنا ولم نأخُذْ معنا زادًا فقلتُ يا أخي اذهَبْ فأتِنا بزادٍ من عند أمِّنا فانطلق أخي ومكثتُ عند البُهمِ فأقبل طائران أبيضان كأنَّهما نَسران فقال أحدُهما لصاحبِه: أهو ه ؟ قال الآخرُ: نعم، فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقَّا بطني، ثمَّ استخرجا قلبي فشقَّاه فأخرجا منه علَقتَيْن سوداوَيْن، فقال أحدُهما لصاحبِه: ائتِني بماءِ ثلجٍ، فغسل به جوفي، ثمَّ قال ائتني بماءِ برَدٍ، فغسل به قلبي: ثمَّ قال ائتني بالسَّكينةِ، فذَرَّه في قلبي"

"ثمَّ انطلقا فتركاني قال رسولُ اللهِ: وفرَقت فرَقًا شديدًا ثمَّ انطلقتُ إلى أمِّي فأخبرتُها، بالَّذي لقيت، فأشفقتُ أن يكونَ قد التبس بي، فقالت أُعيذُك باللهِ، فرحَّلتْ بعيرًا لها فجعلتني على الرَّحلِ وركِبتْ خلفي حتَّى بلغنا إلى أمِّي فقالت: أدَّيْتُ أمانتي وذِمَّتي، وحدَّثتُها بالَّذي لقيتُ فلم يرُعْها ذلك وقالت: إنِّي رأيتُ خرج منِّي نورٌ أضاءت منه قصورُ الشَّامِ". -صححه الالباني- وهذا تقريبا كان عمر الرسول اربع سنين.

فلما كان عمر الرسول ست سنين خرجت به أمه آمنه إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم به. ومعه أم أيمن -رضي الله عنها- تحضنه وهم على بعيرين.

فنزلت به في دار النابغة،  فأقامت به عندهم شهرا.. ثم رجعت به أمه إلى مكة. فلما كانوا بالأبواء توفيت آمنة بنت وهب. فقبرها هناك. فرجعت به -أم أيمن رضي الله عنها- على البعيرين اللذين قدموا عليهما مكة.

ثم كفله جده عبدالمطلب بن هاشم سيد قريش وكبيرها - كان عمر عبدالمطلب وقت كفالته فوق التسعين-، فرق الجد على حفيده رقة لم يرقها على ولده. وكان يقربه منه ويدنيه. فنشئت المودة بين محمد وجده عبدالمطلب فكان جده يستحسن اي فعل يبدر من حفيده.

كان يوضع لعبدالمطلب فراش في ظل الكعبة وكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له.

إلا هذا الحفيد الصغير عليه الصلاة والسلام كان يأتي في براءة الاطفال الصغار حتى يجلس على الفراش فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه.

فيقول عبد المطلب، إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني، فوالله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه على فراشه ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع.

حتى أن عبدالمطلب كان لا يأكل طعاما إلا قال: عليَّ بابني، يسأل عنه حتى يأتوا بهذا الطفل الصغير ليأكل مع جده.

كان جده يقول لأم أيمن وكانت تحضن رسول الله يا "بركة" لا تغفلي عن ابني فإني وجدته مع غلمان قريبا من السدرة. وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبي هذه الأمة.

ثم يقدر الله عز وجل وهو العادل اللطيف سبحانه وتعالى لحكمة ياراها، أن يقبض روح عبد المطلب ابن هاشم سيد قريش، وعمر حفيده اليتيم الصغير يومئذ ثماني سنوات.

قالت أم أيمن: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ يبكي خلف سرير عبد المطلب .

هيأ الله عز وجل لهذا الطفل قلب يتحمل هذه المحن والابتلآت، فقلب هذا الطفل الصغير عليه الصلاة والسلام استطاع أن يتحمل مشاهدة امه وهي تفارق الحياة وبعد مده ليست بسيطه يتكرر عليه المشهد في وفاة جده.

تعلم الرسول الصبر عندما شاهد اغلا الناس عنده في هذه الحياة يموتون امامه وهو صبي صغير .

أن المصائب مهما كبرت في هذه الحياة علاجها الصبر والمضي في الحياة، وأما حرقة القلب التي تأتي مع الصبر ستخف كثيرا مع تقلبات الحياة ومرور الايام ولكنها لن تزول البته لحكمة لا يعلمها الا الله.

قال ابن مسعود "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فخرجنا معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا فجلسنا، ثم تخطينا القبور حتى انتهينا إلى قبر منها، فجلس إليه فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينا لبكائه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل فلقيه عمر بن الخطاب فقال: ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ قال: «لقد أبكانا وأفزعنا»، فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا فأتيناه، فقال: «أفزعكم بكائي؟» فقلنا: نعم يا رسول الله قال: "فإن القبر الذي رأيتموني عنده قبر أمي آمنة بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، ثم استأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي" مصنف عبدالرزاق

بلا شك هناك حِكَم غير حكمة تعلم الصبر ولكن عقولنا لم تدركها ولم يخبرنا الله عزوجل بها واختص بها نفسه، قد تكون أولى من حكمة الصبر، فالله عزوجل يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ومن مزايا الإيمان بالله ان تسلم بقضاء الله وقدره حتى لو لم تفهم السبب او الحكمه فعقولنا مهما كبرت تحتار في فهم ما يقضي به خالقها.

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية "ولهذا كان النبي يقول في الاستفتاح: والخير كله بيديك، والشر ليس إليك. أي: فإنك لا تخلق شرا محضا، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة، هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس، فهذا شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق: فالرب سبحانه وتعالى منزه عنه. وهذا هو الشر الذي ليس إليه .

وقال ابن عثيمين: الله خلق كل شيء الخير والشر، ولكن الشر لا ينسب إليه، لأنه خلق الشر لحكمة، فعاد بهذه الحكمة خيرا، فالشر ليس في فعل الله، بل في مفعولاته، أي مخلوقاته. ومخلوقات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي:

1.    شر محض كالنار وإبليس باعتبار ذاتيهما، أما باعتبار الحكمة التي خلقهما الله من أجلها، فهي خير.

2.    خير محض، كالجنة والرسل والملائكة.

3.    فيه شر وخير، كالإنس والجن والحيوان. فتاوى ابن عثيمين .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply