حسن الخلق وأثره في التعامل مع الناس


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

 

وهذه خصلة من خصال الخلق الحسن، التعاملُ مع الناس في شريعتنا، وجزء من التعامل مع الله –عز وجل– لأن التعامل مع الناس لا ينفك عن التكليف والتعبد لله، وحسن الخلق هو بوابة الأساليب الشرعية في التعامل مع الناس، ويتحقق ثوابه بأن يقصد بذلك وجه الله –عز وجل– لأن هناك من الخلق من وهبهم الله حسن خلق، لكنهم لا ينالون ثوابه على ذلك في الآخرة، إما لعدم إسلامهم أصلا أو لعدم استحضارهم للنية في مثل هذا العمل، وفي الحديث: «أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن خلق»(8)، وفي الحديث الآخر: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا، وإن من أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال المتكبرون»(9)، ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، وفي الحديث الآخر: «المؤمن يألف ويؤلف ولا خير في مَنْ يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس»(10)، ذكره في الجامع الصغير.

والأخلاق كما يصفها بعض أهل العلم: “عطية من الله لا بالتملق والنفاق والرياء، ولا بالكلمات المعسولة، ولكن قول سديد، وعمل صالح رشيد تعلم أن ورائه عبدا يرجو الوعد ويخاف الوعيد، وأحق الناس بالخلق الحسن الضعفاء والفقراء، واليتامى والثكالى، فالتواضع لهم يجلب رحمة الله –عز وجل– كذلك إدخال السرور عليهم، فمن سرهم سره الله يوم القيامة، وكذا تفقد عورات المسلمين والضفعة والمحتاجين، وفتح القلوب لهموهم وأحزانهم، واحتساب ذلك عند الله –عز وجل– فإنه لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولعل مالًا ينفقه العبد يحجبه الله –عز وجل– به عن النار، ولعل كربة يفرجها عن مسلم، يفرج الله بها عنه كربة يوم القيامة إذا احتسب ذلك عند الله.

وأكثر الناس حاجة إلى هذا الأمر هم الدعاة إلى الله –عز وجل– لأن الدعوة إلى الله –عز وجل– تحتاج من الداعية حسن التعامل والسياسة مع مَنْ يتعامل معه، وكذلك من يسير الله لهم المظهر الشرعي من الرجال والنساء في مظهرهم ولباسهم؛ حتى لا ينسب خطأهم إلى الدين وأهله، فيصبحون سببا في الصد عن سبيل الله وهم لا يشعرون، والتعامل مع الناس بالأساليب الشرعية مطلوب من كل مسلم، ولكن لهؤلاء أولوية لما ذكر من الأسباب.

فهذه قواعد أساسية تريح الإنسان، وتكسبه السعادة في نفسه والراحة في قلبه، والأنس بالتقرب إلى الله –عز وجل– بمثل هذه الروح التي ترحم، نتيجة حبها للمسلمين؛ لأن من يحب يرحم، ومن يَرحم يُرحم، وقد أشارت بعض الدراسات الغربية إلى هذا الجانب فقالوا: “لو تعلم الإنسان كيفية التعامل مع الآخرين، فإنه يكون بذلك قد قطع خمسة وثمانين في المائة من طريق النجاح، في أي من الأعمال أو الوظائف أو المهن، وتسعة وتسعين من طريق السعادة الشخصية”، والسعادة الشخصية هذه واضحة في النصوص التي أتت بالحث على أن ينام الإنسان وليس في نفسه غل على إخوانه من المسلمين.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply