مراعاة الاختلاف بين الناس في الطبائع والنفسيات


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

 

مراعاة اختلاف الطبائع والنفسيات، فالناس منذ خلقهم الله –عز وجل– وهم مختلفوا الطبائع والرغبات والميول، روى مسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه– عن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»(11)،

وعن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه– أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب»(12)، فمعاملة هذه الاختلافات معاملة واحدة لا تستقيم، فما يلائم هذا قد لا يناسب ذاك، وما يحسن مع هذا قد لا يجمل مع غيره، لذا قيل: “خاطبوا الناس على قدر عقولهم”.

وقد كان شأنه صلى الله عليه وآله وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم، يراعي أحوال من تعامل معه وينزل الناس منازلهم، ففي فتح مكة مثلا: «أمر الرسول –صلى الله عليه وسلم– أن يعلن المنادي في الناس؛ أن من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن»(13)، وما ميزة دار أبي سفيان إلا أن النبي –صلى الله عليه وآله وسلم– قد راعى نفس هذا العزيز الذي ربما شعر بالذل في هذا المقام، فأعطاه هذه الجرعة التي تقوي إيمانه وتحفظ صلته بالأمة، ومنها أيضا توزيعه صلى الله عليه وآله وسلم بعض أموال الغنائم والفيء على أناس من دون أناس، وكذلك تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كل بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ، ويصح ذلك أيضا مع أبي بكر وعمر، وصهيب وخالد وبقية الصحابة –رضي الله تعالى عنهم أجمعين– وما ذلك إلا لمعرفته صلى الله عليه وسلم بنفسيات الناس، وما يطيقون وما يحبون، ومعرفة أسباب الدخول إلى قلوبهم، فإن الله قد خلق الناس هكذا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply