الأساليب الشرعية في التعامل مع الناس -3-


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

لزوم آداب الشرع مع المخالف:

لزوم آداب الشرع مع المخالف، وهذا يندرج تحته أمور، الأمر الأول

حسن الظن؛ لأن الأصل في المسلم السلامة، يقول الله – سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾[سورة الحجرات: الآية 12]، ومنه قول النبي –صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»(3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»(4).

ومن ذلك الخضوع للحق الذي نطق به الخصم فالحق يقبل ممن جاء به، ولنا عبرة في قبول أبي هريرة لِمَا قاله ذلكم الشيطان الذي جاءه، والذي قال النبي –صلى الله عليه وسلم– عنه: «صدقك وهو كذوب»(5)، فالحق يقبل ممن جاء به، ويقول الإمام الشافعي رحمه الله في هذا المعنى: “ما ناظرت من أحد إلا قلت: اللهم أَجْرِ الحق على لسانه وقلبه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته”.

ومن ذلك الستر على المخطئ دون أن يذكر اسمه، إذا كان الأمر يتطلب ذلك في بعض الأحوال، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة»(6)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا»(7).

ومن الوسائل أيضا، البحث في الوسائل لتجاوز الافتراق والاختلاف وللتعامل مع الآخرين؛ فإن الاتفاق عمل وليس قولا، ومن سلك طريق الاتفاق وقَصَدَهُ فإن الله يوفقه، قال الله – جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾[سورة العنكبوت: الآية 69]، ويمكن تفعيل هذه الوسائل، بالرجوع إلى أهل العلم الذين يفصلون في الخلاف.

ومنها سلامة المقصد وكثرة الاستفسار والنقاش واللقاء للوصول إلى الحق، ومنها أيضا الجد والاجتهاد في نشر الآداب، ونشر الكلام عن أدب الاختلاف؛ حتى يفهمه الآخرون، فإن من سنة الله –سبحانه وتعالى– أن جعلهم مختلفين، قال الله جل وعلا:﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾[سورة هود: الآية 118- 119]، قد يكونون مختلفين في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وعواطفهم وعقولهم وميولهم وكثير من أمورهم، وكذلك في آراءهم ونظراتهم.

الجد والاجتهاد في سلامة القلب وطهارته من الأحقاد والأضغان؛ لأن سلامة القلب في غاية الأهمية للمسلم، فعلى المسلم أن يتجرد لله –سبحانه وتعالى– حتى لا يقع في المخالفات الشرعية، و حتى لا يظلم الآخرين ويتعامل معهم على غير هدي النبي –صلى الله عليه وسلم– والقواعد كثيرة والمسائل كثيرة أكثر من أن تحصر.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply